الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسد و قمع الجراثيم

علي الأمين السويد

2011 / 6 / 23
كتابات ساخرة


لم يفتأ النظام السوري يتبجح بمستوى الأمن و الأمان الذي تتمتع فيه سورية في ظل قيادته التاريخية الفريدة والمتميزة كثيراً عن أنظمة العالم قاطبة، ولم يكن ذلك الإدعاء بغريب عنه وهو الذي تكشف مخابراته، وبسرعة البرق، عدد المرات التي يذهب فيها المواطن السوري إلى السوق، وكم شهيقاً يأخذ وكم زفيراً، والزفير ليس كالشهيق، لأن الزفير يا سادة أمرٌ خطير إن تجاوز الحد الذي يوازي عدد مرات الشهيق، لأن هذا يعني تذمراً، والتذمر ضلالة، والضلالة تقود إلى بيت الخالة، أو فرع فلسطين للتحقيق والتمحيص عن سبب الزفير.
و ما إن حَدَثَ الأمرُ الذي جَهِدَ النظامُ في إبعاد شبحه، حتى "طاش ما طاش رشده" رشده، فكرّس ماكينته الإعلامية لترسيخ وتصدير فبركة واقعٍ تآمري على سوريا، و عزف أعضاء فرقة بشار الله أكاذيب ممجوجة – يشكرون عليها في الواقع – يظنونها متقنة لا يأتيها التفنيد من فوقها أو من تحتها، بل إن شر البلية أنهم يعتقدون أن كذبهم سيقود النظام إلى بر النجاح و كأن شيئاً لم يكن، و يرجون بعد ذلك أن الشعب السوري سيعود ذلك الكَوْرَس الذي لا شغل له إلا الصراخ بأنه يفدي بشار بالأرواح والليالي الملاح.
فجأة ينهار أمن الوطن، وتذهب القدرة الاستخبارية لأجهزة الأمن ويحبل الوطن بالجراثيم، والسلفيين التكفيريين، و أصحاب الأجندات الخارجية، و الحثالة، والرعاع أولاد الحرام أبناء قائد تيار المستقبل، و يتامى الجزيرة العربية فيقوم مناد النظام ينفخ في صُوْرِه أن جماعاتٍ مسلحةٍ مدربة تدريباً عالياً جداً ومجهزةً بأسلحة متطورة تعمل على تقويض امن الوطن السوري والدليل هو أن زعيم النظام السوري بشار الأسد قال ذلك فمجرد قوله يصبح قرآناً يُتلى، وهو لا يجد غضاضة في ذكر ما يَضْحَك منه القاصي والداني حين ذكر في خطابه الأخير أن عدد هؤلاء – المندثين (المندسين) – بلغ أربع وثتون (ستون) ألفا، يتجولون بسيارات دفع رباعي ويحملون هواتف عالية التقنية و حديثة.
إذا فالنظام يواجه جيشاً مسلحاً بأحدث التقنيات، وقد هبط من المريخ، وهو يحارب بشراسة، ولا يظهر إلا عندما يخرج شبان عراة الصدور يصرخون بقولهم :"الشعب يريد إسقاط النظام" فيقوم بإطلاق النار على عناصر الجيش المتمترس خلف الدبابات الصدئة وعناصر الأمن الذين يتحدثون بلكنةٍ واحدة تختلف عن لكنة الشبيحة، وربما عناصر ملتحية تتميز بإشارات متعارف عليها بين بعضهم ،كلون الحذاء مثلاً.
ويطلق عناصر الجيش النار على الناس مرسلين رصاصاتهم وقد كتبوا عليها أسماء المندسين و زودوها بإحداثيات موقعه بين المتظاهرين كي تستطيع أن تناور بسلام وأن تثقب راس المندس وتفجره، وللمفارقة، و بالرغم من كل القوة التي يظهرها الجيش، فإنه يعلن في كل يومٍ عن مصرع عدد ضخم من أفراده وكأن هذا الجيش السوري العرمرم ما هو إلا جيش من النعاج أو الدجاج المخدر, والمثير للسخرية أن نفس هذا الجيش يكتشف بين الحين و الآخر مقابر جماعية تضم رفاة مجندين يدعي بأن تلك الجماعات قامت بتعذيبهم، وقتلهم، ودفنهم بينما الجيش العقائدي صاحب الدبابات التي لا تعرف طريق الجولان يتفرج.
إن كل ما يدعيه النظام في هذا المجال كذب للأسباب منها أن مصلحة النظام تقتضي خلق مناخ يكون هو فيه ضحية مؤامرة خارجية تمثلها عناصر داخلية مسلحة تريد تقويض الدولة، فيسوّغ لنفسه اتخاذ كل التدابير القمعية لسحق آية حركة احتجاجية بذريعة القضاء على العصيان المسلح. و لتبرير ذبحه للمدنيين، ابتكر فكرة أن المسلحين الذين يهاجمون النظام مندسون بين المتظاهرين المساكين.
ومنها أيضاً أنه تم فرار كثير من عناصر الجيش إلى المواطنين المتظاهرين بعد تمكنهم من الإفلات من قبضة زملائهم و من قبضة الشبيحة الذين يتصيدون بقصد القتل ما يشتهون من عناصر الجيش لتأمين أدلة على كون الجيش يُهَاجم من قبل عناصر مسلحة مندسة. وقد أُثبتت هذه الوقائع بشهادات كمٍ هائلٍ من الشهود و من أهالي الشهداء الذين أكدوا ما أكده لهم بعض زملاء أبناءهم القتلى بأن من قتل الأبناء هم زملاء أبناءه ... يا حيف، وهذه الاعترافات موثقة بالوسائل المتاحة من مقاطع فيديو لا عد لها ولا حصر الآن.
غير أن الواقع المشاهد يفند كذب النظام بتعرض عناصر لإطلاق النار والقتل فأبسط قواعد الاشتباك بين المتقاتلين بالأسلحة الخفيفة تقتضي بأن يتخذ الطرفين إحتياطات سلامة من الحد الأقصى الذي يضمن لكل طرف الحد المعقول من الوقاية من التعرض لنار الطرف الآخر. ويتمثل الحد الأدنى باتخاذ المسلح زاوية ضيقة تحمي معظم جسمه من الإصابة بنار الطرف الآخر بحيث يسمح أيضاً للمقاتل أن يطلق النار بحد أدنى من الحرية والدقة.
ولكننا نشاهد بأم أعيننا أن عناصر الأمن و الشبيحة في منتصف الشوارع يقفون بمواجهة المتظاهرين، ثم يمشون مشية الواثق المتحكم، ثم يطلقون النار من وضعية الوقوف دون أخذ آية إجراءات احترازية لتجنب التعرض للإصابة من الطرف المهاجم. وهذا يدل على أنه إما أن عناصر الأمن لا يموتون مما يجعلهم لا يقيمون وزناً لسواتر تقيهم الرصاص، وهذا يفند إدعاءات النظام بأن عناصر الجيش و الأمن يقتلون على أيدي المسلحين، أو أنه لا يوجد من يخافون مواجهته من عناصر مسلحة فيبقون في منتصف الطريق مكشوفين للقاصي والداني ويطلقون النار بحرية تامة تمكنهم من اختيار المنطقة التي يرغبون فيها إن كانت في الرأس أو العنق، أو الصدر ويمكن لأي مشكك أن يشاهد وبدون تدقيق مشاهد إطلاق النار على المتظاهرين السلميين، وهذا دليل على سلمية المتظاهرين و إجرام النظام من القاع إلى راس الهرم الذي يعتقد الآن أن المتظاهرون السوريون هم جراثيم عنيدة تصعب إصابتها بالبنادق وفوهات الدبابات وهي تقتل ولا تُقتل حسب آخر تصريح له كونه أكبر فايروس منتهية صلاحيته في العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري