الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الايماءة البطيئة لموتي

نصيف الناصري

2011 / 6 / 21
الادب والفن






الايماءة البطيئة لموتي



الى صلاح حسن





1

جهات كثيرة تفصلنا عن الشواطىء ونحنُ نتهجى أسرار العطش
تحت أمواج النجوم . نهاية الاسطورة والسرّ الذي احتفظنا به
طويلاً . لايفصحان عن الخاتمة القاسية لمصائرنا .
ما نأملهُ يتداعى ويتهشم في التراب . نحتاج اشارات يتصاعد
منها الأريج الغريب الى اللامرئي الفاتن ، ومراكب صيف تعبر
المرايا المظلمة لأحلامنا المتجمدة في أطلال الحجارة الشاملة .
الرغبة في المرتفعات المتحركة لمخاوفنا وآلامنا ، فراشة زرقاء
تتلألأ في شفافية الفجر ، وتدلنا على الكمائن المتعانقة والمنصوبة
لمصائرنا التي خاط لها الموت ثيابها منذ الأزل . يخفي القنديل
عطره بين صخور التحلل ، كلما تقدمنا في العمر ، وحجارة الريح
تطبق على الترنيمة الأخيرة للحالم وسط العناصر المتشابهة للعالم .


2

لاورقة تتحرك وسط أشجار لعثمتنا ، والليل الآن أكثر نداوة من الأصوات
الفاحشة للسأم . أغنية طاووس بيضاء مجبولة من أرض تئن تحت ثقل
المصابيح ، نسمعها تتضور حبّاً لجفاف مرمر بين الجسور المنعشة .
الاله الشاحب شيفا ، وزوجته ذات الجدائل المختلطة باذرع الاخطبوط .
يرصدان ذبذبات تائهة في ظهيرتنا المتلاشية . يخترق السرّ الصمت
الأسير للساعة الأسيانة ، وتهيم طيور طاعتنا في التوحشات الهائلة للنفي .
كل سنبلة تترصد نارها في الشوك الذي يحنو على النبع ، وكل موجة
تمحو ظلال الضفاف من نهديها . لاشجر يرخي ثماره في العروب ،
ولا علامة تؤكد فرضية عودتنا الى الحديقة المتآكلة .


3

تصقلُ الأيام ماأخفيه ، وما أوسده طراوة الغصن . درجات كثيرة أصعدها
باتجاه الخلوة الفقيرة لطفولتي ، والسكون لايعينني على التقاط حجر في أرض
اللحظة الفارغة . كلما طويتُ فضاء لحظة ، امتدت الآفاق وبعثرت مرآة الزمن .
الضيق واللزوجة التي تتخطى موتي ، هما ماينميّان السأم في أغنيتي التي يغرقها
الطوفان . لا تشبهنا الملائكة ، وأفكارها ليست مثل شيوع أفكارنا لحظة الزوال .
استراحات كثيرة أخفينا فيها الخدع ، ودفنّا مشاعرنا في تنفسات البعوض .
في النهاية المتفرقة ، يتصببُ العرق من جباهنا تحت القبور المتهدمة .
مانحتاجه دائماً هو القدرة على الطواف في أرض محنتنا .


4

جبال كثيرة نعبرها في الأحلام ، بحثاً عن ضفة يتأرجح فيها مستقبلنا
المتعفن في لحظته . يبهرنا السيف المشحوذ للماضي ، ويعرّي سعينا
المريض بين الخرائب المتصدعة ، صوب اشارة ما ، وصوب الانطفاءة
العليلة للزمن . كل شجرة تتوق الى العلو ، والى مايزكي غفوتها في ليل
الحبّ ، ونحن نذبل في المتاهة المنتصبة ما بين اللحظة واللحظة . الميت في
هشاشته ، ينصت الى نبض النحلة في فجر ابرته ، ويدخل فراء الديمومة ،
دخول فكرة في ميزان الاعتدال .


5

تتهشمُ بين الولادة والموت ، أمتعتنا التي ندخرها لتدفئة دموعنا في لحظة
زوالنا المحبوك . ما تنصت له الجذور في استمرارية تحولها ، يجرح الصدفة
التي تفشل فكرتنا عن طمأنينة زهرة اللوتس ، في نموها تحت شمس بابل .
صمت طويل يخترف تمتمة الموتى في رياح السجن ، والعناصر يتملكها
الفقدان في الظلمة العميقة للمحنة المتعاظمة . أشياء كثيرة يؤوب منها الانسان
مقوّضاً لحظته في صراعه مع الدودة المحدقة بحياته الخاوية .


6

كتل صخور ضخمة تنزلقُ وتتهشمُ فوق رأسي في ظلام الظهيرة القاحلة
ولا جدار يحميني ولا شهاب . حاضناً خواء مصيري في السأم العظيم ،
ينتظرني ماينتظر البشر والحشرات . ضوء أيام شقائي ، خفافيش تطير
في الآبار الجافة ، وتعوي في ليلي الذئاب . أزمان كثيرة ناحت نواح الناي
في الأفياء الحارّة لتحطمات آمالي ، ولا انعكاس لرماد الصيرورة في الحجارة
الصلدة التي تحنو على الظلمة المتداعية لوجودي .


7

طائر السمانى النحيل يعنّفُ بصوته الغالب ، السهاد الطويل لحياتي بسهول
الموت المدوّخة . أشجار متحجرة أرتقيها في السكون العظيم للّحظة في
شحنتها ، وهي تنتصبُ أمام الاتساع المصفح للرغبة . نجمة وحيدة تشحذ
نفسها في صخور جزيرة نومي ، وتدلني على الايماءة البطيئة لموتي .
صرخات بشر طويلة نسمعها في الليل الذي تدوسه الصاعقة . كل صرخة
تومض على العظام . لا الكلمة ، لا الشجرة . يأتينا العون دائماً والحصانة
من الموجة التي تقطر شفافية .



20 / 6 / 2011 مالمو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-