الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكي لا يضيع نداء حمد في لجة الصراخ.. إلى حمد الشريدة

كريم كطافة

2004 / 11 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أنا لم أتعرف على حمد وهو لا يعرفني.. حين كان حمد جنرالاً في خندق النظام، كنت أنا أطلق عليه الرصاص من الخندق الآخر.. وحين أطلق هو الرصاص على خندقه القديم، كنت وعائلتي تتقاذفنا العواصم والحدود نبحث عن مأوى. لم نلتقي، لم نتراسل، لم نتخابر. لكنني تعرفت على حمد تالياً، تعرفت عليه من كتاباته في ثلاثة مواضع، كانت عبارة عن ثلاث بيانات أعلن فيها عن نفسه. في الأول تمظهر حمد الشجاع، ابن البادية والمضيف والثارات التي لا يمسحها بريق النجوم على الأكتاف.. حمد الرجل المعطر جسده برائحة القهوة والهيل والملوح بفحيح السموم ولهيب الشمس.. حمد الذي انتابه هاجس في لحظة صحو بضيم الناس ينز من عروقه ويستفزه.. لم يداور الهاجس مع الرأس، لأن فطرة البدوي ما زالت تسري في عروقه، وهي التي علمته أن الرأس في عبث الطغيان، لا يشير على الدوام حيث الحق والفعل الواجب، كثيراً ما يغدر بصاحبه ويشير عليه بمواطن الضعف والستر والتقية والتذلل وامتهان النفس.. امتثل حمد لنداء ونبض العروق النازة واختار الخندق الآخر، خندق الشعب الذي كان يذبح كل يوم من الوريد إلى الوريد، قالها لنفسه ورددتها تلك النفس الأبية /إن عشنا نعيش معا وإن متنا نموت شهداء/. هذا كان قرار وثأر حمد وهو ينقلب على نجماته ونياشينه ولعاب النفس الدنيئة على السلطة والتجبر والظلم. وحين اختار حمد المنفى، لم يختر منفى الراحة والطمأنينة، بل منفى القلق والبحث عن الحل. أخذ حمد في المنفى يعد لحربه القادمة.. لثأره القادم.. لم يطرق سانحة إلا وداورها ولم يترك خيطاً إلا وتبعه ولم يترك همسة إلا وحاورها.. حمد مشغول بحربه القادمة.. بثأره من الطغاة الزناة المجرمين المتسمرين على صدور الناس كوابيس في الليل والنهار.. قاده الثأر للدراسة في أرقى أكاديميات العلوم العسكرية، درس أساليب الحكومات في تعليم جنودهم كيف ينتصرون.. زامل وحاور وناقد جنرالات سمعت الدنيا كلها بأسمائهم، أسماء تمنى كل حاكم عربي مجرد مصافحتها عسى المصافحة تكفيه شرها.. حمد جند نفسه في صف من كان يتجهز لتحرير/احتلال بلده. لأن البلد في عرف حمد لم يكن التراب المسور بعيون العسس والاستخبارات، كان البلد وما زال هو الناس. وصل حمد مع الأرتال والأسلحة والصواريخ التي كانت تُحشَد على حدود بلده. لكن حمد، وفي ليلة من ليالي الانتظار على حدود بلده، عاوده هاجس قديم التوطن في النفس.. هاجس لم يجد له ما يفسره غير وصفه /كان يفترض أن أكون في القطار الأول فهذه هي الحرب الوحيدة التي تمنيت أن أشارك بها ولكن سوء الحظ أبى أن يبارحني فنحن جيل ملعون مسكون بسوء الحظ من الولادة وحتى نسكن القبور.. هذه حربي أنا.. ولتذهب إلى الجحيم كل الحروب.. فكل منا عنده حربه التي يريد../ لقد تماهى حمد تلك الليلة مع حمد الآخر، حمد صاحب المضيف الناطر للريل الحامل في جوفه دفء وحميمية العشق الفطري المطبوع على القلوب.. مضيف مفتوح للراحلين والقادمين الذين لا يفارقوه إلا مختومين بلذعة القهوة وعبير الهيل.. حمد كان على الحدود يداور رحيله/عودته محمولاً بقطار الليل تشق أنفه رائحة القهوة وعبير الهيل.. لكن واه حسرتاه أن الذي حمل حمد في جوف الليل لم يكن الريل المضمخ بحميمة العشق العراقي المطبوع على القلب، بل كان جاموس غشيم!!
في البيان الثاني، تعرفت على حمد الذي تفارق مع الجاموس الغشيم وتركه يمارس عمائه وهوجه، في حقول وبيوت ونفوس وكرامات الناس، عاد ثانية إلى المنفى إلى حيث ثلوج قطب الشمال مثل /حباري مكسور الجناح يريد ترميم الجناح والعودة ثانية إلى الجنوب حيث الدفء والأهوار../ حمد مرة أخرى خاض حرباً ليست حربه.. ومرة أخرى لم يهزمه لعاب النفس الدنيئة على المناصب والنجوم والتسلط.. ومرة أخرى يعد لحربه القادمة.. كان لحمد حساب وللجنرالات القادمين من وراء البحار حسابات أخرى.. حساب حمد كان مع السيف الذي كان مسلطاً على رقاب أبناء شعبه باسم العرق والقوم والدين، حمد يعرف شعبه كما يعرف راحة يده، كان قادراً على لم شمل القلوب التي أوغل فيها الطغيان طعناً وقهراً، مثلما هو يعرف أوكار الطغاة والمجرمين وشذاذ الآفاق.. وكانت حسابات الجنرالات القادمين من وراء البحار، أن يجعلوها موئلاً لكل سيوف الظلام والإرهاب ومجاهدة العصر الحديث، يجمعونهم في مصيدة فئران لينالوا منهم، بعيداً عن ناطحات سحابهم وجسورهم وحياة مواطنيهم.. كان نداء حمد إلى شعبه، أن يمتشق الزمن لترميم وجه الوطن من كل التشوهات التي طالته.. وكان نداء الجنرالات: يا كل ظلامي العالم ومجاهدي العصر الحديث توحدوا وتعالوا ها نحن هنا ننتظركم على أشلاء العراقيين وفي مدنهم.. هنا ستكون نهايتكم. انفصمت عرى التحالف بين حمد وجنرالات ما وراء البحار.. عاد هو إلى منفاه.. ولبى المجاهدون نداء الجنرالات متواترين زرافات ووحداناً إلى ارض الجهاد. دارت دورة الدم والدخان والدمار، ولم يحتمل الحباري مكسور الجناح فوران الدماء في عروقه.. صار يسمع كثيراً عن فزاعة مرفوعة في أرض الرافدين.. لم يرضيه أن تنبت في أرضه نبتة سامة أسمها الزرقاوي.. وجه للفزاعة نداءاً طالباً منه المواجهة رجل لرجل.. قال له / أنا حمد.. آتيك عاري اليدين والصدر، تسلح أنت بما تشاء وواجهني، فقط لا تحتمي بالنساء والأطفال وتفخخ أجساد الصبيان وترسلهم للموت في شوارع المدن وساحات المستشفيات ومراقد الأئمة.. كن فارساً وشجاعاً كما تدعي.. وواجهني أنا حمد الشريدة!!! لقد نسى حمد في فورة الدم أن الزمن لم يعد زمن الفرسان.. بل هو زمن اللحى المضمخة بالحناء والملطخة بالرذيلة والجبن والغدر والظلام.. ليس الزرقاوي نداً لك يا حمد.. هو لص عادي لا حول ولا قوة له، إنما جاموسك الغشيم الذي أردته حصاناً للتحرير، هو الذي نفخ فيه وجعل منه أحجية يتناقلها الركبان ويلتحق بركبه أكثر شبيبة قومك هناك في المكان الذي صار يدعى بالمثلث.. جاموسك لم يكن غبياً يا حمد، بل درس جيداً كيف يسحب وحش بلا ملامح إلى مكان معلوم ويشكل له الملامح.. كانت صرختك يا حمد موجعة لي، شعرت حينها وأنا أقرأ حروفك أن الذي أمامي ليس حروف بل دماء تسيل، تماماً كما عبرت أنت في الموضع الأول الذي تعرفت فيه عليك: صرت تحرق دمائك وتنثرها رماداً..
وعرفت حمد في الموضع الثالث يوجه نداءاً إلى قومه المأسورين من قبل شيوخ الظلام والجريمة، يحثهم على التحرر من قبضة هؤلاء /أسافل القوم/، ليحموا مدنهم وقراهم من عبث وظلامية المتعصبين بحكمة عقولهم.. قالها لهم /هل تعتقدون أن الكويتي الذي يأتي ليقاتل عندكم يقاتل عندكم عن حب لكم، أم دفاعاً عن خرافة اسمها بيضة الإسلام.. وهل بيضة الإسلام تخدش في العراق فقط بينما لا يخدشها الأمريكان في الكويت وهم يحتلون ثلثي مساحته..وكيف لا يجد السعودي هدفاً أمريكيا على أرضه ليضربه ويأتي ليفجر نفسه وسط أطفال العراق، أين هو عن مدينة أرامكو السعودية وفيها ثلاث ملاهي للعري كأي مدينة أمريكية.. ولماذا يترك اليمني جزيرتين تحتلهما إسرائيل من جزر اليمن ويأتي ليقتل عراقي لم يجد أمامه إلا العمل شرطي مرور.. ألم تسألوا الزرقاوي وهو عندكم كيف يخترق حدود كل الدول ويخدع كل استخبارات أمريكا وحلفائها ويضرب الأمريكين في كل مكان، لكنه يعجز عن عبور حدود بلده الأردن مع إسرائيل وغور الأردن عرض الماء فيه لا يعدو عن ستة أمتار؟ هل تصدقون هذا الكلام؟ وهل يعجز الأمريكان عن الإمساك به بينما امسكوا بصدام وهو من أهل العراق و حكمه لخمس وثلاثين سنة وعنده أناس يفتدونه؟ لماذا لم تشكوا بهذا كله..؟
أنا الآن أعرف حمد. ما يذيب الدم في عروقه ويحوله إلى رماد هو ذاته الذي يسري في عروقي.. ما يشده إلى وطنه بذلك الحبل السري الذي لا يعرف له شكلاً ولا لوناً غير شكل ولون نخل وماء العراق هو ذاته الحبل الملتف على رقبتي.. خوف حمد من تبذير العراقيين لأرواحهم تحت أقدام الجاموس الغبي الذي لن يعود إلى بلده إلا منتصراً يقلقني.. الخطر الإيراني الذي يلوح لعيون حمد والقادم على ظهور عملائها من العراقيين يلوح لي كذلك.. لنجعل من نداء حمد نداءنا.. صرختنا بوجه كل أعداء العراق الظاهرين والمستترين..
هوامش:
الجمل بين معترضتين تعود لحمد الشريدة مأخوذة من مقالاته/ بياناته
نداء حمد تجدونه على الرابط التالي:
http://www.sotaliraq.com/newiraq/article_2004_11_8_5400.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو