الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدومينو اليونانية والانهيار الاقتصادي

مكارم ابراهيم

2011 / 6 / 18
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في بداية العام الحالي كتبت مقالة بعنوان الدومينو التونسية وكانت دلالتها إيجابية بزحف الانتفاضات العربية الى بلدان عديدة اطاحت بالانظمة الديكتاتورية واندلعت ابتداءا من تونس لتصل الى مصر وليبيا والبحرين واليمن والمغرب واخيرا سوريا.
اما اليوم فاكتب عن الدومينو اليونانية والتي اعتبرها امتداداٌ للدومينو التونسية .فالاحتجاجات العارمة في اليونان والبرتغال وايرلندا اندلعت اثر الازمة الاقتصادية التي تسببت بارتفاع نسبة البطالة وسوء وضع المواطنين الغير اثرياء حيث اتسعت الفجوة بين طبقة الاغنياء وطبقة الفقراء . فقد تراكمت ديون البنوك وحاولت حكومات هذه الدول انقاذ بنوكها من خلال اعتماد سياسة التقشف وطرد اعدادا كبيرة من العاملين من اماكن عملهم علاوة على تغيير قوانين كثيرة فيما يخص قانون التقاعد المبكر والمساعدات الاجتماعية والضرائب. والازمة المالية اليونانية اذا وصلت الى انهيار اقتصادي ربما ستكون بداية الانهيارات الاقتصادية في كل اوربا ,وبالتاكيد ستجرمعها انهيارات حكوماتها ايضا لان المتظاهرين في اليونان اعلنوا بان حكومتهم ليست ديمقراطية ولاتمثل الشعب بل انها تمثل فئات برجوازية فاشية لايمكن التمييٌز فيها بين حزب يميني واخر يساري تماما كما صرح به المتظاهرين في اسبانيا في شهر مايو الماضي.
وبداية الانهيارات الاقتصادية ستكون اذا لم تسدد اليونان ديونها للبنوك واذا انسحبت من تداول عملة اليورو فان ازمة السوق المالية في اليونان ستنتقل تلقائيا الى الدولة الاضعف في الاتحاد كالبرتغال وستصل الى ايرلندا وهلم جرا .وانهيار الاقتصاد اليوناني يعني تدهورالاقتصاد في بقية دول الاتحاد الاوروبي وبالتالي ربما ستكون نهاية هذا الاتحاد.
ولقد دعت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي ساركوزي البنوك الاوروبية لضخ المزيد من الاموال الى اليونان لمساعدة العجز المالي في اليونان الذي تراكمت عليه ديون بمقدار 2500 مليار كرونة دنماركية اقترضتها اليونان من بنوك المانيا وفرنسا ,ولكن المفاجاة كانت عندما رفض مدير صندوق البنك الدولي جون ليبسكي تلبية رغبة ميركل وساركوزي حيث صرح بان ضخ أموال اضافية الى اليونان من البنوك وبالحجم الذي اقترحته ميركل 120 مليار كرونة دنماركية سيؤدي الى انهيار البنوك في اوروبا حسب تخمين جون لينسكي . ان الانهيار الاقتصادي في اليونان اذا حدث سيكون له تاثيرعلى فقدان قيمة عملة اليورو وربما انتهائها . وبما ان صندوق النقد الدولي رفض مساعدة اليونان كان هناك حل وحيد امام ميركل وهو ان تطلب المساعدة من الحكومات الاوروبية لانقاذ اليونان لان سقوط اليونان سيؤدي الى سقوط غالبية الدول الاوروبية وانتهاء اليورو .
وبكل الاحوال فان الانهيار الاقتصادي لليونان سيطاله لامحالة عاجلاٌ أم آجلاٌ والمسألة اصبحت مجرد وقت يعتمد على الاموال التي تضخ للبنوك اليونانية . حتى إن تغيير الحكومة اليونانية التي سيصادق عليها البرلمان والتي ينتظر منها الثلاثاء القادم ان تقدم اقتراح للخروج من هذه الازمة ربما لن تنجح خاصة اذا اقترحت الاستمرار بسياسة التقشف التي رفضها الشعب وبشدة في مظاهراته .
ولقد ذكرت في مقالة سابقة لي بان الاتحاد الاوربي لم يكن له اية رغبة في ضم اليونان الى الاتحاد على اساس ان اليونان ليست متشددة في قانون دفع الضرائب حيث هناك نسبة كبيرة من مواطنيها لايدفعون الضرائب وهذا يعني ان هناك احتمال حصول عجز مالي في ميزانيتها.

كنت اتمنى لو ان الدومينو التونسية تصل رحاها الى العراق ولكن يبدو ان الفساد الاداري والجريمة وانتهاك حقوق الانسان في العراق أكثر ثباتا تجاه اية ثورة وأشك كثيرا في حصول تغيير إيجابي في العراق فلا امل بتنظيف السلطة في العراق من الوحل الذي يصبه الفاسدين والمجرمين يوميا على ارضه .
فالعراق حاليا يعتمد على موارد النفط فقط يعني اي إنخفاض في سعر البرميل او انخفاض انتاج النفط سينهار الاقتصاد العراقي حتماٌ.
ففي مقالة للكاتب العراقي جاسم الشمري تحت عنوان الاقتصاد العراقي الى اين كتب: "المختصون أكدوا أن خيبة الأمل الكبرى تتمثل في أن (90) بالمئة من موازنات العراق منذ عام 2003 حتى الآن تعتمد على النفط، وسجلت الميزانية عجزا مقداره (37) بالمئة من حجم الإيرادات المخططة ولجميع السنوات، الأمر الذي اجبر الدولة على الاقتراض، وهذا يدق ناقوس الخطر بتعرض الاقتصاد الوطني إلى هزات عنيفة في حال انخفضت أسعار النفط كما حصل مطلع عام 2009. وسبق لوزير التخطيط في الحكومة الحالية في العراق (علي بابان) أن قال إن (70) في المئة من موظفي الدولة بدون عمل حقيقي وبدون إنتاج حقيقي، وإن البيروقراطية والفساد يتحملان مسؤولية عرقلة المشاريع، وإن مشكلة الموازنة مزمنة منذ 2003؛ لأنها تركز على النفقات التشغيلية ولا يخصص للاستثمار إلا القليل. وبشأن الخطة الخمسية، قال وزير التخطيط: "لم ينصت أحد إلى مقترحاتنا بشأن القضايا الخطيرة، والخبراء يواجهون صعوبة في إقناع مجلس الوزراء بجدوى دراساتهم".
أنا ارى المشكلة في العراق هي تفاقم الفقر والامية في العراق من جهة ووصول الفئات المرتزقة الى السلطة من جهة اخرى كل ذلك ادى الى استغلال الشعب ونهب موارده من قبل اعلى رجل في السلطة الى ادنى موظف فيها. فلايمكن حدوث تغييرالا بازالة السلطة الحالية واستبدالها بسلطة تملك ضمير حي تعيد تأهيل بناء المواطنة الحقة للشعب وذلك من خلال محاسبة الفاسدين والمجرمين قضائياٌ وتغيير نظام التعليم وكل القوانين في دستوره المتناقض اصلا بين سطوره ليكون عراقا جديدأ حقاٌ.
فلتحيا الدومينو التونسية في الشرق والدومينو اليونانية في الغرب حيث تتساقط فيها وبصورة رائعة حكومات برجوازية نيوليبرالية .

مكارم ابراهيم

حزيران يونيو 2011

المصدر اخبار القناة الدنماركية تي في 2








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العراق حاله فريده
كامل حرب ( 2011 / 6 / 18 - 22:42 )
الاستاذه مكارم تحياتى,لى تعليق بالشان اليونانى ,فى اعتقادى الشخصى ان اليونان دوله لايجب ان تكون فى الاتحاد الاوربى من اساسه ,انها دوله متخلفه فاسده وبنيتها تقترب كثيرا من بنيه اولاد عربان ومجتماعتهم الفاسده ,بالنسبه للشان العراقى فهذه كارثه بدون منازع ,العراق حاله فريده حتى بين البلدان العربيه البائسه ,ربما كانت تركيبتها السكانيه واختلاف المذاهب الدينيه والعرقيه بينهم مما ساعد على تفشى الفساد والارهاب والقتل بطريقه مروعه ,اعتقد ان العراق فى نفق مظلم رهيب ولااتوقع لها الخروج منه فى المستقبل القريب وهذا بالطبع من دواعى الاسف العميق


2 - الى كامل حرب
مكارم ابراهيم ( 2011 / 6 / 18 - 22:47 )
تحية طيبة استاذ كامل
واشكرك على المرور وانا معك تماما بان العراق حالة خاصة جدا احيانا لااصدق كيف العراق مازال مستمر كدولة رغم كل مانقرا عنه من فساد وجرائم واغتيالات
وهذا احيانا يجعل يدي عاجزة عن الكتابة عن العراق
تقبل مني خالص الاحترام والتقدير


3 - ميئوس منها
حسين محيي الدين ( 2011 / 6 / 19 - 04:35 )
سوف أخبرك عن مدى تدني مستوى العقل الجمعي في محاربة الفساد والخنوع لدى المواطن العراقي . في مدينتي هنالك 70000متقاعد كلهم يشكون من غبن أصابهم وهذه الشكوى هي الحديث اليومي لهؤلاء المتقاعدين , تلقف الشباب هذه الشكوى وأعدوا لمظاهرة احتجاجية لرفع الغبن عنهم وحددت الجمعة الماضية يوم للتظاهر والاحتجاج على حالهم . كان الاعداد جيدا , مع الاسف لم يتجاوز عدد المحتجين 50 متقاعدا فهل يبشر هذا الوضع بالخير في المستقبل . ام الى مزيد من التنبلة والتغليس وارتضاء المهانة


4 - الى حسين محي الدين
مكارم ابراهيم ( 2011 / 6 / 19 - 07:13 )
تحية طيبة استاذ حسين
وشكرا لك على المرور احيانا اعتقد بان المواطن العراقي بسبب ياسه من التغيير يتاخذ الطريق الاسهل اما القبول بالوضع البائس واما الهجرة من العراق اذا كانت له امكانية السفر هناك عراقيون تركوا العراق وبسبب مامرو به يكرهون ذكر اسم العراق وكأن العراق هو سبب تهجيرهم وفقرهم وبؤسهم وليس حاكم ديكتاتوري او حكومة فاسدة للنخاع.
انا لاالوم الفئة اليائسة من التغيير لان كل انسان له امكانية محددة للتحدي والتغيير والسعي لخير الاخرين جميعا ولنفسه ولكن كيف يمكن التاثير على هذه الفئة يحتاج الى مجهود كبير جدا ربما على العراق ان ينتظر الجيل القادم جيل الشباب الذي خرج لشارع ولم يعد خائفا من الموت
تقبل مني خالص الاحرتام والتقدير


5 - لتسقط الراءسماليه الطفيليه
د.قاسم الجلبي ( 2011 / 6 / 19 - 11:17 )
سيدتي هذه هي حال الدول والانظمه الراءسماليه البغيضه او كما يسمونها الحكومات اللبراليه الحره ,اليوم اليونان وعن قريب جدا البرتغال واسبنايا على الخط وهؤلاء جميعا يعتمدون في سياساتهم الاقتصاديه على السوق الحر والعولمه والائتمانات من البنك الدولي المركزي والهروب من دفع الضرائب واستغلال جهد وطاقه الطبقه العامله فالتسقط هذه الانظمه الطفيليه وللنظر الى المستقبل وباءعيون مفتوحه الى انظمه اشتراكيه حقيقيه يحتاجها شعبنا العراقي بعيده عن البيرقراطيه المقيته مع الود


6 - شكر وتعقيب
guitarist_sad ( 2011 / 6 / 19 - 11:38 )
لما كان الاقتصاد العراقي يعاني بشكل دائم من عدم التوازن نظراً لاعتماده على مصدر واحد وهو النفط مما ادى الى تشوه تطوره، ولاصلاح هذا التشوه لابد من السعي لضمان نهاية منظمة لا عشوائية لعصر النفط عن طريق توسيع القاعدة الاقتصادية وتخفيف سيطرة القطاع النفطي على الاقتصاد الوطني، لذلك فان بناء اقتصاد زراعي عراقي متطور غير معتمد على النفط يصبح ضرورياً كأساس
للتنمية الاقتصادية المتوازنة
وافر احترامي استاذة مكارم


7 - الى د.قاسم الجلبي
مكارم ابراهيم ( 2011 / 6 / 19 - 11:42 )
تحية طيبة دكتور قاسم وشكرا لك على التعليق
المشكلة برايي الان هي عدم وجود تضامن وتحالف بين الاحزاب الديمقراطية الفعلية والقوى اليسارية الاشتراكية للقضاء على الاحزاب النيوليبرالية البرجوازية فالراسمالية اثبتت فشلها في اسعاد الشعوب واثبتت انها زادت من رقعة الفجوة والمسافة بين الطبقة الكادحة و طبقة الاثرياء واثبتت انها لم تحقق سوى ارتفاع البطالة وازدياد الفقر واللاديمقراطية والشعوب في اليونان واسبانيا وايرلندا نهضت لتقف في وجه حكوماتها وتعلن انها لم تمثلها يوما بل مثلت ابشع وجه للرأسمالية
نتمنى لهذه الحكومات السقوط كسقوط الديكتاتورية في العالم العربي
تقبل خالص الاحترام والتقدير


8 - الى guitarist_Sad
مكارم ابراهيم ( 2011 / 6 / 19 - 11:48 )
تحية طيبة استاذ سعد
واشكرك على المرور والتعقيب القيم اتفق تماما معك بان تطوير الانتاج الزراعي وكذلك الصناعي مهم جدا لضمان الحفاظ على الانتاج الوطني والوقاية من الانهيار الاقتصادي ولكن هذا يتطلب تفهم الحكومة ورجال السلطة لهذا الموضوع واهتمامهم الكبير في دعم تطوير الانتاج الزراعي والصناعي الوطني والذي سيخدم العراق من كل الجهات عدا توفير فرص العمل للعاطلين والغير منتجين والفقراء
لكن هذا يحتاج الى نضال لاسقاط هذه الحكومة الحالية وتغييرها الى حكومة تعي هذه المخاطر على وضع العراق
تقبل مني خالص الاحترام والتقدير


9 - تعليق من الاستاذ اسامة الرملي
مكارم ابراهيم ( 2011 / 6 / 20 - 23:31 )
وردني هذا التعليق من الاستاذ اسامة الرملي

سررت كثيرا برسالتك وعودة تواصلك
معلوماتي عن الوضع الاوربي الاقتصادي لا يتجاوز العناوين الفرعية
لكن اليونان هي نقطة الصعف الاكبر
بالنسبة للغراق وفلسطين ( الضفة وغزة) مناطق ذات سيادة صورية وتواجد الاحتلال المباشر, يعيق بالمنظور العام امكانية تطور مفهوم المعارضة
وياخذ الوضع العراقي اشكال اكثر دراماتيكية نتيجة الانقسام العرقي والطائفي
فلنجاح حركة التغيير لا بد من برنامج وطني جامع يستطيع اقناع افراد الشعب بان الانتماء لهذا البرنامج افضل لهم وللوطن من الانتماء العشائري او الطائفي او العرقي
كما ان الشكل الكرتوني للدولة ومؤسساتها يساهم بالانقسام حول الاولويات
خروج الاجنبي ام اصلاح المؤسسات
ان ما صنعه الامريكي في العراق من تقسيم المجتمع بشكل عامودي يضع الافراد ذات المصالح الواحدة من خلفيات طائفية وعرقية في خنادق معادية لبعضها البعض
وهذا النوع من الانقسام تزداد مخاطره مع الزمن
لو اخذنا لبنان على سبيل المثال
فلبنان عندما انشاه الفرنسي ككيان مستقل ركب بشكل طائفي
ووصل الامر ان تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي اسهل بكثير من تحريره من طائفيته


10 - الى اسامة الرملي
مكارم ابراهيم ( 2011 / 6 / 20 - 23:51 )
تحية طيبة استاذ اسامة واشكرك على مشاعرك الطيبة
موضوع تواجد الاحتلال المباشر سواءا في فلسطين الضفة وقطاع غزة او العراق يولد انقسمات فكرية بين صفوف الشعب وعدم امكانية توحيد جهوده كقوة معارضة للحكومة بهدف اسقاطها اتفق معك تماما في هذا وهذا يعني ان التحرير واجب اولا وثم تنظيف السلطة من الحكومة الفاسدة ثانيا رغم اني احيانا ارى ان اسقاط الحكومة واستبدالها بحكومة ذات ضمير حي هو عامل مهم لتحرير العراق من الاحتلال
تقبل خالص احترامي وتقديري

اخر الافلام

.. بايدن يخيب آمال الديمقراطيين خلال المناظرة الأولى أمام ترامب


.. تهديدات إسرائيل للبنان: حرب نفسية أو مغامرة غير محسوبة العوا




.. إيران: أكثر من 60 مليون ناخب يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيا


.. السعودية.. طبيب بيطري يُصدم بما وجده في بطن ناقة!




.. ميلوني -غاضبة- من توزيع المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي