الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عميلة!!

رحاب ضاهر

2004 / 11 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


حين اجتاحت موجة مقاطعة البضائع الامريكية شوراع المدن العربية ، وهبت الجماهير في مواكب ومسيرات واشرأبت الحناجر صارخة شاجبة مستنفرة . كانت جارتي من الرعيل الاول الذي واكب هذه الموجة فأقامت حملات تطهير عرقية ونصبت المشانق والمقاصل واوقدت المحارق وعلقت لائحة سوداء عند مدخل منزلها باسماء البضائع المطلوب رأسها وطالتني محاكم تفتيشها ووزعت علي بياناتها ومنشوراتها وارتأت ان تشرف بنفسها على جلاء البضائع الامريكية الغاشمة عن منزلي .
ولما كنت لااعاقر الببسي واخواتها ، ولاادخن اللفافات الامريكية وحلفائها ، ولامن المتعبدين بمحاريب الماكدونالدز وابناء عمومته ، لم تجد علي سوي مستمسك وحيد (جاسوس) هو النسكافية التي ادمنت شربها منذ " نعومة اظافري" ولا ياتني الالهام والتدفق اللغوي الا على وقع رشفاتها ، فشمرت عن ساعديها واستلت سيوفها للدفاع عن حقوق المنتجات الوطنية والاكتفاء الذاتي ، ورأب الصدع بين المواطن العربي والبضائع العربية والتقريب بين وجهات النظر ، فبدأت بالترغيب تارة ، والترهيب تارة اخرى وبينهما سيل من النصائح والارشاد وذكر محاسن وجماليات النسكافية الوطني (من شو بيشكي ارخص واوفر!) وركبت موجتها وجربت الصناعات وطنية وعربية ، فلم استسغ مذاق الحمص المحروق وقشور الكستناء وغيرها من البقوليات المحمصة الداخلة في تكوين هذه المنتجات العربية الانتماء فعدت لاتمرغ في احضان النسكافية الامريكي واقبل اقدامها واعلن ولائي التام لها واعب من فناجينها عبا . وحدث ان ضبطتني جارتي بالجرم المشهود فلطمت الوجه وشقت الصدر وورم انفها وارتفع صوتها مولولا منددا مزمجرا واعدا متوعدا : تشربين النسكافية الامريكي!! انك بفعلتك تلك تشربين دماء اطفال العراق وفلسطين . ثم تدرجت رتبي من نذلة الى خائنة وصولا الى اعلى رتبة (عميلة)!
وانني متواطئة مع قوى الشر ضد بني جلدتي ، وأناصر الصهيونية- بفنجان نسكافية- والامبريالية الماسونية ونمور التاميل عطفا على حلف وارسو والاطلسي وكادت ان تعود بي الى عصر الاتفاق الثلاثي أيام بغداد . ولانجو من قبضة وطنيتها اظهرت امامها توبتي واعلنت عودتي الابدية الى الحظيرة الوطنية وصرت اشتري النسكافية واهربها الى المرطبانات الوطنية " وكلنا للوطن " ، وصرت عندما اقدم لها النسكافية "المعربة" تتغنى بمذاقها" السلس " وان مصانع اميركا كلها ليس بمقدورها ان تنجب مثل هذه النكهة العربية الوطنية الاصلية " وطالعللك يا عدوي طالع ".

مرة خرجت وجارتي " المستعربة" لشراء مخدات وشراشف وحين دخلنا الى المحل انقضت على منتجات "كانون" الامريكية تنتقي منها الوان واحجام وانواع متعددة وتعدد مزايا هذه البضائع وجودتها وطيب منشئها و"متنة صمودها" ( بيفنى العمر وما بتفنى) وان الوانها تبقى ولاتتبدل ولاتتزحزح وانها للسهل والوعر وللصيف وللضيف ولغدرات الزمان ولاتقارن بالمنتجات الوطنية التي تهترئ من اول غسلة وتصبح ممسحة للارض!!
ولست ادري – يا جارة- ان كان النوم على الشراشف الامريكية مشابها للنوم على جثث اطفال العراق وفلسطين !!!!!!!!

رحاب ضاهر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط