الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأرض والفلاح.. فى انتظار الثورة!

سعد هجرس

2011 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


قلنا مرارا وتكرارا، ولن نكف عن القول، إن »الثورة« ليست مجرد شعارات وهتافات في ميدان ـ أو ميادين ـ التحرير.. وإنما هي »تغيير« حقيقي في كل مجالات الحياة، في السياسة والاقتصاد، في الثقافة والتعليم، وفي نسق القيم السائدة.
ولهذا فإننا لا نستطيع التحدث عن ثورة مكتملة في مصر إذا لم يصل تأثيرها ـ مثلاً ـ إلي الفلاح المصري في القري والنجوع النائية.
وقد كانت الزراعة بمثابة »الترمومتر«، لطبيعة النظام الحاكم.. فقد بدأت الإذاعة في مصر منذ فجر التاريخ.. وبصمات أجدادنا الفراعنة علي الزراعة مازالت موجودة. وعندما يأتي ذكر البطالمة فإن ذلك يقترن عادة بإبداعهم في ضبط النهر واختراع الطنبور والساقية. كما أن سيرة محمد علي مؤسس مصر الحديثة تقترن بإنشاء القناطر والسدود وزراعة القطن. كما تقترن سيرة جمال عبدالناصر بالإصلاح الزراعي.
أما الرئيس المخلوع حسني مبارك فيقترن اسمه بتآكل الرقعة الزراعية، وتراجع الأهمية النسبية للزراعة، حتي إن فلاحين كثيرين هجروا قراهم كما أن مكاتب تنسيق الالتحاق بالجامعات باتت تتسول طلابا لكليات الزراعة، فماذا عساهم أن يفعلوا بالمهندسين الزراعيين الجدد في قطاع منبوذ ومهمل ومهان رغم أهميته الاستراتيجية؟!
وثورة 25 يناير تعني ـ ضمن ما تعني ـ إعادة الاعتبار إلي الأرض والفلاح، وهناك بوادر مشجعة علي ذلك من بينها الجهد الكبير الذي تم بذله في اصدار مشروع رؤية مستقبلية لمصر بعد اربعين عاما، عكف عليها الدكتور فتحي البرادعي وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية بالتنسيق مع مختلف الوزارات.
والدكتور البرادعي لم يبدأ من الصفر لأن المهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق ـ متعه الله بالصحة والعافية ـ كان قد وضع حجر الأساس لهذه الرؤية المستقبلية أثناء وجوده في الوزارة مستعينا بأكبر المكاتب الاستشارية العالمية من تخصصات مختلفة. وترك هذه الدراسات المهمة بعد خروجه من الوزارة. لكنها ظلت مركونة في الأدراج إلي أن جاء الدكتور البرادعي ونفض عنها التراب وغبار الإهمال. وعلي أي حال فإن هذا موضوع يستحق معالجة تفصيلية في مقال لاحق، لكن ما يهمنا منه في هذا المقام هو الامكانيات الهائلة للتنمية الزراعية في مصر علي عكس ما يشاع ويتم الترويج له!
وهو استنتاج تدعمه دراسات علمية كثيرة أخري، اشير فيها إلي دراسات الأستاذ الدكتور زكريا عبدالرحمن الحداد أستاذ الهندسة الزراعية وتحليل النظم، الذي أفني أحلي سنوات العمر في الدعوة العلمية إلي »تحديث الزراعة في مصر مستندا إلي خطة كاملة استغرقت من الوقت ما يزيد علي 25 عاما وتكلفت في إعدادها ما يربو علي المليار دولار وتم خلالها تنفيذ مجموعة من الأبحاث الزراعية والتطبيقات الحقلية في مساحات تعدت آلاف الأفدنة. أي أن الخطة ليست مجرد »كلام«. وهذه الخطة المقترحة التي تعتمد علي نتائج العديد من المشروعات »الميدانية« يمكن في حالة تطبيقها وصول إنتاج مصر من الحبوب إلي 32 مليون طن سنويا أي مضاعفة الإنتاج الحالي، وتأصيل صناعة الجرارات والآلات الزراعية في مصر، وتوفير 5.5 مليار متر مكعب من المياه بصورة مباشرة نتيجة لإعادة التركيب المحصولي وتشغيل ما لا يقل عن 3 ملايين خريج.
والحديث بالتفصيل ـ غير الممل ـ موجود بين دفتي مجلدات من الأبحاث تنادي: من يستفيد مني؟!
> > >
لكن المؤسف أنه بدلا من الاستعانة بهذه الدراسات تم احتقار العلم والبحث العلمي. لكن إذا كان مفهوما سبب ذلك الاحتقار في ظل نظام حكم كان بمثابة تحالف للفساد والاستبداد، فإنه من غير المفهوم ـ ومن غير المقبول ـ استمرار نفس المنهج التخريبي بعد ثورة 25 يناير.
وهذا ما حدث مع أحد المخصبات الطبيعية الحيوية التي تم تسجيلها كأول مركب طبيعي حيوي عام ،1985 وتم إعادة تسجيله عام 1992 كمحسن ومخصب طبيعي للنبات والتربة، ومن ثم يتم تمديد تسجيله كل خمسة أعوام. وكانت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أول من قامت بتنفيذ تجربة بمصر لمعرفة تأثير المعاملة بهذا المركب علي محصول القمح وأشادت بنتائجه. كما أكدت تقارير قسم بحوث القمح في معهد بحوث المحاصيل الحقلية. فعاليته في زيادة إنتاج الفدان للأقماح العادية ما بين إردب و3 أرادب، أما في أصناف القمح طويل السنبلة فقد تراوحت الزيادة بين 63% و96%.
وتوجد تقارير كثيرة من هيئات حكومية مصرية تؤكد هذه النتائج الايجابية في مختلف المحاصيل. لكن مافيا استيراد الأسمدة الكيماوية، وكثير منها محظور استخدامه في بلد المنشأ وتؤكد الدراسات احتواءه علي مواد مسرطنة، استطاعت أن تحول دون انتشار مثل هذه المركبات الطبيعية.
وحدث لصحة المصريين وللزراعة المصرية ما حدث وما نعرفه جميعا ونكتوي بناره.
وبعد ثورة 25 يناير حمل هذا الملف الخطير مواطن مصري غيور علي بلده وشعبه هو الاستاذ طاهر عزالدين، وطرق باب وزير الزراعة.
والمقصود هنا وزير زراعة الثورة ونجل الأديب الكبير محمد فريد أبوحديد الذي قرأ الملف بعناية وأبدي دهشته من جبروت مافيا استيراد القمح ـ الذين لا يريدون لمصر الاكتفاء الذاتي بأي شكل من الأشكال ومافيا استيراد »الكيماوي« وأعطي تأشيرة تنفيذية تقضي بأن يقوم بنك التنمية والائتمان الزراعي بتبني هذا النوع من المركبات الطبيعية وأن يتم توزيعه علي الفلاحين عن طريق البنك بمعاونة إدارة الارشاد الزراعي. وتم تعميم هذه التأشيرة علي كل اجهزة وزارة الزراعة منذ أكثر من شهرين.
لكن تأشيرة الوزير كأن لم تكن، حيث لم يحترمها أحد.. وظل الحال علي ما هو عليه.. بعد الثورة كما كان قبل الثورة.
فهل هذا معقول؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب