الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخيار الثالث وارد، وان بهظ الثمن

عايدة توما سليمان

2011 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


* لماذا يجب أن يكون خيار الشعب السوري في هذه المعادلة واحد من أمرين : اما نظام قمعي متسلط، ودكتاتورية بائسة لعائلة تتوارث الرئاسة وقيادة الجيش وراس المال ، واما الانضواء تحت لواء الامبريالية والتساوق مع مخططاتها الاستعمارية والاقتصادية في المنطقة والاحتكام الى الهيمنة الامريكية*
* نحن ضد التدخل الامبريالي الاجنبي في أي بلد عربي . ونحن ضد أخضاع الشعوب العربية للهيمنة الامريكية الامبريالية ولكننا وفي الوقت ذاته ضد قتل المدنيين ، وضد تهجير العائلات والاطفال ، وضد تجويع الطبقة الكادحة ، تحت أي مسمى كان ، ممانعة أو مقاومة أو ...*

* أن الخيار الثالث وارد، خيار الديموقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والحريات وحقوق الانسان مجتمعة مع نظام ممانعة يتصدى للمؤامرات الامبريالية والصهيونية، هذا هو الخيار الوحيد والمارد الشعبي العربي كفيل بالوصول اليه وان تضاعفت الاثمان وان امتد الزمان .*

من الواضح للجميع أن المارد العربي الذي خرج من القمقم، في الاشهر الاخيرة، لن يعود اليه ولن يتراجع عن مطالبه الشرعية في حق الشعوب العربية كافة بالحياة الكريمة، بدون قمع واذلال، حقها في كسب لقمة العيش وتقاسم خيرات بلادها بشكل عادل، وحق هذه الشعوب بالديموقراطية التي تعيد للشعب ذاته حق تقرير مصيرها وانتخاب حكوماتها وشكل انظمتها . لقد خطت الثورات العربية الخطوط الاولى في رسم هذا الواقع العربي الجديد، ورغم الميل الشعبي الى الرومانسية الثورية في التعامل مع مجمل التحركات الشعبية في العالم العربي بالطريقة ذاتها ورسم حدود هذه التحركات بالمثالية المطلقة المتمثلة بالمقولات العامة والتي نؤيدها تماما " اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر " وأن " الشعوب اذا هبت فستنتصر". الا أن الواقعية السياسية والتحليل الماركسي العلمي يحتم علينا الخروج من خانة الاوتوبيا أو الرومانسية واستقراء الوضع السياسي المختلف في كل قطر عربي وتعامل القوى الأجنبية وتحديدا، قوى الامبريالية وأذنابها في المنطقة وتعاطيها مع هذه التحركات الشعبية أو الثورات وفقا لمصالحها واحتياجاتها في المنطقة . كما يتحتم علينا التعاطي وبشكل واقعي مع عامل أخر مهم وهو طبيعة القوى المنضوية تحت لواء هذه الثورات ، الشعبية منها والحزبية أو الحركات السياسية وتفاعلها مع الاحداث ومطالبها المطروحة في هذا الحراك، بالاضافة الى ارتباطاتها الخارجية والداخلية وتساوقها مع المطالب الشعبية .
ورغم كل ما ذكر انفا، الا ان المبادئ الاساس التي لا تقبل التأويل أو التفسير، أن الموقف اليساري الشيوعي الثوري يحتم أولا، وقبل كل شيء، نصرة حق الشعوب والتضامن مع هباتها الشرعية في وجه الظلم والاستبداد والنهب الذي عانت منه مجمل الشعوب العربية، وأن كان بنسب متفاوتة ، وتثبيت هذا الحق . ومن هنا فأن لا نقاش حول حق الشعب المصري والتونسي واليمني والبحريني والسوري وجميع الشعوب العربية في الثورة على الانظمة القامعة والمستبدة التي حكمتها أو ما زالت حتى اليوم .
أن ما يحدث في مصر الثورة وتونس أيضا يؤكد أن هذه الثورات لم تنته بعد ، صحيح أنها تمكنت من الاطاحة برأس الهرم والمربع الصغير حوله من أعوان ومتنفذين ، الا أن قلع جذور هذا النظام المتأصلة في دوائر المجتمع المختلفة من نظام الحكم وهيكليته وبنود الدستور وقوات الجيش المتنفذة ،التي اكتسبت قوة جديدة في انتصارها للجماهير الشعبية منذ الاسابيع الاولى للثورة ، مما جعلها صاحبة نفوذ لا يستهان به في الفترة الانتقالية ما بين الثورة الشعبية والمأسسة لهذه الثورة في وضع اسس النظام الجديد، هو أمر لم يتم حتى الان وما زالت هذه الثورات المباركة تتعارك وتتصارع معه ومع قوى الردة والقوى الامبريالية التي تحاول اقتناص الثورة في فخ الثورة المضادة ويبقى التعويل كما ذكرنا سابقا على أن هذا المارد الشعبي الذي ثار سيحمي الثورة ومنجزاتها .
و من منطلق الاحتكام الى تحليل العوامل المختلفة المتداخلة في كل تحرك شعبي ، لا يمكن التعاطي مع ما يجري في سوريا بمبدأ الرومانسية الثورية فقط، دون النظر الى العوامل الاخرى المتصارعة والتي بدأت بوادر امتطائها للتحرك الشعبي العفوي الاولي تظهر بوضوح . ورغم الوعي الكامل الى أن المصالح الامبريالية المرسومة في دهاليز الادارة الامريكية والمتساوقين معها من دول اوروبية ونظم عربية، ما زالت تجثم على صدور شعوبها في المنطقة ، لن تركن ساكنة في هذه الفرصة التاريخية التي تتيح لها محاولة رسم حدود الخارطة الجديدة للشرق الاوسط . وسيكون من السذاجة ان لا نتعاطى مع هذا المعطى الهام الذي يتمثل في مجموعة من الحقائق من ضمنها التصريحات الرسمية لادارة براك أوباما وشروطه على نظام بشار الاسد ، كما وردت على لسان وزيرة خارجيته ، هيلاري كلينتون ، والدور الذي تلعبه تركيا في المعادلة انطلاقا من رغبة حكومة وحزب طيب اردوغان باعادة تركيا الى دور اللاعب المركزي في المنطقة والمسوق للسياسة الامريكية بتقديم الجزرة حينا والعصا حينا أخرى .
أن التحرك الشعبي الذي انطلق في سوريا كانت بواكيره تظاهرة يساريين من نشطاء، يشهد لهم تاريخهم بالنشاط الشعبي ضد مجمل مظاهر القمع وتحديد الحريات في سوريا، ممن قبعوا مرارا في اقبية الاعتقالات وتعرضوا للملاحقات مرارا، اصحاب مواقف يسارية وطنية لا يشك بهم، عندما تظاهروا في دمشق مطالبين باطلاق سراح زملائهم من المعتقلين السياسيين فتعرضوا هم بذاتهم للاعتقال والمطاردة والتخوين . وتتالت التظاهرات، لتتجاوز النخب وتكتسب مدا شعبيا، مطالبا برفع الظلم رافعا شعار " الشعب السوري ما بنذل" و" واحد واحد واحد ..الشعب السوري واحد "، وكان المطلب الاساس اجراء الاصلاحات ورفع نظام الطواريء وتغيير البند الثامن في الدستور والذي يمأسس لحكم حزب البعث وحده دون غيره .
فأين حدث الانعطاف؟ ولماذا كان الرد في تلك المرحلة من قبل النظام، قمع لهذه المظاهرات واطلاق نار حي على المتظاهرين وأعتقال الالاف ، ورغم الاعلان عن الغاء قانون الطواريء خرجت الدبابات الى الشوارع واطلقت النيران . ورغم الاعلان عن تشكيل لجنة حوار وطني، اتضح أن عضويتها كانت رموز حاليين من حزب البعث، مندوب واحد عن الحزب الشيوعي السوري وسفراء ووزراء سابقين بمعنى آخر بقيت اللجنة تدور في فلك الحزب الحاكم وفردانيته . كل ذلك رافقه تصعيد خطير على أرض الواقع من قتل وتدمير وتهجير وتهم متبادلة بين النظام وبين قوى المعارضة .
قد يكون هناك ايضا بين قوى المعارضة، مثل أي ثورة، مندسين بأجندات مشكوك بأمرها ، وارتباطاتهم مشبوهة، يقدمون خدمة، من حيث يدرون أو لا يدرون، الى أعداء الهبة وأعداء الشعب السوري كله، ولكن تبقى الاسئلة التي تحوم في اذهان الكثيرين ، أن كانت رواية النظام حقيقية فلم لا يفتح النظام أبواب سوريا للاعلام ، ولن نقول الحر، وانما الاعلام بكل أطيافه لنشر الحقيقة عما يجري ؟
والسؤال الاخر الذي ما زال يطرق العقول وبعنف ، لماذا يجب أن يكون خيار الشعب السوري في هذه المعادلة واحد من أمرين : اما نظام قمعي متسلط، ودكتاتورية بائسة لعائلة تتوارث الرئاسة وقيادة الجيش وراس المال ، فيما يخضع الشعب للمهانة والجوع والفقر، واما الانضواء تحت لواء الامبريالية والتساوق مع مخططاتها الاستعمارية والاقتصادية في المنطقة والاحتكام الى الهيمنة الامريكية . هل حقا لا يوجد بديل وخيار ثالث، أمام الشعب والنظام السوري، وهل عملية الجمع بين الديموقراطية – وأن كانت ليبرالية – والعدالة الاجتماعية أو الاشتراكية الحقة والممانعة للخطط الامبريالية والصهيونية أمر مستحيل وغير وارد في السياسة الشرق أوسطية ؟.
نطرح هذا السؤال رغم أن التجربة المصرية على حداثتها تطرح بدايات لنموذج آخر وتثبت أن ذلك ممكن ، وسلسلة القرارات التي نفذتها مصر الثورة مؤخرا من فتح معبر رفح والدور في اجراء المصالحة الفلسطينية وتسخين العلاقات مع أيران كلها تشهد بأن ذلك ممكن .
سؤال أخر يطرح ذاته وبقوة، هل يمكن لنظام أن يكون وطنيا ممانعا لمؤمرات امبريالية في وقت لا يسند فيه هذا النظام ظهره ويحتمي بارادة شعب مقاوم، فخور بمواقف دولته، رافض لأي تدخل اجنبي علني أو متخف بشعارات براقة ؟ وان وجد هذا النظام فهل من الطبيعي والشرعي تخوين ارادة شعب باكمله ؟ وأين حدود بسط سيطرة النظام ، وأين يكمن دور نظام يفيق يوما ليكتشف بعد أن لاحق النخب المطالبة بالاصلاح والحريات وسجنها، ليجد قطاعات من داخل الشعب " ترتكب خيانة الوطن وتستعين بقوى خارجية لتمزيق لحمة الشعب " ، أين كان هذا النظام وما هي الخطوات التي من الممكن أن يتخذها ليقود البلاد الى بر الامان ؟ .
نحن ضد التدخل الامبريالي الاجنبي في أي بلد عربي . ونحن ضد أخضاع الشعوب العربية للهيمنة الامريكية الامبريالية ولكننا وفي الوقت ذاته ضد قتل المدنيين ، وضد تهجير العائلات والاطفال ، وضد تجويع الطبقة الكادحة ، تحت أي مسمى كان ، ممانعة أو مقاومة أو ...
عندما تسيل أنهار الدماء، تكون المسؤولية الاولى على نظام بشار الاسد في وقف النزيف السوري، بحكم كونه النظام وبحكم كونه يرتكب الجزء الاكبر من هذا القتل . وبحكم هذه المسؤولية يكون عليه اعتقال كل مخل بالامن وكل من يطلق النار على قوى الامن والمدنيين وتقديمهم للمحاكمة أمام العالم كله لا أن يقصف بالطائرات وأن يدمر بالدبابات .
يبدو أن تدارك الامر الواقع يتم فقط بخطوات فذة تقلب موازين القوى لصالح المطالب الشعبية العادلة، وباسرع وقت ممكن، فتحقن الدم السوري وتفوت الفرصة على كل القوى العابثة بمصير هذا البلد . أن مساحة المناورة أمام النظام السوري بين ابقاء الوضع على ما هو عليه ، والمقصود عدم أجراء الاصلاحات المطلوبة عليه والتي قد يكون الزمن تجاوزها الى تغيير النظام بسبب انهار الدم ، وبين أجراء التغيير الحقيقي ، وتأمين المطالب الشرعية لقطاعات الشعب السوري الكادحة . مساحة المناورة تضيق يوما بعد يوم .
ومن المهم أن تلتفت قوى المعارضة، وبشكل جريء وواع، الى محاولات اختراقها والى انتماءات قطاعات اندست في داخلها، تحاول حرف التحرك الشعبي، وأن تحمي ثورتها بيدها كما فعل شباب الثورة في ميدان التحرير في القاهرة ، نقول ذلك رغم الوعي بأن الاحداث والتدخل العسكري يصعب المهمة ويزيدها تعقيدا .
أن الخيار الثالث وارد، خيار الديموقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والحريات وحقوق الانسان مجتمعة مع نظام ممانعة يتصدى للمؤامرات الامبريالية والصهيونية، هذا هو الخيار الوحيد والمارد الشعبي العربي كفيل بالوصول اليه وان تضاعفت الاثمان وان امتد الزمان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية إلى : عايدة توما سليمان
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 6 / 23 - 14:47 )

كلماتك الصحيحة الموزونة, كتبتها ورددتها في هذا الموقع وغيره منذ ثلاثة أشهر, ولم أزل أرددها حتى هذه الساعة, رغم أنها لم تجلب لي سوى الشتائم والتخوين والتكفير من الطرفين المتنازعين. هذه السلطة العجيبة الغريبة, والتي لا تعادي مواطنيها الحياديين فقط, إنما من هذه المعارضة الهيتروكليتية المؤلفة من شخصيات غريبة عجيبة, غالبها شارك هذا الحكم في جميع سيئاته وسلبياته حتى الانتفاخ.
لذلك ـ أنا مثلك ـ أومن بخط ثالث من النساء والرجال الأحرار الذين لا يوجد في ماضيهم وحاضرهم أية شائبة وشــك, يحملون عبء وصعوبات الأمل والبناء الإيجابي لمستقبل ديمقراطي حقيقي مضمون وحريات إنسانية حقيقية, بعيدا عن البطش والقنص والترهيب والكراهية وبث الفتنة الطائفية والهيجانات, وخاصة التعامل مع المصالح الخارجية التي لا تؤدي سوى لخراب البلد, بلا أية رجعة.
أحمد بسمار


2 - تابع تحية إلى : عايدة توما سليمان
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 6 / 23 - 15:26 )
سيدتي الكريمة
نظرا لضيق المجال المسموح بعدد الكلمات والأحرف للتعليق, لم أتمكن من تقديم التأييد والتحية لمقالك الصحيح الكامل. لذلك أتمنى لك ديمومة الكتابة حتى يتكاثر من يجرؤون على التعبير عن الحقيقة الحقيقية... وحتى نـلـتـقـي...................
مع أطيب تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


3 - تحيه الى عايده كما قال احمد بسمار
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 6 / 23 - 18:03 )
اليوم المجرمليس من يحمل السلاح ويقتل (القاتلين السلطه والمجرمين العصاة)اليوم المجرم هو الصحفي القاتل المننافق الذي لا يحترم شرف مهنته والقناة القاتله لقد قتلت الجزيره ومراسليها وشهود الزور التي تطلق عليه شاهد عيان اكثر مما قتل ماهر الأسد وفرق القوات الخاصه
اليوم يجب ان تتشكل جبهة معارضه لمحاولات الجزيره تشويه سمعة الصحافه وتحويل الصحفيين الى مجييشين ومحرضين للقتل وانا هنا اقولها واتحمل المسؤليه امام القانون الدولي ان كل من عمل مع الجزيره كاذب ويجب ان يتهم بالتحريض على القتل
وعلى كل شريف بالعالم صحفي كان او كاتب او مجرد انسان بريء تقديم دعاوى ضد الجزيره بتهمة التحريض على القتل والكذب المسبب للموت والتلفيق والتحريف المتسبب للقتل الجماعي
وان نتبنى دعوى بعدم اعتبار كل مراسلي الجزيره هو صحفيين يتمتعون بحقوق الصفيين في العالم
انهم زمره من الكذابين المحرضين على القتل واشاعة الجريم


4 - آه,,وألف جرح با أخت عايدة
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 6 / 24 - 08:31 )
يا أخت عايدة
وهل سيترك لنا الخيار بعد كل الضغوط التي تمارس على هذا البلد الحزين. بكلمتين يمحي الوزير المعلم كل أوروبا من ذاكرته, بدلا من البحث عن أصدقاء بينهم وبواسطة المغتربين السوريين في هذه البلدان. المعارضة وتشكيلاتها الهيتيروكليتية العجيبة الغريبة, تريد السلطة, كل السلطة ولو حرق الناتو
كل البلد SARKOZY وJuppé و
أين هي القوى الحيادية الثالثة التي تريد فعلا إنقاذ البلد من خراب عراقي ليبي يمني لبناني... سوريا يجب أن تحيا...لا أن تموت ويتشتت شعبها ويتمزق في سبيل مصالح عائلية ـ شخصية ـ طائفية ـ غربية......
ولك مني كل المودة والاحترام.. وتحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة

اخر الافلام

.. من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما


.. شاهد ما حدث مع عارضة أزياء مشهورة بعد إيقافها من ضابط دورية




.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف الحرب في غزة| #الظهيرة


.. كيف سترد حماس على مقترح الهدنة الذي قدمته إسرائيل؟| #الظهيرة




.. إسرائيل منفتحة على مناقشة هدنة مستدامة في غزة.. هل توافق على