الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنقوم أسلوب الحركة

بلغيت حميد

2011 / 6 / 25
الحركة العمالية والنقابية


لنقوم أسلوب الحركة

غالبا ما تتردد فكرة بمثابة قانون يؤطر الفعل النضالي، وهي أن الخطأ ملازم لكل فعل وممارسة سياسية، فإذا كنا نناضل، نفعل، نمارس ميدانيا، ننشط سياسيا ... فإن هذا لا يعني أن لا يتخذ الفاعل مسافة معينة بينه وبين الحدث، ليس بغرض إنتقاد الفعل وجلد الواقع فقط، بل أيضا من أجل تقويم مساره، تصحيح أسلوبه وتسديد خطاه.
إن مرور أزيد من مائة يوم على البروز الميداني لحركة 20فبراير، ربما أن هذا الهامش الزمني كاف لتقييم مسارها الممارساتي والسياسي، فإذا كنا في غير حاجة للتذكير ببعض مزاياها، التي يمكن إجمالها في بلورة شرعية جديدة بآليات حداثية ، حيث صار تقدم أو تراجع أي طرح سياسي قديم أو جديد يقاس بمدى قربه من مطالب الحركة أو ابتعاده عنها، مما يعني أن معرفة إحداثيات أي موقف سياسي يحدد بالنسبة لمعلم 20 فبراير، إلا أن هذا لن يقوى على أن يقوم كأساس لعدم الوقوف على بعض المطبات، التي يمكن معالجتها على مستويين، أولا المعضلة التنظيمية، ثم ثانيا ضبابية وغموض الخطاب السياسي.




-I المعضلة التنظيمية
أمام ما تمر منه المنطقة العربية من ثورات يمكن إدراجها ضمن الموجة الرابعة للديمقراطية إذا ما أتممنا التصنيف الذي وضعه صامويل هينتغتون لموجات الديمقراطية منذ الثورة الفرنسية إلى غاية الثورات الملونة في أوربا الشرقية، سعى بعض الباحثين الى تمييز الثورات العربية عن سابقاتها سواء منها الثورات التحويلية أو التأسيسية، وذلك لكون هذه الثورات قد قطعت العهد مع الأطر النظرية والفلسفية لمفهوم الثورة.
فسواء كان التغيير ناتجا عن تحول جذري وفوري للنظام السياسي في شكل الثورات العنيفة أو عبر تراكم كمي للإصلاحات السياسية في شكل ثورات هادئة فإن هاجس التنظيم والمأسسة ملازم لحركات وقوى الدفع هاته، بيد أن ما يميز قوى التغيير في العالم العربي في المرحلة الراهنة، أنها قوى هلامية، فاقدة لأي أسس تنظيمية أو في أحسن الأحوال تتسم بالهشاشة ، مما جعلها حركات رخوة مترهلة وذات قنوات تواصلية مائعة. ولهذا فإن هذه الحركات من السهل واليسير أن تقوم بعمليات الهدم، لكن من الصعب جدا أن تضطلع وتجابه تحديات البناء، وذلك لأسباب عدة يمكن إجمالها في النقاط التالية:
- 1 تضحى هذه الحركات فاقدة للقدرة على الاستمرارية بمجرد خلق الوضع الاحتجاجي أو الوضع الثوري، وذلك لضعف أو غياب آليات التواصل بين القمة والقاعدة.
- 2 مسار مثل هذه الحركات لا يخرج عن أحد الخيارين، إما أنها تسقط في الفوضى لغياب قنوات تواصلية حقيقية، أو أنها تتخذ مسارا لا ينسجم والمنهجية الديمقراطية، ويتمثل أساسا في شخصنة الحركة في قيادات معينة، وبالتالي إستبعاد فكرة المأسسة.
- 3 يؤدي التسيب التنظيمي إلى سهولة اختراقها من قبل قوى الجر إلى الوراء، سواء في شكل أصولية دينية أو أصولية سلطوية.
- 4 غياب فكرة المأسسة لدى هذه الحركات يفضي حتما إلى انسحاب المشروعية الحداثية التي يشكل الشارع أحد مصادرها لحساب المشروعية الماوضوية التي تجسدها الأنظمة القائمة ومعارضتها التقليدية المتسمة بالانتظارية وفقدان القدرة على الفعل والمبادرة.
- 5 إن اتخاذ شكل تنظيمي معين سيمكن الحركة من خلق فضاءات جديدة للاحتجاج، حيث أنه إلى جانب الشارع، ستجد الحركة روافد مؤسساتية تعطي لاحتجاجاتها طابع الديمومة.

-II سؤال سلامة الخط السياسي
إن بروز الحركات الاحتجاجية ذات العمق الشعبي في العالم العربي، ومن ضمنها حركة 20 فبراير، يمكن اعتباره إضافة نوعية إلى كتلة التنظيمات الكائنة المتماثلة الخصائص ، حيث أن تبايناتها لا تعدو طابعها الشكلاني الصوري، ومن أجل ضمان الاستمرارية لمثل هذه الحركات لا محيد عن تبني الوضوح السياسي والفكري، إذ أنه هو الكفيل بتمييز خطابها الحداثي عن الخطاب الماضوي لباقي القوى التقليدية، وبلوغ سلامة الخط السياسي والنقاء الفكري لهذه الحركات، سيمكنها أولا من تجاوز الطابع الحشدي لبعض التنظيمات المحترفة للعملية الاقتراعية، الأمر الذي حولها إلى كائنات انتخابية، ثم ثانيا، من اتقاء شر الانشقاقات الذي تغذيه الضبابية الفكرية وعدم وضوح الخط السياسي. وبالتالي فإن هذه الحركات عوض أن تعبر عن وحدة خط الشعب، ستضحى كيانات تزكى ظاهرة توالد وتناسل إطارات مشلولة ومكرسة لظاهرة بلقنة المشهد السياسي، ثالثا إن الوضوح السياسي هذا سيمكن الحركة من القدرة على التصرف، وذلك لكونها تمتلك بديلا يمكنه الإسهام في عملية البناء السياسي للمرحلة القادمة، رابعا إن فقدان أرضية سياسية مشتركة سيسجن الحركة في فضاء الممارسة الميدانية وإعداد البرامج العملياتية وصنع الأحداث، دون التمكن من تأطيرها واستثمارها سياسيا. وأخيرا من شأن وحدة الموقف السياسي أن يجنب الحركة مصادرتها من قبل أي من القوى السياسية المتسمة بالركود والجمود والانتظارية القاتلة والعجز عن المبادءة للمطالبة بالتغيير العميق والشامل.
هذه فقط بعض من المؤشرات التي يمكن تعميقها عبر فتح نقاش عمومي موسع، حيث أنه إذا كانت المطالبة بالتغيير من داخل نفس البنية بمقومات دولة ديمقراطية حداثية مدنية والدفع باتجاه تجاوز المجال السياسي شبه المغلق إلى مجال سياسي مفتوح كمنطلقات تؤطر الحركة، فمن اللازم طرح أسلوب التعاطي وطريقة الأجرأة محل تساؤل بشكل ملح وآني.
ومن أجل ألا يكون هذا الطرح محل تأويلات مغرضة، يجب التذكير أن التنظيم لا يقوم بالضرورة على نموذج بيروقراطي صلب تضيق فيه دائرة صنع القرار في الحركة، بل يمكنه أن يتم في شكل تنظيمي مرن وناعم تستجيب لأبسط أسس المأسسة من حيث العمل الجماعي بتوزيع الأدوار والمهام وتوجيه فعل التثقيف السياسي والتنمية السياسية من داخل الحركة وخارجها ثم خلق قنوات للتدوال على المسؤولية تجنبا لشخصنة الحركة، حيث أن غياب هذه المقومات سيرهن فعل الحركة سياسيا ومجتمعيا .
وفيما يخص سلامة الخط السياسي، فلا يعني الأمر وضع قوالب جامدة تقيد مجال التعدد والاختلاف وتذويبهما في بوتقة الرأي الواحد، الموقف الواحد والنظرة الواحدة ، بل من أجل مواجهة النمطية وتدبير الاختلاف و حماية المنطلقات والأسس من أي انزياح أو انحراف.
وبفضل هذين المرتكزين ) التنظيمي والسياسي(، يمكن للحركة أن تحرر قوى الخلق والإبداع والتجديد في رحمها، وستحوز القدرة على سرعة التكيف والتعاطي والاستجابة مع الأحداث المتسارعة في الوقت الراهن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كاليفورنيا يعتصمون للمطالبة بسحب الاستثمارات من ا


.. اختصاصية التغذية الدكتورة وفاء حلمي توضح لصباح العربية دور ا




.. ارتفاع أسعار الوجبات السريعة يجعل ناخبي الطبقة العاملة غير ر


.. مجلس الأمن الدولي يندد بأعمال العنف ضد العاملين بالمجال الإن




.. احتجاجًا على إجراءات التقشف الحكومية... المعلمون الأرجنتيون