الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوضع في اليونان اسئلة واجوبة بسيطة لازمة معقدة!

رزاق عبود

2011 / 6 / 23
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


صرخة العراق القادمة!
اليونان بلد في قمة الفوضى السياسية. كأنه لا يكفيه، ان يزحف على الركبتين تحت ثقل جبل الديون المتضخم، وخطر الافلاس التام. رئيس الوزراء الاشتراكي الديمقراطي جيورجيوس باباندريو، الذي شكل حكومة جديدة في محاولة لتمرير حزمة الاجراءات التقشفية البغيضة، بعد ان فقد تأييد حتى الكثير من قادة، ونواب حزبه. فالنقد ياتي الان، ليس فقط من المعارضين، والمتظاهرين في الشوارع. مع ذلك يقوم باباندريو بما وعد به، ليقوم الاتحد الاوربي، وصندوق النقد الدولي بدفع بقية القرض المتفق عليه، والذي انقذ النظام المالي من الانهيار العام الماضي. والمؤمل ان يمنع هذه المرة اعلان الافلاس الكامل في الصيف. وزير مالية الاتحاد الاوربي (اوللي ريهن) مقتنع ان وزراء مالية دول الاتحاد سيوصون بتقديم هذا القرض الاضظراري في بداية تموز عندما يلتقون يوم الاحد 19/6/2011.
اين تكمن المشكلة: اليونان في حالة افلاس، ولم تف بكل شروط قرض ال110 مليار يورو الذي وعد به الاتحاد الاوربي، وصندوق النقد الدولي. لذا تتردد الان المانيا، وغيرها من الممولين الرئيسيين من دفع اموال جديدة. اليونان من جانبها عليها ان تؤمن التمويل على مدى ابعد. لا يبدو واضحا،حتى الان، ان اليونان تستطيع ان تغطي حاجات قروضها على السوق المحلية في السنة القادمة ايضا. المبلغ حولي 100مليارد يورو يكفي لتفطية الحاجة لنهاية سنة 2014. وبعدها؟!
من يتحمل الخطأ: الاساس هو طاقات المنافسة. الاسعار، والاجور مرتفعة جدا في اليونان. ان ازمة القروض الطارئة بدأت في خريف عام 2009 بعد فضح التزوير الشامل في الحسابات المركزية. الامر الذي قاد الى عدم ثقة النظام المالي العالمي بالدولة اليونانية. المنتقدين للاتحاد الاوربي يقولون ان البنك المركزي الاوربي لديه سياسة نقدية مكيفة لمصلحة المانيا، وفرنسا، اللتان اعطتا قروض رخيصة مولت العجز المالي لليونان.
لماذا يحتج اليونانيون: الكثير من اليونانيين تعبوا من سياسة التقشف التي بدات منذ عام 2010. الامر يتعلق بضرائب عالية، وتخفيض الاجور، واغلاق الموسسات، وتسريح الاف العمال والموظفين، وتخفيض التعويضات الاجتماعية. الكثيرون يعتبرون، ان ازمة القروض ليس خطأهم، وانما الامر يتعلق بسياسيين غير مسؤولين، وسلطات غير كفوءة، وادارات فاسدة، وبنوك جشعة، يجب ان تخضع للمحاسبة، والعقاب، واخراج اليونان من ازمتها.
كيف يتاثر الاقتصاد الشخصي بسبب الازمة: الاضطراب المالي يؤدي كقاعدة الى نسبة فوائد عالية، ضعف العملات الوطنية، وانخفاض البورصة، وهذا يؤثر بدوره على الاقتصاد المنزلي مثلما على الشركات، والبنوك التي لها علاقات مالية مع اليونان. ان الانهيار الاقتصادي اليوناني يهدد بانخفاض الطلب على السلع في الاسواق الاوربية. الامرالذي يؤثرعلى الدول المصدرة. وفي اسوء الحالات قد يؤدي الى ركود اقتصادي عالمي، جديد.
لهذا قد يكون مفهوما لماذ تندفع الالاف المؤلفة كجسد واحد في شوارع اليونان، خاصة في اثينا متجهة بشكل خاص نحو البرلمان المحاصر، ومقار الحكومة. يهتفون: اطردوا الصوص، عاقبوا الحكومة، ورجال صندوق النقد الدولي. اضافة الى شتائم فاضحة اعتاد عليها الشارع اليوناني. الكثير من النواب تركوا احزابهم. الاحتقار للسياسيين بلغ مداه. الكل يجب ان يرحلوا يصرخ المتظاهرون.الكثير من في الشارع تلمح الدموع في عيونهم، ليس فقط بسبب غيمة الغاز المسيل للدموع التي تغطي سماء اثينا. هناك اناس تبكي بحرقة على اوضاعهم المزرية: "ابني كان سيتزوج الاسبوع المقبل.كنا سعداء جدا. الان فقد وظيفته، وراتبي التقاعدي انخفض الى النصف.سيعود ابني للسكن معنا.الغينا موعد الزفاف، واجلنا الزواج الى المستقبل، اذا كان هناك من مستقبل"! قال احد المسنين بحرقة ومرارة. وانفجر باكيا. ليس هناك من كلمات تهدئه، او تنفع مع الاخرين الذين يرون كرامتهم الوطنية، وتفائلهم الصلد يتهاوى الى الحضيض.
جذور الازمة تكمن في تقاليد الفساد الموروثة، وبيروقراطية مدمرة، وسياسيين لم يعاقبوا لانهم اغتصبوا اموال الشعب، تهرب ضريبي، اقتصاد السوق المنفلت،الليبرالية الجديدة، وشروط صندوق النقد الدولي القاسية، وغيرها، وغيرها!
اليونان لديها،نسبيا، اكبر قطاع دولة في الاتحاد الاوربي. خلال عشرات السنين استخدم كصندوق مكافئات لدى القيادات الحزبية لانصارهم، يعينون في وظائف ومواقع ليس لديهم مؤهلات اشغالها. "لدينا سياسة الايدي المقطوعة"! يقول سائق تاكسي،بحسرة، ويوضح: "بعد كل انتخابات نقول، نحن اليونانيين، ساقطع يدي اذا صوت لهؤلاء اللصوص، مرة اخرى، ومع ذلك نعيد انتخابهم كل مرة"!
لكن توجد يونان ثانية. يونان القطاع الخاص، حيث يعمل المستخدم هناك، وحسب احصاءات الاتحاد الاوربي، اكثر من اي اوربي اخر. عمال القطاع الخاص يعملون من الفجر حتى الغروب، مقابل 700 يورو في الشهر.هذا الراتب يجب ان يكفي للايجار، والكهرباء، والماء، والنقل، ورشاوي للطبيب لكي يحصل على العلاج المناسب، دروس التعليم الخاصة للابناء، لان النظام التعليمي انهار بشكل كامل، اضافة الى شراء الطعام اليومي. هناك ندوة تقيمها الهيرالد تربيون حول كيفية خروج اليونان من الازمة. يدورالحديث هناك، ان اليونان حصلت على اقل الاستثمارات الاجنبية في السنوات الاخيرة فاذا كانت حصة تركيا 8% فان حصة اليونان 1% فقط.
يوم الجمعة اجرى رئيس الوزراء تعديلا وزاريا، يجب ان يحصل على اعادة الثقة بحكومته الجديدة في جلسة البرلمان اليوم الاحد 19/6/2011. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه انذارات الانهيار الاقتصادي، والاخلاقي، والقيمي. فالسؤال المطروح، هو من يستطيع، ويريد انقاذ اليونان؟!
والسؤال الاهم، الذي يفرض نفسه بعد ان فرض اقتصاد السوق في العراق بقوة الاحتلال، والاسلام السياسي، وتوصيات صندوق النقد الدولي. كيف سيكون مصير العراق الذي تسوء فيه الامور الف مرة اكثر من اليونان؟؟ سؤال مشروع، وخطر محدق!
رزاق عبود
19/6/2011
ملاحظة.الموضوع مستوحى، ومستفيد من تقرير مقتضب عن الوضع في اليونان في صحيفة الميترو السويدية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2011 / 6 / 24 - 07:26 )
أخي الكاتب المحترم تحية لك ، أتفق مع مضمون المقال ، يومي الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع القادم هناك إضراب عام . ويصادف يوم الثلاثاء موعد التصويت على حزمة التقشف الجديدة . كافة الأحزاب عملياً خسرت ثقة الناخب اليوناني هناك الأن حركة شعبية تسمى الغاضبون تمثل مختلف قطاعات الشعب ومن خارج الأحزاب تجتذب يومياً أعداداً إضافية لحركتها المستقلة . أخي الكاتب شكراً لك

اخر الافلام

.. روسيا والناتو.. المواجهة الكبرى اقتربت! | #التاسعة


.. السنوار .. يعود للماطلة في المفاوضات|#غرفة_الأخبار




.. مطار بيروت في عين العاصفة.. حزب الله وإسرائيل نحو التصعيد ال


.. مظاهرة في شوارع مدينة مونتريال الكندية دعما لغزة




.. مظاهرة في فرنسا للمطالبة باستبعاد إسرائيل من أولمبياد باريس