الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر الحديثة ..والوعي المطلوب

محمد رجب التركي

2011 / 6 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


تعتبر المرحلة التي يعيشها الشعب المصري الان وبعد اسقاط النظام الديكتاتوري هي الأهم في تاريخ مصر الحديثة. حيث انها تتيح فرصة فريدة لأن يبني المصريون وللمرة الأولي دولتهم بأنفسهم بعد أن عاشوا سنوات طويلة في دول لم يكن لهم من خيار سوي الحياة في ظلالها والرضا بما تقدره لهم.
فقد رفعت الثورة المصرية في 25 يناير 2011 شعارا نمطيا يتطلع إليه المصريون جميعا علي اختلاف انتماءتهم الفكرية والسياسية، وهو ( الدولة المدنية الحديثة ) وقوامها ( حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية ). والأهداف هنا واضحة وتعني ببساطة لا سلطوية، لاحكم عسكريا، ولا حكم دينيا.
والترجمة العملية لذلك مثلما عكستها ورسختها جميع الثورات الإنسانية الكبري في التاريخ القديم والمعاصر هي إقامة نظام ديمقراطي ليبرالي
وبناء الدولة المصرية الحديثة شاق ومرير لكنه طريق يأخذ بالمصريين إلي آفاق رحبة من الحياة لهم ولاجيالهم القادمة ..طريق يستحق العناء والجهد والتضحية. فلم يعد في مصر اليوم من يريد العيش في دولة شبيهة بما عاش فيها هو وآباؤه وأجداده أو أن يورث أبناءه العيش في مثل تلك الدولة
ويجب علينا ان نعرف جيدا ان بناء الدولة القوية المصرية الحديثة يتطلب الوعي بركائزها الثلاثة وهي :.
الركيزة الاولي : المواطنــــــــــــــــة
عندما ينتقل انسان من موطنة الي دولة اخري للعمل علي سبيل المثال فانة يحصل علي بطاقة اقامة تشعرة بأنة يختلف عن المواطن الاصيل وهو مايعني ان المقيم ينبغي خضوعة لنظام معين دون ان يشارك في صنع القرارات داخل هذا النظام ..
بينما المواطن الاصيل ابن البلد هو من ينبغي ان يتمتع بالمواطنة التي تقوم علي ثلاثة اسس هي :
1. الانتـــماء : الي وطن يتجاوز الانتماء الي الاسرة او القبيلة او الطائفة او الملة
2. المشاركة : في اتخاذ القرارات التي تؤثر علي احوال الفرد واحوال الوطن
3. المساواة : في الحقوق والواجبات امام القانون بغض انظر عن الوضع الاجتماعي او الاقتصادي او الانتماء السياسي او الديني او العرقي
وهذة االركيزة ( المواطنة ) قد عانت الوهن والتآكل بما اصابها من الامراض فالانتماء اصابة مرض خبيث وهو الانتماء الي الملة علي حساب الانتماء للوطن ووحدة الامة المصرية ككتلة بشرية متماسكة ومتجانسة عبر تاريخها الطويل متجاوزة ضيق الانتماء الي القبيلة او الطائفة ...وهذا المرض سببة النظرة الاحادية لتاريخ الامة المصرية وكأنة عصور متقطعة الصلة ولاصلة لاي منها علي مايلحقة .حيث شهد تاريخ الامة المصرية اربعة عصور او حضارات كل منها كان لة الاثر في مكونات الشخصية المصرية

• عصر التأسيس : 29 قرن (من 3200ق.م حتي 332ق.م ) اي 56% من تاريخ مصر حيث تشكلت النواة الاساسية للهوية بتفاعل المصري مع موقعة وموضعة
• العصر الهليني : 3 قرون ( من 332ق.م حتي 30م) اي 6% من تاريخ مصر حيث تزاوجت حكمة المصريين مع الفلسفة اليونانية
• العصر المسيحي : 6 قرون ( من 33م حتي 840 م ) اي 12% من تاريخ مصر حيث تأثرت الهوية المصرية لما بشر بة السيد المسيح
• العصر الاسلامي : 14 قرن ( من 840 م حتي الان ) اي 27% من تاريخ مصر حيث تكم المصريون العربية وتأثروا بتعاليم الاسلام
فالشخصية المصرية مركبة ومتعددة الابعاد وهو رصيد قوتها وسر بقائها ومحرك ابداعها وهذا التنوع هو ( قــــوة مصـــر الناعـــــمة ) ..وان اي رؤية احادية لابعاد هذة الشخصية او اختزالها هو خصما من رصيدها ومكمن خطورة لها
والاعتراف بمصرية المصريين لايعني الفرعونية او الاستعلاء علي الاخر او الانعزال عن محيط الوطن ..وهذا يعني ضرورة التفاعل الايجابي المؤثر والفعال مع احاث المنقة والعالم طبقا لما تملية مصالح مصر العليا او بمعني آخر بمرجعية مصرية خالصة .. وليس مرجعية دينية او ايديولوجية ( لان المرجعية الدينية او الايديولوجية لاتضع مصالح الوطن علي رأس الاولويات وليس الوطن هو الهدف الاساسي ) .

الركيزة الثانية : الفصل بين عالم الغيب وعالم الشهادة :
عالم الغيب ( الآخرة ) :
• هو عالم المطلق فقواعدة وقوانينة الهية مطلقة ولاتتغير
• وكل مافية خالد و مقرر سلفا ولايتغير
• ولامكان فية لفعل او ارادة الانسان فهو عالم يتعلق بعلاقة الانسان بربة .
وعالم الشهادة ( الدنيا ) :
• كل شيئ فية نسبي وقواعدة وقوانينة متغيرة ومتسارعة ..
• وهو عالم تشكال احداثة المتغيرة المتلاحقة ارادة الانسان وافعالة ..وما يصلح لزمن ما قد لايصلح لزمن آخر بالضرورة
• وهو عالم يحاسب فية الانسان عن نتائج افعالة مباشرة ودون تأجيل .وهو عالم يتعلق بسياس شئون المجتمع البشري
ولهذا فان الخلط بين عالم الغيب ( الثابت المطلق ) وعالم الشهادة ( المتغير المتسارع ) يؤدي الي افساد الاثنين معا .
ولترسيخ هذة الركيزة في بناء الدولة الحديثة وحتي يكون للانسان دورا كاملا وغير منقص في ادارة شئون دنياة يجب ان تتوافر الاسس الاتية :
1. استخدام المنهج العلمي: في التفكير لانة المنهج الوحيد الذي يحدد طرق واساليب تفهم الواقع المتغير وحل مشاكلة المتغيرة
2. مراجعة دائمة للواقع : حيث ان المعرفة التي ينتجها عقل الانسان باستخدام المنهج العلمي ليست مقدسة بل يجب ان تخضع للمراجعة مع احوال الواقع المتغير لتحدد مدي ملائمتها
3. مسئولية الانسان: الكاملة والآنية عن نتائج اعمالة امام المجتمع
4. سنة التطور : بما يعني ان الغد دائما افضل ..وان المستقبل هو احلام المجتمع في اقامة عصر ذهبي العم المنظم والمخطط ..وعلي هذا الاساس فانالماضي لايمثل عصرا ذهبيا يجب اعادة انتاجة وانما الماضي هو لاستخلاص الدروس المستفادة

وهذة الركيزة قد اصابها مرض عضال ينبغي التخلص منة وهو غلبة ( ثقافة النقل) علي ( ثقافة العقل ) وتسيد ( ثقافة الاتباع ) علي( ثقافة الابداع )...وتحول شرح المفسرين السابقين والاحقين الي نصوص مقدسة لاتقل النقاش وان التفكيرفيها يعتبر ضلالة وكل ضلالة في النار ..
وهكذا تعطل العقل وغرق المجتمع في طوفان الفتاوي حول اشياء مضحكة مثل : هل الشات علي الانترنت يعتبر خلوة شرعية ؟؟..او حكم خلع الانثي ملابسها امام كل او ديك ذكر ..فازدهرت صناعة الفتوي وتراجعت صناعة التفكير

الركيزة الثالثة : الديموقراطـــــية :

الديمقراطية هى الآلية "التى تمنع من أن تؤخذ الدولة غصبا من خلال فرد أو نخبة أو عائلة أو نزعة أيديولوجية.
فالديمقراطية هى وسيلة الدولة المدنية لتحقيق الإتفاق العام والصالح العام للمجتمع كما أنها وسيلتها للحكم العقلانى الرشيد وتفويض السلطة وإنتقالها. و الديمقراطية تتيح الفرصة للتنافس الحر الخلاق بين الأفكار السياسية المختلفة، وما ينبثق عنها من برامج وسياسات. ويكون الهدف النهائى للتنافس تحقيق المصلحة العليا للمجتمع والحكم النهائى فى هذا التنافس هو الشعب الذى يشارك فى إنتخابات عامة لإختيار القيادات ونواب الشعب لا بصفتهم الشخصية وإنما بحكم ما يطرحونه من برامج وسياسات. فالديمقراطية هى الوسيلة للارتقاء الدائم بالمجتمع وتحسين ظروف المعيشة فيه.
يتطلب تفعيل مفهوم الديموقراطية فى أى مجتمع وجود بنية تحتية من القيم. وعلى رأس هذه القيم قيم ( إحترام التعدد ) سواء كان تعددا فى الفكر أو العرق أو الدين و( المساواة) .. بما تعنيه من حق الإنسان فى أن يعامل على قدم المساواة بغض النظر عن عرقه أو جنسه أو دينه أو وضعه الإقتصادى .
والحرية بكل ابعادها تحتوي على ثلاثة أنواع من الحقوق هى الحقوق السياسية والمدنية والإجتماعية.
1- الحقوق السياسية : وهي الحق فى التصويت و الحق فى تكوين الأحزاب والتنافس من أجل الحكم.
2- الحقوق المدنية : و تشمل على سبيل المثال ضمان الأمن و حماية الخصوصية و الحرية الدينية و الحرية الفكرية و الحق فى التعبير عن الرأى و حرية التجول والإستقرار وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
3- الحقوق الإجتماعية : و تضم بالإضافة الحق فى الملكية الخاصة الحقوق المتعلقة بالتوظف وبالأجر العادل
وعلى الرغم من مرور 143 سنة على إنشاء مجلس شورى النواب سنة 1866 وعلى الرغم من تعدد تجارب الحياة الحزبية التى مر بها المجتمع المصرى منذ هذا التاريخ فإن فكرة الديموقراطية لاتزال غير مترسخة فى ثقافة المجتمع المصرى. وليس هذا بالأمر الغريب فتفعيل مفهوم الديموقراطية فى أى مجتمع يستلزم وجود بنية تحتية من قيم (إحترام التعدد) – و( الحرية) - و( المساواة) .
ونظرة متأملة لأوضاع المجتمع المصرى على وجه العموم ولأحوال مثقفيه المسئولون عن ترسيخ وإشاعة هذه القيم على وجه الخصوص يكتشف مدى تآكل البنية التحتية القيمية اللازمة لتفعيل مفهوم الديموقراطية.
فأول من يهدر من قيمة ( إحترام التعدد ) على سبيل المثال هم المثقفين أنفسهم سواء كانوا من مثقفوا التجديد أو من مثقفوا التقليد. فمن يخرج عن الإتجاه السائد فهو فى عرف مثقفوا التقليد خارج عن الملة ودمه مستباح وهو فى عرف مثقفوا التجديد خائن أو عميل.

مراجع
- د:السيد نصر الدين . 2010. ثقافتنا المعاصرة: التحديث أو الكارثة. القاهرة: دار المحروسة
- المسيرى, ع. ا., & العظمة, ع. 2000. العلمانية تحت المجهر. دمشق: دار الفكر المعاصر
- زايد, أ. 2011. ماذا تعنى الدولة المدنية؟. الشروق, 26 فبراير
- قلادة, و. س. 1999. مبدأ المواطنة: دراسات ومقالات. القاهرة: المركز القبطى للدراسات الاجتماعية
- وهبة, م. 1995. الأصولية والعلمانية. القاهرة: دار الثقافة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علقوا في الهواء رأسا على عقب.. شاهد ما حدث لعشرات ركاب لعبة


.. هنية: رد حماس يتوافق مع مبادئ مقترح بايدن للتهدئة




.. صلاة عيد الأضحى في المستشفى الميداني الإماراتي في #رفح بمشار


.. مسؤولون أميركيون: الولايات المتحدة نفذت ضربة جوية استهدفت زع




.. الغارديان: نتنياهو يخوض حربا على جبهتين ولا توجد نهاية في ال