الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صقور فقط للدفاع عن الحقوق

فايز شاهين

2004 / 11 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


لقد قرأت المقالة للأستاذ حسين العلق بعنوان بين القطيف وواشنطن... حمائم وصقور بجزأيها الأول والثاني، وما حوته من تحليل لهو أكبر دليل على نضج الفكر الشيعي الديني والسياسي. لن أعلّق على المقالة بتفاصيلها، ولكن المقالة بيّنت بما لا يدعك للشك بأن للحقوق ثمناً باهظاً. ما ذكره العلق في المقالتين يبين عدة نقاط تتلخص في أهمية قراءة التاريخ الخاص بالمنطقة وتضارب المصالح الأمريكية بالتحديد مع مصالح الشعوب. إضافةً إلى ذلك يضيف الكاتب بأن وضع البيض في سلة واحدة (مع الأمريكان) هو ما يفعله التيار العامل في الخارج، وعلي الأحمد رئيس المعهد السعودي بواشنطن بالذات؛ وإلى غياب إستراتيجية داخلية تؤهله لقيادة أو توجيه المجتمع في الداخل للحصول على حقوقه.

خطوط متوازية
ربما ينظر البعض إلى أن العمل في الخارج والاتصال بالغرب أو الأمريكان بالتحديد له تبعات سلبية كبيرة لأسباب عدة، أهمها إعطاء التيار الحكومي وأتباعه بأن يعمم التهمة للشيعة بأنهم "عملاء للغرب" ويعملون ضد مصالح وطنهم، وهذا يؤثر سلباً على الطائفة الشيعية في الداخل. كذلك فإن وجود من يتواصل من الأمريكان في هذه الفترة بالذات حيث لا يزال العراق محتلاً مع تلوث الأجواء الداخلية بالكراهية للأمريكان (بعد محبة دامت عدة عقود من الزمن) وللشيعة بسبب احتلال العراق يساعد على وضع هدف جديد على قائمة الإرهابيين من التيار الوهابي وهم الشيعة في عمومهم وقادة الشيعة بالخصوص.
النظرة المتفائلة أو بالأحرى المختلفة ترى أن التواصل مع الغرب يمثل نوعاً من الحصانة والتي لا ترقى لأي نوع من الالتزام، لكنّها على أقل تقدير تضع الشيعة على الخارطة العالمية، وإذا ما حصل لبعضهم مكروه أو زيادة في انتهاكات حقوق الشيعة سيكون مبرّراً لضغوط عالمية تقودها "المصالح" مما يُبرز اضطهاد الشيعة وانفلات الأمن في بلاد النفط. هذا ربما يدفع الجهات الدولية بالضغط سياسياً لإيقاف عمليات الاضطهاد ويقلل من الانتهاكات المستمرة للشيعة، ويساعد على تقديم تنازلات حكومية للشيعة في مجال الحريات الدينية ربما زيادة التنمية في المناطق الشيعية خوفاً من التدخّلات الخارجية. كذلك فإن نشر تقارير انتهاكات حقوق الإنسان والشيعة المستمرة له تبعات إيجابية أخرى يعرفها بدون شك العاملين في الداخل الذين يروا بأنها عاملاً مهماً في التحرك للأمام. هذه التقارير التي تصدر سواءً من المعهد السعودي أو من وزارة الخارجية الأمريكية أو من أي منظمات حقوقية عالمية والدعوات المتزايدة للانفصال تصب في مصلحة قادة العمل الداخلي والذين لازالوا في تواصل مع الحكومة دون أي نتيجة واضحة. فبإمكان هذه القيادات التفاوض مع الحكومة من مركز أقوى على أن استمرار التلكؤ في تنفيذ الوعود الحكومية من شأنها أن تدفع باتجاه أفكار أكثر خطورة من نيل الحقوق وهي بسيطة إذا ما قورنت بأفكار أكثر "تطرّفاً" وهي الانفصال، وإن هذا التيار الداعي للانفصال استطاع أن يُجيّش أعواناً له بشكل كبير بسبب الأدلة المستمرة التي تدين الحكومة السعودية في تعاملها مع الشيعة. فلا زالت الحكومة مستمرة في سياساتها السابقة وحتى بعد مقابلة ولي العهد وعريضة "شركاء في الوطن" وعدة حوارات وطنية، لازالت الحكومة مستمرة في انتهاكها لحقوق الشيعة، ولا زال التيار الديني الحكومي مستمر في تكفيره لشريحة كبيرة من المجتمع.

لا نُريد حمائم بل صقور
الكاتب الكريم قارن بين حمائم وصقور، ولا أعتقد بأن الدفاع عن الحقوق الشيعية يتناسب مع الحمائم في هذا العصر الذي تحكمه قوى عظمى، بل يحتاج لصقور فقط. هذه الصقور يجب أن تضع نصب أعينها المصالح الآنية والمستقبلية للشيعة، وهذا لا يعني وضع البيض في سلة الحكومة ولا في سلة الولايات المتحدة الأمريكية. هنا لا بد من الإشارة إلى أن التواصل مع الأمريكان ومحاولة الحصول على دعم لنيل حقوق الشيعة، لا يعني بأن العاملين في هذا المجال أصبحوا في الجانب الأمريكي. نحن نعلم بأن العاملين سابقاً في الخارج في مركز الشباب المسلم في أمريكا وغيرها كانوا يشترون صفحة في صحيفة واشنطن بوست تكلف عشرات الألوف من الدولارات لنشر إعلان يبين فيه اعتقال الشيعة وسجناء الرأي والتعذيب الحاصل لهم، وهذا جزء من العمل الإعلامي لا يقلل من العمل الداخلي ولا ينقص من العاملين فيه. لقد قامت عدة مظاهرات في واشنطن ولندن عندما كانت المعارضة في الخارج، كانت هذه المظاهرات أمام السفارات الأجنبية وأمام معارض الحكومة السعودية وحظيت بدعم إعلامي غير مسبوق في ظل غياب القنوات الفضائية والإنترنت، وكانت مدعومة بعدة إعلانات ومقابلات صحفية في صحف عالمية أحرجت الحكومة السعودية أيّما إحراج.
الصقور التي تعمل في الخارج وعادت من هناك لا زالت على قناعة بأن الضغط الخارجي والإعلام الدولي يصب وبشكل كبير في مصلحة الشيعة في الداخل وإن التواصل مع الهيئات العالمية والمنظمات الحقوقية والإنسانية، كل ذلك يُعتبر ورقة رابحة للعاملين في الداخل. لو أمكن في الوقت الحالي توظيف عدة ملايين من الريالات لدعم العمل الإعلامي الخارجي في مواجهة البلايين من الدولارات السعودية التي اشترت ولا زالت تشتري "اللوبي" الأمريكي وتنشر الإعلانات المتلفزة ليل نهار، لأمكن بدون شك خلق أجواء مختلفة تماماً عمّا نراه الآن، خاصةً في وجود قنوات فضائية وإنترنت. لو أمكن توظيف مبلغ كبير لإنشاء قناة فضائية تتحدث عن الوضع الداخلي للشيعة وتطالب بحقوقهم لكان لها من التأثير الكبير ما يفوق ما نحن بصدده الآن من لقاءات هزيلة مع المسؤولين الحكوميين الذين يتحدثون بوعود كاذبة يمحوها نهار اليوم الذي تليه. في مجال المطالبة بالحقوق، لا مكان للحمائم، بل للصقور، والصقور القوية فقط التي تعي خطورة الوضع الحالي والفرص المتاحة فيه أيضاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف


.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟




.. بيوت منهوبة وافتقار للخدمات.. عائلات تعود لمنازلها في أم درم


.. زلزال قوي يضرب غواتيمالا




.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا