الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأدب الفلسطيني بخير ردا على مقالة د. فيصل درّاج: لماذا لم يعد الأدب الفلسطيني كما كان؟

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2011 / 6 / 23
الادب والفن



فوجئت بمقالة الدكتور فيصل درّاج التي تناول فيها الأدب الفلسطيني، وبالتأكيد أن اسم فيصل دراج يعد علامة لا يمكن تجاهلها في النقد على مستوى العالم العربي، ولكن، لماذا اتجه فيصل دراج إلى هذا الجزم غير المبرر في مقالته؟
يبدأ فيصل دراج مقالته منذ العنوان باستخلاص النتيجة، فيقول: "ليس في هذا السؤال إساءة للأدباء الفلسطينيين، سواء انتموا إلى جيل قديم معروف الأسماء، أو إلى جيل لاحق يبحث عن ملامحه".
والجيل الذي يقول فيصل دراج أنه يبحث عن ملامحه هو جيل مجهول بالنسبة لي أنا ابن غزة الذي أعرف على الأقل ثلاثة أجيال خرجت بعد درويش وجبرا وغسان، والرابع في الطريق ولم أذكره لحداثة سنه، فأي جيل يقصد دكتور دراج؟ هل هو جيل غسان زقطان؟ أم جيل زياد خداش؟ أم جيل يوسف القدرة وسمية السوسي؟ أم جيل أسعد الصفطاوي وعمر زيادة؟ أم جيل مريم أبو سمرة ابنة الثامنة عشرة؟ وكل جيل حمل معه مجموعة من الأسماء التي قدمت إسهامات لا يمكن تجاهلها، لن أخوض فيها الآن، ومن ذكرتهم أعلاه ذكرتهم فقط كرموز لأجيال عمرية وليس لأنهم الأكثر إبداعا بين أبناء جيلهم.
يضيف دكتور دراج: "فلا يزال هناك شعر جيد، يكتبه مريد البرغوثي وعز الدين المناصرة وغسان زقطان، ورواية تجدّدها سحر خليفة، وقصة قصيرة أخلص لها محمود شقير"، معتبرا أن مريد البرغوثي وغسان زقطان شعراء شباب، طبعا أنا أحب شعر مريد وغسان بل وأعتبرهم أصدقاء، ولكن لا يمكن الزج بأسمائهم كأن بينهم وبين درويش لا أحد وكأن بينهم وبين الجيل الجديد لا أحد، كما أن د. دراج يكمل معتبرا سحر خليفة مجددة في الرواية، فإذا كانت هذه هي المعايير التي يتبعها فيصل دراج في تقييم المشهد الكتابي الفلسطيني، فإن من الأفضل عدم التعامل بجدية مع مقالة فيصل دراج، حيث أنه لم يصل بعد إلى معرفة حسين البرغوثي مثلا، ولا قرأ رواية مثل سيرة العقرب الذي يتصبب عرقا التي كتبها الروائي الشاب أكرم مسلم، ولا وصل إلى مشهد التشكيليين مثل ابراهيم المزين وباسل المقوسي ولا إلى مشهد الموسيقيين أمثال الأخوين جبران وفرقة صابرين وغيرهم، وبهذا فإن القصور في الاطلاع على مشهد بهذا الغنى، يبرر حكما من النوع الذي أطلقه دكتور فيصل دراج.

ويكمل فيصل دراج قصيدته: "فلا يمتلك الأدب الفلسطيني اليوم ما يستأنف به تراث جبرا إبراهيم جبرا وغسان كنفاني وإميل حبيبي في الرواية، ولا ما يقترب من إبداع درويش الشاب، ولو بقدر، وليس لديه حتى الآن ما يشير إلى وعد كبير يتلامح في الأفق."
واو...
هذا الذي يقوله فيصل دراج ألا يعطي فكرة عن كاتب المقال؟ هل يستطيع فيصل دراج أن يذكر عشرة أسماء في المشهد الفلسطيني بعد درويش ناهيك عن تقييمها؟
أقرأوا معي: "أما الإبداع القائم اليوم فلا يرتبط بجيل جديد، فالبرغوثي يكتب الشعر من أربعة عقود، وليست سحر خليفة روائية ولدت أمس، وينطبق القول على محمود شقير الذي يجدّد قصة قصيرة لامعة، بدأها في سبعينيات القرن الماضي على الأقل. لا يعني هذا إنكار مساهمات إبداعية مشتتة، لم تستطع الصعود إلى مستوى الظاهرة على أية حالة".
وبالطبع يعطي مثالا على عزمي بشارة في كتاب الحاجز، ويبدو أن الدكتور عزمي قد أهداه الكتاب في أحد زياراته للبنان أو سوريا لا أعرف، ولهذا يذكره ضمن المبدعين الذين طوروا في الأدب.
ويقدم دكتور دراج تفسيرا لما اعتبره حكما قرآنيا، فيرجع السبب أولا إلى تناثر الفلسطينيين جغرافيا، وبهذا فهو يجعل من السبب المانح للإبداع وللغنى الثقافي سببا للتراجع الأدبي، وإن كان هذا غريبا بعض الشيء، فإنه لا يمكن بأي حال أخذه على محمل الجد، لأنه ببساطة غير مدروس، فقد أبدع درويش مثلا في الداخل وفي الخارج وفي المرحلة ذاتها التي يتحدث عنها دراج كانت هناك إبداعات في لبنان وسوريا والأردن والداخل الفلسطيني مما يسقط فرضيته من أساسها.
المشكلة التي أراها في مقالة الدكتور فيصل دراج تنحصر في أنه قدم فرضية وراح يجري وراءها نظريا، ليثبتها، ولم يستخدم نماذج ليدل على ما يقول، وببساطة فهو يذكر موضوع أوسلو وكيف أن الكتابة الفلسطينية كانت أفضل قبله، بمعنى أن سبب التراجع الثاني بعد الشتات هو معاهدة أوسلو، وكأن الشعراء والكتاب هم انعكاس للحالة السياسية، وبهذا فهو يفرم المشهد والمشهديين بجملة واحدة.
ربما لم يدرك دكتور فيصل دراج بعد، أن تحولا خطيرا حدث في المشهد الأدبي بعد أوسلو، لكنه ليس التحول السلبي الذي افترضه هو نظريا دون أن يكون لديه ما يقدمه كدعم لهذه الفرضية، بل هو تحول نوعي ومهم على مستوى النص، فقد انتقل الكاتب الفلسطيني من مرحلة الصراخ والندب واللطم وإطلاق الرصاص من القصائد، إلى مرحلة وعي الذات والكتابة عنها بما هي التكوين الفعلي المتأثر بقضايا الوطن والمؤثرة فيه، وربما أن هذا ما يعده الدكتور دراج متراجعا عن النص الفلسطيني في الستينات والسبعينات، بالطبع إذا كان المقياس هو كمية الرصاص والبارود التي يحتويها النص فإن النص الفلسطيني الحديث سيكون متراجعا وبقوة.
أظن أن مقالة دكتور فيصل دراج قد أوصلتني إلى قناعة مهمة، أن النص الفلسطيني الحديث بحاجة إلى ناقد حديث، بمعنى الناقد الذي يطوع أدواته لخدمة النص وليس الناقد الذي يبني فكرة من رخام ويحاول تطويع القدر كله ليخدم صحة هذه الفكرة.

خالد جمعة
غزة حزيران 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشعر الفلسطيني الحديث
زاهر مشارقة ( 2012 / 3 / 29 - 17:12 )
محمود درويش-عزالدين المناصرة-سميح القاسم..... هذا ما تبقى من الشعر الفلسطيني الحديث أي أنهم اباء الحداثة الشعرية في النصف الثاني من القرن العشرين. أما الجيل الجديد فهو يستحق الدراسة ولكن لا بد من ظهور نقاد جدد من بين الجيل نفسه.أما شعراء المقاومة .الحقيقيون فهم ثلاثة: عزالدين المناصرة ومحمود درويش ومعين بسيسو.


2 - معنى شعر المقاومة
...القدس وعد سليم السعدي ( 2012 / 7 / 13 - 07:55 )
هل يمكن أن نسمي عضو الحزب الشيوعي الاسرائيلي- شاعرا مقاوما. وهل يمكن أن نسمي عضو الكنيست البرلمان الاسرائيلي- شاعرا أو مفكرا مقاوما... طبعا: لا.
- لماذا اذن رفضت قيادة منظمة التحرير أن تطلق صفة الشاعر المقاوم على شعراء الثورة الفلسطينية أنفسهم من أمثال: عزالدين المناصرة وأحمد دحبور وخالد أبو خالد ومريد أحدهم وهو الشاعر المناصرة حمل السلاح في المرحلة اللبنانية وقاد معارك عسكرية ضد الاسرائيليين البرغوثي... أليست مفارقة غريبة.


3 - مفارقة عجيبة
يوسف الدرعاوي ( 2012 / 9 / 25 - 06:30 )
أطلق لقب شعراء المقاومة على شعراء الحزب الشيوعي الاسرائيلي: محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد... والمفارقة هي أن اللقب منع من اطلاقه على شعراء الثورة الفلسطينية المسلحة 1964-1994: عزالدين المناصرة وأحمد دحبور ومريد البرغوثي. مع أن أحدهم أعني عزالدين المناصرة هو الشاعر الفلسطيني الوحيد في المرحلة اللبنانية الذي حمل السلاح .وقاد معارك عسكرية ضد الاسرائيليين وحلفائهم في لبنان.


4 - شهرة درويش وأسبابها السياسية
رهيف البرغوثي ( 2013 / 11 / 10 - 18:24 )
استحوذ الراحل محمود درويش على شهرة أسطورية ليس بسبب شعره وحده بل لأسباب سياسية باتت معروفة وكان ذلك على حساب(شعراء الثورة ) ومن المؤسف أن النقاد العرب لم يجرؤوا على قول ذلك خوفا من السلطة الفلسطينية (سلطة محمود عباس . ومن المؤسف أن الراحل درويش قرأ قصائده بين يدي (دحلان والرجوب)وسلام .فياض وياسر عبد ربه وصائب عريقات ومحمد دحلان )

اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي