الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبو مازن والارتباك الذي حوله من بائع أوهام الى حاوي ....

محمد أبو مهادي

2011 / 6 / 22
القضية الفلسطينية


في لقاء متلفز على احدى الفضائيات اللبنانية بتاريخ 20 حزيران 2011 خرج الرئيس محمود عباس بمجموعة من المواقف في قضايا متعددة سياسية وتنظيمية وقانونية وقد كنت مهتما لان استمع كاملا وباصغاء لهذا الرجل الذي يمضى اخر ايامه في الحكم حسب ادعاءاته المتكررة في اكثر من مناسبة.

رغم ان سياسات الرئيس عباس الاخيرة تبدو في غاية الارتباك والضبابية وكانه رجلا يسير في الظلام يتلمس خطواته وينتظر هاديا لسبيله، او اية مبادرة سياسية قد تكسبه مزيدا من الوقت ويتشبت بها للتراجع عن ذهابه الى الامم المتحدة الذي يعرف نتائجه المسبقة بعد ان اوحى لشعبه بان هذا الخيار سيكون له نتائج عظيمة تفضى الى قيام دولة مستقلة ذات سيادة بعد اعتراف دولي بها وان الشعب سينال الحرية والاستقلال بعد سبتمبر وستنهى رحلة العذاب المرة التي يخوضها في مواجهة الاحتلال، وان اوباما رجلا طيبا وبكل تاكيد احد ابرز سماته هي الوفاء ولهذا فانه لن يستخدم الفيتو في مواجهة هذا الذهاب الاممي وستحذو اوروبا حذو اوباما ولن تقف حجر عثرة في محطة سبتمبر القادم لان اوروبا قد ضاقت ذرعا بالموقف الاسرئيلي والامريكي ولهذا فانها ستخرج من تحت عبائتهما ليقدما معا بعد لحظة ندم للشعب الفلسطيني دولة فلسطينية !!!

ما سبق هو الوهم الذي قاده ونظر له ابو مازن بعد فشل تجربة المفاوضات الطويلة وبعد الفشل في مواجهة الاستيطان وتهويد القدس وارغام اسرائيل على تنفيذ حتى ما اتفق عليه معها، وبعد ان اجهض اية فعل شعبي مقاوم ومكلف للاحتلال الاسرائيلي وعملياته العدائية المتواصلة المتمثلة في نهب الارض وفرض الوقائع التي تستحيل معها عمليا وجود دولة فلسطينية متصلة جغرافيا وسكانيا، وهو وهم امتد منذ اتفاق اوسلو وسيستمر حتى سبتمبر 2011 او بعد هذا التاريخ على اعتبار ان التواريخ غير مقدسة في السياسية الفلسطينية وان التراجع عن خيار سبتمبر وارد اذا سال اللعاب على مبادرة فرنسية او اوروبية قد تحدث قبل هذا التاريخ وربما ضغطا امريكيا ماليا او سياسيا يحاكي جيوب الناس عبر وزارة المالية الفلسطينية ويؤدي الى الغاء هذا التاريخ من رزنامة الرئيس عباس.

لقد قال ابو مازن ان خيار سبتمبر اذا فشل فانه سيقوم باتخاذ خطوات لن تخطر على "بال احد" ليضع الشعب الفلسطيني امام تسؤلات كثيرة حول ما سيقوم به ابو مازن وما هي الخيارات التي لن تخطر على بال احد ؟ لتبدأ عمليات الاجتهاد السياسي على اعتبار ان "لكل مجتهد نصيب" وان من اخطا قد تكون له حسنة وما اكثر حسنات المجتهدين الفلسطينيين الذين عودونا على كثرة الاجتهادات والرسائل السياسية المختلفة والمتناقضة التي يصعب على المجتمع الدولي في كثير من الاحيان فهمها وايضا يصعب فهمها فلسطينيا والبناء عليها كسياسات او استراتيجيات لاكثر من يوم او لحظة.

مرة لا مفاوضات في ظل الاستيطان ونذهب بعدها للقاء نتياهو في البيت الابيض، ومرة لا مفاوضات في ظل الاستيطان مع ابداء الاستعداد للمباشرة بها اذا طلبت امريكا ذلك، ومرة سنتوجه الى الامم المتحدة ويسقط هذا الخيار اذا ما ابدت اسرائيل مرونة في مواقفها وجمدت عمليات الاستيطان لفترة زمنية محددة، ثم يعيد الكرة مرة اخرى ويقبل بالمبادرة الفرنسية ثم يتمسك بالذهاب للامم المتحدة ويطلب من امريكا ان تدعوه للعودة للمفاوضات مع اسرائيل، هذه المواقف المرتبكة والمتناقضة والتي يهدف منها اصلا العودة الى مربع التفاوض المباشر مع اسرائيل رغم ان الاخيرة لم يتغير في موقفها شيء بل تزداد صلفا وتنكرا لحقوق الشعب الفلسطيني وتزداد تاثير على موقف الرئيس اوباما الذي يحترمه كثيرا الرئيس عباس ويعول على موقفه.

في كل هذه المواقف ابو مازن يتصرف منفردا وبدون مرجعيات فلسطينية ترسم السياسات والاستراتيجيات وقد يعتمد على بعض المستشارين الذين لا نعرف الا القليل منهم ويتعاطى الموقف معهم في ظل تجاهل شبه كامل لمؤسسات المنظمة والسلطة التي يفترض ان تكون شريكا في صناعة السياسات وفي توحيد الرؤية ووضع الخطط المناسبة لتنفيذها، وايضا يتصرف منفردا وكانه لا يرى ما يحدث في البلدان العربية التي شكلت حاضنة للسياسة الفلسطينية وداعما لها في العديد من المحطات ان لم يكن جميعها، ويتصرف وكانه لا يعرف ان الحالة الفلسطينية في اقصى حالات التشتت مع واقع انقسام مرير وشرذمة التيار الوطني بكل مكوناته وفي المقدمة منه حركة فتح التي يتزعمها ولا يشاركها الا موسميا في بعض الاحداث الداخلية ويستخدمها كورقة لتصفية حساباته الشخصية .

ان الرئيس الذي الذي لديه برنامج سياسي جاد وحقيقي لا يتسبدله باحجيات غير مفهومة بل هو بحاجة الى مؤسسة تصنع وتشارك في وضع السياسات وتضع السيناريوهات المختلفة في ظل مرحلة بالغة الحساسية والخطر سقطت على اعتباها معظم البرامج السياسية التي قادها بدءا من اوسلوا وانتهاءا بالفشل المحتمل امام الجمعية العامة للامم المتحدة، هو بحاجة الى بدائل سياسية يستمر من خلالها الشعب في مواصلة مشروعه التحرري ويستنهض كل طاقاته في الدفاع عن هذا المشروع ويعزز من مقومات صموده وقدرته على التصدي لبطش الاحتلال والنفاق الدولي.

الغريب العجيب انه وفي كل مرة يختم او يبدا قوله بعدم نيته للترشح لمنصب الرئاسة وكانه يقول للشعب ستغرقون من بعدي فاخرجوا "زرافات زرافات" لترجوني ان ابقى في الحكم، وانقضوا على كل من يطالبني بالرحيل في اية تظاهرة قادمة لانه سيجعلكم تواصلون الغرق فانا انسان خارق لا ولم ينجب الشعب افضل مني من قبل ومن بعد، وتمسكوا بي حتى اخر محطة مفاوضات ولحظة قراري بالرحيل ساترك لكم مؤسسة هشة لن تصمد امام اي ازمة رواتب وسيفترس الفقر بيوتكم ولهذا فانا من يتخذ قرار تشكيل الحكومة ومن يضع سياساتها وبرنامجها هو برنامجي ولن تعرض على ممثليكم في المجلس التشريعي ولن اشرك حلفائي في منظمة التحرير في اختيارها ولا حتى زملائي في حركة فتح ولن اتنازل مع خصومي في حركة حماس ولن اسمح لكم بمحاسبتي عن اكثر من 400 مليون دولار اختفت من صندوق الاستثمار ولا بمحاسبتي عن مسلسل اخفاقات مستمر ولن يتوقف حتى بعد رحيلي لاني ساترك خلفي كومة محطمة من بقايا ما كان يعرف بالتيار الوطني .

تصرفات الرئيس اصبحت خطرة جدا على المجتمع والمؤسسة والقانون وهي تتطلب جهدا وطنيا رادعا في محاولات انقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الاوان ويقنعه ان اجهزة الامن لن تكون قادرة باستمرار على ردع اية تظاهرة تطالبه بالرحيل او تدعوا الى محاسبته او تطلب بوقف مسلسل الدمار الذي يقوده وهو يتحدى ان يخرج عشرة اشخاص او اكثر لمطالبته بالرحيل ونسي ان قادة ساهموا في صناعة مجد لبلادهم قد ذهبوا الى السجون في محطات انحرافهم سياسيا او قانونيا وينسى ان الشعوب عندما تقرر ستفعل وستوقف مسلسل الوهم والاحجيات.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا