الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا توسيع حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) يشكل خطرا على روسيا والعالم -2

مرعي ابازيد

2004 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لماذا توسيع حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) يشكل خطرا على روسيا والعالم
( 2 )
كي يقوم الناتو بعملية استراتيجية أولى وحاسمة ضد روسيا ، من الضروري استعمال التكتيك الجوي المكثف بعمق 600 إلى 1000 كيلو متر من الحدود الدولية لروسيا . الآن وعند تحرك القوة الجوية من قواعدها على أراضي دول الحلف وهنا تجدر الإشارة إلى أن إمكانية قيام حلف الأطلسي بضربة في هذا العمق محدودة للغاية إذ انه باستطاعة الناتو تحريك 550 طائرة حربية مقاتلة لهذا الغرض من اصل 5300 طائرة ، وانه باستطاعة هذه المقاتلات الوصول فقط إلى حدود مدن "سمولينسك ، وبريانسك ، وكورسك " ،( حيث أن هذه المدن هي أقرب المواقع إلى أوروبا الغربية ) . أما بدخول بولندا وهنغاريا وتشيكيا ودخول دول أخرى من دول أوروبا الشرقية في المجموعات العسكرية لحلف الناتو فستكون هناك إمكانية الوصول باتجاه الشرق إلى عمق 650 – 750 كيلو متر . بهذا فان تركيبة القوات الجوية المتحدة لحلف الناتو ستزيد بالنسبة للقوة التكتيكية الجوية ، وسيكون تحت تصرف الناتو حوالي 290 مطارا عسكريا ، بما في ذلك المطارات والقواعد التي بناها الجيش السوفييتي نفسه والتي تتسع لحوالي 3500 طائرة حربية . مع استخدام هذه القواعد سيكون بإمكان كل القوة التكتيكية الجوية للناتو القصف بالصواريخ حتى نهر الفولغا .
في الحرب الحديثة يأخذ عنصر المفاجأة أهمية اكثر فاكثر . في حال حدوث مفاجأة بالضربة الأولى من قبل القوة الجوية للناتو وبضربات صاروخية مكثفة ومستمرة لمدة 5 إلى 7 ساعات ، ستفقد الفرق والجيش الروسي إمكانياتها الدفاعية . قبل توسيع حلف الناتو كان من المستحيل القيام بالضربة الأولى ، لأنه بعد ارتفاع الطيران من قواعده في أوروبا الغربية إلى إطلاق الصواريخ المجنحة سيكون لدى الدفاعات الأرضية الروسية الوقت الكافي للتنبه بالهجوم والرد الحاسم . أما بتوزيع قوات الناتو في أوروبا الشرقية سيكون بإمكان القوة الجوية للناتو بإحداث ضربات صاروخية بمدينة لينينغراد بعد بضع دقائق من إقلاع الطيران من قواعده .
وبدخول دول البلطيق سيصل الخطر مباشرة إلى موسكو حيث أن في هذه الدول السوفييتية السابقة قواعد الجيش السوفييتي ( موانئ ، مطارات عسكرية ، ثكنات الجيش ، مخازن للأسلحة ، الخ ) مما يعطي لحلف الناتو الإمكانية في خلال سبعة أيام نشر ( 280 ألف جندي و 300 – 400 طائرة مقاتلة وحوامة ) . وفي حال تمكن قوات الأطلسي الجوية الوصول إلى الأورال وتدمير الجسور على نهر الفولجا وفصل القطاعات العسكرية عن موسكو ، وإصابة المواقع العسكرية ( بما في ذلك بطاريات الصواريخ المتحركة من طراز توبل إم ) ، عمليا في القسم الأوروبي من روسيا مجموعات الصواريخ الإستراتيجية وقواعد الطيران بعيد المدى ستكون ضمن منطقة القصف الجوي حتى من قبل الطيران الإستراتيجي لحلف الناتو . وإن انتشار مجموعات ضخمة من القوات الجوية في أوروبا الشرقية ومنطقة البلطيق سيسمح لقوات الأطلسي أن تفعل بروسيا ما فعلته في العراق و يوغسلافيا .
رغم وعود الناتو فإن العمل على خلق ظروف لانتشار سلاح الطيران في أوروبا الشرقية يجري على قدم وساق . وهكذا اصبح في هنغاريا مركز مراقبة جوية للسيطرة على المجال الجوي بما يتطابق و مقاييس حلف الناتو والذي يسمح بالقيام بتنقل الطيران الحربي إلى مطارات هنغاريا و تشيكيا و بولندا ومركزا شبيها آخر تم بناؤه قبل فترة قصيرة في البلطيق في مدينة فيلنوس والذي سيخدم كل منطقة دول البلطيق . تعتبر أراضي البلطيق رأس جسر مثالي لعمليات الإنزال المظلي المكثف للقوات الخاصة ( بما في ذلك الحوامات ) في عمق الأراضي الروسية خلف خطوط المجموعات الأساسية للقوات الروسية المدافعة عن مدن سمولينسك ولينينغراد في كل الاتجاهات .
في هذه الظروف فإن تركيبة القوات البحرية المتحدة للناتو سيزيد تواجدها في منطقة البلطيق بنسبة 18% من خلال الأسطول الحربي البولندي ، وطيران الحراسة الجوية المناوب بنسبة 50 % ، مع حصول القوات البحرية المتحدة للناتو إمكانية الوصول إلى القواعد العسكرية البحرية البولندية مما يفقد أسطول البلطيق العامل ضمن القوات البحرية الروسية حرية التأثير وعمليا يصبح مقسوما إلى قسمين ومحاصرا في مدن كرونشتات و كالينينجراد .
إن حلف الناتو في هذا المستوى من تطور الأحداث سيكون ليس مضطرا لنشر قوات برية ضخمة أو معدات نووية على أراضي دول الأعضاء الجدد لاستعمالها ضد روسيا ، مع اقتراب الناتو إلى حدود روسيا اكثر فاكثر يصبح من الممكن الوصول إلى الأهداف العسكرية الروسية عن طريق سلاح الطيران العادي عالي الدقة ، وتزيد بشكل كبير إمكانية الهجوم المباغت .
وهذا كله ليس الخطر الكامل الذي يحمل الطابع العسكري الذي ينمو مع توسع حلف الناتو ، بل الخطر المخيم فوق روسيا في الوقت الحاضر والمستقبل يحمل طابعا أعمق من أن يكون عسكري وهو مركب من التعقيدات أكبر بكثير مما نتصوره ، من أنه مجرد اقتراب الآلة العسكرية للناتو من الحدود الروسية . إلى ذلك هناك علاقات أخرى وهي التدخل في الشؤون الداخلية لروسيا من قبل الدول الأعضاء في الناتو بهدف فرض أشكال شبه كولونيالية والتبعية الاقتصادية والسياسية مع التوجه إلى استيراد المواد الخام والثروات الطبيعية من روسيا وتصدير الأجهزة الصناعية والمواد الاستهلاكية والغذائية مما يؤدي إلى انحطاط القطاع العلمي والاقتصادي والزراعي وقطاع التكنولوجيا العالية وقطاعات إنتاجية أخرى وتسرب رؤوس الأموال إلى الغرب مما يجعل روسيا معتمدة اعتمادا كليا على التمويل الغربي ، هنا تفقد روسيا استقلاليتها التقنية والغذائية .
طبعا لا يخفي الغرب تطلعه إلى تفكيك الآلة العسكرية الروسية الموروثة عن الاتحاد السوفييتي وهدم المجمع الدفاعي ومن ثم القوات المسلحة عن طريق خنقها ماديا .
في الوقت الحالي يملك الجيش الروسي 30% فقط أسلحة حديثة بينما تمتلك جيوش حلف الناتو من ( 60 – 80 % ) ، وفي حال احتفاظ روسيا بالتوجهات السابقة فإن الأسلحة الحديثة ستنخفظ الى 10% ، وإذا استمرت الحالة بما هي عليه فإنه بحلول عام 2005 ستصبح نسبة الأسلحة الحديثة لدى الجيش الروسي ( من 5 - 7% ) فقط . إن المجمع الإنتاجي العسكري الروسي لازال موجودا إلى الآن وهو من موروثات ما بناه الاتحاد السوفييتي ولكنه في طريقه إلى الزوال ، أي انه بعد فترة قصيرة سيتخذ انحطاط المجمع العسكري شكلا مأساويا لا يمكن التكهن به . وان الغرب يربط روسيا وبشكل واضح باتفاقيات دولية ليست لصالحها ، ووضع مراقبة أجنبية في مجال المعلومات الذهنية . وأن الصراع الدعائي من قبل الغرب ضد روسيا يسير على اتجاهين
1 – من داخلها عبر التليفزيون ووسائل الاعلام الأخرى المسيطر عليها من قبل مجموعة من السياسيين الموالين للغرب وشخصيات مالية مرتبطة بجهات مشبوهة وإداريين وصحفيين ذوي علاقة وطيدة بالصهيونية العالمية .
2 – خلق رأي عام داخلي في روسيا ضد أية توجهات مضادة للغرب والناتو على وجه الخصوص عبر وسائل الإعلام المسيطر عليها فعليا من قبل الدول الأعضاء في الناتو والصهيونية العالمية .
يوجد عمليا رشوة وأموال طائلة تقدم لمجموعات اجتماعية مؤثرة على القرار السياسي في الأوساط الحكومية الروسية، والمستخدمون في هذا المجال هم صحفيون وعلماء وسياسيون واقتصاديون عن طريق صناديق مساعدات غربية وبرامج تعاون علمية وإنسانية مشتركة والتي تظهر على شكل أموال وحوافز ورحلات خارجية . كل هذه العطايا تبقى أهم مصدر لنجاح القسم المؤثر على ( صفوة ) العقول الروسية . من جهة أخرى تسير بلا انقطاع سرقة واسعة النطاق للمخزون الذهني لروسيا ، إما عن طريق " هجرة العقول " وإما عن طريق استغلال الكمون العلمي لصالح المشاريع الأمريكية الضخمة بما في ذلك ذات الاستعمال المزدوج ( المدني – العسكري ) ونزع الثقة من التركيبة العسكرية ، وتوفر " عملاء مؤثرين " في أجهزة الحكم في الدولة وعندها تصبح الدولة غير قادرة على التصدي لأي اعتداء خارجي .
بدون حلول جذرية لمشكلة " الطابور الخامس " يصبح تأمين أمن روسيا أمر مأساوي ومن بعدها تصبح دول العالم لقمة سائغة .

اعداد : مرعي ابازيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا