الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاغتصاب الجماعي بين الإشاعة و خشية العار في سورية

علي الأمين السويد

2011 / 6 / 25
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


تناهى إلى الجميع ، على ما يبدو، القصص المروعة التي تروي تفاصيلاً عن اغتصاب جنود سوريون ممن أمنوا المحاسبة كما أمنوا العقاب للنساء والفتيات بفظاظة مبعثها إيمانهم بالنجاة من أي عقاب بسبب الحصانة التي يتمتعون بها. لقد روى اللاجئون السوريون القادمون من مدينة جسر الشغور شمال سورية ممن عبروا الحدود إلى تركيا وممن يمكثون في المنطقة الحدودية في شمالي سورية العديد من قصص الاغتصاب المثيرة للاشمئزاز.
لقد خطف الجنود عدة فتيات جميلات من جسر الشغور و اقتادوهن إلى معمل السكر واغتصبوهن و أبقوهن عاريات يقدمن لهم القهوة والشاي لإرضاء غرورهم. حتى أن هنالك قصصاً أفظع عن قيام بعض الجنود بقطع أثداء بعض الفتيات بطريقة سادية. إلا أن القليل من الناس قابل تلك الضحايا والقليل أيضاً يعرف أسماؤهن.
يعتبر الاعتداء الجنسي أمراً قاسياً في أي مجتمع ولا سيما في المجتمعات الريفية العربية المحافظة كتلك الموجودة في شمال سورية -- حيث يرتبط غالبا شرف العائلة بسمعة نسائها. إن مجرد تعرض عفة النساء أو الفتيات للخطر حتى و لو تم ذلك عن طريق الخطف، فإن ذلك يعتبر وصمة العار، مما يجعل الضحية و عائلتها منبوذين . وقد أكد اللاجئين على الجانب السوري الذين تحدثوا عن هذه الأفعال أنهم سمعوا أنه تم وصول بعض من تلك الضحايا إلى معسكر تركي خاص و أن بعضهن يقيم بينهم في نفس مخيم اللاجئين.
ليس من الصعب عادة الوصول إلى مخيم للاجئين، ولكن في هذه الأيام، يصعب تغطية الأحداث في سورية بسبب السيطرة المحكمة على وسائل الإعلام الذي تفرضه الحكومة السورية حيث اضطر الصحفيين الأجانب إلى الاعتماد على المكالمات الهاتفية ، وتويتر، و فايسبوك ، و يوتيوب وأشرطة الفيديو وشهادات العيان من هنا وهناك حيث تتم محاولات لربط تلك الشهادات بعضها ببعض البعض مع بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت في منتصف مارس أول مرة.
لقد مثل نزوح السوريون إلى الحدود الجنوبية لتركيا مؤخراً فرصة للتواصل مع اللاجئين وجهاً لوجه وسماع شهاداتهم و مقارنتها بما كنا قد علمناه مسبقاً. لقد منعت الحكومة التركية وسائل الإعلام من الولوج إلى داخل المخيمات في مقاطعة هاتاي جنوب تركيا بذريعة حماية خصوصية الـ 9500 لاجئ سوري هناك.
في 16 حزيران ، استطعت التسلل مع زميلة لي ناطقة بالعربية إلى المخيم مدعين أننا أقارب أحد اللاجئين الذكور الذي أصيب بعيار ناري وقد انطلت الحيلة على حراس البوابة التركية الذين كانوا يعرفون الشاب وزوجته اللذين كنا نقصد. سُمح لنا بالدخول إلى مقربة من الجدار. كل هذه المخاطر تكبدناها فقط من اجل تحقيق أملنا في التحدث مع إحدى المخطوفات والمغتصبات وجها لوجه.
على الرغم من أن الأتراك الذين كانوا يحرسون البوابات تركونا وحدنا مع "أقاربنا المزعومين" لحظة دخولنا إلا أننا وجدنا أن السوريون المتواجدون هناك كانوا مختلفين تماماً، ربما هم مختلفون لأن المجتمع السوري نشأ على الخوف في بلد ينتشر فيه عناصر المخابرات أو الشرطة السرية في كل زاوية كما ينتشر جنون العظمة والارتياب الذي يعتقد النظام أنهما منجيانه من السقوط في الهاوية . أو ربما كان منبع ذلك الشعور باختلاف السوريين بأن المخيمات قد تحتوي على المخابرات المندسين كلاجئين. و على كل حال من الصعب التخلي عن الشكوك المتأصلة في روع البشر.
وقف ثمانية رجال على الأقل على مقربة منا ولكنهم لم يكونوا منتمين إلى تلك الفئة الشريرة أو الفضولية من الرجال التي تبحث عن الفتيات الجديدات في المخيم. لم تظهر عليهم علامات الخجل ولم يكونوا من النوع الذي يشيح بوجهه عنا حتى لو تم طُلب منهم ذلك مباشرة. كانوا مثل الشرطة المدنية التي تنتشر عادة في جميع أنحاء العاصمة السورية دمشق، أولئك الرجال الذين حتى لا يجدون ضيرا من استراق السمع عنوة.
بعد مرور 10 دقائق أو نحو ذلك، ذهب أحد الرجال من ذوي الشعر الأبيض إلى قريبنا المزعوم و ذكَّره بأنه لا يُسمح لأحدٍ بالحديث لأي كان إلا إذا وافق هو على ذلك، وقال أنه سيتم تفتيشنا للتأكد من أننا لسنا صحفيون أو جواسيس لتركنا نمضي في حال سبيلنا بسرعة. و كنَّا قد تخلينا عن الدفاتر و الحقائب، ومفاتيح الفندق، وبطاقات التعريف بنا، وجوازات السفر و من أي شيء قد يوحي بأننا صحفيين، و لكننا قمنا بإخفاء مسجلات صغيرة وكاميرا رقمية في ملابسنا.
تمنينا السلامة لقريبينا المزعومين وأخبرناهما أننا لا نريد التسبب لهما بأية مشاكل وغادرنا باتجاه البوابة بعد أن دسسنا كاميرتنا الصغيرة في حقيبة قريبتنا النسائية وأوصيناهما بأن يبحثا عن النساء المغتصبات و اللواتي بترت أثدائهن. وبالمناسبة فالمعسكر حيث كنا ليس كبيراً جداً حيث يقطنه بضعة آلاف من اللاجئين. و بالرغم من أن البحث والتقصي لم يتوصل السوريين إلى نتيجة في بحثهما، بدا أن الجميع سمع عن تلك القصص و لكن لم يعرف احدٌ ما مكان الضحايا، وقد تساووا في عدم إفادتنا في تقصينا هذا مع أولئك السبعون جريحاً الذين يُعالجون في مستشفى مدينة أنطاكية التركية.
عدت أدراجي إلى سورية سالكةً طرق التهريب عبر الحدود التركية إلى سورية حيث مررت بكروم الخوخ الفارغة تقريبا من النازحين و الذي قضيت فيها أياماً باردة برفقة آلاف النساء والرجال و الأطفال الذين عبروا إلى تركيا. غير أني علمت ممن بقي فيه أنهم يعرفون رجلاً من قرية السرمانية التي تقع على بعد بضعة كيلومترات من جسر الشغور قد تم اغتصاب بناته المراهقات الأربعة من قبل جنود سوريين.
"نعم، إنها حقيقة، لكنني لا اعلم اسم العائلة"قال الطبيب محمد مرهي ذو الثلاثين عاما وصاحب عيادة متنقلة بحكم الظروف الطارئة حيث يقوم بصرف أدوية بسيطة للأطفال كأدوية الإسهال، أو يعالج الجرحى بما هو متاح لديه، ثم أردف " تعلم أننا في مجتمع شرقي ولا نتحدث بهذه الأمور بشكل علني" قال ذلك محاولاً شرح لي سبب صعوبة العثور على الضحايا أو العثور على من يعرفهن.
وبشكل مثير للدهشة، كان هذا الشاب الوسيم واحداً من أربعة رجال في هذا المستوصف المتنقل الذين أعربوا عن استعدادهم للزواج بالمراهقات التي تم اغتصابهن بالرغم من أنهم لم يقابلوهن من قبل أبدا.
ياللعجب، ففي خضم ثقافة العار المتوارثة في مجتمعات تُقدس العذرية بحيث لا تسنح فرصة الزواج لضحايا الاغتصاب عادة، يعرب بسام المصري ذو 32 ربيعاً، والذي استشهد أخاه باسل على يد قوات الأمن في جسر الشغور في 3 حزيران أثناء تشييع جنائز المجزرة التي قامت بها قوات الأمن السورية و الشبيحة في اليوم السابق، عن علمه بالقصة وقال " أتمنى أن يحصل لي شرف الزواج من إحدى الفتيات اللواتي تم اغتصابهن" قال ذلك بينما كان الطبيب مرهي يعالجه من إصابة بطلق ناري في أعلى فخذه الأيمن، يقول بسام:" أتفهَّم أن هؤلاء الفتيات عانين الكثير و أنهن أُخذن غصباً و أنا لا يهمني كيف يبدون بقدر ما يهمني أن أقف إلى جانبهن و سأفعل ذلك حباً و كرامة."
أخيراً أخبرنا الشباب أن تلك العائلة المنكوبة موجودة في مخيم غير رسمي على بعد بضعة كيلومترات من هنا لذلك ذهبنا حيث قيل لنا، ولكنه بدا لنا أنه لا أحد يعرف تلك العائلة.
"كلنا نسمع قصص الاغتصاب" قالت أم مصطفى وهي سيدة في الرابعة والثلاثين من القرية الحدودية خربة الجوز والتي تسكن خيمة قريبة من الحدود التركية بالرغم من أن بيتها يقع على بعد عدة مئات من الأمتار. مئات من سكان خربة الجوز فعلوا الشيء ذاته – هجران منازلهم والنوم في الحقول القريبة خوفاً من إمكانية انقضاض الجيش السوري عليهم ليلاً. "كلنا يخشى الاغتصاب" قالت أمٌ لثلاثة بنات تحت العاشرة "لقد سمعنا الكثير من تلك القصص."
لا شك أن الجميع سمع عن هذه القصص ولكن لا احد يعرف بالضبط أياً من هؤلاء الضحايا، ويبقى الفصل بين الإشاعة و الحقيقة أمرٌ ليس بالسهل، ولكن من المؤكد أن مخاوف الناس و احترازهم من إلحاق العار بهم هو العائق الأعظم و الوحيد أمام كشف أسماء هؤلاء الضحايا.
__________________________________________________________
ترجمة علي الأمين
بقلم رانيا أبازيد – خربة الجوز- سورية

http://www.time.com/time/world/article/0,8599,2078622,00.html#ixzz1QH91fTjC








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نسج
اميل ليلي ( 2011 / 6 / 25 - 22:58 )
هل يعقل ان تستخف بعقولنا الى هذا الحد؟ من اين كل هذا الهذيان ياتس؟ مادوافعه؟اسقاط النظام لايبرر التلفيق؟اذ كانت هذه الرؤى وانتم خارج لسلطة كيف سيكون الحال عندما تتصدروها؟


2 - بين الاشاعة والحقيقة
جميل السلحوت ( 2011 / 6 / 26 - 06:54 )
قرأت هذا الموضوع على أمل أن اعرف الحقيقة من الاشاعة بخصوص التعذيب والاغتصاب، وقراءة ما بين السطور يثبت بأننا امام اشاعات وعلينا ان نتساءل عمن يقف وراءها؟ ولماذا فقط تبث اشاعات الاغتصاب عند العرب من دون باقي الشعوب؟ نعرف اهمية اعراض الناس واهمية حمايتها لكن ان يتم تدبير حروب اهلية وتغذيتها من خلال نشر اشاعات كاذبة فهذا ما يجب الانتباه له...ولا يحتاج المرء لالى كثير من الذكاء ليتعرف على الاشاعة فالكذب فيها لا يحتمل التصديق مثل -اغتصاب الفتيات وقطع أثدائهن-مما يعني الدخول في -تابو-الجنس
فهل يعقل هذا...ولو ان مطلق الاشاعة هذه تحلى بشيء من الذكاء لقال-اغتصاب الفتيات وقتلهن- اما قطع أثدائهن وتركهن فلا أتصور أن مجرمي الاغتصاب بهذا الغباء ليتركوا شاهدا على جريمتهم


3 - لماذا؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 6 / 26 - 14:48 )
أنا لم أعرف أو أسمع في حياتي أن الإنحطاط الأخلاقي يمكن أن يصل إلى هذه الدرجة سوى مرةً واحدة عبر التاريخ عندما اتهم معاوية بن أبي سفيان علي بن أبي طالب بأنه رجل ُلايصلي ولايصوم ولايؤدي زكاة لتبرير حربه عليه والبدء بسبابه من مآذن دمشق إلا الآن في افتراءات هذا الكاتب الألمعي في مقاله هذاأرجو ألايحجب ردي لأنه آن للقراء من كل العالم أن يعرفوا أية معارضةً لدينا


4 - النظام السوري و أبواقه
علي الأمين ( 2011 / 6 / 26 - 15:45 )
بني النظام السوري الأسدي على خمس: شهادة أن لا إله إلا بشار، وتخوين كل من لا يشهد بذلك، والكذب، والعنصرية، والسرقة.
المعلقة الأولى تقول- إذا استلمتم السلطة-! من نحن؟ إشارتها توحي بخطاب عنصري طائفي ينضوي تحت النظام السوري الذي يرفض الديمقراطية والحرية.
أما المعلق الأخير فقد عاد إلى تاريخ مشوه مضى عصره، واستخدم توصيفات لا يستخدمها إلا أبواق النظام الزائل وهي لا تخرج عن كون أن نظام الأسد مضى عصره ايضاً إلى الأبد مثله مثل كل الكلمات الجوفاء التي يطبل بها هو وأبواقه الذين أثبتوا أنهم مثيرون للضحك و للشفقة في آن واحد.
أيها الشعب السوري
عندما يقال جمهورية يعني أن الشعب هو من يحكم وهذا ليس في سورية. وفقط في سورية يعتبر الخنوع و الاستسلام للعدو مقاومة وممانعة.... يا حيف


5 - إلى الأخ جميل السلحوت
علي الأمين ( 2011 / 6 / 27 - 05:16 )
لك الحق في استهجان -قطع الأثداء- على فرض حدوثها، فالحد الأدنى من التميز بالبشرية يقتضي ألا يقوم شخص بهذا على الإطلاق.
إن من شاهد عمليات التعذيب السادية لمجرمي النظام السوري التي اتضحت اثارها على جثث الأطفال مثل حمزة الخطيب الذي استأصل عضوه التناسلي قبل أو بعد كسر عنقه وحشيه بعد طلقات نارية، وبعد مشاهد القتلة الذين كانوا يضعون اسلحة على الجثث وهم يتضاحكون، يستطيع العاقل ان يقر بحدوث افظع من هذا وذاك، فعندما يتجرد المرء من انسانيته ويعامل الآخر على اساس أنه -شيء- يمكن لك أن تتخيل ما يمكن أن يحدث.
والأيام القادمة ستفضح فظائع يشيب من هولها كل من يحمل ذرة انسانية.
مع التحية


6 - تعقيب بسيط
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 6 / 27 - 07:24 )
كل الكذب المروٍع في المقال مبرر أخلاقياًوالتاريخ الذي يفضح أمة محمد مشوًهوكل من يفضح أكاذيبكم بوق للنظام
ياحضرة المتأسلم لماذا سمي عمر بن عبد العزيز راشداً؟؟؟؟
ياحضرة المفكر:الحمار إذا ارتكب جريمة يخفي معالمها
ياحضرة السياسي ليس من يقول الحقيقة بوقاً رذيلاًللنظام
يا حضرة المعارض أنتم في المعارضة الآن وهذه تلفيقاتكم .كيف ستكون تلفيقاتكم وأنتم في الحكم
يا حضرة الطامح إلى الحكم لم يساعد النظام ويقوٍيه في معركتكم معه أكثر من أفعالكم وإعلامكم

اخر الافلام

.. اغنية بيروت


.. -الذهنية الذكورية تقصي النساء من التمثيل السياسي-




.. الحصار سياسة مدروسة هدفها الاستسلام وعدم الدفاع عن قضيتنا ال


.. نداء جماهيري لكهربا و رضا سليم يمازح احد الاطفال بعد نهاية ا




.. هيئة الأمم المتحدة للمرأة: استمرار الحرب على غزة يعني مواصلة