الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية رجل غادرنا رغما عنه

كامل الغزي

2011 / 6 / 21
الادب والفن


دوى حزن عميق في نفوسنا الضجرة وساد همس ممتلىء بأنين خافت حين غادرنا مكرها قبلما يكمل عقده الاربعين ، بعدما صادر الفاشست جميع اوراقه التي كان يطالعنا فيها دوما دون ملل وكامرته التي أباح لعدستها
أن توثيق الفعل البطولي لحشود المنتفضين التي ضاقت بها ازقة المدينة عام 1991 في فوتوغرافه الذي كان يروم أن يجعله شهادة حيه لتلك اللحظات المحتدمة من حركة مجتمع المدينة المتورم حنقا نتيجة تعسف أزلام السلطة ، لكن عدم نضوج الظروف التي أحاطة بالانتفاضة أطاح بتوازن المعادلة وحالت دون أن يحقق الرجل أمنيتة الثي أنفجر لها راقصا حين أنهى صناعة شريحته السالبة بنجاح ، صائحا ( لقد فزت بتصوير الانتفاضة ) أذ شعر حينها بأنه أنجزعملا ضخما صنفه هو والاخرين بحجم أهمية الانتفاضة التاريخية ، لقد اراد أن يموت بملىء أرادته بدلا عنا حين أعتقلته سلطة الدكتاتور ووضعته مكرها على محك الآختيار والمفاضله ما بين تلك الشريحة السالبه التي ستصبح موضوع أدانه للكثير من وجوه المدينه وحريته التي اصر طواعيتا على عدم اختيارها على حساب ما يؤمن به من مباديء وقيم تحتم عليه أن يقدم نفسه قربانا للانتفاضة المباركة بدلا من أن يزج بتلك الالاف التي سجلت وجوهها على ذلك ا لشريط الذي تبتغيه دوائر أمن النظام وقتذاك وأصبح شاغلها الرئيس ووضعت سعد الصفار على اثرها في مفاضلة لا يحسد عليها بعد أن أستعادة شتاتها المبعثر و تنظيم قواها لتعاود تعسفها وأستبدادها من جديد لقمع مجتمع المدينه و سكان باقي مدن العراق التي ضرجت بالدماء و الدمار و مت ثم تنفيذ عقوباتها الجماعية بوشم أذيالها بقبور جماعية تكتظ باجساد غضه لرجال ونساء واطفال دفنت حية مستعيده بذلك أمجاد الفاشست وولعهم بقتل الشعوب المكافحة التي تطالب بأنسانيتها المصادرة 0

لقد أصر سعد الصفار بطل الحكاية وبرغم الاساليب الوحشية والترهيب من قبل المجالس العرفية التي شكلت أنذاك و بمساعدة سرايا الجبش الذي انتهك حرمة ازقة واسواق المدينة بعد أجهاض الانتفاضة على ان لاينالوا مبغاهم في الحصول عل تلك النسخة التي تكتض بوجوه المنتقضين من أبناء الشطرة 0

لقد غادرنا قبل أن يتم حلمه الذي بدأه مذ سنين خلت في زرع الابتسامة على شفاه تلاميذه الصغار في المدارس الابتدائية حين بدأ معهم مشروعه الرائع في تأسيس المرسم الحر وتنمية الذائقة الفنية لديهم أسهاما منه في خلق مفردات مجتمعية واعية وقادرة على تحمل أعباء المسؤلية مستقبلا للقيام بنشر الجمال في شعاب الحياة

لقد كان سعد الصفار انسانا وديعا و معلم متفاني و تربوي من طراز خاص أفنى سنوات عمره القصير في تعليم صغار المدينة مبادىء الفنون الجميلة 0

لقد كان منظر ماهر لما يؤمن به من أفكار ومبادىء خلاقه أستطاع أن يوصلها بأسيابيه سهله لذهنية محاوريه في جلسات ممتعة كانت تجمع الكثير من محبيه وأصدقائه ليتعلموا منه فلسفة أنيقة كان يؤمن بها والتي مفادها كيفية

الدفاع عن ذواتهم ضد دوامات القلق الذي قد يصابون بها نتيجة تعرضهم لضغوط الحياة اليوميه وكيفية التخلص من أنعكاساتها المؤذية على نفوسهم بطريقة سهله لاتكلف شيء 0


كان يمتلك خلق رفيع غير المألوف وتوازن حياتي ينم عن تجربه حياتيه ناضجه ، أن الحديث عن سعد الانسان يقودنا الى مراحل حياته المبكرة و الى مستوى تجاربه الاولى التي أكتظت بأحاسيس العوز والفاقه بعد ان تخرج من دار المعلمين أنذاك وعاش بطالة قادته الىى ممارسة بعض المهن التي استطاع من خلال مردودها المادي اليسير ان يلبي القليل من أحتياجاته الحياتية الملحة وخصوصا ألوان الزيت وفرش الرسم والاقلام الملونة و يحصن نفسه ضد السقوط في قبضة اليأس والاستسلام بل أستنهض في نفسه العزم ليبقى على استعداد دائم لتقديم النفع والمعونه لمن حوله من اصدقائه ومعارفه الذين يرى بحدسه الثاقب حاجتهم لها 0

لقد أكتشف جميع من تعرف عليه عن كثب بأنه أنسان يكتظ بأحلام تكاد تتناثر من مخيلتة وهو يفصح عن بعضها بطريقة لايمنحنا الا ان تحلق عاليا في محيط عوالم تختلط فيها الالوان القزحيه الجميله وتنمي في دواخلنا الثورة على القبح بكل أشكالة ، كان فنانا يجيد الاحاطه بهموم الانسان المعاصر اذ اتسمت لوحاته بتعبيريه رائعه حاول من خلالها تصوير الواقع المؤلم للحياة وصراع الانسان المتواصل مع قوى الشر والتعسف والرذيلة التي تسلط خرابها الفكري والاجتماغي والاقتصادي عليه محاولا ومن خلال أدواته الفنية التي يمتلكها بذر روح الاحتجاج والثورة لدى المتلقي وشحذ همته ليأخذ دوره الرياد ي للاسهام الفاعل في تغير واقعه المؤلم ، كما كا ن فوتغرافي بارع يتقن التعامل مع أزرار كاميرته التي تنتج بوريتريتات تكاد نتلمس نبض عروقها مثل ما يفعل كذلك وببراعه في رسم الحرف العربي في اعلاناتة التي تنمع حرفية بارعة 0

لقد قتل من قبل الفاشيه الجديدة مع الجموع التي سيقت لتنال حتفها في مجازر ابتكروا لها من وسائل البطش ما لايمكن تصورها في سيناريوهات أعدت بمهارة لتزرع الخوف والرعب في نفوس العراقيين في مقابر جماعية

الرحمه لشهداء انتفاضة مدن الجنوب عام 1991

المجد لشهداء انتفاضة مدن العراق عام 1991

والذكر الطيب لشهيد الانتفاضة سعد الصفار الانسان والفنان

والرحمة لرفاقة من الذين تعاهدوا على أن يدفنوا متعانقين في قبر واحد لا يسع لاحلامهم الكبيرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا