الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سامي لبيب والرصافي خلف قضبان الوعي

نعيم إيليا

2011 / 6 / 19
مقابلات و حوارات


((قرأت اليوم عدداً من مقالاتك المتسلسلة هنا، كما قرأت عدداً منها في الحوار المتمدن، وسأقرأ في الأيام القادمة عدداً آخر حتى أستوفيها جميعاً.
لقد تركت هذه السلسلة لدي انطباعاً جميلاً؛ إذ وجدت في ما قرأت تمرداً عقلياً على الدجل الفكري والنفاق الاجتماعي والأصنام والخرافة والقبح بجميع أشكاله، ودعوةً للحياة في صورتها الجميلة العذبة الصافية، وكل ذلك بأسلوب حلو سهل رخيّ، لم تذهب بحلاوته وطلاوته كثرةُ الأخطاء النحوية واللغوية والإملائية التي تمكن معالجتها قبل نشرها في كتاب من قبل مدقق لغوي متخصص. وهذا المديح - وتستحق أن تناله – لا يعني أنها بلغت كمالها؛ فإنها، مع الأسف، لم تنجُ من بعض العيوب والثغرات الفكرية التي ربما ألمحتُ إليك بها بعد فراغي من قراءتها.
أتمنى لك التوفيق ومزيداً من الإبداع في إنتاج فكر نظيف لعالم جميل.))
وبعد أيام جاءني الرد منه، من الكاتب النحرير سامي لبيب، وفيه:
((سعيد بهذا التقدير ..
بالفعل أرحب بالجدال حول أفكارى وأكون سعيد بها كونها تصقل تأملاتى فى الحياة والوجود والإنسان .ما أستطيع أن أؤكده أننى صادق مع نفسى وأفكارى ..وأطوع ما أفكر فيه إلى الإنسان كقيمة ووجود .
لا أفهم ولا أعرف بوجود فكرة تتجادل فى أبراج عاجية ..بل الفكرة هى نتاج صراع فى الحياة بين الألم واللذة .
خالص مودتى ....))
وكان هذا أول لقاء فكري لي - أنا القارئ - مع الكاتب السيد سامي لبيب، جمعتني به المصادفة، ثم أعقبته لقاءات أخرى لم تكن دائماً ودية. لقد كدرني منه أنه يعبر أحياناً عن شخصية فكرية متناقضة: من مثل اعتقاده بصحة نظرية الفوضى الكونية، وبالمصادفة؛ وهو الماركسي الذي يؤمن بوجود قوانين موضوعية منظمة حتمية في الكون، ومن مثل نقده للعنف في الإسلام واليهودية؛ وهو الشيوعي الذي يمجد العنف في أبشع صوره: (الحرب، والثورة)، ومن مثل مساواته بين جميع الأديان في هذا العنف، مع أنه يعلم أنْ ليس جميع الأديان يحض على العنف، ويعلم أنَّ ما كان من هذه الأديان حاضاً على العنف فيما غبر، قد كفّ اليوم عن مزاولته في التطبيق والممارسة. فكأنما هو في معادلته بين الأديان على صعيد العنف ينافق ويمالئ لغرض ما. ولعله الحذر من الاصطدام بملاحدة المسلمين وعلمانييهم الذين لا يرحبون - بسبب نزعتهم القبلية المتأصلة الموروثة عن ثقافتهم القديمة – بنقد الإسلام إلا من ناقد يجمع الأديان كلها في سلة واحدة حتى لو تنافرت وأبت أن تتشارك في القضايا النقدية الخطيرة، يضطره إلى أن يزجّ باليهودية – على سبيل المثال - إلى جانب الإسلام في سلة النقد لمسألة العنف والجهاد، عساه أن يجد إلى رضاهم سبيلاً، وأن يستميل منهم التأييد، وينال منهم القبول والترحيب!.
وعلى الجملة، فإن هذا موضوع آخر لا يتصل بحديث اليوم من قريب، ربما عولج باستفاضة في مناسبة أخرى.
حديث اليوم يتناول شيئاً من مقالته السابقة التي نشرها في الحوار المتمدن تحت عنوان ( الوجود بين العشوائية والنظام) من سلسلته (تأملات في الإنسان والإله والتراث) حيث ورد في هامش المقال، تعقيباً على ملاحظة القارئ السيد ياسر الحر، قولُه:
((من الملامح الرئيسية لهذا المقال هو تناول قضية المادة والوعى وايهما أسبق من الآخر فى الوجود وتأتى أهمية حسم هذه الفكرة أن على أساسها إما يتم نسف الخرافات تماما أو يبقى لها حضور. هى ليست فكرة فلسفية هكذا بل تفصل بين منهجين فى التفكير والتعاطى إما التفكير المثالى أوالتفكير المادى الجدلى
كما تعطينا رؤية علمية وعقلانية عن كيفية تكون الأساطير والخرافات والميثولوجيات ..لأنها فى النهاية منتجات فكرية جاءت من نتاج تأثير واقع مادى أمدها ومنحها بصور كونت ملامح الفكرة والاسطورة وحدودها وآفاقها .))
وهو قول يتمثل فيه - كما لا يخفى على القارئ – المبدأ العام للفلسفة الماركسية بوضوح، إنه: (أسبقية المادة على الوعي) ويشرح فيه الأسباب التي توجب الاعتقاد بأسبقية المادة على الفكر.
ومع أننا لا نقرّ الكاتب على رأيه بأن الاعتقاد "بأسبقية الوعي على المادة"، ينشأ عنه - بصورة حتمية - اعتقادٌ بالخرافة والأسطورة والدين، ورفضٌ للجدلية أو الديالكتيك والبحث العلمي؛ وذلك لأنّ الواقع يؤكد وجود أناس بينهم علماء، لا يعتقدون بأسبقية المادة على النحو الذي تشير إليه المقولة الماركسية، ومع هذا فهم لا يؤمنون بالخرافة، ولا يرفضون الديالكتيك.
وقد تنبّه السيد فؤاد النمري، وهو قيدوم من قيادمة الماركسية، لهذه الحقيقة، فكتب معبراً في خفاء عن شكّه في أن يكون لمبدأ أسبقية المادة على الفكر كلّ هذه الأهمية والخطورة، كما عبّر عن شكّه أيضاً بصحة هذا المبدأ استناداً إلى نظريات الفيزياء الكمية، فقال يخاطبه:
((الرفيق العزيز سامي
إسمح لي أن أختلف معك في فكرة أن الأكوان هي ابنة العشوائية وهي فكرتك في الرد على المتدينين. الأكوان ابنة ذاتها. في المادة قوة بذاتها هي الديالكتيك. لا مادة بدون ديالكتيك الذي هو قانون الحركة في الطبيعة. ليس من شيء موجود في هذه الأكوان لا يخضع لقانون الحركة في الطبيعة. كل المجرات والنجوم والكواكب تتحرك بموجب هذا القانون وهي محكومة له على مدى الزمن. حركة كوكب الأرض بالدوران حول نفسه كل 24 ساعة وحول الشمس كل 365 يوم وربع اليوم إنما لأنها محكومة بقانون الحركة في الطبيعة (الديالكتيك) ولا تتحرك عشوائياً
بت أعتقد مؤخراً أن الديالكتيك سابق لوجود المادة كما تتجلى لنا الأمر الذي يتطابق بمعنى من المعاني مع حبة البازيلا كما يقول فيزيائيو الكون أنها أصل الأكوان. فأن تتعين المادة بفعل الديالكتيك فذلك يعني بالضرورة أن خاصية الديالكتيك أو قوة الديالكتيك سابقة على تعيين المادة ووجودها. لا عليك، إنما وددت أن أكشف لك عن أسبقية الوجود كما أفكر لأنني لا أستطيع أن أثبت ذلك بأدواتي الوضيعة ورغبة مني في أن أورطك معي)).
وإذا كنا نعترف لللبيب الماركسي بأسبقية المادة على الوعي، فإننا نخالفه في فهمنا لفكرة الأسبقية. فالأسبقية لديه ترتيب زمني، إنها تعني أن المادة الموضوعية (الطبيعة) كانت موجودة أولاً قبل ظهور الإنسان بما هو نوع من أنواع الكائنات الحية المدركة. وهذا المعنى لا يسوغ لنا تمام السوغ، وإن يكن حقيقة مثبتة علمياً لا مراء فيها، لأنه لا يحلّ عقدة المشكلة، ويظل عاجزاً عن إثبات أنّ الوعي لم يكن موجوداً في الكون قبل ظهور الإنسان. مما حدا بي إلى مساءلته واستخباره، فكتبت إليه:
(( عزيزي أستاذ سامي لبيب، تقول:
"المادة تسبق الوعي" وهذا يعني أن المادة كانت موجودة، ولم يكن الوعي موجوداً بعد.
طيب، إذا لم يكن الوعي موجوداً قبل وجود المادة، فمن أين جاء إذن؟ أمن العدم؟!
وأرجو هنا ألا تنهرني صارخاً: -سؤالك فاسد-؛ لأنه لا يوجد سؤال فاسد، بل يوجد جواب فاسد.
ربما أجبتَ: -في البدء كانت المادة، وبعد مراحل زمنية طويلة تهيأت لها ظروف ساعدتها على إنتاج الوعي. وهذا جواب علمي لا يمكننا أن ندحضه. ولكنه لا يحلُّ معضلة:أيهما [أسبق] المادة أم الوعي؟.
فأين كان الوعي مستكنّاً قبل أن يتشكّل، أداخل المادة أم خارجها؟
فإن قلتَ: خارج المادة، فقد أقررت بالمثالية والعدم. وإن قلت: داخل المادة فجعلته خاصية من خواصها؛ فقد أقررت بملازمة الوعي للمادة ملازمة لا سبق فيها ولا تأخير.
أم لديك قول آخر؟ ))
فقام السيد علي أحمد الرصافي، وقال شارحاً مستهدياً بآراء جورج بوليتزر وسواه:
(( 1- ان المادة هي التي تنتج الذهن واننا علميا لم نصادف قط ذهنا بدون مادة. وثانيا2ان المادة موجودة خارج كل ذهن وليست بحاجة للذهن حتى توجدلاءنها تملك وجودا خاصا. وهذا لا يناقض اولية المادةعلى الوعي. فعندما يقول انجلز (ان الفكر هو نتاج الدماغ)يجب ان لا نتصور ان الدماغ يفرز الفكر كما يفرز الكبد الصفراء بالعكس فقد حارب انجلز هذة النظرية في كتابة لودفيخ فيورباخ ونهاية الفلسفة الالمانية. فالوعي ليس افرازالعضو من الاعظاء انما هو وظيفة الدماغ فليس هو شيئا كالصفراء او الهرمون انة نشاط -ان النشاط الانساني هو نشاط واع في بعض الظروف العضوية المعقدة التي تسمح بتدخل القشرة الدماغية وهذة الظروف هي نفسها منفصلة عن الظروف الاجتماغية
تدل العلوم الطبيعية على ان عدم اكتمال نمو الدماغ عند شخص من الاشخاص يكون عائقا مهما امام تطور نمو الوعي والفكر ذلك شاءن الاغبياء-لاءن الفكر نتاج تاريخي لتطور الطبيعة وبلوغها درجة سامية من الكمال يتمثل في الانواع الحية في الاعضاءوالحواس والجهاز العصبي ولاسيما في جزئة الاعلى المركزي الذي يسيطر على الجسم باكملة -اءلا وهو الدماغ فالدماغ يعكس في نفس الوقت الظروف التي تحيط بالجسم كما يعكس الظروف الخارجية
فمن اين يبداء الوعي والفكر؟ يبداء من الاحساس بتاءثير حاجاتة الطبيعية . فالعمل والتجربة والانتاج هي التي تثير اولى حركات الفكر في بدء الجنس البشري. ومصدر الاحاسيس هو في المادة التي يشتغل بها الانسان وليس العمل ثمرة اللعنة كما تقول التوراة(ستكسب خبزك بعرق جبينك)لاءن العمل هو اتحاد جوهري بين الانسان والطبيعة وهو نظال الانسان ضد الطبيعة في سبيل العيش كما انة مصدر كل تفكير.)) .
وعلى أهمية ما قاله الأخ علي أحمد الرصافي، فإن ما قاله لا يعتد به في مجالنا الذي تدور داخله فكرة (أسبقية) المادة على الوعي من حيث أنها تطلب الجواب عن السؤال التالي بعد الإقرار بأسبقية المادة على ظهور الإنسان أو الحياة على كوكب الأرض: من أين إذاً جاء الوعي؟
وقد حاول الأستاذ لبيب أن يضع جواباً للسؤال يفض ألغازه، ولكنه مع الأسف لم يعثر على جواب مقنع، وظلّ مراوحاً في فلك الماركسية:
((تحياتى عزيزى نعيم
أراك تتفق معى فى وجود المادة قبل الوعى فى قولك (ربما أجبتَ:في البدء كانت المادة وبعد مراحل تهيأت لها ظروف ساعدتها على إنتاج الوعى- وهذا جواب علمي لا يمكننا أن ندحضه)
تأتى الإشكالية التى تثيرها فى قولك ( أيهما [أسبق] المادة أم الوعي؟. فأين كان الوعي مستكنّاً قبل أن يتشكّل، أداخل المادة أم خارجها؟فإن قلتَ: خارج المادة فقد أقررت بالمثالية والعدم وإن قلت: داخل المادة فجعلته خاصية من خواصها؛ فقد أقررت بملازمة الوعي للمادة ملازمة لا سبق فيها ولا تأخير)
بالطبع لن أقول بالوعى الخارج عن المادة كما لن تقولها أنت
أراك جعلت الوعى شئ هائم يحل على المادة بينما هو نتاج ولازمة المادة الحية تكون داخلها بداية من الخلية الحية إذا صح تعبير أن الوظائف الحيوية وعيا ثم نما وتطور بتطور الكيانات الحية إلى أن وصلنا للوعى الإنسانى
يصبح الوعى صفة متلازمة للمادة الحية ولكن قبل تكون المادة الحية كانت هناك مادة ولم يكن هناك وعى وبنزع الصور المادية فى الوجود لن يتكون وعى ولا فكرة - إذن لا ينشأ الوعى إلا فى محتوى مادى ولا وجود لوعى سابق للوجود المادى فكيف يكون..وكيف يتخلق الوعى إلا من مدد مادى))
فإنه إذ يؤكد أن "الوعى نتاج ومتلازمة للمادة الحية" لا يأتي بجواب على السؤال: من أين جاء الوعي إلى المادة؟ وإنما يشير إلى حقيقة أن الوعي ملازم للمادة الحية فحسب. وملازمة الوعي للمادة، حقيقة محسوسة ملموسة لا نخالفه فيها، ولكنَّ هذه الحقيقة، لا تفسر لنا من أين جاء الوعي؟ هذا إن لم يكن هذا الوعي في أصل المادة قبل نشأة الحياة.
لنتخيل الكون قبل نشأة وولادة الإنسان الواعي بدهر، ولنتخيل بعد دهر تالٍ هذا الكون وقد نشأت فيه الحياة وظهر فيه الإنسان الواعي.
ألن يفرض هذا التخييل علينا أن نجيب عن أول سؤال لا بد من أن يطرحه، وهو: من أين وكيف نشأت الحياة ودبّ إليها الوعي؟
هل كانت الحياة الواعية مستترة داخل عناصر الطبيعة؟ أم أنها جاءت من خارج الطبيعة؟
وبتعبير آخر: إذا لم يكن الوعي أو عناصر الحياة ولوازمها موجودة في المادة الأولية قبل ظهور الإنسان ودماغه، وقبل ظهور الكائنات الحية الأخرى، فمن أين جاء أو جاءت؟
هذا هو السؤال اللغز الذي تحوم حوله الماركسية حوماناً، ولا تجد إليه مدخلاً علمياً يفكّ لغزه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحيه طيبه
فؤاده ( 2011 / 6 / 19 - 18:45 )
حسب رأي الخاص وفهمي المجرد حيث انني لم اقرأ الفلسفه الماركسيه
اقول هي حتما الماده وجدت قبل الوعي كيف؟
وهل الوعي وجد داخل الماده ام خارجها ؟
عزيزي نعيم : بعد تشكل الماده وبعد مليارات السنين تشكل الوعي داخلها على هيئة الدماغ ومن ثم الفكر حيث كانت الخليه الاولى التي تكونت بوعي جدا بسيط
الوعي تشكل كما تشكلت الخليه الاولى وتطور الى هيئته الحاليه
هذه المسأله تتبع لقناعات الشخص نفسه
اما عن السؤال اللغز الذي تحوم حوله الماركسيه فيكمن حله بنظرية التطور
اجمل التحايا


2 - استاذ ايليا المحترم
بشارة خليل قــ ( 2011 / 6 / 19 - 20:10 )
ليس هذا باعتقادي السؤال الاساسي.وجود الوعي قبل المادة او العكس.الوعي موجود كوظيفة دماغية فقط بالانسان واشباهه من شمبانزي وبونوبو وغوريللا واورنج اوتان وربما الدلافين اذ ان هذه الحيوانات هي الوحيدة القادرة على معرفة ذاتها امام المرآة.لنقل ان هذه الوظيفة المتطورة هي نتيجة لشكل معين من المادة (لنسمه الدماغ المتطور) ولنشبهه بسنفونية لموزارت ولنقل ان قردا مثاليا وضعوه امام الة البيانو واعطوه الوقت الكافي لعزفه العشوائي:لا بد ان تقع الصدفة ويعزف السمفونية بكاملها في وقت من الاوقات (خلال ملياردات السنين) لنقل ان الطبيعة هي كباسات الة البيانو وان عشواءية الحركة الكونية هي اصابع هذا القرد وكان لها ما يكفي من الوقت لترتيب مادة بيولوجية ثم حياة ثم حياة عاقلة تمتلك الوعي...ليست هنالك صعوبة بالنسبة لي لتخيل ما سبق
لكن السوال الاساسي الذي يرجعنا الى وجوب وجود ميتافيزيقي (خالق سرمدي) هو كيف للمادة ان توجد نفسها من العدم؟
ارى انه غي وكبرياء نفي وجوب خالق للكون,على الاقل على ضوء معلوماتنا الحالية


3 - الماركسية عاجزة عن الإجابة
نعيم إيليا ( 2011 / 6 / 19 - 20:42 )
شكراً لك عزيزتي فؤادة، ملاحظتك عميقة وصحيحة من جهة ما.
ولكن إذا زعمنا أن المادة وجدت قبل الحياة، ألن يضارع هذا الزعم، زعم أهل الدين الذين يزعمون أن الله كان في البدء، ثم جاء الكون بعده بفيض أو خلق منه؟
حين نقول إن المادة سبقت ظهور الإنسان، فنحن هنا لا نخطئ على الأرجح. إن العلم يؤكد أن الإنسان لم يكن في البدء موجوداً بصورته هذه، وإنما نشأ من المادة في ظروف كما نشأت الشمس من الهيدروجين. ونشوء الشمس من الهيدروجين يعني أنها كانت فيه .
كذلك صورة الإنسان، فإنها نشأت من عناصر مادية، وما ينشأ من عناصر مادية، لا بد لأجزائه من وجود مساوٍ في الزمن لوجود هذه العناصر المادية وإلا فإنه سيكون طارئاً عليها من خارجها.
صورة الإنسان محدثة - حسنٌ - ولكنّ جوهر الإنسان المادي، قديم قدم المادة الأولية التي تشكل منها. ولذلك لا يصح أن يقال إن المادة تسبق الإنسان أو وعيه، لأننا بهذا التعبير نجعل أحدهما مستقلاً عن الآخر وهما في الحقيقة شيء واحد ولكن في صورتين مختلفتين.
في الفلسفة المادية أن لا شيء يخلق. وكل شيء في كل شيء، وعلى هذا فلا بد من أين يكون الإنسان قديماً مثلها، فإن لم يكن كذلك، فهو مخلوق


4 - الوعي والحياة
نعيم إيليا ( 2011 / 6 / 19 - 21:04 )
أهلاً بك عزيزي أستاذ خليل بشارة، وشكراً على الملاحظة.
الوعي مرادف للحياة. إن الحياة مستويات وهي في أدنى مستوياتها تعي.
أنا لا أفرق بين الوعي والحياة إلا لفظاً.
تقول: الوعي وظيفة يؤديها الدماغ. حسنٌ! والحرارة وظيفة تؤديها النار، فهل يصح أن نقول إن النار تسبق الحرارة؟


5 - الأستاذ نعيم إيليا المحترم
ليندا كبرييل ( 2011 / 6 / 20 - 00:21 )
تفضلت بالقول(مساواته بين الأديان في العنف، مع أنه يعلم أنْ ليس جميع الأديان يحض عليه، ويعلم أنَّ ما كان من هذه الأديان حاضا على العنف فيما غبر قد كفّ اليوم عن مزاولته في التطبيق ..فكأنما هو في معادلته بين الأديان على صعيد العنف ينافق ولعله الحذر من الاصطدام بملاحدة المسلمين وعلمانييهم عساه أن يجد إلى رضاهم سبيلا)أجيب: لا قيمة للأديان بدون الإنسان الذي يفعّل تعاليمها، وجميع الأديان بما فيها البوذية المسالمة استخدمت الدين لمحاربة المخالف، ليست النقطة عند دين يحضّ أو لا يحض، المعول على الانسان الذي يستخدم التعاليم الموضوعة لخدمة غاياته وإن الإله الذي جاء بمسيحية مسالمة كان بإمكانه أن يمنع اليهودية المحاربة والإسلام المرهب، الأستاذ سامي لا يسعى إلا لرضا نفسه ومبادئه وليس بحاجة إلى النفاق وهو صاحب الصوت الأقوى. أما عن الأخطاء اللغوية والنحوية التي أشرت إليها فالقرآن نفسه التي تنطق حضرتك بلغته مليء بالأخطاء، لا حاجة لهذه الإشارة التي تشمل جميع الكتاب،ناقشواهذه اللغة المخبصة المحوِلة للعيون التي لم ينج منها صنع الله ابراهيم بجلالة قدره، يكفي أن الفكرة وصلت والباقي نتركه لسيبويه وأمثاله وشكرا


6 - إلى الأستاذة ليندا كبرييل
نعيم إيليا ( 2011 / 6 / 20 - 11:49 )
عزيزتي السيدة ليندا كبرييل
أشكر حضورك وطرحك الرأي الجميل.
فأما عن الأخطاء اللغوية، فأنا آخر من يفكر فيها حين يطالع مقالة لكاتب ما، وكثيراً ما انتقدت من ينتقد الآخرين حين يخطئوا فيها. الشعراء الجاهليون أخطأوا، والفرزدق أخطأ ولا تسلي عن أخطاء المتنبي ولا تسلي عن أخطائنا. كانت نيتي هناك سليمة؛ أردت أنه لا يليق بمجموعة مقالات، قد اقترحت على صاحبها أن يطبعها، أن تعجّ بالأخطاء.
وأما عن قضية العنف في الدين، فقد صدقت، والأمر كما ذكرت. ولكنّ الأستاذ سامي، يصرح بأنه لن يهتم بنقد دين ما إذا ما عطل هذا الدين آيات جهاده وعنفه، وقد عطل اليهود العمل بتطبيق آيات العنف، ومع ذلك فإنه ظلّ ينتقد اليهودية إلى جانب الإسلام . فماذا يدعى تصرفه هذا؟
وأما عن (تهمة) النفاق، فإن التهمة ظنٌّ مني وتفسير احتمالي قد يصيب هدفه أو يحيد عنه والظن والتفسير من حقي، ومن حق الكاتب أن يدفعه عن نفسه.



7 - امكانية وجود الشيء ووجوده الفعلي ليس متساويان
بشارة خليل قــ ( 2011 / 6 / 20 - 13:18 )
اعتقد ان المسألة مسألة احتمالية:نعم وجود الوعي كاحتمالية حدثت فعليا منذ ملايين قليلة
(pontential)من السنين,نعم موجود مع وجود المادة
اعتقد ان قصة اكل ادم وحواء من شجرة معرفة الخير والشر وهي برمتها قصة رمزية تصف اكتساب الانسان لخاصية الوعي وبالتالي تحمله مسؤولية اعماله خلافا لباقي الكائنات الحية التي تحيا برائة تصرف غرائزي(بدرجات متفاوتة حسب موقعها في سلم الارتقاء البيولوجي)ء
لكن سؤالي كيف للمادة ان توجد ذاتها من العدم بدون عمل ميتافيزيقي, لم ولن اجد له مجيب ويبقى سؤالا اسكاتولوجيا جوابه ايماني لا علمي


8 - الخلق الذاتي
نعيم إيليا ( 2011 / 6 / 20 - 19:16 )
تحية لأخي العزيز بشارة خليل
جميل هذا الرمز الذي استوحيته من قصة الخلق التوراتية أشكرك عليه.
المشكلة هي أن عقلنا عاجز عن تصور أن المادة خلقت ذاتها، وكذلك عن تصور أن إلهاً خلقها.
لا يبقى أمامنا إلا أن نقنع أنفسنا بأنها أزلية لم تخلق، وأنها هي الله الحقيقي.
نظرية الخلق الذاتي من العدم - العدم بمعناه الفلسفي - تقول بأن الوجود قادر على خلق ذاته من هذا العدم، وبأنه لا يحتاج إلى خالق، بيد أنها لا تنفي وجود مادة أوليه على شكل نثار دقيق في فضاء، تهب الوجود قدرته على خلق ذاته، أو قدرته على تشكيل ذاته بمعنى أدق



9 - ردا ً على الأخ نعيم إيليا 1
سامى لبيب ( 2011 / 6 / 22 - 11:51 )
تحياتى عزيزى نعيم وللأعزاء الذين شاركوا فى هذا الحوار
لم أفطن لمقالك إلا صباح اليوم وذلك بعد أن نبهنى زميل به ولن يمنعنى من أكرر شكرى لك على تقديرك بالرغم من الإختلاف الفكرى بيننا
أود فى هذه التعليقات أن اصحح بعض وجهات النظر مع إضافات بسيطة فقد تم إشباع القضية الرئيسية بحثا
أنت ترى من وجهة نظرك أننى أزج باليهودية فى النقد حتى أستميل تأييد الزملاء الملحدين واللادينيين ذو الأصول الإسلامية ..وأرى هذه الرؤية متجنية وليس هناك ما يدعمها بل ستجد كل ما يدحضها
ارى الأقلام التى تتناول نقد التراث الإسلامى من الزملاء ذو الاصول الإسلامية أكثر قوة وشراسة من كتاباتى ثم أننى لا أكتب إلا نقد موضوعى ولا أتجنى على تراث محدد .
التراث العبرانى أكثر عنفا وشراسة وعنصرية وسذاجة من التراث الإسلامى وأرى أن قلة الكتابات فيه ترجع لأن الدين الإسلامى هو الأكثر إهتماما من اليهودية لشيوع تواجده
هناك نقد دينى يتناول تحليل التراث كتاريخ مجتمعى وإنسانى وهناك نقد دينى يتناول تأثير التراث فى العالم المعاصر - بالنسبة للأولى أخوض فى أن الأديان تمثل مشاريع سياسية وهوية قومية تحمل فى داخلها نزعة عنصرية وعنف واضح
يتبع


10 - ردا ً على الأخ نعيم إيليا 2
سامى لبيب ( 2011 / 6 / 22 - 11:57 )
ومن السهولة بمكان أن تجد هذا الأمر واردا فى التراث العبرانى ..أما النقد الثانى الذى يتناول تأثير النص فى الواقع فستجد هذا الأمر واردا فى النموذج الصهيونى الإسرائيلى والمذابح الوحشية والعنصرية التى تمارسها وقد أشرت فى مقال همجيتنا وهمجيتهم مثلا لدور الفتاوى والمؤسسة الدينية فى ذلك أما عدم إسقاطهم للتراث فى مناحى أخرى فلا يعنينى نقده لأنها دخلت التاريخ
أما نقدى للعنف الدينى فهو مقصور فقط على محاولة إستلهامه وإستحضاره فهو تاريخ إنسانى فى النهاية

ومن قال لك أننى أؤيد الحروب ولكن أرصد الثورات كفعل إنسانى حتمى يعبر عن الصراع والذى سيتحقق بدون تمجيد هذه الثورات لأنه فعل تاريخى حتمى جاء من صراع وليس من رؤية عنصرية وعنف اهوج

ما وجه التناقض بأننى أقر بالقانون المادى الطبيعى وأعترف بوجود العشوائية وهل ما قاله الزميل فؤاد النمرى متناقض بل هو مدعم ولم يذكر الرجل أسبقية الوعى على المادة ولكنه أدخل الديالكتيك فى الرؤية وأرفق لك جزء من تعليقى عليه :
(أهلا بالخلاف والتوريط إذا كنت ستتواجد بيننا عزيزى النمرى ولكن أرى بعدم وجود خلاف فأنا أتفق معك تماما فيما طرحته ولقد أوضحت فى ردى على العزيز كنعان


11 - ردا على الأن نعيم 3
سامى لبيب ( 2011 / 6 / 22 - 12:00 )
أن الصدفة هى نتاج مادى حتمى
لم ولن يوجد فعل مادى مهما بدا نادر وشاذ الحدوث إلا يخضع لقانونه المادى ..كما أن حركة المادة هى المادة فى حد ذاتها وليس شئ طارئ عليها ويستحيل تواجد مادة بدون صراع الأضداد فى داخلها فهى متلازمة بالمادة بلا إنفصام
الإنفجار العظيم لابد أن يحدث لتوافر الظروف الموضوعية لحدوثه كونه إنفجر فليس هناك ترتيب لشظاياه ولكن كل شظية تحركت وتشكلت وفق محصلة القوى التى تعتريها وهذا يأتى فى الرد على مقولة النظام والترتيب الصارم التى يدعيها المتدينون
بالنسبة لمقولتك أن هناك مفكرين لا يقروا بأسبقية المادة على الوعى ورغم عن ذلك فهم يرفضون الخرافة وماذا يدهشك فى هذا الأمر فليس المطلوب من أحد أن يقر هذه الرؤية ليمنح رخصة نقد الخرافة فأنت مثلا قد لا تعتقد بالخرافة لأنها تتعارض مع العقل والمنطق والعلم ..أقول أن هذه المقولة الفلسفية تحسم بشكل منهجى نشوء الخرافة.

أنت قلت : في البدء كانت المادة، وبعد مراحل زمنية طويلة تهيأت لها ظروف ساعدتها على إنتاج الوعي. وهذا جواب علمي لا يمكننا أن ندحضه. ولكنه لا يحلُّ معضلة:أيهما [أسبق] المادة أم الوعي!!
يتبع


12 - ردا على الأخ نعيم 3
سامى لبيب ( 2011 / 6 / 22 - 12:00 )
أن الصدفة هى نتاج مادى حتمى
لم ولن يوجد فعل مادى مهما بدا نادر وشاذ الحدوث إلا يخضع لقانونه المادى ..كما أن حركة المادة هى المادة فى حد ذاتها وليس شئ طارئ عليها ويستحيل تواجد مادة بدون صراع الأضداد فى داخلها فهى متلازمة بالمادة بلا إنفصام
الإنفجار العظيم لابد أن يحدث لتوافر الظروف الموضوعية لحدوثه كونه إنفجر فليس هناك ترتيب لشظاياه ولكن كل شظية تحركت وتشكلت وفق محصلة القوى التى تعتريها وهذا يأتى فى الرد على مقولة النظام والترتيب الصارم التى يدعيها المتدينون
بالنسبة لمقولتك أن هناك مفكرين لا يقروا بأسبقية المادة على الوعى ورغم عن ذلك فهم يرفضون الخرافة وماذا يدهشك فى هذا الأمر فليس المطلوب من أحد أن يقر هذه الرؤية ليمنح رخصة نقد الخرافة فأنت مثلا قد لا تعتقد بالخرافة لأنها تتعارض مع العقل والمنطق والعلم ..أقول أن هذه المقولة الفلسفية تحسم بشكل منهجى نشوء الخرافة.

أنت قلت : في البدء كانت المادة، وبعد مراحل زمنية طويلة تهيأت لها ظروف ساعدتها على إنتاج الوعي. وهذا جواب علمي لا يمكننا أن ندحضه. ولكنه لا يحلُّ معضلة:أيهما [أسبق] المادة أم الوعي!!
يتبع


13 - ردا على الأخ نعيم 4
سامى لبيب ( 2011 / 6 / 22 - 12:01 )
إذن الأمور محسومة لديك ففيما الخلاف !!! فأنت أقريت أن المادة فى البدء فأنتجت الوعى ثم تسأل عن الأسبقية وقد أقررتها توا !!!
الوعى هو خاصية المادة الحية ولم يكن موجودا قبل تكون المادة الحية ..وهذا ما عنونت به تعليقى (الوعى نتاج ومتلازمة للمادة الحية عزيزى نعيم)
ومازالت المشكلة لديك عزيزى فى تصور أن الوعى شئ يحل على المادة وكأنه كيان هلامى يمنحه القدرة على الحياة والإحساس والإدراك بينما هى خاصية لازمة للقول بالمادة الحية ولكن نرجع ثانية للتذكير بأن المادة كانت متواجدة أولا قبل أن يتكون الوعى الذى جاء كخاصية للمادة الحية وأن الواقع المادي هو من يشكل صور الوعى ..الوعى هو مرآة المادة يا عزيزى .

شكرا وخالص مودتى


14 - إلى الأستاذ سامي لبيب
نعيم إيليا ( 2011 / 7 / 9 - 01:12 )
أخي وأستاذي العزيز سامي لبيب
اطلعت الآن على ملاحظاتك القيمة، ما علمت بها قبل هذه اللحظة، لأنني بعد اختفاء المقال لم أنظره، اعتقدت بأن التعليقات عليه قد انتهت ولا مزيد
آسف جداً، أرجو المعذرة. وقد أحاول عند سنوح أول فرصة أن أرد الجواب عليها في ورقة خاصة
شكراً لك

اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ