الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثغرة القانونية المفزعة

نصارعبدالله

2011 / 6 / 25
دراسات وابحاث قانونية


رغم تأكيدات السيد المستشار عاصم الجوهرى رئيس جهاز الكسب غير المشروع بأنه لم يسبق قط أن صدر حكم من المحكمة الدستورية يقضى بعدم دستورية قانون الكسب غير المشروع،( وهى تأكيدات صحيحة بالفعل)، رغم هذا فإن هناك ثغرة قانونية مفزعة يمكن أن ينفذ منها أغلب المتهمين الحاليين بالفساد، ويخرجوا كما تخرج الشعرة من العجين كما يقال، ويحصلوا على البراءة حتى لو ثبت أن ثرواتهم بالمليارات!!... هذه الثغرة لا ترجع إلى حكم صادر من المحكمة الدستورية، ولكنها ترجع إلى حكم صادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 30342لسنة 70قضائية ( سنة 2000ميلادية ) ..كان الطعن مقاما من محافظ الجيزة الأسبق ( بالمناسبة ليس هو المستشار ماهر الجندى، ولكنه محافظ آخر) ، ولقد اعتمد المحافظ المقصود من بين ما اعتمد عليه فى طعنه ذاك على الدفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975 التى أدين سيادته بناء عليها، وبناء على ذلك الطعن فقد حصل على حكم بالبراءة رغم ثبوت تضخم ثروته على نحو لا يتناسب مع راتبه الحكومى !! سوف يتساءل القارىء الآن ماهو نص الفقرة الثانية من المادة المذكورة، وما هو النص الدستورى الذى ذهبت محكمة النقض إلى أنها تتناقض معه ؟؟، وللإجابة على هذا التساؤل نقول إن الفقرة المعنية تنص على أنه "تعتبر ناتجة بسبب استغلال الخدمة أو الصفة أوالسلوك المخالف كل زيادة فى الثروة تطرأ بعد تولى الخدمة أو قيام الصفة على الخاضع لهذا القانون أو على زوجته أو أولاده القصر متى كانت لا تتناسب مع مواردهم وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها" ، أما النص الدستورى الذى ذهبت محكمة النقض إلى أنها تتناقض معه فهو نص المادة 67 من دستور 1971التى تنص على أن : " المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه" ، (وهو نفس نص المادة 20 من الإعلان الدستورى المعمول به حاليا )، وفى رأى محكمة النقض إذ ذاك أن نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع قد خالف الأصل الدستورى الذى هو البراءة وجعل من عجز الخاضع عن إثبات مشروعية مصادر أمواله قرينة على جرمه ، وبذلك فإنها تكون قد نقلت عبء الإثبات من النيابة العامة إلى المتهم ، وفى رأى محكمة النقض ـ إذ ذاك ـ أن النيابة العامة هى التى يقع عليها بمقتضى نص الدستور عبء إثبات أن المتهم قد حصل على أمواله بطرق غير مشروعة ، أما المتهم نفسه فليس مطالبا بإثبات مشروعية أمواله حيث أن عبء الإثبات يقع فى رأيها على من يجادل بخلاف الأصل، والأصل هو البراءة !!والواقع أن النقض رقم 30342لسنة 70قضائية قد ذهب إلى أبعد من القول بعدم دستورية قانون الكسب غير المشروع ، حين ذهب إلى القول بأن سائر المحاكم يتعين عليها أن تمتنع عن تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع، وإن لم يكن من اختصاصها أن تقضى بعد دستوريته!! ، وفى رأينا أن محكمة النقض فى حكمها سالف الذكر قد أغفلت اعتبارين هامين أولهما أن هناك مبدأ مستقرا فى الفقه والقضاء والتشريع يعلو على سائر الأحكام والتشريعات، بل وعلى الدساتير أيضا ألا وهو الإتساق مع مبادىء العقل والمنطق ، حيث يبطل أى حكم أو أى تشريع أو قاعدة دستورية لا تتسق مع مبادىء العقل، فإذا كان عبء الإثبات يقع على من يجادل بخلاف الأصل الدستورى، فإن العبء قبل ذلك يقع على من يجادل بخلاف المنطق الطبيعى للأمور ، هل من مبادىء العقل والمنطق أن تكون وزيرا وأن يكون راتبك أقل من عشرة آلاف جنيه، وليس لك مصدر للدخل غيره ثم تصل ثروتك إلى عشرة مليارات، ثم تقول " لست مطالبا بإثبات شىء"؟؟ ، أما الإعتبار الثانى فهو أن قانون الكسب غير المشروع لا يتعارض مع التص الدستورى الذى يقضى بأن المتهم برىء حتى تثبت إدانته ، لأن المتهم يظل متمتعا بكل حقوق المواطن البرىء بالفعل حتى يتأكد تماما عدم وجود مصدر مشروع لثروته فتثبت إدانته... صحيح أن مبادىء محكمة النقض ليست ملزمة للمحاكم الأدنى التى قد يذهب بعض قضاتها إلىاجتهاد مختلف، لكن الواقع العملى يقول إن المحاكم الأدنى تضع أحكام محكمة النقض فى حسبانها وتحرص عادة على عدم مخالفتها، وهنا مكمن الخطر مالم تعدل محكمة النقض عن المبدأ الذى تضمنه النقض رقم 30342لسنة 70قضائية، وهذا هو ما نأمله ، خاصة وأنه ليس هناك قانونا ما يلزمها بالتمسك به .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين:




.. تغطية خاصة | إعلام إسرائيلي: الحكومة وافقت على مقترح لوقف إط


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري




.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان