الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي والمحاذير

جورج حزبون

2011 / 6 / 19
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



سقوط إي نظام مستبد ، انجاز هام ومطلب كفاحي لقوى الثورة والديمقراطية ، ولكن الثورة حتى تتحقق ، تحتاج إلى أنجاز مطالبها وبرنامجها السياسي ، وخلاف ذلك تكون انتفاضة شعبية أسقطت نظام مستبد ظالم وحققت مطالب الشعب للتخلص منه ووقف الاضطهاد ، والوقوف عند هذه النقطة يفتح طموح كثيرين لقطف الثمار والاستيلاء على السلطة ومن ثم نضالات الجماهير وتقديم نظام جديد نفس المنهج ولا يختلف إلا الشكل مع بعض التعديلات التي هي من ضرورات الحاجة .
دون إسقاط الجهاز البيروقراطي للسلطة لا يكون قد تحقق الكثير ، ودون اعتناق برنامج سياسي وتنموي ديمقراطي لا يكون قد تحقق شيء سوى تم إسقاط الدكتاتور ، والشعب في غنى عن ان يقدم ألاف الشهداء والمعتقلين والمعاقين حتى يسقط نظاما أخر انتزع منه نضاله ، ونظل ندور في حلق مفرغة.
والحال في معظم الثورات العربية لا زال في مرحلة الانتفاضة ، وقد يؤدي ما هو متوقع ، فالجهات التي لم تشارك ولعلها راهنت على نجاح النظام أخذت تتقدم ببرامجها على الأقل كما توضح في القاهرة، حيث الحركات الإسلامية ، وفي مقدمتهم / الإخوان / الذين تأخروا ثم التحقوا إفرادا ، ويتحدثون اليوم عن رؤيتهم وإسلامية المنهج والمصير ، وحتى يجيء تحركهم بثوب متجدد غير بالي امتنعوا عن شعارهم التقليدي / الإسلام هو الحل / وطرحوا وجوه شابه ونظموا حزباً بقيادة و عنوان جديد بعيداً عنهم فقد برعواعبر تاريخهم في نهج / التدرج / باستغلال المراحل والمهادنة حتى التمكن .
ولعل مطالعة سريعة لما هو جارٍ في ليبيا ثم اليمن وسوريا ، يقدم رؤية غير مطمئنة ، فالصراع يأخذ شكل حرب أهلية ، وأحيانا يؤشر إلى إمكانية تقسيم البلد الى بلدان ، وبذلك لا يتحقق تقدم ديمقراطي بل أنظمة أكثر تعسفا ، حيث حين يقوم بلد أخر منقسم ، سيتم اعتبار القسم الأخر منافس ، وعلينا الاستعداد للحفاظ على الدولة ، وتغيب عملية المقرطة والإصلاح الاجتماعي والاستقرار والأمن للمواطن ، بل يصبح هناك أعداء جدد ، وبلا شك سيخدم هذا الشائن هدف آخرين خارج الحدود وربما خارج الإقليم ، ويصبح الأمن القومي معطوبا .
فأي ثورة تحتاج الى الاهتمام بالوضع الداخلي ، والتعبئة السياسية والاجتماعية ، ولا يجوز الأركان الى هبة الجماهير التي قد تضلل في مسارها ، وهناك تجارب غزيرة في تاريخ نضال الشعوب لتي تم إيقاف مسيرة ثورتها عن طريق حرفها ، سواء يميناً او يساراً ، فالجماهير حين تنتفض فهي تكون هادرة كالأمواج تحقق ما انطلقت من اجله وهو سبب مباشر ، وبالتالي فان القضايا التفضيلية والتي هي سر النجاح لم تكن في حساباتها وتحتاج الى متابعة سياسية أو ( قومسيار ) مع كل مجموعات الشعب في المواقع المختلفة داخل المصانع والساحات ، وعلى قيادة الثورة ان تظل واضحة ومتيقظة لحركة الشعب وإمكانيات وقدرات التحرك ضمن شعارات متوافقة مع خطة العمل .
كان ظهور نابليون في ظروف ثور ة شعبية لا زالت ركناً هاماً يدرس في تاريخ ثورات الشعوب ، واستطاع هذا الجندي ، ان يوقف الثورة ويمتطيها بنزعة قومية وصلت إلى حالة استعمارية غير مسبوقة ، والثورة الاسبانية التي وصلت الى درجة ان أصبحت تتقاطر الى نجدتها كتائب أممية، لكن فرانكو ذلك الجندي وبدعم من قوى خارجية ( ألمانيا النازية ) قمع الثورة وأقام أبشع نظام ديكتاتوري ، والقائمة طويلة ، ولعل الأخطر فيما هو جار في البلدان العربية هو ظهور توجهات مذهبية ، لفد عدنا للتعامل مع قبائل كما باليمن و ليبيا ، والى الطوائف كما في سوريا ، والتي يبدو أنها ستنتقل الى لبنان ، هذا البلد المبني طائفياً أصلا ، وهذا يمثل مقدمة لإجهاض الثورة ، حيث الولاء للمجموعة العرقية والدينية او العائلية ونكون بهذا قد عدنا إلى مفاهيم ما قبل الإسلام ( وان الأمن(وما انا إلا من غزية ان غوت غويت ) ، وبلا شك فان استمرار هذا الحال وتعمقه سيكون عملاً ميسراً لأصحاب نظرية ( الشرق الأوسط الجديد ) ، وقد نخسر أوطانا تتغير مفاهيم وأصول وتغيب حقوق للشعوب وللمواطنة .
واضح إننا لا نعيش في عزلة عن العالم ، ذلك العالم المتعدد الأقطاب والمصالح والتطلعات وهنا بلدان تمتلك من المغريات الكثير سواء بالنفط او بالموقع الجغرافي الأكثر حساسية لاقتصاديات الدول ومصالحها ، وهي تنظر لما يجري باهتمام بالغ وبطموح كبير ، خاصة ان في دائرة هذا الإقليم توجد ( إسرائيل ) تلك الدولة التي صدر الشهر الماضي تقيم الدول الأكثر تطوراً اقتصاديا جاء موقعها السابع عشر ، ومع ماهية الصراع السياسي معها وحالة الرفض العربي لهذا الكيان فإنها بما تملك من إمكانيات وقدرات وإسناد من الولايات المتحدة الأميركية، سوف تجد فيما يجري مناسبة للتدخل سواء لإطالة الصراع وتآكل قدرات الدول العربية او تشجيع الانقسامات وتأجيج الطائفية والاثنيات والمذاهب ، وليس اعتقال مصر مندوب عن جهاز الموساد وضبطه متلبساً الا تأكيداً على هذا الواقع .
وعليه فان المخاطر تحيق بالربيع العربي ليتحول الى خريف وإهدارا للدم المراق بالآلاف ، مما يستدعي تشكيل جبهات وطنية في بلدان الثورات وفق برنامج سياسي ومطلبي اجتماعي وتمسك بالوطن كأساس وعدم إفساح المجال إمام أية مخاطرات مهما اختلف إخوة النضال ، فهو هدف للآخرين وعكس هدف ا المطالبين بالحرية والديمقراطية والوطن الأمين والأمن ، ولتكن خطوة جريئة لليسار العربي بتنظيم متطوعين لنجدة رفاق درب الحرية والديمقراطية ليس فقط للقتال إنما الخبرة السياسية والثقافية والعلاقات الدولية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن