الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مملكة الكذب و أوهام الخلود

علي الأمين السويد

2011 / 6 / 19
كتابات ساخرة


تقول الأساطير أن أم أخيل أرادت أن يكون من الخالدين فأخذته إلى نهر يدعى سيتكس كما نصحتها الآلهة، ثم أمسكته من وتر كعبه الأيسر وغمسته في مياه النهر من رأسه إلى ما قبل كاحله الذي تمسك أمه بوتره، ثم رفعته خوفاً عليه من الغرق واعتقدت أنها بذلك حققت مأربها و حصّنت ابنها أخيلاً من الموت ومن الإصابة بأي أذى. وكُبَر أخيل على أنه خالد تحميه الآلهة ونهر سيتكس. غير أنه وحسب الأسطورة كان أخيل محمياً بالكامل إلا في موضع كاحله.
ومنذ نشأة حزب البعث، قرر البحث عن نهر سيتكس التي تبقيه مستمراً إلى الأبد، فوجد نهر الكذب الذي لا ينضب أبداً و ظنّ أن كذبه يحميه من السقوط كما ظن أخيل و أمه. فقد عمل النظام ألبعثي السوري على بناء جُدرٍ من الكذب والخزعبلات الإنشائية منذ استيلائه على سورية بالسطو المسلح استعدادا ليوم ينتفض فيه الشعب السوري الذي لا بد وانه منتفض يوماً ما ليكشف الحيف والجور عن نفسه.
لقد تسلح النظام السوري بسلسلة مطورة من الأكاذيب التي ظاهرها يدغدغ مشاعر العرب الذين يبحثون عن أي شكل من أشكال الانتصار في زمن عزّ فيه قول "لا"، فكان من شعاراته الفارغة "أمة عربية واحدة" الذي عمل الحزب عكس هذه المقولة حين كان السبب الأساسي في حركة فك عرى الوحدة مع مصر ،تلك الوحدة غير المأسوف عليها ولكن الشاهد هنا للتدليل على ازدواجية معايير حزب البعث العربي الاشتراكي، ثم قام الحزب بقمع الحريات على مدى خمسين عاماً، بل وقمع الحياة بشكل وحشي كلما اهتزت بذرة حرية في حي من أحياء سورية.
وعلى مدة وجوده في السلطة سخّر النظام مقدرات سورية كاملة لبناء أسطورة النظام السوري – الأخيلي الذي لا يقهر، فقام النظام في بداياته وبعد صفقة بيع الجولان باختراع عدوٍ له غير اسرائيل اسماه "الأخوان المسلمين،" ثم ادعى أنهم مسلحين، ثم قال عنهم ارهابين، ثم ادعى أنهم أصحاب أجندات خارجية، وراح يستخدم ذات وسائل الإعلام في إظهار أسلحة و أموال واعترافات سخيفة في مسلسلات سيئة الإخراج والمونتاج فزج الآلاف في السجون و زج آلافاً غيرهم في القبور الجماعية، وشرّد الآلاف في سبعينيات القرن الماضي.
و جاءت فترة الثمانينيات لتحمل الويلات لسورية عبر سحق مدينة حماه أبي الفداء، فقتل حافظ الأسد وأخيه رفعت الأسد ما يزيد عن خمسين ألفا من السوريين الأبرياء واغتصبوا الآلاف من النساء ونهبوا كل ما غلا ثمنه وخف حمله.
ومرت التسعينيات دون مجازر كبيرة تماثل ما حدث في السبعينيات والثمانينات من ذات القرن غير أنه تفرغ لفرض إرهابه على المنطقة العربية والدولية تحت مسميات الصراع العربي الإسرائيلي الوهمي، وصراع الإرهاب، فكان يرسل الإرهابيين إلى العراق، ثم يسلمهم إلى أمريكا حتى تربت على كتفه كما يربت السيد على ظهر من يدلل من البشر ومن غير البشر.
وفد أنشب النظام قبلاً أظافره في خاصرة تركيا باستخدام عبد الله أوجلان، وراح يلعب في الأوراق اللبنانية، واستثمر، بل وابتزَّ منظمات المقاومة الفلسطينية باسم إيوائها في سورية، و أطال أظافره المسماة حزب الله الإرهابي و غرسها في لبنان. ثم تلاقت سياسة إيران الاستعمارية الحديثة مع سياسة النظام السوري الساعية إلى فرض هيمنته على المنطقة بشكل يظهر سورية و إيران كدولتين لا يمكن اللعب بالنار معهما.
فكل تلك الوراق كانت ومازالت مكونات نهر سيتكس حزب البعث العربي الإرهابي، ولأن الكمال لله وحده كما الخلود والأبدية، برزت نقطة ضعف النظام القاتلة التي هي ليست في كاحله كما هي الحال مع صاحبنا أخيل و إنما في قول "الحقيقة". الحقيقة هي ذلك السلاح الفتّاك الذي عرّى النظام وكشف زيف إدعاءاته المثيرة للاشمئزاز.
فالثنائي الجديد بشار وماهر الأسد وصما الشعب السوري بأنه مندس، إرهابي، أصحاب أجندات خارجية، متآمرين على الوطن، سفراء الأعداء في الوطن، و الحثالة كآخر صرعة لفظية ، وقتل جنوده ليبرر كذبه بان من قتل الجنود هم جماعات إرهابية مدربة تدريباً متميزاً. ولا ادري كيف يكون الإرهابيين مدربين تدريباً جيداً وعناصر الجيش تقف في وسط الشارع دون أية سواتر تقنص هؤلاء المندسين بكل أريحية وحرفية دون اخذ أية تدابير قتالية. لا أدري فربما هؤلاء الجنود هم آلهة.
لقد كشف الشعب السوري البطل مكمن قوته كما اكتشف نقطة ضعف هذه النظام الاستبدادي، وتيقن أن قول الحقيقة وكشفها للعالم الذي صعق العاقل والمجنون على حدٍ سواء من هول ما يشاهدون هو من سيزيل هذه الأكذوبة المجرمة من المشهد العالمي.
________________________________________________________________________________________________
أخيل: حسب الأسطورة، كان آخيل ابنا لـ"بيليوس"، ملك ميرميدون، أمه "تيتس" كانت من الحوريات. وبحسب الكتابات الإغريقية القديمة، ولكي يصبح من الخالدين (غير الهالكين)، قامت أمه بغمره في مياه نهر سيتكس، إلا أنها وحين غمرته كانت ممسكة بعقبه من الوتر، فكان هذا المكان الوحيد في جسمه الذي لم يغمره الماء، وأصبح ذلك نقطة ضعفه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انها الحقيقة
محمد نوري قادر ( 2011 / 6 / 19 - 10:50 )
لقد نقلت بأمانة ما حدث لنظام عفن حتى النخاع بأفكاره وقمعه للحريات وما يتطلع اليه الشعب السوري من حياة تستحق ان يعيشها الانسان بلا اوهام واكاذيب لم تنطلي عليه ..هو يعرفها جيدا
تحيتي لك

اخر الافلام

.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب


.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي




.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت