الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة تفاهم حضاري مع الحكومة الكويتية ...

حسين حامد حسين

2011 / 6 / 22
السياسة والعلاقات الدولية



تعتبر البيئة هي المانح الاساسي لما يحمله الفرد من سمات وطبيعة بشرية تؤهله للانسجام والتكيف مع أفراد بيئته. والسلوك الانساني القويم يكتسبه الفرد من خلال نشأته وتفاعله في مجتمع وبيئة تحترم القيم الانسانية وتعمد على الحفاظ على مستوياتها . ولكن ليس كل من عاش في احضان التمدن والتحضر حمل قيما اخلاقية وانسانية . فالتكوين البايولوجي والنزعات السلوكية الشاذة (الطباع الذاتية) المتعلقة بخصائص الجينات والعوامل الوراثية ، قد تقود الى السلوك العدواني والاجرامي ضاربة عرض الحائط قيم التطبع والتحضرالذي قد يكتسبه الفرد من بيئته المتمدنة . فثقافات الانسان وقيمه الحياتية وان كانت منقادة الى قيم وظروف بيئته ، لكن خصائصه البايولوجية أحيانا قد تعيق جعل سلوكه قويما.

فلو أخذنا حكام الكويت مثالا للسلوك العدواني والمواقف الثأرية والكيدية ضد شعبنا في العراق، نجد ان سلوكهم ذاك ، وعلى الرغم من ثرائهم ورفاهيتهم الاقتصادية وما يدعونه من التحضر من خلال تطبيقاتهم للمبادئ الديموقراطية وما يتقولونه من امتلاكهم لبرلمان حر وصحافة نزيهة وتمتعهم من مساحة من الحرية في ابداء الرأي والنقد البناء ، نجد ان واقعهم يشير الى عكس ذلك تماما. فسلوكهم تجاه العراق لا يدل على التمدن أبدا . والحكومة الكويتية بالذات لا تحاول جعل العلاقات العراقية الكويتة من نوع العلاقات التي ترتكز على التفاهمات التي من شأنها جعل سلوك حسن الجوار يسير في نمط السلوك المتوافق مع متطالبات الحياة المتمدنة في الاسرة الدولية وبما تطمح من الوصول اليه تلك الدول التي تصر على ان يكون لشعوبها دوام التقدم والرفاه والاستقرار. فلا ندري هل ان البيئة الكويتية والتي يدعون هم تحضرها وتمدنها قد فشلت في انتاج التوازنات المطلوبة بين الشعوب التي تركب موجة التحضر في وجوب تعاملها من خلال الصداقات والعلاقات الودية وتبادل المنافع التي تفرضها متطلبات حسن الجوار مع العراق مثلا ؟ أم ان السلوك العدواني البغيض للكويت ضد شعبنا مرده التشوه البايولوجي للجينات الوراثية فيما بينهم بعد ان عاشوا منغلقين على انفسهم ، لاهم لهم سوى أذى شعبنا فوقفوا عاجزين عن تبني المصالحة والاخوة كسمة لطباعهم بدلا من الاستعداء؟

فان كان حكام الكويت وشعبه قد عانوا من جور وظلم واستهتار المقبور في غزو بلادهم وخراب حياتهم ، وهم بذلك ربما ما يجعل لاحقادهم وسلوكهم العدواني ضد العراقيين ما يبرره في الماضي ، فان العراقيين (والكويتيون على علم بذلك) قد عانوا أضعافا مضاعفة ولاربعين عاما من استهتار ذلك اللعين بحيث لم يعد بيتا في العراق الا وقد طاله الظلم والجور والخراب !! ثم من قال ان العراقيين كانوا راضين على عمل جبان كالذي قام به المقبور ضدهم ، وقد أغضب به الله جل وعلا ، وروع فيه الاطفال والنساء والرجال ، ووضع شعبنا في احراجات كبيرة جاعلا العالم يتسائل عن انسانية العراقي واحترامه لقدسية الجوار؟ .

ثم ان الكويت ، وبوافع الكراهية راحت تستغل بمكر وخبث ظروف الشعب العراقي تحت طغيان حكم المقبوروظروف هزيمته المنكرة التي مني بها عندما تم طرده من الكويت بواسطة قوات الامم المتحدة المتمثلة بالولايات المتحدة وحلفائها ، واقتيد صدام بكرامته المهدورة من خلال من قام بارساله من الضباط كممثل عنه الى خيمة صفوان للتوقيع على ذلة هزيمته ، نجد ان الكويت استغلت تلك الظروف أبشع استغلال . ففي وقت كان العالم كله يقف ضد صدام وقد تحمل شعبنا وزر عدوانه اللئيم ، فنجدهم مستغلين قرار الامم المتحدة للتامر على الشعب العراقي ، بعد أن تم استبعاد لجنة الجانب العراقي من حضورعملية ترسيم الحدود العراقية الكويتية . ثم ما تصرف به الجانب الكويتي من خلال اتفاقهم مع موظفي الامم المتحدة في الاسائة للسيادة العراقية في شراء ذممهم ومنحهم (الهدايا) والتحف الكويتية الى اولئك الموظفين الذي قاموا بتخطيط الحدود بلا عدالة على حساب الاراضي والسيادة العراقية .
وكان حريا على الكويت ان تفهم حينذاك ، ان الثورة الشعبانية الجماهيرية الكبرى عام 1991 التي قامت ضد صدام والتي أعقبت طرده مباشرة من الكويت ، كان عليهم ان يفهموا كيف كان العراقيون ينظرون الى صدام كونه مجرد بلاء وبيل عليهم . وأن العراقيين الابطال الذين قاموا بتلك الثورة الشعبية وضحوا بأنفسهم من اجل ازاحت الدكتاتور، كان من خلال تلك التضحيات ان يقتنع الكويتيون حينئذ مقدار ما قد ضاق به العراقيون ذرعا بطاغية بغيض قام بغزو بلادهم بينما هم لا يملكون حولا ولا قوة .

ثم كان على الكويت ان تتعلم وتتعض باحداث العالم وما مرعلى الشعوب من مصائب ، وكيف ان تلك المصائب أصبحت في عداد ذكريات التأريخ المشرف لشعوبها التي وقع عليها الظلم . فالولايات المتحدة قامت بالقاء قنبلتها الذرية فوق مدينة هيروشيما اليابانية ، ودمرت المدينة وقتلت مئات الالوف من الاطفال والنساء والرجال في دقائق . وما يزال هذا الجيل الحالي وبعد حوالي ثلاثة أرباع القرن ، ما يزال يعاني من التشوهات بسبب الاشعاعات الذرية . ولكن مع كل ذلك ، عادت الحياة الى اوضاعها الطبيعية بين البلدين وتم نسيان الموضوع من قبل اليابانيين واعيد بناء الحياة من جديد وتصالحت القلوب وتصافت ، حيث لم يكن للشعب الامريكي رأيا بما حصل لليابان .

ومن جانب أخر، فالكويتيون لم يدخروا جهدا في ايذاء شعبنا في العراق من خلال مواقفهم الثأرية والكيدية ، وخصوصا خلال الاحداث الجسيمة التي مرت على شعبنا من ارهاب وقتل ، بعد دخول قوات الاحتلال ، لثبتت تلك الاحداث ان الكويتيين شاركوا بشكل هستيري واجرامي في عمليات قتل وارهاب شعبنا اثناء ما رافق ذلك من اضطرابات وفوضى . فكانت الحكومة الكويتية انذاك ، وربما ما تزال ، تقوم بتمويل الكتل والخلايا الارهابية من خلال التنسيق مع النظام السعودي من اجل تدمير العراق . حيث عمدت الحكوكم الكويتية والسعودية على دعم وتصدير ارهاب الى العرا وقد تم ذلك حتى بمشاركة الكويتيون أنفسهم . وحتى هذه اللحظة ، ما تزال حكومة الكويت تثبت للعراقيين من أنها باقية كبؤرة للاحقاد والتأمر والضغائن ضد العراق .

واليوم ، نجدهم يحاولون النيل من سيادة العراق ويتجرأوا على التطاول على شعبنا بهدف تدمير الاقتصاد العراقي من خلال بناء مينائهم ، بينما العراق يحاول الوقوف على قدمية بعد كل ما حصل ويحصل له من عبث الارهابيين .
فالذي نطالب أن يفهمه حكام الكويت وبشكل واضح ، هو ان الشعب العراقي لا ولن يتخلى عن اراضيه التي تم استقطاعها في الماضي وتحت ظروف دكتاتورية صدام اللعين في استهتاره وخسته ضد شعبنا وتصرفه بمقدرات العراق وكأنه ضيعة أوملكية شخصية توارثه عن أهله . فسواءا جاء ذلك الاستهتار على شكل (كرم) لئيم وتم من خلاله استقطاع المقبور اجزاءا من العراق ومنحها (هدايا) للنظام السعودي او الاردني أو الايراني . أوكان رغما عن أنفه ، فأن تلك الاجزاء يجب ان تعود الى ارض الوطن العراقي رغم كل شيئ .

وعلى حكام الكويت ان يفهموا أيضا أنها مسؤوليتهم هم في وجوب مراعاة السيادة العراقية وكرامة شعبنا وعدم محاولة الاستعداء عليه من خلال بناء هذا الميناء الذي سوف يؤثر سلبيا على موقع العراق ومنفذه الوحيد الى البحر. وان نأمل من العقلاء من شعب الكويت ومثقفيه ، تفهمهم لحقيقة ان شعبنا لا ولن يساوم ولا يهادن ولا يهدأ له بال حتى يخرس من يعتدي على شعبنا ومن يحاول فيجد نفسه ربما قد شطت به الظنون ، فتصور اننا غير قادرين على تلقين اعدائنا دروسا لا ينسوها . فشعبنا العراقي غير هياب لمن يحاول ، كائن من كان وصفه ، تمرير اهدافه السياسية والاقتصادية على حساب سعادة شعبنا او النيل من سيادة العراق .

وختاما ، ان في كل توصيفاتهم المعروفة على مدى الازمان ، برهن حكام الكويت على ما يحملونه من سمات تتصف بالمكر والخديعة على شعبنا. وهذا امر نحاول ان ننساه الان مثلما نطالبهم بنسيانه كماضي ولى وبدون رجعة . وانه لمن الواجب ان ينظروا الى ارضاء الطرفين امر مطلوب كأخوة لنا وجيران . فليس في نية العراق تبني أي عدوان على شعبنا في الكويت ، بل نحاول حل المشاكل الحدودية بيننا ونسير في طريق التفاهمات حول موضوع مينائهم الذي بدأوا ببنائه . وان ينظروا بعين الاعتبار لمسألة بناء العراق لميناءه الجديد أيضا . فكما أوضحنا هنا ، ان الكويتيين لم يمارسوا أي نوع من العدالة مع الشعب العراقي أبدا ، وحان الوقت للدلالة على حسن النوايا .
كما ونأمل في تحقيق أوضاعا صحية بين بلدينا وشعبينا وقلب صفحة جديدة ، وتبني طريق الاخوة فيما بيننا والنظر للروابط الدينية وقيمها والاخلاق والقيم الانسانية ، ونطالبهم بممارسة مسؤوليتهم من اجل توفير المناخ الأخوي بين شعبينا . فذلك من شأنه ان يجعل شعبينا في اخاء وود دائم . ومن الله التوفيق .

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اهداف الكويت
سعد السعيدي ( 2011 / 6 / 22 - 00:20 )
استاذ حسين حامد حسين

لا تتعب نفسك بالشرح والتوضيح. فمالجماعة في الكويت بغافلين عن هذا. يتوجب فقط استلهام ما قاله الكويتيون ايام كانوا يمدون صدامآ بالمال قبل عشرين عامآ : لا تنهزم ايران ولا ينتصر العراق.
لقد منحت بريطانيا الكويت استقلالها لكيلا تتحقق اية وحدة نفطية بين البلدين على اساس كونفدرالي. وكذلك ليتم استخدام الكويت كعامل ضغط على العراق لاحتوائه بعد ثورة تموز عام 58. وكان الكويتيون قد اتفقوا مع حاكم العراق وقتها قاسم حول الوحدة هذه. إلا انهم بنفس الوقت كانوا يمدون متآمرين ضده بالمال. وهذه معلومة معروفة للجميع في العراق. كذلك معروف للجميع الدور التآمري المكشوف الذي لعبته الكويت عقب انتهاء الحرب الايرانية عندما اقدمت على دفع اسعار النفط للانهيار وذلك بضخ النفط بشكل هائل في الاسواق العالمية.

هذه الاعمال لا تترك مجالآ للشك في اهداف هذه الامارة الشريرة. والحل لا يكون بتدبيج المقالات , إنما باسترداد الحكومة العراقية لدورها كلاعب رئيسي , لا كتابع خانع


2 - أهداف الكويت
أ . د . حسين حامد حسين ( 2011 / 6 / 22 - 02:03 )

ألاستاذ الفاضل سعد السعيدي المحترم
تحياتي وتقديري لمروركم الكريم واعجابي بارائكم القيمة .

ان كتاباتنا اخي العزيز هي مجرد عناوين وفاء لهذا الوطن المقهور وفي حياة اقل ما يمكن وصفها بالتافهة البليدة . فحينما لا يكون للكلمة صداها الملتهب ولا يتعدى وجودها أكثر من محاولة لشجب الباطل , فاعتقد انه يحق لنا ان لا ننتظر ماذا سيقول الاخرون , بل علينا أن نقول في حضرة الحقيقة ما نشاء . لكم كل شكري .


حسين حامد

اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة