الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اأنا أخاف من العوا... مع الاعتذار للدكتور سليم!!

سمير الأمير

2011 / 6 / 23
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


عندما كنت صغيرا كانت أمى أحيانا تجبرنى على الخروج ليلا لشراء شاى أو سكر من دكان " محمد كموش" فأرتعد خوفا وأقول لها لن أذهب لأنى أخاف من( العوا )، كان ليل قريتنا حالك السواد إذ لم تكن معظم البيوت تمتلك إلا " عفاطه" أى " سهارة" أو لنكن أكثر دقة فتيل مغموس فى علبة مليئة بالكيروسين، أما الميسورون فكانوا يمتلكون لمبات جاز نمرة خمسة" ونمرة عشرة" والأثرياء فقط كان لد يهم " الكلوبات" وهى مصابيح قوية ذات نور باهر كانت تستخدم فى مناسبات الأفراح أو فى الجنازات الليلية و لم يكن عددها فى القرية بأكملها يتجاوز عشرة "كلوبات" وكانت الحكايات عن العفاريت والجن فى مجدها فى قرى الستينيات من القرن الماضى ولذا كان الكبار والصغار يخافون من " العوا" أما ما أقصده الآن فلا علاقة له طبعا بما كان من أمر طفولتى اللهم إن كان ظلام القرية فى مطلع الستينيات يتناص مع ظلام كثير من العقول التى وهبت القدرة على إظلام حياتنا رغم كل ما حولنا من كهرباء، بصراحة أكثر أنا أخاف من المرشح المحتمل للرئاسة الدكتور سليم العوا مع كامل تقديرى واحترامى للرجل ولأخلاقه الطيبة ولشعبيته الكاسحة التى لا تقارن إلا بشعبية كبيرة مثلها كشعبية الشيخ محمد حسان أو الشيخ أبى اسحق الحوينى بغض النظر عن أن الدكتور العوا غير ملتح ولا يرتدى الجلباب القصير، ويتراءى لى المشهد العام للانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة وكأنى مازلت مضطرا للنزول للشراء فى ليل حالك السواد من أجل ألا تغضب على أمى وطبعا أمى هنا ليست سوى مصر كما ورد فى فيلم " أبو العلمين حمودة " للفنان " محمد هنيدى" و مصدر خوفى هو أنى أشعر أن الرجل فى كل أحاديثه يقول شيئا ويضمر شيئا آخرا، فهو يمثل الأخوان المسلمين من كل الوجوه ومن الصعب أن تعثر على أى نقطة جوهرية تجعلك تصدق أنه مفكر مستقل ولكنه يقدم نفسه للناس باعتباره مفكرا إسلاميا وليس مفكرا إخوانيا حتى النخاع (، مع الاعتراف بأن هذا قد يكون مرجعه سوء نيتى )، الأمر الثانى أننى أتذكر بعض تصريحاته عندما كانت تحدث بعض المشاحنات الطائفية فأجدها كانت تصب فى اتجاه التصعيد وليس قى اتجاه التهدئة، طبعا هناك على الطرف الآخر من إخواننا المسيحيين من كان يفعل نفس الشىء و لكنى قد لا أكون خائفا منه بنفس الدرجة ربما لأنه لم يعلن نفسه مرشحا محتملا للرئاسة كأخينا الدكتور العوا، فالحقيقة أن العتمة التى تحيط بالمجتمع والتى أعقبت شهب النور الباهرة الناجمة عن اشتعال دماء الشهداء على مدى أحداث الثورة تلك العتمة ربما تجعل من ترشح القبطى أو المرأة للرئاسة مسألة مستحيلة كقول جميل بثينة "ما أنتِ و الوعد الذي تعدينني... إلاّ كبرقِ سحابةٍ لم تُمطِرِ" أو حدث نادر..كمرور سيارة العمدة من أمام بيتنا فى حلكة الليل البهيم " ليل قريتنا المظلم الثقيل فى أيام طفولتنا البائسة والذى لا أعرف لماذا أعود الآن لتذكره رغم أنى سأجاوز الخمسين فى مطلع الشهر القادم، فلتسمح لى إذن يا دكتور سليم أن أخاف منك ربما ليس بسببك ولكن ربما هى " فوبيا الظلام" وليس( الإسلاموفوبيا) كما يزعم بعض أصدقائى من الإخوان والسلفيين والجهاد يين و التابعين وتابعى التابعين من الذين يبحثون عن سادة جدد بعد أن ذهب السادة السابقون إلى سجن طرة أو ولوا هاربين إلى حيث لا تطالهم يد الدولة الجديدة التى ولدت قوية فى ميدان التحرير و لكنها فقدت نصف قوتها فى الاستفتاء الأعجوبة الذى يذكرنى أيضا بنكتة سخيفة كان أهل قريتى يرونها ظنا منهم أنها تصلح نكتة أصلا فيقولون " ذات مرة باع رجل بيته لكى يشترى عدادا وأدوات لإدخال الكهرباء" وهذا هو المصدر الثالث لخوفى من "الدكتور العوا" فهو يكرر فى كل لقاء تيلفزيونى أن الديموقراطية تقتضى أن نؤجل الكلام حول الدستور لما بعد الانتخابات البرلمانية وهذا كما يقول هو الاستحقاق الذى فرضته الأغلبية التى صوتت بنعم " ولأنى أعرف أنه إنسان ذكى وليقينى أنه بينه وبين نفسه يعلم أن الاستفتاء كان بمثابة إدخال الكهرباء فى البيت الذى لم نعد نملكه ( دستور 71 )لأننا بعناه أو هدمناه، لأننى أعرف ذلك، تتملكنى الرغبة فى أن أقول له مرة أخرى أنا أخاف منك يا دكتور لأنى أعلم أنك تعلم، ولكنك تتعامل مع الأمور بفطنة مبالغ فيها تصلح لمفاوضة الأعداء بينما نحن يا دكتور سليم أهلك وإخوتك أو بأقل التقديرات نعيش معك على الأطلال القديمة التى لم تعد تصلح إلا لردم البرك والمستنقعات، وننتظر أن نبنى بيتنا الجديد ونتمنى أن نجلس معا أنا وأنت وجورج إسحق ومينا لبيب زميلى فى المدرسة التى أعمل بها والذى لا يكف عن الحديث عن رغبته فى الهجرة منذ انفرط عقد الميدان ومعنا أيضا لو أذنت لى يا دكتور بعض الأ خوة الأشقاء من الذين يحملون نفس ملامحنا على اختلاف نحلهم ومللهم ومعتقداتهم من ناصريين وشيوعيين وإخوان مسلمين وإخوان سلفيين وإخوان علمانيين وبالمناسبة كلهم يحملون الجنسية المصرية ، اسمح لى أن نجلس معا ونتفق على عدد أدوار بيتنا المشترك و عدد الواجهات و مكان الأبواب والشبابيك والجيران المسموح لهم باللعب فى حارتنا والجيران الذين نتخوف من أطماعهم فينا، ثم نأتى بالمهندس ونشترط عليه أن يبنى بيتنا بالمواصفات التى نتفق عليها جميعا وليس كما تقول أنت يا دكتور تلميحا أو تصريحا بأن الاستفتاء حدد لنا خارطة الطريق و من سيبنى البيت لأنى أخشى إن بناه المهندس طبقا لهواه أن يهجره بعض إخوتنا الذين عاشوا معنا منذ آلاف السنين، ومن فضلك يا دكتور نريد لبيتنا شرفات ( شرحه وبرحه) وسعادتك تعلم أن كتمة النفس سيئة، وأيضا نريد أن تكون الإضاءة طبيعية وقوية لأن الظلام كما تعلم يسبب الإكتئاب والكثير من الأمراض النفسية، الأمر الأخير الذى أراه مهما هو أنى أتعجب كيف لم يوجه الدكتور العوا رسالة قوية واضحة ضد المكفراتية الذين يتحدثون عن كل ما عدا الاتجاهات الإسلامية باعتبارهم كفرة وعملاء ومنحرفين ؟ ومنهم شيوخ معروفين ولهم أتباع من العامة الذين ضربوا على أدمغتهم فى عهد الرئيس المخلوع ففقدوا أى قدرة على التمييز بأنفسهم ولجأوا إلى هؤلاء الشيوخ الذين كفروا الناصريين والليبراليين والعلمانيين والاشتراكيين، وأحدهم حرم التصويت لأى مرشح ينتمى لغير التيار( الإسلامي) وإنى أتساءل لماذا لم يجد الدكتور فى هؤلاء خطرا على الديموقراطية التى يؤمن بها ، بينما يرى أن المصريين من أصحاب الاتجاهات الأخرى يقوضون أسسها إذ ينادون بتأجيل الانتخابات لما بعد إقرار الدستور، لماذا لا تكون موضوعيا فى رؤيتك لكى لا نجد فى أنفسنا حرجا عندما نحكمك فيما شجر بيننا لأننا عندئذ سنعرف أنك لا تتعمد إغماض إحدى عينيك والإبقاء على الأخرى مفتوحة لترى بها أخطاء الاتجاهات التى تختلف معها أنت ، أليس من غير المعقول يا دكتور أن أخاف من (العوا) وأنا صغير وأخاف من (العوا) وأنا فى الخمسين من عمرى.( نقلا عن جريدة الدستور)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في القدس تطالب بانتخابات مبكرة وصفقة تبادل والشرطة ا


.. Boycotting - To Your Left: Palestine | المقاطعة - على شمالَِ




.. رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في إسرائيل: خطاب غا


.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا




.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.