الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوضع الراهن للحركة التعاونية في السودان وآفاق المستقبل

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

2011 / 6 / 20
الادارة و الاقتصاد


الوضع الراهن للحركة التعاونية في السودان وآفاق المستقبل
مقدمـــــة
أصبح المجتمع السودانى فى حاجة ماسة الى حركة تعاونية قوية فعالة ، وأصبحت وحدات الحركة التعاونية بكافة أنشطتها أمام حاجة ملحة لاعادة هيكلتها وتطوير تشريعاتها وأساليب نشاطها وتبنى بدائل تمويلية جديدة لهذه الأنشطة. أضافة الي وضع وتطبيق العديد من السياسات والبرامج والأطر التنظيمية والتشريعية الملائمة ، وتنمية قدراتها البشرية الشعبية والرسمية التنفيذية بما يمكنها من التحرك بتنافسية مع القطاعات الاخرى لخدمة المجتمع السوداني وتحقيق طموحاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ومن ثم كانت الحاجة الى وضع وتبنى استراتيجية فاعلة للحركة التعاونية السودانية. هذه الاستراتيجية يجب أن تلتزم بالمبادئ التى أستقرت اليها الحركة التعاونية العالمية وأصدرها الحلف التعاونى الدولى، والتي تقوم علي أسس وقيم المبادئ التعاونية، باعتبار التعاونيات جمعيات مستقلة مؤلفة من أشخاص اتحدوا معا بملئ إرادتهم لاستيفاء احتياجاتهم وتحقيق طموحاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة عن طريق منشأة يملكونها معا ويشرفون عليها بصورة ديمقراطية. فالتعاونيات منظمات مجتمع مدنى تبنى على أساس قيم المساعدة الذاتية والمسئولية الذاتية والديمقراطية والمساواة والانصاف والتضامن ، ويؤمن أعضاء التعاونيات بالقيم الاخلاقية المبنية على النزاهه والانفتاح والمسئولية الاجتماعية والاهتمام بالآخرين ، والأعتماد علي النفس، والجهود الذاتية وتجميعها من شكلها الفردي المبعثر في شكل جماعي منظم يدار علي أعلي المستويات الأدارية الحديثة. وتستهدى هذه التعاونيات بمبادئ العضوية الطوعية والمفتوحة دون تمييز قائم على أساس الجنس أو الأصل الاجتماعى أو العرق أو الرأى السياسى أو الدين، كما تلتزم بالاشراف الديمقراطى من جانب الاعضاء الذين يشتركون على نحو نشط فى وضع سياساتها واتخاذ القرارات الخاصة بها ، ويكون الاشخاص القائمون بمهام الممثلين المنتخبين مسئولين أمام أعضاء التعاونية ويتمتع أعضاء التعاونيات بحقوق متساوية فى التصويت على أساس قاعدة (عضوا واحدا صوتا واحد مهما كانت قيمة وعدد الأسهم). وتكون التعاونيات بمستوياتها منظمة بطريقة ديمقراطية ، هذا الى جانب مبدأ المشاركة الاقتصادية من جانب الاعضاء على نحو متساو فى رأسمال تعاونياتهم على أن يكون جزء من رأس المال ملكية مشتركة للتعاونية كما يتلقى الاعضاء تعويضا محدودا إن وجد على راس المال المكتتب، ويخصص الاعضاء الفوائض لتنمية تعاونياتهم ، وتعمل التعاونيات كمبدأ لها بهدف تحقيق تنمية مستدامة لمجتمعاتها المحلية ، ويعزز هذا تفعيل مبدأ التعاون بين التعاونيات مع التأكيد على استقلالية الحركة التعاونية كمنظمات مساعدة ذاتية.
استراتيجية الحركة التعاونية والرؤية المستقبلية للجمعيات التعاونية . إدراكاً لأهمية استمرار الجمعيات التعاونية في تنفيذ برامجها ومشاريعها توافقاً مع احتياجات مجتمعنا السوداني فلا بد من نظرة مستقبلية مملؤه بالأمل من خلال استراتيجية واضحة تعتبر ترجمة لما يرد بالخطة القومية للدولة للأجابة علي: كيف يمكن للتعاونيات ان تساهم بفاعلية في إحداث وإدارة التغيير للنهوض بقضايا المواطنين المختلفة؟. هذا يقتضي أن تنص الأستراتيجية على تفعيل إسهام الجمعيات وذلك من خلال إنشاء جمعيات متخصصة في مجالات معينة، مثل ( جمعيات تسويقية , وجمعيات متخصصة النحالين والدواجن والتمور والبطاطس والمهنية وغيرها من الجمعيات ) والتركيز على إقامة لقاءات وبرامج تدريبية للقائمين على الجمعيات التعاونية والعاملين بها. أضافة الي إنشاء نظام معلومات متكامل يخدم الجمعيات ويساعد على انسياب المعلومات بين الجمعيات بعضها ببعض وكذلك بينها وبين جهات الاختصاص، وتشجيع الجمعيات على القيام بالأنشطة والبرامج ذات الأولوية وتقديم الدعم اللازم لها والتخطيط الاستراتيجي للارتقاء والمتابعة لتحقيق أعلي المستويات في مجال الموارد البشرية، والتنظيم المالي والإداري، والأنشطة والبرامج المختلفة، والموارد المالية والبرامج التدريبية، الي جانب كل ما يتعلق الخدمات الاجتماعية.
وتعبر استراتيجية الحركة التعاونية عن الأهداف بعيدة المدى التى تسعى الحركة لبلوغها عبر الخطط متوسطة الأجل والبرامج والمشروعات التى تقوم بتنفيذها فى قطاعات الحركة التعاونية ، ومن المفترض أن تكون نتاج جهد جماعى مشترك ومتصل تقوم به الحركة التعاونية بوحداتها المختلفة مع شركائها وجهات الأختصاص. وتنطلق هذه الاستراتيجية من الوضع الحالى للحركة التعاونية وميراثها التاريخى ومحدداته والفرص المتاحة لها، والتحديات التى تقابلها فى أداء دورها وامكاناتها ثم تستشرف طموحات المجتمع باعتبارها حركة مجتمعية واضعة طموحاتها فى السياق العام لامال وطموحات هذا المجتمع. ويقتضى ذلك أولا أن تنمي الحركة التعاونية نفسها بالمعنى الشامل للتنمية تحت أشراف ومساعدة الدولة، فإن محاور التشريع والتمويل والتنظيم وتنمية الموارد البشرية تعد المحاور الرئيسية فى هذه الاستراتيجية التي تعني بها جهات الأختصاص التعاونية والاتحاد التعاوني القومي والاتحادات الولائية ووحدات هذه الحركة التعاونية بتناسق مع الجهاز الأداري المختص بالتعاون. إن نجاح التعاونيات في تطوير نفسها وأداء رسالتها في خدمة المجتمع والمساهمة في تنميته سيزيد من حجم تأثيرها على صانعى القرار وبالتالى الحصول على الدعم اللازم لها أسوة بباقى قطاعات الاقتصاد القومى الأخرى.
هذا ما أكدته المواثيق التعاونية الدولية، ففى الدوره التسعون لمؤتمر العمل الدولى التى عقدت بجنيف فى يونيو 2002 تم اعتماد توصية تعزيز التعاونيات لأهميتها فى خلق الوظائف وحشد الموارد وتدفق الاستثمار وفى إسهامها فى الاقتصاد ، وأنها بمختلف أنواعها تعزز المشاركة الكاملة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع الشعوب. وأن هذه التعاونيات جمعيات مستقلة ومملوكة ملكية جماعية ويشرف عليها ديمقراطيا ، وأنه ينبغى أن تعتمد تدابير لتعزيز قدرات التعاونيات فى جميع البلدان بغض النظر عن مستوى تنميتها لمساعدتها ومساعدة أعضائها، وأن توازن المجتمع يقتضى وجود القطاعات الثلاثة الخاصة والعامة والتعاونية الي جانب القطاع المختلط، مما يتطلب أن تضع الحكومات سياسة داعمه وإطارا قانونيا يتفق مع طبيعة التعاونيات ووظائفها.
وضع وتنفيذ هذه الأستراتيجية يتطلب برنامج متماسك للإصلاح التعاونى المتمثل في صدور قرار سياسي من القيادة السياسية بالدولة يتضمن بوضوح ودقة العديد من الإمتيازات والإعفاءات والمزايا والمنح والأفضليات التي يجب أن يتمتع بها القطاع التعاوني وخاصة التعاونيات الزراعية والإنتاجية، مع أعلان الدولة موقفها الواضح من القطاع التعاونى دون اللجوء الى العبارات العامة التى تتكرر فى المناسبات السياسية ، إذ يجب أن يكون هناك إعتراف صريح بأهمية دور التعاونيات كشريك أساسى فى عملية التنمية في الدستور، على أن يؤيد هذا الإعتراف مواقف واجراءات عملية تدعم هذا القطاع الهام. أي لابد من الاعتراف العملى المترجم إلى اجراءات من قبل الحكومة بكافة الاجهزة التنفيذية بالاهمية التى تحتلها التعاونيات في الاقتصاد القومى وذلك باعتبارها منظمات غير حكومية تعتبر أحد المقومات الاساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية وبناء وتحديث المجتمع السوداني ومؤسساته المختلفة.
الاهمية النسبية للتعاونيات
التعاونيات بطبيعتها منظمات اقتصادية طوعية ذات انتشار نوعى وجغرافى واسع وتسعى لتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين وعلى أساس مشاركتهم على كل المستويات واعتماد على الامكانيات الذاتية لهم وهى تسعى من خلال ذلك التى تحقيق تغييرات اجتماعية واقتصادية وسياسية فى أوساط الشرائح الاجتماعية المختلفة ، حيث تتحقق ذلك من خلال التعليم والممارسة الديمقراطية والمشاركة فى اتخاذ القرار وفى التكامل فى العملية الانتاجية، ويزداد أهمية الدور الذى يمكن أن تلعبه التعاونيات فى ظروف السودان والقيام بالادوار التالية فى إطار عملية التنمية المستدامة: 1- خلق الوسائل المادية والمالية التى يمكن عن طريقها المساهمة فى انجاز البرامج الاسثمارية للمجتمع وذلك من خلال تجميع مساهمات الاعضاء سواء كانت مساهمات نقدية أو عينية تمثل أصولا انتاجية أو حتى فى صور قوة عمل أو معرفة فنية. 2- توسيع طاقة السوق الداخلى من خلال ما تحدثه من زيادة للدخول والسلع عن مساهمتها الفعالة فى تحقيق زيادة حقيقية للدخول وزيادة حقيقية فى الانتاج. 3- يمكن للتعاونيات أن تقوم بأدوار فعالة فى مجالات بعينها مثل مجالات التنمية الزراعية الريفية وتحديث الزراعة على وجه الخصوص لمناسبة الروح التعاونية لطبيعة الفلاحين فى معظم الدول . وكذلك فى حل مشكلة الاسكان وتوزيع السلع الاستهلاكية فى المناطق النائية.
4- يمكن للتعاونيات أن تنجز مهام عديدة على الصعيد الاجتماعى والثقافى والسياسى الى جانب مهامها الاقتصادية فعن طريقها يمكن أن تنتشر بين الناس الافكار الحديثة المتطورة ويتعودوا على ممارسة الديمقراطية والاهتمام بالبيئة وتحقيق جوانب متعددة للتنمية البشرية.
5- يمكن للتعاونيات أن تكون الادارة الفعالة للتغلب على مشاكل شرائح اجتماعية كثيرة فى المجتمع كالمعاقين والمرأة ، وكوسيلة لدمجهم فى الحياة الاجتماعية وتعظيم الاستفادة من جهودهم.
الوضع الراهن للتعاونيات في السودان
من هذا الاستعراض لملائمة التعاونيات كوعاء ومدخل للعمليات التنموية نرى أن التعاون يمكن أن يكون عاملا مهما للتطوير وطريقا يمهد للنمو الاجتماعى – الاقتصادى فى السودان في ظل الظروف الأقتصادية والسياسية الراهنة، لما يمكن أن يؤدية فى مجال تطوير القوى الانتاجية وتسييد أنماط أكثر تطورا من العلاقات الانتاجية والمساهمة في بناء السلام الدائم. ونخلص من ذلك الى أن التعاونيات باعتبارها جزء من الأبنية المؤسسية فى المجتمع فإنها عامل مؤثر فيما تصل اليه الانتاجية فى المجتمع وأن هناك علاقة طردية بين حالة التعاونيات ونمو الانتاجية فى هذا القطاع وعلى ذلك فإن قضية التنمية المستدامة في السودان ترتبط بالاسهام التعاونى فى كافة القطاعات. لكن القطاع التعاوني حاليا والمتمثل في حولي 9 آلاف منظمة تعاونية في القطاعات المختلفة، يواجه حاليا بالعديد من المشاكل والمعوقات التى تؤثر على فعالية هذا الاسهام والذى يمكن تفسيره بالعديد من العوامل الداخلية التي تتمثل في غياب الديمقراطية والفساد، أضافة الي عوامل خارجية أهمها إهمال الحكومة وفرضها وصايتها على التعاونيات ووضع العقبات فى طريق نموها الى غير ذلك من المشاكل التى تواجه هذه التعاونيات. . اهم المشاكل والمعوقات الحالية التي تواجه الحركة التعاونية السودانية
أولا: موقف الدولة من التعاون وإصدار التشريعات المناهضة للتنمية التعاونية( قانون الضرائب، قوانين الجمارك، الرسوم المختلفة، أصدار القرار الرئاسي 34.. إلخ ) ثم إلغاء الاعفاءات والمزايا، بالاضافة الى القيود العديدة التى ترد فى التشريعات التعاونية ذاتها على استقلال وحرية التعاونيات. أضافة الي مصادرة ممتلكات التعاونيات وأصولها بداية من المركز القومي لتدريب التعاونين وانتهاء بمقرات ومخازن الجمعيات ودون تعويض، ومرورا بمساهمة الحركة التعاونية فى رأسمال بنك التنمية التعاوني الأسلامي والذي فقدته الحركة التعاونية السودانية. أيضاعدم الاستجابة لرغبات التعاونيين فى إصدار التشريعات المناسبة التى تضع الاطار التشريعى لانطلاقه تعاونية وتضمن العلاقة بين التعاون وأجهزة الحكومة، أكد الهيمنة الحكومية على المؤسسات التعاونية وسيطرة جيوش الموظفين على الهيئات التعاونية وتوجيه أمورها، وهى كلها مواقف سلبية عن موقف سلبى تأخذه الدولة من التعاونيات ولا تريد فتح ملفها لعلاج أوجاعه.
ثانيا: ثقافة تعاونية رسمية وشعبية معوقة للتطور التعاونى حيث يمتلك متخذي القرار في قمة أجهزة الدولة، والموظفون والجمهور، وحتي بعض القيادات التعاونية، مع الأسف الشديد، تصور خاطئ عن التعاون يخلط بينه وبين المؤسسة الحكومية غير الناجحة ، وحتى وقت قريب كان الاعلام الرسمى يساعد أيضا فى هذا الاتجاه وقد أدى هذا الى ضعف الثقة فى الفكرة التعاونية وفى المنظمات التعاونية. . ثالثا: هياكل تنظيمية وإدارية غير متوازنة وأصابها الجمود فى الكثير من المنظمات التعاونية بالاضافة الى عدم وجود أى نظم إحصائية أو قواعد بيانات يعتمد عليها فى ادارة وتخطيط هذا القطاع، وضعف أنشطة التدريب والتثقيف التعاونى وشكليتها فى معظم الاحيان، مع غياب المصادر التمويليه المناسبه التى تواجه التعاونيات من خلالها تزايد أعبائها المالية من نفقات جارية واستثمارية مع تقلص حجم مواردها وإلغاء معظم المزايا التى كانت تتمتع بها فى السابق.
رابعا: أصاب التعاونيات ما أصاب كل قطاعات المجتمع من ضعف فى الانتاجية وسيطرة البيروقراطية والفساد وتغليب المصالح الفردية على الصالح العام، وقد أدى تفشى ذلك كله الى نوع من عزوف الاعضاء عن المشاركة فى الانشطة التعاونية بشكل إختيارى ، وفقدانهم الثقة فى منظماتهم والقدرة على إصلاح أحوالها ، ويتجلى ذلك فى عزوف الاعضاء عن المشاركة فى اجتماعات الجمعيات العمومية وغيرها، أضافة الي تردد المواطنين بمستوياتهم المختلفة لأختيار التعاونيات كبديل لمواجهة مشاكلهم المختلفة وأيجاد الحلول لها عبر التعاونيات.
خامسا: تأثر التعاون بالتحولات التى حدثت فى السياسة الاقتصادية بوجه عام والزراعية بوجه خاص والتى أفضت الى تسيير سياسة التحرير الغير متوازنة للقطاع التعاوني، واعتماد آليات السوق فى توجيه الموارد وقد أدى ذلك الى تغير البيئة الاقتصادية التى كانت تعمل فى ظلها التعاونيات وأصبح عليها أن تغير البيئة الاقتصادية التى كانت تعمل فيها نتيجة إلغاء الدعم وكثير من الأمتيازات، تحرير سعر الفائدة ، والتحرير النسبى لسعر الصرف، الخ من اجراءات وأصبح عليها أن تعيد النظر فى أساليب عملها واستراتيجياتها لكى يمكنها الاستمرار، وقد أثرت هذه المجموعة من المشاكل والعقبات على الآداء التعاونى بمختلف قطاعاته.
من أين نبدأ؟
لقد آن الأوان أن تتحد الجهود العلمية والرسمية والشعبية لتعزف نغمة واحدة علي طريق الإصلاح والتطور، لأن مسيرة إصلاح القطاع التعاوني تتطلب ‏العمل علي إنعاش دور الحركة التعاونية‏ ومواكبة الظروف الاجتماعية والاقتصادية الجديدة والمتغيرات المعاصرة في مجال التطبيق التعاوني علي امتداد خريطة العالم‏، ولقد أدي الفصل بين المنظمات العلمية التعاونية‏ والتنظيمات الشعبية الي ضرر بيغ للتطبيق التعاوني ‏‏ وأبعده عن ركب التطور والتقدم المنشود‏.‏ وهنا لابد لأساتذتنا ولعلمائنا وخبرائنا في التعاون وغير التعاون‏ وهم ثروة قومية ووطنية هائلة أن يستشعروا المسئولية ويتحركوا بإنزال علمهم علي أرض الواقع لتنمية هذا القطاع و توفير الظروف الكفيلة بتقوية الحركة التعاونية تنظيمياً وبشرياً ومادياً لترقى إلى قطاع فاعل في الاقتصاد الوطني.
ويتعين في هذا الإطار: . أولا: تكوين لجان مهنية متخصصة بعيدا عن الولاءات السياسية والحزبية الضيقة، تضم خبراء ومتخصصين ومستشارين في الشأن التعاوني السوداني، وذلك لتحديد حجم وطريقة عمل الجهاز التعاوني الديواني المختص بالحركة التعاونية السودانية، وتصحيح مسار الأتحاد التعاوني القومي والأتحادات الولائية والمحلية والمتخصصة، وتقديم تصور لأنشاء صندوق خدمات تعاونية، وصندوق آخر للضمان الإجتماعى.
ثانيا: دعم الجهاز الديواني الذي يشرف على ويوجه النشاط التعاوني بالكوادر المدربة بالأعداد اللازمة وانتشار هذا الجهاز على كافة المستويات وتحديد سلطات ومسئوليات كل مستوى وعلاقاته مع القطاعات الاقتصاد الأخرى. ثم الارتفاع بالكفاءة الإدارية للعاملين بالقطاع التعاوني للنهوض بمسئولياتهم بفاعلية باعتبارهم حماة لمصالح أعضاء التعاونيات والمعبرين عن رغباتهم‏,‏ وتحديد الإدارة المهنية‏..‏ والإدارة الشعبية كما يجري في كل العالم‏.‏ فليس من المعقول أن يظل المسئول التنفيذي الأول للحركة التعاونية السودانية على المستوى القومى يباشر مهام ضخمة ومعقدة ويتحمل مسئوليات جسام لعدة أعوام وحتى الأن لم يتكرم السادة فى مجلس الوزراء فى الرد على موافقة السيد وزير التجارة الخارجية بتعيينه في هذه الوظيفة.
ثالثا: يجب تعديل قانون التعاون 1999م والذي يحكم إنشاء الجمعيات والاتحادات وإزالة كل الثغرات التى ظهرت فيه نتيجة للتطبيق وكذلك تضمين القانون القواعد التي تساعد على تطوير الحركة التعاونية وتحديد علاقاتها بالمنظمات والقطاعات الاقتصادية الأخرى في وضوح ويسر، وأن تكون مواد القانون واضحة ولا تحتمل أي لبس واجتهادات في التفسير. كما يجب أن يتضمن القانون أيضاً كيفية بناء وإقامة البنيان التعاوني وأن يكون ذلك البنيان متناسبا مع وضع الحركة التعاونية السودانية وعلاقاتها مع القطاعات الأخرى وأن يكون ذلك البنيان قوة دافعة للعمل التعاوني وليس قيداً عليه كما هو الحال الآن. كما يجب ألا يكون التفكير في البنيان التعاوني أسيراً لأي أفكار أو مبادئ معينة بل يكون فقط نابعاً من مصلحة الحركة التعاونية وخادماً لنشاطها وإمكانيات التطور في المستقبل. وخلاصة القول أن يكون القانون واضحاً ومحدداً وخادماً للنشاط التعاوني بما لا يتعارض مع أسس وقيم ومبادئ التعاون العالمية، بسيطاً ومفهوماً من قبل غالبية أعضاء الحركة التعاونية والمواطنين. ويعني ذلك إصدار التشريع التعاونى الملائم للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية وبما يتدارك ما فات التعاونيات من الموائمة مع سياسات الاصلاح الاقتصادى بحيث يحقق هذا التشريع الأساسى الإطار العام للنشاط التعاونى تاركا التفاصيل الاجرائية للوائح النوعية والانظمة الداخلية وفقا لطبيعة كل نشاط تعاونى على حدة. إن مراجعة النصوص القانونية المتعلقة بالتعاونيات في اتجاه تحديثها لتصبح أكثر تلاؤماً مع الواقع السوداني ضرورة ملحة لقيام التعاونيات بدورها خلال الألفية الثالثة، وبذلك تيحقق التناسق والتكامل ووحدة الحركة التعاونية السودانية الشعبية والعلمية والتنفيذية‏، وهذا هو طريق الحل الوحيد نحو إصلاح تعاوني عاجل، مما يفرض علينا فورا تنفيذ النقاط الثلاثة السابقة علي أرض الواقع في أقرب فرصة، وإلا سوف لن يكون للنقاط والمقترحات التالية أي أثر أو وجود.
وعليه نقترح أن نبدأ بالآتي
1- تحسين أوضاع التعاونيات‏‏ وتفعيل دورها للتخفيف عن محدودي الدخل في ظل آليات السوق‏ ببناء بنيان التعاوني سليم يعبر عن جميع حلقات البنيان التعاوني من القاعدة إلى القمة وتحدد سلطات ومسئوليات كل مستوى من مستوياته وتحدد علاقاته بغيره من المنظمات التعاونية وغير التعاونية.
2- العمل على استكمال وإنشاء الأجهزة التعاونية والتي لها تأثير على مسار الحركة التعاونية مثل مؤسسات التمويل والتأمين والاتجار بالجملة ومؤسسات التجارة الخارجية التعاونية... الخ مع ‏تخصيص حصة من المنح والمعونات الخارجية لتطوير وتدعيم الحركة التعاونية للتوسع في نشر مؤسساتها في الولايات‏,‏ وخاصة في الريف‏ وبصورة أخص التعاونيات الزراعية.‏
3- إعادة هيكلة الحركة التعاونية وصبغها بالصبغة الديمقراطية، والحرص على تطبيق مبادئ التعاون في تكوين هيئاتها، ورفع يد هيمنة ذوي النفوذ على أعمالها مع تشديد الرقابة على الإنفاق باعتبار أموال هذه التعاونيات أموالاً عامة.مع العمل على بلورة وتعميم الفكر التعاوني، وتشجيع الشباب خاصة وكافة الفعاليات الاقتصادية بأهمية هذا الأسلوب في مباشرة أوجه النشاط الاقتصادي وذلك في إطار يسمح بفتح الآفاق أمام أكبر عدد من المواطنين للمشاركة في القرارات التنموية مباشرة على مستوى التقرير والفعل الاقتصادي والاجتماعي.
4- إدراج التعاون في المناهج الدراسية على سائر المستويات التعليمية وتنمية البحث حوله ومتابعة أوجه تطويره و تشجيع خريجي مدارس التعليم المهني والحرفي والزراعي على الانتظام في تعاونيات تمكنهم من الاندماج والمشاركة الفعلية في النشاط الاقتصادي.إلي واقع التطبيق ومشاكله ومعوقاته‏....‏ ويقدموا حلولهم العلمية الملائمة‏.
5- إجراء دراسات علمية دقيقة وعميقة عن الواقع الحالي للحركة التعاونية للتعرف من خلالها على المشاكل والعقبات التي تعترض طريق نموها والتعرف كذلك على احتياجات ورغبات أعضاء الحركة ومعرفة آرائهم في مستقبل النشاط التعاوني، وتخصيص نصيب عادل للتعاونيات من المعونات الاجنبية والقروض الخارجية الميسرة التى تحصل عليها الدولة للانشطة الاقتصادية بما يكفل للتعاونيات فرصة تنفيذ مشروعاتها.
6- إجراء دراسات ميدانية بواسطة المختصين والخبراء لمعرفة الحجم الأمثل للجمعية التعاونية القاعدية في المجالات المختلفة (زراعية – استهلاكية – خدمية – حرفية .. الخ) الذي يعطيها فرص النجاح والتطور بما يعود على أعضائها ومجتمعها بالنفع. وتكون هذه الدراسات في المستقبل هي أساس قبول أو رفض تسجيل أي جمعية.
7- إنشاء قاعدة بيانات تعبر عن تطور الحركة التعاونية ومدي إسهامها في العمل التنموي بوجه عام وكل أنشطتها المتعددة بوجه خاص‏، مع توحيد أساليب وطرق جمع وتحليل الإحصاءات والمعلومات عن الحركة التعاونية. وتحديد مفاهيم المصطلحات الإحصائية المستخدمة في جمع وتحليل البيانات. وكذلك تحديد تواريخ جمع الإحصاءات وأساليب نشرها ومواعيد هذا النشر. تحديد تواريخ ثابتة لمراجعة الحسابات بالجمعيات والاتحادات والمنظمات التعاونية بما لا يتعارض مع تواريخ إعداد الخطط التعاونية.
8- تحديد أسس ومجالات التعاون والتكامل بين أفرع الحركة التعاونية‏ والسعي إلي الاندماج والتكامل بين المؤسسات التعاونية لايجاد شكل جديد للحركة التعاونية لدية قدرة تنافسية أمام الشركات الكبري مع الإنفتاح خارجيا لتوطيد الصلات مع التعاونيات علي المستوي العالمى‏ والاستفادة من خبرات التعاونيات الدولية‏,‏ وتوثيق التعاون معها وتنشيط التبادل الاقتصادي بينها‏.‏
9- وجود آلية لاستفادة التعاونيات من إمكانات التمويل الأصغر، وتشجيعا على تأسيس الصناديق التمويلية الخاصة، وانشاء صندوق للتنميه التعاونية بغرض اقراض الجمعيات التعاونية وخاصة الزراعية الإنتاجية والحرفية ( وحدة التمويل الأصغر، مصرف الأدخار، والبنك الزراعي).
10- البدء فى جهود مكثفة تثقيفية / إعلامية / تدريبية لإعادة نشر الفكرة التعاونية على وجهها الصحيح فى أوساط الجمهور وكذلك العاملين بالجهات الادارية وغيرهم وذلك بهدف تغير الصورة السلبية التى تكونت لدى هؤلاء من التعاون.
11- التطبيق الكامل لمبادئ التعاون وضرورة اعمال مبدأ الديمقراطية وتأكيد مبدأ الحرية والشعبية والأختيارية وعائد المعاملات ووضع الضوابط المنظمة لذلك.
12- رعاية الدولة للتعاونيات بالتنصيص علي ذلك في الدستور ووفقا لقانون التعاون، من خلال كافة اشكال الدعم والاعفاءات والمزايا والتحفيزات التى تتيح للتعاونيات فرص تنفيذ خططها وذلك دون تدخل من الاجهزة الحكومية فى نواحى التنفيذ العملى للانشطة التعاونية التى يجب ان تترك بحرية كاملة للتعاونيات من خلال الادارة والرقابة الذاتية ، على اعمالها. وتمثيل القطاع التعاونى فى اللجان المختصة برسم السياسات التنفيذية المتصلة بمجالات نشاطه ، وخاصة فى المجال الاقتصادى والاهتمام به كجمعيات رجال الاعمال والغرف التجارية وكافة تنظيمات القطاع الخاص وقطاع الاعمال العام ، وضرورة تمثيل القطاع التعاونى فى كل اللجان على قــدم المساواة مع القطاعات الاخــرى وعلى ضــوء سياسـة الحكومة فى الاهتمام بالجمعيات الاهلية والمنظمات غير الحكومية والتى تأتى فى مقدمتها التعاونيات.
13- تخصيص نصيب عادل للتعاونيات من المعونات الاجنبية والقروض الخارجية الميسرة التى تحصل عليها الدولة للانشطة الاقتصادية بما يكفل للتعاونيات فرصة تنفيذ مشروعاتها.
كيف نبدأ؟
سمنار عن الوضع الراهن للحركة التعاونية في السودان وآفاق المستقبل ومن خلال السمنار الذي تقدم فيه ورقة أساسية عن الحركة التعاونية سيتم التعرض لكل النقاط الواردة في نطاق الدراسة الصفحة الثانية من "الشروط المرجعية لدراسة التعاونيات".
الخاتمة
تعتبر التعاونيات في العصر الحديث من الوسائل والادوات المهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والارتفاع بمستوي المعيشة لدي المواطنين من الاعضاء وغير الاعضاء. ويتوقف نجاح التعاونيات في أداء دورها المنشود في حالة التأسيس الجيد والبناء السليم وفقا للأسس والقيم والمبادئ التعاونية الدولية التي أقرها الحلف التعاوني الدولي في عام 1995م، وعلي الرغبة والاحتياج الفعلي للمواطنين أصحاب المبادرة لتكوين التعاونيات، في ظل سياسات حكومية واضحة تعترف بالتعاونيات ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأثرها في حياة الناس. ولكن يجب أن نتذكر أن: "ليس هناك معنى لمحاولة إنشاء جمعية تعاونية، ما لم يكن من الممكن دفع أعضائها إلى العمل بطريقة إيجابية، سليمة وصحيحة، ألا من خلال الأقتناع بالفكرة التعاونية والحوجة اليها، وبالمساهمة في رأس المال والإدارة، لإن الشروع في إقامة وتأسيس جمعية تعاونية عملية بطيئة، و يحتاج الأعضاء إلى وقت أطول للتعود على فكرة المشاركة ولكن لا داعي للعجلة، وكثير من البرامج الطموحة جداً والتي نفذت بأسرع مما يجب أساءت لإسم التعاونيات في كثير من الأحيان".
أن تذكر ذلك من شأنه أن يساعدنا في تلمس الطريق الصحيح لقراءة الواقع المأزوم للحركة التعاونية السودانية، ومحاولة الخروج بتوصيات تتضمن الحلول المناسبة والناجعة لأوجاع الحركة التعاونية السودانية، بصورة تجعلها سليمة ومعافاه لتلعب دورها المنشود في التغيير المجتمعي المرتقب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قاض بالمحكمة العليا البريطانية يحدد شهر أكتوبر للنظر في دعوى


.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024




.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال


.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة




.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام