الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على أثر الأفعى والتفاح

نسب أديب حسين

2011 / 6 / 25
الادب والفن



تأتينا الكاتبة أنوار أيوب سرحان بباكورة أعمالها الأدبية المجموعة القصصية "الأفعى والتفاح" الصادرة عن منشورات معين حاطوم 2010.
تشمل المجموعة 13 قصة قصيرة، يغلب على القصص أسلوب المشرف الكلي، وجميع أبطال المجموعة هن شخصيات نسائية.
تركز المجموعة على قضيتين رئيسيتين يغلب طرح الأولى أكثر من الثانية، وهما قضيتا المرأة والمشاكل التي تواجهها في ظل مجتمع ذكوري، وقضية فلسطينيي الداخل، هذا الشق يظهر جليًا في قصة "فوبيا.. وغربة غزل" لنرى أي نظرات اتهام وشك من الممكن أن تواجه بهما فتاة عربية بين مجتمع يهودي، وكيف من الممكن ان تتهم بالارهاب لمجرد كونها عربية. فيما تطرح قصة "هذه..أغنيتي" قضية التعايش بين العرب واليهود، وهي قصة قوية جدًا تتناول شخصية فتاة طالما حلمت بالسلام والتعايش وتفرح بالمنصب الذي ما حلمت به عربية في هذي البلاد كمديرة للنادي العربي اليهودي للسلام، وحولها الموسيقى تتردد "شالوم شالوم يعني سلام.. ما في أحلى من هالكلام". فجأة تكتشف البطلة أنها قضت حياتها لتحقق حلمًا مزيفًا، فها هي تحتفل بهذا التعايش في بيتٍ عربي قديم أصبح مطعمًا ويُدعى الجاعونة على اسم القرية العربية قبل أن تحول الى روش بينا، هنا تدرك البطلة الزيف القائم في هذا التعايش الذي إن كان فإنه سيكون على حساب الشعب الفلسطيني الباقي على أرضه، فسيتوجب على هذا الشعب أن يتناسى كل ما فقد ويرضخ ويستسلم، وبقبوله التعايش سيكون راقصًا على أنقاض نكبته، وهنا ترفض البطلة المشاركة في هذا وتقف صامتة ممتنعة عن الكلام والاستمرار في الاحتفاء بولادة هذا الحلم الزائف.
تسلط الكاتبة الضوء بقوة في قصة "انتفاض" على الروح الراضخة المستسلمة لواقع الحال، في وسط الطبقة الشعبية من أتباع (الحيط الحيط ويا رب السترة) والتي تعبر عنها ما جاء في الفقرة التالية صفحة 44:
( من قال إني أريد الانتفاض؟ وماذا أفعل بطفلي؟ من سيربيه؟؟ من سيراعي أموره؟ هذا اذا سمحوا له أن يعيش أصلا... أتصور الدولة ترمي به الى الشارع.. يا الهي!! ساعدني يا رب ماذا أفعل؟ وكيف أخرج من هذا المأزق؟
لم أستعدّ لانتفاضة، ولم أتوقع أية ثورة.. أين أنت يا ولدي؟ ليتني قبلتك قبل أن أغادرك.. لم أتوقع أن تكون المرة الأخيرة. من سيربيك من بعدي؟؟ لا شك أن الدولة ستحرمك من كل حقوقك. وستطعن في مواطنتك. هل ستسامحني وتفخر بي أم تعتبرني سبب تعاستك في هذا الكون؟ من قال إني أريد الانتفاض؟؟ من قال إني أعادي اسرائيل؟ دعوني أربي ولدي ولا ترموا به للشارع.. لا أريد منكم شيئًا آخر...)
هذه الروح المستسلمة قد تثور وتنتفض كما حصل في القصة اذ لا يزال هناك مجال لهذا، لكنها سرعان ما ستعود وتخمد في مواجهة واقع الحياة اليومية الذي لا يترك متسعًا لغير هذا في سبيل تحقيق حياة هادئة وآمنة.
أما عن المرأة وقضيتها، فإن أنوار تطرق عدة أبواب في هذا المجال، ففي قصة "الدخلة والقربان" تتناول قضية مهمة وهي مسألة الحاجز النفسي التي تعاني منه الفتاة في ليلة دخلتها، إذ تحتم العادات والتقاليد عدم اجتماع الخطيب بخطيبته منفردين في فترة الخطوبة، وما يرافق ذلك من تحذيرات للفتاة، وفجأة يتطلب منها أن تتخطى جميع الحواجز دفعة واحدة في ليلة الدخلة، مما يربك الفتاة ويوترها. وهنا ظهر موقف جميل بحق الرجل الذي تفهم الأمر وترك لعروسه مسافة من الزمن تمكنها من تخطي تلك الحواجز. لكن لي مأخذ على هذه القصة، أن الكاتبة أشارت في نهايتها ص 19 الى أن جميع اولاد البطلة يولدون بعلامة حمراء غريبة تبدو كالجرح الغائر عند طرف الكعب بالذات.. في نفس الموضع الذي كان قربان دم ليلة دخلتها ذاك الجرح الذي افتعله زوجها بيده، قد يكون هناك معنى رمزيًا خلف هذا الوصف، لكن من ناحية أخرى في قول الكاتبة أن الاطفال (يولدون) مع هذه العلامة فهي تقدم معلومة غير صحيحة علميًا، إذ لا يمكن أن يرث الأبناء ذاك الجرح الذي افتعله والدهم.
في قصة "سأسجد لهما" تطرح الكاتبة مسألة الطلاق وما يترتب عن هذا من رضوخ، إذ يتحتم على البطلة الاستسلام للإهانة والمذلة في بيت زوجها على العودة الى بيت أبيها، حيث ستفقد عملها وابنتها والبقية الباقية من حريتها. في هذه القصة تظهر أن مشكلة المرأة ليست سلطة الرجل وعنجهيته فقط، لا بل المرأة ذاتها هي عنصر هام في هذه المشكلة، فها هي المرأة المغلوبة على أمرها لا تجد مساندة أو دعما من الأم أو من الأخت أو من زوجة الأخ، وكل هذا يساهم في استمرار شقائها وعيشها بمذلة. هذه الاشارة نجدها أيضًا في قصة "وينطفئ ذاك النور" حين يزداد لغط النساء على امرأة أرملة إثر إقدام أحد جيرانها على مساندتها والاهتمام بتلبية حاجاتها. ويأتيها ذاك الأب الذي كان قد تزوج من امرأة غير أمها بعد أن حملت منه بطفل غير شرعي، يأتيها هو وذاك الطفل الذي أصبح أخًا راشدًا للتنظير عن الشرف متوعدان ساخطان إثر ما سمعا من لغط، متزودان بسكين لتطهير شرف عائلة تناسيا أنهما لطخاه هما منذ سنين.
رأيت أن قصص "فوبيا.. وغربة غزل"، "صدرها الذي ألح.."، "هذه أغنيتي"، "انتفاض"، و"سأسجد لهما" من أقوى قصص المجموعة في طرحها، وفي تركيب الحبكة والتسلسل القصصي فيها. فيما وجدت بعض الضعف في سياق قصة "وينطفى ذاك النور" التي انتهت نهاية ضعيفة. كما شعرت أن هناك حلقة مفقودة في قصة "آرت دي كوكو"، إذ تم بناء القصة بطريقة جميلة، وراحت الأحداث تتقدم بطريقة مشوقة، لكني فقدت التسلسل القصصي حين أشارت صديقة البطلة صفحة 63 الى أنهم لم يدخلوا المطعم بعد، بعد قد ذُكر سابقًا ص56 أن البطلة وصديقاتها قد جلسْن في المطعم ورحن يتحدثن ويضحكن. تنتبه البطلة لشاب يلجمها بنظراته وتتذكر مشاركته في مظاهرة ضد اسرائيل وتوعده اليهود.. وتخشى البطلة تخطيط الشاب للانتقام، لكنني لم أفهم الحالة الهستيرية التي أصابتها بسبب نظراته، هل تخشى أن يراها عدوة له لمجرد تواجدها سعيدة في حضرة صديقة يهودية؟ هل خطط حقًا للانتقام أم لا؟ أي رسالة تود نقلها الكاتبة إلي من خلال هذا النص؟ أسئلة لم أعثر لها على جواب في مساحة هذه القصة.

العنوان: الأفعى والتفاح ـ سيناريوهات لجرائم محتملة..
وقفت مطولا أمام هذا العنوان لمجموعة قصصية تطرح قضية المرأة ومن جوانب عدة.. في هذه القصص تظهر سيناريوهات لجرائم ضد النساء يمكن لها أن تكون على يد رجل من بيئتهن. المرأة المضهدة هنا من قبل الرجل الذي يزداد سلطة وقد يكون هذا انتقامًا، بالعودة للسيناريو الأول للقصة التوراتية، وفيما يبدو أن الكاتبة ترى أن الأفعى والتفاح هما أول من أوقعا بالمرأة وكانا سبب العقاب الأول وهو الطرد من الجنة.
* ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع ـ المسرح الوطني الفلسطيني ـ القدس.ِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع