الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسماك الزينة وصوت كوكب الشرق .. حينما يأتلفان .

حامد حمودي عباس

2011 / 6 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


كتب الاستاذ الكاتب محمد حسين يونس ، مقالا إستوحى فيه بعضا مما طرحته عن تجربتي في ليبيا ، وكذلك من خلال تعليق لي على احدى مقالاته حينما تمنيت عليه ان يتقبل ، ولو على سبيل التمني ، دعوتي للالتقاء به في حديقة عامه ، متخيلا بان هناك مجالا للحوار اللذيذ بيني وبينه حول اسماك الزينه .. لقد جاء مقال الاستاذ يونس ومجمل التعليقات الواردة على هامشه ، مدعاة لاعتزازي وتقديري مع كوني لم استطع المساهمة في التعقيب ، كوني لا زلت أسيرا لظروف تجعل من امتلاك خط الانترنيت ، هي ذاتها أمنية قد تقترب من أمنية اللهو مع سمك الزينه .
إن ما يدعو للحيرة وبشكل كبير ، هو ذلك الإصرار المتعمد ، لدا الكثيرين ممن تولتهم حمية القلق على مصير الأمه ، حينما لا يريدون ان يتحركوا ، ولو قيد أنملة ، عما هم فيه من حالة تبعدهم عن كل ما افضت وتفضي له ملامح التغيير في العالم .. في حين لا يريد هؤلاء أنفسهم أن يرقى الذهن العربي هو الاخر عما رسموه له من مسار ، جعل ذلك الذهن وعند عامة الناس ، مبرمج على امتهان حرفة الجهل ، والى الحد الذي دعى الملايين من البشر في بلادنا الموبوءة بكل امراض الكون ، تخرج وهي ملطخة الرؤوس بالطين مخافة ان يكون الخسوف الاخير للقمر ، علامة من علامات يوم الحشر الاعظم .. وما يدعو للحيرة أكثر ، هو تلكم التبعية القاتلة ، للفكر الديني السائد في بلادنا ومنذ أمد بعيد ، لسلفية هي ذاتها لو قدر لها ان تحيا من جديد بقيام اصحابها انفسهم ، لأنكرت كل هذا التجمد والانكار لما هو حديث ومبتكر بدعوى الكفر وتقليد الكفار .. في حين عمد الكثيرون من دعاة النهج العلماني المتحضر، يقابلهم ومعهم تلك الشخصيات المتفقهة دينيا ممن يعتقدون عن قناعة ، بأن للدين ركائز تسمح بالاعتقاد على انها حمالة أوجه ، عمدوا جميعا الى ركوب متن التقصي والدرس ، ومن ثم البنيان على أسس متينة وبعيدة عن التطرف والتبعية المشينه .. ومن هؤلاء المتجددين دوما ، الاستاذ محمد حسين يونس .. فهو على الدوام يحكي معاناته مع مفاصل رحلة التقصي والاستبيان ، ولم يشأ أن يبقى في دائرة المقدس البائد .
من هنا .. فانني أكبر في هذا الكاتب وغيره من دعاة التجديد ، علمانيين وإسلاميين متنورين ، مسيرتهم والتي اقل ما يمكنني ان اقول عنها بانها فاضلة وكبيرة المعاني .. وفي ذات الوقت ، فانني ارى في سبل التكتم على مباعث الجهل ، ونتائج ما بني على هذه المباعث من هياكل بائسة ، تصل في مواصفاتها الى حدود الشعور بالخزي .. هذه السبل العتيقة ، على روادها أن يتحولوا الى دوائر الحوار المفيد ، لا ارتكاب مثلبة الشتيمة بقصد القتل الفكري والبدني ، مستخدمين تحريك عواطف العامة من ضحايا المناهج الدينية المبتسرة ، والمتخذة لأنصاف الحقائق ركيزة للاكتساب على حساب الفقراء من ضعفاء الناس .
ليس صحيحا بالمرة ، كما ورد بتعليق البعض على مقال الكاتب ، باننا لسنا ضحايا التسلط الديني ، من خلال سرقة رجالاته من شيوخ وكهنة لمراكز التحكم بمصائر شعوبنا المستضعفه .. وليس صحيحا ما يقال بأن مصائبنا لا علاقة لها بهذا الركام الهائل من المفاهيم الداعية لتمجيد ما ليس بمجيد ، ولم تذكره حتى بطون الكتب المنزلة من السماء .. ليس صحيحا ما يدور من حوار يتكيء على عصى لا تتصف بمتانة تكفي لإسناد صاحبها أمام حقائق تترى علينا ومن حولنا تثبت دون ادنى شك ، بان الدنيا تتحرك ، وأن القمر عندما يخسف ، يعلم بذلك علماء الغرب قبل شهور، حين يعلنوا عن الحالة وبدون تأويل ولا دعوات للتكبير والشعور بقرب مصيبة النفخ في الصور وهلاك الارض ومن عليها .. ولكي تتضح الصورة بشكل أقرب ، فليسمع من يتابع فصول ما يقال عنها بانها ثورات في الوطن العربي ، صرخات ووجوه من لم تفتهم الفرصة لاستغلال الجماهير المعدمة فكريا ، كي يوجهوا مراسي سفنها الى شواطيء الجهل والتخلف ومعاداة محافل التقدم .. وليسمع ويراقب من يحمل ذرة من إنصاف في وزن الامور بموازين الشرف ، ذلك الهدير الداعي للاستجابة لمشاعر الدين الحنيف ، والذي تطلقه ابواق السلطة في البلدان الثائرة على حكامها وعلى مرور الزمن .. انها دعوات التخنيع والاذلال والموت تحت احكام شرائع هي من صنع السلاطين وليس من صنع الشعوب .
إن ما تمنيته على الاخ محمد حسين يونس حينما دعوته لقبول جلسة فرح انساني مجرد بالقرب من حوض لسمك الزينة ، لهو تعبير عن شعور الملايين من ابناء منطقتنا ، بانحسار ذلك الفرح ، وبفعل هذا الكم المهول من فتاوى الحرام والحلال ، هذا إن كان هناك حلالا بمفهوم شيوخنا المعينين نوابا عن الرب الاعلى .. لامناص من الاعتراف بان حسن النوايا لا يكفي وحال الأمة كما نراه اليوم غائرا تحت وحل الشعوذة بفعل ما أصابها من يأس .. ولا مجال لإنكار ما تلعبه منابر الوعظ الديني من تحريف لمسار الحياة السوية وجعلها مجرد عبور لا ينفع فيه ان ترقى النفوس الى أي مجال رحب غير ان تتباكى على المصير المؤلم ، يوم تلتف على الاعناق سلاسل الموت المحتم .. ويبقى كل تفسير يراد منه إبعاد تبعة ما اصابنا من ضيم وضير عن سلفيتنا وتمسكنا بتلابيبها دون القدرة على خلق الجديد ، هو ضرب من ضروب التجني على الحقيقة لا غير .
ستبقى جوازات سفرنا منتهية الصلاحية مهما قمنا بتمديد تلك الصلاحية .. وستبقى مطارات العالم تقرع نذر الخوف ، ما إن يدخلها حملة وسائل التخريب ، حيث لا تنفع العناية بزخرفة كتابة اسمائهم بالخط الكوفي أو سواه من فنون الخط العربي العتيد .. وسيبقى الجلوس بالقرب من حوض لسمك الزينة بعيد المنال ، ما دامت ولحد الان ، محافل التربية الدينية في بلادنا ، لا تمل من أن تلوك فصول حرب البسوس ، أو سيرة حاجب المعتصم بالله العباسي ، وتفر بعيدا عن أي إكتشاف علمي حديث ، بدعوى أن أصحابه هم نصارى أو يهود .
وليسمح لي الاخ محمد حسين يونس ، أن أكرر دعوتي له بأن يستضيفني في احدى حدائق القاهرة وليست فيينا ، مع زيادة طفيفة في شروط هذا التمني ، وهو أن يكون هناك ليس بعيد عن حوض اسماك الزينة في المكان ، مبعث لصوت كوكب الشرق أم كلثوم ، وهي تنثر في آفاق دنيانا الصغيرة أنا وهو ، درر الحب الذي لم تفني معانيه كل معاول الردة ومحافل توزيع الموت .. وله علي ان لا أبخل بمنحه ما لدي من معلومات عن سمك الزينه ، عله يستفيد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل من عزومه للاصدقاء
Red W ( 2011 / 6 / 22 - 23:50 )
وليكو عليا أجيب معايا أجمل أغاني الست... حيرت قلبي وهوصحيح الهوا غلاب و... و...


2 - مرحبا بك في اى وقت استاذ حامد
محمد حسين يونس ( 2011 / 6 / 23 - 05:09 )
كنت اود ان تكون هذة الدعوة قرب نهاية منتصف القرن الماضي حين كانت السيدة ام كلثوم تقيم حفلتها الشهرية في حديقة الازبكية .. مكان رائع انشىء في نهاية حكم المماليك و استمتع بة نابليون و طورة اسماعيل باشا و اغتالة عبد الناصر و اتلفة السادات و دمرة تدميرا مبارك .. كنا نمرح هناك و نستمع الي فرق موسيقي البوليس و الجيش و كانت ام كلثوم تشدو في حفلات يحضرها علية القوم مرتدين الريدنجوت و الاسموكينج و السيدات حاسرات الراس في اردية السهرة القادم موديلها من باريس .. عزيزى حامد مات عالمي و دفن و تحللت جثتة منذ زمن.. الان يوجد القبح.. مباني حكومية كئيبة و اتوبيسات و ميكروباصات و بلطجية و نشالين و لا اامن عليك او علي نفسي هناك .. نفس الموضوع حدث لحدائق الاورمان ،الحيوانات، الاسماك الحرية، و كلها كان من الممكن مشاهدتها في افلام ابيض و اسود .. الان توجد بعض الاماكن في جيتوهات لصوص محمد ابراهيم سليمان و لكن ستحتاج لتصريح .. تعالي الاول و بعدين نخطط اين سنذهب وماذا ساتعلم منك .. تحياتي لبناتك


3 - عزيزي الأستاذ حامد حمودي عباس
ليندا كبرييل ( 2011 / 6 / 23 - 16:42 )
أنا شخصياً لن أنتظر دعوة الأستاذ محمد يونس أول ما أسمع أنكم اتفقتم على اللقاء ستروني إلى جانبكم ، فليس أحب على نفسي إلا اللقاء بكم ، وكنت مفتكرة أن أحمل بدوري ما لم يأتِ قبلها وما لم يأت بعدها ( حيرت قلبي معاك) فإذ بالأخ ريد يسبقني عليها ، طيب أستاذ حامد عندي أغاني بليغ حمدي للست لم يخلق الله مثلها تذوب رقة وجمالاً حتى لأسأل نفسي من أي طينة خلق بليغ الجميل أم السنباطي ، ما رأيك ؟ولماذا تفكر؟ لن أنتظر حتى رأيك .. حاملة حالي وجاية بدون عزيمة ، حد بصحّ لو مصر وما يروح ؟ منروح على إيدينا قبل رجلينا ، أستاذ حامد : اجتماعكم في الحوار إحياء للفرح الإنساني ، ووجودك الآن وعودتك الغالية أجمل من كل شيء ، الحمد والشكر أننا نسمع صوتك بين فترة وأخرى ، ولا تقطع الأمل أن نلتقي مع الأستاذ والعيلة واسلم لأحبائك وطابت أيامك ،


4 - مرحى للجميع
حامد حمودي عباس ( 2011 / 6 / 23 - 18:43 )
السيد ريد وارجو ان تكون التسمية صحيحه .. أقدم يا أخي بلا عزومه ، فنحن في الشرق العربي لا نعرف للعزومة أي أصول تمنعنا من اقتحام أي محفل ، فمرحبا بك في أي وقت

اخي محمد حسين يونس : في ذلك الوقت ، يوم كنتم تحييون ايام حدائق الازبكيه .. كنا نحن لم نبلغ موضع الرشد .. تلاميذ لم نعبر بعد مرحلة المتوسطة من التعليم .. ولكننا كنا نحاور السنباطي او بليغ في هذه الوصلة الموسيقية او تلك عندما ينقضي ليل خميس ام كلثوم .. واليوم اشاطرك الألم على رحيل الزمن الجميل ، وعزاؤنا هو أننا لا زلنا بوسعنا ان نحتفظ بذكرياته في مخيلاتنا على الأقل .. حبي لك كبير وتقديري اكبر ، ولا تتوقف عن اصطناع السعادة

عزيزتي ليندا : كم انت خضراء الروح .. تعجبني فيك تلك المسحة من السرور المريحه .. إنها واحة تمنح القوة على مقاومة الزمن الرديء ، انا بانتظار الفرصة الحلوة لسماع ما عندك من تحف .. تحياتي الصادقه

اخر الافلام

.. الرئيس الروسي يؤدي اليمين الدستورية ويتعهد بوضع مصالح روسيا


.. مشاهد توثق لحظة إصابة صاروخ لمبنى بمستوطنة المطلة جنوب لبنان




.. 7 شهداء و14 مصابا في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في حي الز


.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح




.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير