الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاء عوض في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: اصلاح اجتماعى أم ثورة - قراءة فى واقع وآفاق الثورة المصرية, دور اليسار والطبقة العاملة ونقاباتها

علاء عوض

2011 / 6 / 26
مقابلات و حوارات


أجرى الحوار: حميد كشكولي

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا - 58 - سيكون مع الاستاذ د.علاء عوض حول:  اصلاح اجتماعى أم ثورة - قراءة فى واقع وآفاق الثورة المصرية, دور اليسار والطبقة العاملة ونقاباتها.


1- 1الانتصارات العظيمة التي حققتها الثورة المصرية بإطاحتها بالديكتاتور وأركان نظامه فتحت أمام المجتمع المصري آفاق غير محدودة للتخلص من الاستبداد والاستغلال والتبعية، كيف انعكس ذلك برأيكم على الأوضاع السياسية و الاقتصادية والاجتماعية للعمال والفلاحين والفقراء والمهمشين في مصر؟

بالرغم من تصدر شعارات العدالة الاجتماعية قائمة مطالب الثوار فى ميدان التحرير وسائر شوارع وميادين الوطن منذ الخامس والعشرين من يناير من العام الحالى، وبالرغم من اصطفاف الأعداد الغفيرة من الفقراء فى الأحياء الشعبية فى المدن المصرية فى صفوف الثوار ووقوفهم فى صدارة المشهد فى المعركة الدامية الشرسة مع أجهزة الأمن القمعية، وانتصار هذه الجماهير المطحونة على جهاز الشرطة الذى يمثل الذراع الأمنى القمعى للبرجوازية المصرية بعد أن تصدوا للرصاص الحى بصدور عارية وبشجاعة وبسالة نادرة، وبالرغم من دخول الطبقة العمالية داخل حركة الثورة باحتجاجاتهم واضراباتهم والتلويح بالعصيان المدنى مما كان له عظيم الأثر فى حسم مهمة الاطاحة بالدكتاتور مبارك وقسم من معاونيه وأركان نظامه، بالرغم من هذا كله فان العمال والفلاحين والطبقات الشعبية الفقيرة وجيش العاطلين مازالوا يعانون هموم الفقر المدقع ومازالت حقوقهم الأساسية فى الحياة الكريمة والخدمات الأساسية فى الصحة والتعليم والسكن الملائم مسلوبة. لقد استطاعت البرجوازية المصرية الحاكمة أن تحافظ على سيطرتها الاقتصادية والسياسية على مقدرات البلاد من خلال تمرير عملية تسليم السلطة الى المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقب اضطرارها الى التضحية بمبارك الذى فقد صلاحيته السياسية أمام ثورة الجماهير الغاضبة فى الشوارع، وقد سهل من هذه العملية غياب البديل السياسى المتبلور والمعبر عن المصالح الطبقية لهذه الجماهير المطحونة. ورغم الدعايات المضللة التى يحاول المجلس العسكرى تمريرها للجماهير والتى يقدم فيها نفسه كحامى للثورة وشريك فيها، فقد عجز هو والحكومة الجديدة عن تقديم أية مؤشرات نحو تبنيهما سياسات اصلاحية أو برامج اقتصادية لصالح جماهير الفقراء فى الوقت الذى أعلنا فيه وبوضوح منذ الأيام الأولى انحيازهم الكامل لصفوف البرجوازيين وتبنيهم لسياسات الاقتصاد الحر. لقد عجزت الحكومة التى تدعى أنها حكومة الثورة أن تستجيب لمطلب جماهيرى أصيل وملح بتحديد حد أدنى للأجور يسمح للأجراء والفقراء بالعيش الآدمى، ذلك المطلب الذى تبنته الحركة العمالية واحتجاجات صغار الموظفين والعاملين المؤقتين بالجهاز الادارى للدولة عبر السنوات الأخيرة، وقد تمكنت هذه الحركة من انتزاع حكم قضائى بمشروعية هذا المطلب قبل الثورة، والآن تقدم لنا الحكومة قدرا هزيلا (700 جنيه مصرى) كحد أدنى للأجور فى الوقت الذى تتراجع فيه – وبعد ساعات قليلة – عن مقترح لفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية أمام غضب واحتجاج رجال الأعمال والمستثمرين والمضاربين. وأمام المطالبات المتكررة بنظام ضريبى تصاعدى فى اطار النضال من أجل التوزيع العادل للثروة، تتقدم الحكومة بمشروع لزيادة الضريبة بمقدار 5% فقط على الأرباح التى تتجاوز 10 ملايين جنيها مصريا!!، الحكومة والمجلس العسكرى يعلنان اذن تضامنهما الكامل مع رجال الأعمال البرجوازيين فى مواجهة مصالح الغالبية العظمى من الكادحين فى مصر. لم تقدم هذه الحكومة أى حلول حقيقية لمشكلة البطالة لاسيما بين أوساط الشباب ولا لمشكلات العمالة المؤقتة بالدولة والتى تعد شكلا من أشكال السخرة، ولم يقدم مشروع الموازنة الجديدة للدولة الذى أعدته الحكومة حلولا لانهيار الخدمات الرئيسية كالصحة والتعليم والسكن فى الوقت الذى يصر فيه على تقديم الدعم الكامل لرجال الأعمال (مثل دعم الطاقة وغيرها من أشكال الدعم) مؤكدا على أن يتحمل الفقراء والمهمشين دون غيرهم عبء الأزمات الاقتصادية ومتوافقا مع سياسة الافقار المنظم الذى تمارسه البرجوازية المصرية منذ عهد السادات ومبارك وحتى الآن.
وعلى صعيد الحقوق السياسية والنقابية فالأمر لا يختلف كثيرا، فمازال المجلس العسكرى والحكومة يهاجمان حقوق الاضراب والاعتصام والتظاهر ويصدران التشريعات التى تجرم هذه الحقوق وتعاقبها بالحبس والغرامات المالية الباهظة، وأخيرا أعلنت الحكومة أنها ستطبق موادا فى قانون العقوبات تتعلق بمكافحة الارهاب على المحرضين والمشاركين فى الاضرابات العمالية، وأمام اتساع الاحتجاجات والاضرابات العمالية بشكل غير مسبوق فى التاريخ المصرى المعاصر تواجه الشرطة العسكرية هذه الاعتصامات والتظاهرات وتفضها بالقوة وتعتقل الناشطين العماليين وتصدر أحكاما عسكرية على الفلاحين المحتجين، وفى الوقت نفسه مازال اتحاد العمال الأصفر الذى تسيطر عليه البرجوازية والذى نجح الدكتاتور المخلوع فى تحويله الى جهاز عميل للأمن السياسى ومعادى للعمال ونضالاتهم من أجل حقوقهم المشروعة، مازال هذا الاتحاد باقيا بتشكيله الأسود بالرغم من اتهام رئيسه بالمشاركة فى جريمة قتل المتظاهرين المصريين فى ميدان التحرير فى الثانى من فبراير. هذا الاتحاد العميل الذى تطالب جماهير العمال بحله ومحاسبة أعضائه عما اقترفوه من جرائم فى مواجهة جماهير العمال مازال يحظى بالرضا والحماية من جانب المجلس العسكرى والحكومة، وهو موقف يتسق مع سياسات البرجوازية المصرية الحاكمة فى تأميم الحركة النقابية العمالية وتوظيفها لصالحها. وعلى جانب آخر يصدر المجلس العسكرى قانون الأحزاب الذى يحظر انشاء الأحزاب على أساس طبقى بما يعنى ضمنيا مصادرة حق العمال فى تشكيل أحزابهم السياسية. ان عداء هذا المجلس وهذه الحكومة للعمال والفلاحين والفقراء فى مصر والوقوف فى مواجهة نضالاتهم وعجزهم عن تقديم حلول جذرية لأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية المتردية هو دليل على أن هذا المجلس وهذه الحكومة هما التعبير السياسى للطبقة البرجوازية المهزومة أمام طوفان الغضب الشعبى، وان هذه الطبقة التى عجزت تاريخيا عن تقديم أى حلول لمعضلات التنمية والتحول الديمقراطى لا تملك سوى أدوات القمع والمراوغة لاستمرار حكمها، وأن هذه الأدوات قد كشفتها ثورة الجماهير وهزمتها ومازالت المعركة مستمرة.


2- أراد الجزء الاكبر من البرجوازية المصرية أن لا تتجاوز الثورة رحيل مبارك ، وهذه البرجوازية تحظى بدعم البرجوازية العالمية التي تعمل جاهدة على استمرار النظام الرأسمالي التابع في الحكم .. أين تقف الطبقة العاملة المصرية ونقاباتها والاحزاب اليسارية من هذه المعادلة، وهل يمكنها أخذ المبادرة و التحول إلى قوة تغييرية مؤثرة؟

منذ الحادى عشر من فبراير وبعد خلع الدكتاتور مبارك بدأت الثورة المضادة تتخذ محاورا مختلفة لعل أهمها على الاطلاق هو محاولة تفريغ الثورة من محتواها الاجتماعى وجوهرها الطبقى وتصويرها على أنها حركة احتجاجية شبابية تستهدف بعض الاصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية والتشريعية مع عدم التطرق الى علاقات القوى الاجتماعية وصراعها على الأرض، وكان الخطاب السياسى والاعلامى الرسمى وغير الرسمى من خلال فضائيات وصحف رجال الأعمال يشن هجوما شرسا على الاحتجاجات الاجتماعية التى يقف فى القلب منها العمال والفلاحين وصغار الموظفين والعمالة المؤقتة فى جهاز الدولة، وظهر مصطلح "الاحتجاجات الفئوية" لتوصيف تلك النضالات والمطالب الاجتماعية فى محاولة لتفتيتها واتهامها بعدم المشروعية واخراجها من اطارها العام، ان هذه الاحتجاجات الموجهة بالأساس ضد هيكل أجور مختل وسياسات عمالة جائرة وتضخم لمعدلات البطالة وانهيار للخدمات وغيرها من الملفات الملتهبة على ساحة النضال الاجتماعى، يسعى المجلس العسكرى والحكومة الى التعامل معها كمطالبات متناثرة لمجموعات صغيرة فى المجتمع تستثمر مناخ الثورة لتحقيق مكاسب غير مشروعة، هذه هى رؤية البرجوازية وحكومتها ومجلسها العسكرى لنضالات العمال، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه الى درجة اصدار تشريعات تجرم هذه الاحتجاجات كما أشرت سابقا. وعلى جانب آخر وفى نفس السياق هناك درجة عالية من مقاومة المطالبات الشعبية بتطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين واللصوص الذين ارتبطوا بنظام الدكتاتور المخلوع وكانوا عناصر فاعلة فى منظومة فساده، ويحاول المجلس العسكرى والحكومة الالتفاف على هذه المطالبات أو تعطيل اجراءاتها أو تجاهلها فى العديد من المواقف، وهناك أيضا مقاومة واضحة للمطالبات الجماهيرية باحداث تغييرات تشريعية جذرية فيما يتعلق بتنظيم وتسيير مؤسسات وهيئات الدولة الانتاجية والخدمية وبتكريس أسس ديمقراطية حقيقية قى ادارتها واختيار قياداتها. وفى تقديرى فان الوضع السياسى الراهن يتسم بحالة واضحة من ازدواجية السلطة، فهناك المجلس العسكرى والحكومة فى مواجهة العمال والفلاحين والجماهير الشعبية الفقيرة، وكل من هذين الطرفين يحاول ممارسة كل أشكال الضغط المتاحة لديه لتمرير سياساته.
لم تأت الاضرابات والاحتجاجات العمالية من فراغ ولكنها جاءت تعبيرا عن درجة تطور الصراع الطبقى وعجز البرجوازية عن تقديم أى منجزات اجتماعية على طريق التنمية والعدالة الاجتماعية والتحول الديمقراطى، وقد بدأت هذه الموجة من الاحتجاجات العمالية منذ عام 2006 لتشهد بعد انطلاق عملية الثورة المصرية حالة شديدة من الاتساع الأفقى لتشمل العديد من المواقع العمالية فى مختلف أنحاء البلاد، ويكفى أن نرصد حجم هذه الاحتجاجات خلال شهر واحد فقط (مايو2011) لنكتشف حدوث 26 اعتصام و 26 إضراب و22 تظاهره و 21 وقفة احتجاجيه و4 تجمهرات و3 مسيرات احتجاجية. وبالرغم من اصدار التشريعات القمعية لتجريم الاحتجاجات، فان الطبقة العمالية مازالت قادرة على الصمود والتحدى وليس أدل على ذلك من رد العمال على تهديدات الحكومة بتطبيق مواد مكافحة الارهاب على العمال المضربين باضرابين واسعين فى شركات قناة السويس وهيئة السكك الحديدية. ان وجود الحركة العمالية فى القلب من الاحتجاجات الاجتماعية بالاضافة الى الاحتجاجات الفلاحية (مثل احتجاجات الفلاحين فى البحيرة واعتصام فلاحى الأوقاف) واحتجاجات الشباب العاطلين والعاملين المؤقتين يؤكد أن الموجة الثانية من الثورة المصرية قد بدأت بالفعل وأن جوهرها يكمن فى الصراع الطبقى بين البرجوازية الحاكمة وبين العمال والفلاحين والمهمشين، وأن هذه الاحتجاجات قد أفرزت أشكالا عديدة من النقابات العمالية المستقلة، ولم تتوقف هذه النضالات عند حدود تطوير وعى نقابى عمالى بل بدأت فى تجاوز ذلك الى آفاق المطالبات العمالية باستعادة شركاتهم التى تم نهبها فى عمليات الخصخصة وادارتها ذاتيا والمطالبة باعادة تشغيل شركات القطاع العام التى سعى نظام مبارك الى تجريفها واشهار افلاسها لصالح حفنة من السماسرة والمستوردين. ومن الجدير بالذكر أن هذه النضالات وهذه الموجة من الاحتجاجات ستستمر وسيزداد اتساعها الأفقى وتصاعدها الرأسى طالما استمر حكم هذه الطبقة البرجوازية الرثة. ان تطوير هذه النضالات وتأطيرها داخل حركة ثورية جذرية تستهدف الاطاحة بالبرجوازية الطفيلية الحاكمة لصالح جماهير العمال والمنتجين، وتكريس مفاهيم وآليات الادارة الديمقراطية لأدوات الانتاج وانتزاع العمال لحقوقهم فى المشاركة الكاملة والفعالة فى هذه العملية، هى الآفاق الحقيقية للثورة المصرية، وان قدرة العمال والفلاحين وجماهير الفقراء فى المدن والقرى على بناء تنظيماتهم القاعدية فى المواقع الانتاجية والأحياء والمدن وتفعيل دورها فى المشاركة فى الادارة هو أهم الأدوات فى تطوير هذا الصراع، كما أن مهمة بناء الحزب الثورى الجماهيرى القادر على تبنى طرحا ثوريا جذريا فى مواجهة التيارات المحافظة وخوض مسيرة نضالية يقف فى طليعتها جماهير العمال والفقراء هى من المهام المركزية فى هذا السياق.

3- تتعدد التصورات بشأن سيناريو الحكم القادم فى مصر بعد مرحلة الانتقال، فهناك طرح يدعو للدولة الدينية الاسلامية وهناك من يطالب بالشكل الليبرالى فى الحكم، كيف ترون شكل الحكم فى المستقبل القريب فى مصر وما أثر ذلك على حركة الثورة ؟

منذ الاطاحة بالدكتاتورمبارك والمجلس العسكرى الأعلى يسعى لتمرير عملية انتقال السلطة وفق الآليات التى تكرس حكم البرجوازية وسيطرتها الاقتصادية، ولتحقيق هذا الهدف أصر المجلس على استئثاره بقيادة مرحلة الانتقال برغم وجود مطالبات عديدة بحكم انتقالى مدنى. وكانت معركة الدستور واحدة من أهم المعارك السياسية لأن الدستور سوف يضع الملامح الرئيسية للبنى السياسية الحاكمة فى المرحلة المقبلة، وقد استطاع هذا المجلس بالتحالف مع جماعة الاخوان المسلمين وتيارات الاسلام السياسى الأخرى أن يمرر تعديلات دستورية لا تخرج عن التعديلات التى اقترحها مبارك نفسه واقرارها فى الاستفتاء الشعبى الشهير. كان الهدف هو تأكيد استمرارية حكم البرجوازية من خلال هياكلها السياسية السابقة وان كان ذلك من خلال رموز ووجوه أخرى لم تفقد بعد صلاحيتها لدى الجماهير، وكان الاخوان يبحثون عن دور لهم فى الحكم وفى صياغة هياكله بعد فترة طويلة من التهميش السياسى عبر عقود ووجدوا فى هذا التحالف غايتهم، فتشكلت لجنة التعديلات الدستورية من رموزهم وحاملى أفكارهم، وتمكنوا عبر دعايات دينية وطائفية بالتعاون مع التيارات السلفية فى الحصول على أغلبية ملحوظة فى استفتاء التعديلات الدستورية. ولابد من التنويه فى هذا السياق أن الفترة المتاحة للدعاية السياسية ضد أو مع هذه التعديلات كانت شديدة القصر وكانت الحركة الجماهيرية وقتها منهكة فى مطالبات متواصلة لاقالة حكومة شفيق وحل جهاز أمن الدولة، أى أن المجلس اختار الوقت والحليف المناسبين لتمرير شكل الدستور الذى يريده. لم يكن السيناريو السياسى الذى يدفع اليه المجلس العسكرى متناقضا مع طرح الاخوان المسلمين أو غيرهم من تيارات الاسلام السياسى، فكلا منهما يعبر عن مصالح الطبقة البرجوازية حيث يسيطر المجلس العسكرى على مالا يقل عن 25% من جملة الاستثمارات الاقتصادية فى مصر، وتسيطر قيادات الاخوان على قدر ضخم من هذه الاستثمارات لاسيما فى القطاع التجارى والمصرفى والعقارى. وأيا كان السيناريو القادم للحكم والذى يستند بالأساس الى هذا الحلف، وأيا كانت تركيبة البرلمان المقبل وحجم تمثيل تيارات الاسلام السياسى فيه، فاننى لاأتصور أن هذا سيكون أمرا حاسما فى تطور الصراع الاجتماعى أو فى مسيرة الثورة، وسواء وضع الدستور الاسلاميون أو الليبراليون أو كلاهما بالتعاون مع المجلس العسكرى، فلن يكون هذا الدستور أكثر من وثيقة ضمن العديد من الوثائق التى لاتعنى الكثير لدى الجماهير. القضية بشكل حاسم هى عجز كل هذه الكيانات السياسية عن تحقيق المطالبات الاجتماعية المتزايدة، وعن التصدى لموجة الاحتجاجات المتصاعدة بحلول سياسية واجتماعية على أسس العدالة والديمقراطية. ان الديمقراطية لدى الاسلاميين والليبراليين تقوم على تهميش حركة الجماهير وتحويلها الى مجرد بطاقات فى صناديق الاقتراع، انها الديمقراطية التى تقوم على الانابة والتفويض الكامل من الجماهير لهم، وهى تنتهى لديهم بحصولهم على المقاعد البرلمانية والحكومية، أما الديمقراطية لدى جماهير العمال والفلاحين والفقراء فانها تعنى المشاركة الكاملة فى الادارة والرقابة والمتابعة وفق آليات تنظيمية تسمح بالقدر الأوسع من هذه المشاركة فى المواقع الانتاجية والخدمية والأحياء السكنية والمدن والمحافظات وعموم الوطن، انها الديمقراطية التى لاتفرط فى حقوقها الاجتماعية والسياسية والمدنية والتى تربط بين الحقوق الاقتصادية فى أجر عادل وظروف عمل انسانية وخدمات عامة لائقة وبين حقوق الادارة والملكية.
ان حالة الاستقطاب القائمة بين الليبراليين والاسلاميين حول شعارات مثل الدستور أولا أو الدولة المدنية فى مواجهة الدولة الدينية هى حالة تفتقد الى التحديد الاجتماعى لجوهر الديمقراطية ويعتريها قدر كبير من الحيرة ازاء الجمهور المستهدف بالحشد حول هذه المطالب، كما أنها تشهد قدرا شديدا من الارتباك، فخصوم الأمس يدخلون اليوم فى تحالفات من أجل قوائم انتخابية موحدة، وبرغم أن بعضا من هذه الشعارات يحمل محتوى ديمقراطيا (مثل رفض الدولة الدينية وحقوق المواطنة) الا أن تفريغ هذه الشعارات من محتواها الاجتماعى وطرحها كشعارات مجردة قد جعل هذا الصراع نخبويا يدور بالأساس فى ساحات الاعلام وحوله الى صراع سياسى بين تعبيرات مختلفة من البرجوازية المصرية حول حجم المكاسب السياسية التى يسعى كل طرف لتحقيقها وحول توسيع المساحة المتاحة له فى دوائر الحكم القادم. وهنا يجب الانتباه الى دور اليسار الثورى ازاء هذا الصراع، الذى يجب أن يكون متميزا من زاوية الطرح السياسى الذى ينطلق من تحليل دقيق لطبيعة الصراع الطبقى وجذريا فى فهمه للديمقراطية وألا يتخذ موقفا ذيليا من القوى الليبرالية. وفى مواجهة هذا الصراع هناك حالة أخرى من الاستقطاب أكثر وضوحا وأكثر حدة، وهو التناقض بين الحركة الجماهيرية (العمالية والفلاحية منها على وجه الخصوص) وبين البرجوازية المصرية بكل شرائحها وتعبيراتها المختلفة. الليبراليون والاسلاميون يختلفون فيما بينهم حول من يضع الدستور ومن يحقق أعلى نسبة مقاعد برلمانية ومن يشكل الحكومة، ولكنهم يتفقون فى عدائهم للاضرابات العمالية واتهام هذه النضالات باثارة الفوضى وتعميق الأزمات الاقتصادية، وهم يدعون تبنيهم للعدالة الاجتماعية فى الوقت الذى يؤكدون فيه على تمسكهم بسياسة الاقتصاد الحرالتى لم تجلب لجماهير الشعب الكادحة سوى المزيد من الافقار والقهر الاجتماعى. وبالرغم من وجود تيار ليبرالى يعبر عن الطبقة الوسطى وتوجهات قطاع من المهنيين والأكاديميين ويطرح شعارات اصلاحية ويقف ضد تجريم حق العمال فى الاضراب الا أنه يظل متمسكا بتبنى سياسات الليبرالية الاقتصادية التى لم تستطع عبر عقود طويلة أن تحقق التحول الديمقراطى أو العدل الاجتماعى، ان هذا التيار الذى يحاول تجميل وجه النظام الرأسمالى بمساحيق تدخل الدولة ببعض الآليات الضابطة للسوق يقع فى مأزق التناقض بين حقيقة البنية الرجعية للبرجوازية القائمة على التبعية والفساد وبين مهمات التنمية الاقتصادية التى تصب عوائدها فى القطاع الأكثر فقرا فى المجتمع. ان تطورهذا الصراع الاحتماعى الدائر فى أرض الواقع والذى يشهد اتساعا يوما بعد يوم لن يجعل أى من هذه الكيانات السياسية البرجوازية تنعم باستقرار لحكمها مهما كانت صورته، هذا الاستقرار الذى لايمكنه أن يتحقق الا على أنقاض حكم هذه الطبقة العميلة والرجعية. ولكن كلنا يعلم أن التاريخ لا يعرف مسارا واحدا أو حتميا، فبالرغم من نضج الشرط الموضوعى لتطور الصراع الطبقى فى مصر نحو مسارات جذرية تسمح للقوى المنتجة بالسيطرة السياسية والاقتصادية، فان هناك عنصر العامل الذاتى القادر على تنظيم نضالات المضطهدين وتأطيرها فى وعى ثورى متكامل ومتماسك، هذا الوعى الذى ينمو ويتجذر بالضرورة فى غمرة النضال يحتاج الى أطر وآليات تنظيمية على المستوى الحزبى والنقابى والجماهيرى لاستكمال المهام الثورية، وهذا هو التحدى الأكبر أمام الثورة المصرية، لقد باتت ضرورات بناء الحزب الثورى والتنظيمات العمالية والجماهيرية ملحة فى تلك المرحلة. ان الواقع السياسى والاجتماعى المصرى الراهن يعكس بوضوح حالة من ازدواجية السلطة بين المجلس العسكرى والحركة الجماهيرية والعمالية، وفى ظل عجز البرجوازية البنيوى عن تحقيق استقرار سياسى نابع من برنامج اصلاحى حقيقى، وفى حال ضعف الأدوات التنظيمية للعمال والفلاحين والمضطهدين، سيصبح ثمن الاستقرار السياسى فادحا، فالتاريخ يعلمنا أن مثل هذا الظرف هو المناخ المناسب لصعود حكم بونابرتى عسكرى فى أغلب الأحوال، يقدم بعض الاصلاحات ويطرح العديد من الشعارات الديماجوجية محاولا استقطاب قطاع واسع من المهمشين والفقراء تحت رايته ويسعى فى الوقت نفسه للقضاء على معارضيه والتنكيل بهم. ان هذا السيناريو لا يمكن تجاهله فى المستقبل السياسى المصرى القريب ولابد من التنبه له ومقاومته.


4- هناك انقسام واضح الان على الساحة السياسية في مصر بين القوى العلمانية من جانب، والقوى الإسلامية من جانب آخر، وكذلك الاحتقان الطائفي والديني والعنف المصاحب له، في ضوء ذلك كيف تقيم دور ومكانة الاسلام السياسي وآفاقه في مصر؟

تحتل جماعة الاخوان المسلمين الموقع الأهم فى جماعات الاسلام السياسى فى مصر وكانت التيار الوحيد الذى طرح لنفسه دورا سياسيا منذ بداية تشكيلها فى عشرينيات القرن الماضى، ورغم ادعاء قيادات الجماعة بأن دورها ينحصر فى اطار الدعوة الدينية فانها كانت دائما تمارس دورا سياسيا من خلال خطابها الدينى، وكان الاعلان الأول عن هذا الدور قد اتضح فى المؤتمر الثانى للجماعة عام 1935 الذى أعلن فيه حسن البنا بوضوح أن الاسلام دين ودولة، وكان هذا الدور فى أغلب مراحل التنظيم يتخذ موقفا معاديا للديمقراطية بدءا من تحالفهم مع الملك فاروق وحكومة صدقى فى مواجهة الوفد حيث كتب حسن البنا فى مجلة النذير عام 1938 مقالا يصف فيه أعضاء الجماعة بأنهم "أخلص جنود الملك"، ثم كان تحالفهم الشهير مع نظام السادات الذى قرر تبنى سياسات اقتصادية تتفق مع شروط البنك الدولى وانسحاب الدولة من أداء أى دور فى عملية التنمية والانتاج والخدمات، وكان عليه أن يواجه المعارضة اليسارية فى الأوساط الطلابية والعمالية ولم يجد أفضل من الاخوان المسلمين حليفا له فى هذه المهمة مستخدما فى ذلك خطابهم الدينى، وكان هذا التحالف بداية لمرحلة صعود سياسى لهذه الجماعة بعد فترة طويلة من الاعتقالات والعزل والتهميش السياسى عانتها الجماعة فى الفترة الناصرية، وقد دعم هذا الصعود موجة هجرة المصريين الى دول الخليج وتحديدا الى السعودية والذين عادوا محملين بالفتات من أموال النفط والكثير من الثقافات الأصولية الوهابية التى انتشرت بشكل واسع لاسيما بعد انحسار الأفكار القومية اثر هزيمة 1967. وفى عهد مبارك، وبعد اغتيال سلفه السادات على أيدى التنظيمات الاسلامية الجهادية والتى خرجت من عباءة الاخوان المسلمين كانت العلاقة بين نظام حكمه وبين الجماعة تشهد حالة شديدة التناقض، فقد سمح لهم نظام مبارك بالتواجد السياسى كممثل رئيسى للمعارضة، كما سمح لهم بالسيطرة على النقابات المهنية واختارأن يحتلوا مقاعد كتلة المعارضة فى انتخابات برلمان 2005، وفى الوقت نفسه لم يمنع هذا من تعرضهم لاجراءات قمعية والاعتقال المتكرر وتعرض قياداتهم للمحاكمات العسكرية. وعلى أى حال، فان الاخوان لم يقفوا موقفا عدائيا جذريا ضد مبارك قبل 28 يناير 2011، كما أنهم لم يتصدوا لسياسات الاقتصاد الحر والليبرالية الجديدة بل على العكس وقفوا فى صفها، وهم الذين وقفوا موقفا معاديا للفلاحين فى قانون الايجارات الزراعية لصالح ملاك الأراضى (وكان ذلك امتدادا لمعارضتهم الشديدة لقوانين الاصلاح الزراعى بعد حركة يوليو 1952)، ولم يتصدوا لأى قضايا ذات طابع اجتماعى فى النقابات المهنية مثل قضايا الأجور والبطالة. وقبل 25 يناير، اتخذت الجماعة موقفا رافضا للمشاركة فى الاحتجاجات، ولم تعلن مشاركتها الا فى جمعة الغضب (28 يناير)، وأثناء اعتصام التحرير قبلت الجماعة التفاوض مع نظام مبارك ممثلا فى نائبه عمر سليمان، أى أن موقف الجماعة من الثورة كان المشاركة بعد تصاعد درجة الاحتجاجات الشعبية وفى الوقت نفسه الحفاظ على درجة من العلاقة مع نظام مبارك على موائد الحوار. ان العلاقة المركبة بين الاخوان، أصحاب الدور الرئيسى فى المعارضة السياسية، وبين نظام حكم مبارك كانت متسقة مع دفاع هذه الجماعة عن الركائز الاقتصادية للبرجوازية المصرية، وفى تقديرى أن الاخوان هم أحد التعبيرات السياسية للبرجوازية المصرية وان قياداتهم يمتلكون قدرا ضخما من الاستثمارات الاقتصادية فى مصر، وأن تصوير هذه الجماعة على أنها تنظيم شعبوى يعبر عن مصالح البرجوازية الصغيرة هو تحليل قاصر يعتمد على التركيب الطبقى لعضوية الجماعة وعلى خطابها الأخلاقى بينما يتجاهل دورها السياسى فى تبنى المصالح الطبقية البرجوازية والدفاع عنها.
لم يكن اختيار المجلس العسكرى للاخوان كحليف سياسى، بمباركة الامبريالية الأمريكية، فى مرحلة الانتقال والتمهيد لاقامة حكم عسكرى متأسلم متناقضا مع هذه الرؤية، فالاخوان سيلعبون دورا داعما لسياسات الليبرالية الاقتصادية لصالح البرجوازية المصرية والامبريالية، ولكن التاريخ لا تصنعه ارادة طرف واحد من أطراف الصراع، فهناك العديد من التحديات أمام الاخوان المسلمين وتيارات الاسلام السياسى فى مصر، فعلى المستوى التنظيمى هناك تحدى الانشقاقات المتعددة والتى بدأت بالفعل، ان انحسار ضغوط السرية سوف يفتح الباب أمام مطالبات بآليات ديمقراطية فى التنظيم لاسيما من القطاعات الشبابية وهو ما يتناقض مع شيوخ القيادات التى تضمن سيطرتها على الجماعة من خلال آليات فاشية مثل البيعة والولاء الكامل. وهناك أيضا مشكلة العلاقة بين الحزب السياسى والجماعة، فقيادات الاخوان تنظر الى الحزب بوصفه الذراع السياسى للجماعة التى تملك المرجعية الأعلى، وقد قامت الجماعة باختيار الأعضاء المؤسسين للحزب وجميع قياداته بشكل فوقى، وفى تقديرى أن هذه العلاقة لا يمكنها أن تستمر بهذه التبعية المطلقة، وأن التناقضات بين الحزب والجماعة هى أمر حتمى. وعلى الصعيد السياسى، فان المطالبات الشعبية بالديمقراطية تشكل تهديدا دائما لطرح الاسلام السياسى الذى يفهم الديمقراطية فى حدود ضيقة لا تتجاوز مصالحه السياسية، ان مشكلات ملحة مثل التمييز ضد الأقباط وضد المرأة ستقف دائما فى مواجهة الاسلاميين على مستوى الوطن وعلى مستوى المجتمع الدولى أيضا. وفى هذا السياق ينبغى أن نؤكد على أن الواقع السياسى فى مصر قد بدأ يشهد تغيرات قوية أهمها ظهور تيارات سياسية أخرى على المسرح، لم يعد طرفا المباراة الاخوان ونظام مبارك، فهناك الليبراليون بطيفهم الواسع وهناك القوى اليسارية، هذه القوى التى بدأت تظهر على الساحة السياسية وتقدم طرحا سياسيا مغايرا مما يشكل أحد التحديات الهامة أمام الاسلاميين. الأمر الأكثر أهمية هو ابتعاد الاخوان تاريخيا عن الحركة العمالية، فلم يكن لهم دورا ملحوظا فى النضالات والاضرابات العمالية عبر تاريخهم، وبعد انطلاق العملية الثورية فى مصر اتخذوا موقفا معاديا للاضرابات والاحتجاجات العمالية وفشلوا فى التواجد داخل النقابات المستقلة، وبرغم محاولاتهم للسيطرة على اتحاد العمال الرسمى ودعوتهم لانشاء اتحاد عمال "اخوانى" فمازال خطابهم معاديا للعمال. ان تطور النضالات العمالية فى اطار عملية الثورة وفى مواجهة سياسات البرجوازية الاقتصادية سيشكل التحدى الأكبر أمام تيارات الاسلام السياسى ويضعها بوضوح شديد فى صفوف الثورة المضادة.
ربما ينجح الاخوان فى الحصول على أغلبية فى الانتخابات البرلمانية القادمة، وربما ينجحون فى تنصيب رئيسا للجمهورية يتوافقون عليه مع المجلس العسكرى، ولكن يبقى السؤال الأهم، هل يستطيع هذا البرلمان وهذا الرئيس أن يوقف عملية الثورة؟ وهل تستطيع الآلة القمعية المهزومة من الجماهير أن تسيطر على غضب الفقراء؟ ان الظروف الموضوعية لتطور الصراع الطبقى فى مصر تجيب بالنفى على هذه التساؤلات.


5- بعد الثورة تشكلت أحزاب يسارية جديدة في مصر ومنها حزب العمال الديمقراطي، كيف تقيم نشاط ودور الحزب في المرحلة الراهنة بشكل خاص ودور القوى الماركسية واليسارية المصرية بشكل عام؟، و ما هي آفاق التنسيق والعمل المشترك بين القوى الماركسية واليسارية وخاصة بعد تشكيل "ائتلاف- جبهة القوى الاشتراكية"؟

شهد اليسار المصرى قبل الخامس والعشرين من يناير الجارى ولمدة تجاوزت العقدين حالة من الانحسار على المستويين السياسى والتنظيمى، فمنذ النصف الأخير من ثمانينيات القرن الماضى تعرضت أغلب المنظمات اليسارية المصرية (التى كانت تعمل فى اطار السرية أمام مواجهات وقمع الدولة البوليسية) الى حالة من الانكماش والتفكك التنظيمى واتجهت أغلب الكوادر السياسية اليسارية الى العمل من خلال منظمات المجتمع المدنى أو النقابات العمالية والمهنية أو الكتابة السياسية والصحفية كأفراد وغيرها من الأنشطة، ومنذ بداية التسعينيات كان التعبير التنظيمى المتاح عن اليسار المصرى هو حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى وهو حزب علنى اتخذ منذ بداياته مواقفا محافظة وقدم العديد من التنازلات أمام النظام الحاكم لاسيما فى عهد مبارك ومارس أشكالا مساومة فى تحالفاته الى الدرجة التى جعلت قياداته تتخذ موقفا معاديا من الثورة فى أيامها الأولى، وبالاضافة الى هذا الحزب كانت هناك بعض المنظمات السرية الصغيرة ربما كان أهمها تنظيم الاشتراكيين الثوريين الذى لعب دورا ملحوظا رغم محدوديته فى التعبير عن التوجهات السياسية لليسار رغم التحفظات الشديدة على تبنيه لمنهح التحالف مع جماعة الاخوان المسلمين فى فترات طويلة من تاريخه، وبعد انطلاق الثورة بدأ اليسار عملية استعادة تواجده التنظيمى بعد عقود من التفكك والانفراط، وبالقطع لم تكن هذه العملية يسيرة ولم تكن مساراتها بالوضوح الكافى. بدأت الدعوة لتشكيل حزب للاشتراكيين المصريين منذ الأيام الأولى فى فبراير 2011 وقبل الاطاحة بمبارك وطرح البيان الأول لهذه الدعوة خيارين: تأسيس حزب جديد فى مواجهة الانضمام لحزب التجمع وتثويره من الداخل بعد الاطاحة بقياداته الرجعية، ولم يستغرق الأمر أكثر من أيام قليلة لحسم الخيار لصالح تأسيس حزب جديد هو حزب التحالف الشعبى الذى ضم فى صفوفه العديد من الكوادر اليسارية القديمة والذى سرعان ما انضم اليه تيار التغيير المنشق على حزب التجمع الوطنى التقدمى ليتحول اسم الحزب الى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى. كانت هذه هى بداية عملية تنظيم اليسار المصرى بعد الثورة وتلاه الاعلان عن تأسيس حزب العمال الديمقراطى والحزب الاشتراكى المصرى ثم اعلان الحزب الشيوعى المصرى خروجه من دائرة العمل السرى الى العمل العلنى.
وواقع الأمر فانه لا يمكن قراءة تمايز سياسى واضح فى فهم واقع العملية الثورية فى مصر وفى قراءة آفاقها الاجتماعية والمهمات المطروحة على القوى اليسارية فى هذه اللحظة بين كل هذه التشكيلات التنظيمية الناشئة، بل على العكس تماما، فان كل من هذه التشكيلات تضم فى صفوفها أكثر من رؤية تحليلية بهذا الخصوص تتفاوت بين الاتجاهات المحافظة التى تتبنى سياسات الاصلاح الاجتماعى من داخل المجتمع الرأسمالى وفى ظل سيطرة علاقات انتاجه مرورا بالرؤية الستالينىة الكلاسيكية لضرورات انجاز الثورة الديمقراطية البرجوازية أولا وخنق العملية الثورية فى هذه الدائرة ووصولا الى الرؤية الثورية التى تتبنى ديمومة العملية الثورية والارتباط العضوى التاريخى بين مهام التحول الديمقراطى والانتقال نحو توجه اشتراكى. ان معضلة بلورة رؤية سياسية واضحة وتحليل دقيق لطبيعة اللحظة الثورية تاريخيا وترجمة ذلك برنامجيا وصياغة تصور للمهمات السياسية هى من أهم التحديات التى تواجه اليسار المصرى فى حالته الراهنة. ان هذا التحدى لا يكتسب قيمته التاريخية من مجرد ضرورات التحليل على المستوى النظرى ولكنه بالأساس يحدد القضايا المركزية فى عملية الثورة ويحدد أيضا التوجهات السياسية أمام العديد من القضايا الملحة فى الواقع السياسى مثل الانتخابات البرلمانية والتحالفات المطروحة مع الليبراليين أو الاسلاميين والموقف من النضالات العمالية ودور هذه النضالات فى المسيرة الثورية، فى أى موقع يجب علينا الاصطفاف وأى استقطاب نثق فى قدرته على احداث التغيير الثورى الجذرى. كل هذه التساؤلات مازالت بحاجة الى الحسم من اليسار المصرى.
وهناك تحد آخر يواجه عملية تنظيم اليسار المصرى وهو التحدى التنظيمى، فبعد انقطاع التراث التنظيمى لليسار لعقود وبعد الخروج من دائرة السرية الى العلنية يجد اليسار نفسه مرتبكا أمام صياغة رؤية تنظيمية تتبنى اطارا ديمقراطيا وتمتلك أدوات الاتصال الجماهيرى مع تحقيق درجة عالية من الوحدة فى التوجه السياسى والشعارات المطروحة فى الواقع. ان أغلب الكوادر اليسارية العاملة فى مصر ليس لديها سوى خبرات التنظيمات السرية التى قامت على أسس الفهم المتحجر للمركزية الديمقراطية والتى افتقدت تحت ضغوط السرية الآليات الديمقراطية الحقيقية والقادرة على تطوير بناء هذه التنظيمات سياسيا وجماهيريا وتنظيميا، كما أن فترة الانقطاع التنظيمى الطويلة قد ساهمت فى تعظيم الممارسة السياسية بشكل فردى أو فى اطار منظمات مدنية ونقابية، مما يطرح ضرورة خلق آليات الانصهار فى العمل الحزبى الثورى كأحد أهم التحديات أمام عملية تنظيم اليسار فى مصر.
ان حزب العمال الديمقراطى يتبنى سياسة دعم النضالات العمالية والاتصال الجماهيرى بالعمال والفلاحين والطبقات الشعبية وتتكون عضويته فى قوامها الأعظم من هذه الطبقات بالاضافة الى بعض المثقفين اليساريين، وهو يرفض التحالفات السياسية مع الاسلاميين ويرفض الاندماج السياسى فى تحالفات مع الليبراليين والقوى السياسية البرجوازية ويرى أن التحالف مع هذه القوى يجب أن يكون فى اطار الاتفاق على مهمات بعينها مع الاحتفاظ بالتمايز السياسى الكامل. والحزب يرى ان الديمقراطية فى جوهرها لا يمكن أن تتحقق فى ظل الحكم الرأسمالى وأن النضال من أجل الخبز والحرية لا ينفصلا، كما يرى أن العمال والفلاحين والفقراء هم أصحاب المصلحة الحقيقية فى الثورة وهم القوى الاجتماعية التى تستطيع مواصلة النضال لاستكمال مهماتها. وقد وقف الحزب مواقفا داعمة للنضالات العمالية فى العديد من المواقع وتبنى الدعم السياسى والقانونى والاعلامى لتشكيل العديد من النقابات المستقلة، كما تصدى لقانون تجريم الاضرابات والاعتصامات. والواقع أنه برغم تلك المواقف فمازالت أمام الحزب تحديات بناء الرؤية السياسية والتنظيمية الواضحة والاسهام فى تطوير الوعى الثورى لدى الطبقة العمالية ودفعه نحو الانطلاق خارج دائرة الوعى النقابى.
لقد جاء انطلاق عملية الثورة فى مصر فى ظل غياب الحزب الثورى الجماهيرى ليؤكد أن الثورة لا تصنعها الأحزاب ولكن يصنعها الظرف الموضوعى للصراع الطبقى على المستوى المحلى والاقليمى والدولى، كما أكد أيضا على ضرورات وجود هذا الحزب لحماية الثورة من قوى الثورة المضادة التى تسعى لالتهامها وسرقتها. ان عملية تنظيم اليسار المصرى قد بدأت ولا يمكن قراءة مستقبلها بشكل كامل ودقيق ولكن الشئ المؤكد أن هذه العملية ستمر بمراحل متعددة فى تطورها، وبرغم حالة الارتباك التى تشهدها مقدماتها، أستطيع أن أتصور أن هذه التشكيلات الأولى لن تستمر على حالها بالضرورة، ومن الممكن حدوث اندماجات بينها فى سياق تطورها السياسى. ان مهمة وحدة اليسار المصرى هى ضرورة تاريخية وتحتل موقعا متقدما على أجندته، وربما كان اعلان حبهة القوى الاشتراكية خطوة على هذا الطريق رغم محدوديتها، وفى تقديرى أن المشكلة الرئيسية فى هذه الجبهة أنها افترضت وجود كيانات سياسية حزبية واضحة ومكتملة وهو الأمر الذى لا يتفق مع الواقع، حيث أن كل هذه الأحزاب مازالت فى طور التشكيل ولم تتضح معالمها السياسية والتنظيمية بالشكل الكافى، ومن ثم فالأمر الأكثر أهمية هو خلق آلية تسمح بهذا التطور السياسى والتنظيمى بشكل مشترك والانخراط النضالى الجماهيرى بشكل مشترك أيضا مما يدفع الأمور الى الوحدة على أرضية صلبة وأصيلة وليس مجرد صياغة بعض البيانات والأوراق التى تعلن عن هذه الوحدة بشكل فوقى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لماذأ؟؟
جاسم الدهماني ( 2011 / 6 / 26 - 10:46 )
ماهو السبب في تشكيلكم العديد من احزاب يسارية بعد سقوط مبارك ، نحن كجماهير لانرى فرقا كبيرا بينها
شكرا


2 - رد الى: جاسم الدهماني
علاء عوض ( 2011 / 6 / 26 - 19:07 )
من المبكر جدا الحديث عن التمايز السياسى الواضح بين الأحزاب اليسارية الناشئة فى مصر، لقد فاجئت الجماهير المصرية كل القوى السياسية بما فيها اليسار بانطلاق عملية الثورة، ولم تكن هذه القوى تحظى بالقدر التنظيمى الكافى الذى يسمح لها بالتواجد الفعال والمؤثر فى مسيرة الثورة، لقد جاءت عملية تنظيم اليسار لاحقة للثورة، ربما كانت المقدمات مرتبكة ولكننى أتصور أن تطور هذه العملية سيحمل آفاق التوحد القائمة على العمل الجماهيرى والبناء السياسى والتنظيمى المشترك


3 - جبهة القوى الاشتراكية
انور المصري ( 2011 / 6 / 26 - 17:44 )
هل من الممكن ان توضح لنا رفيق تفاصيل جبهة القوى الاشتراكية حيث قرات بيانا مختصرا جدا
ماهي الخطوات التى تحققت في ارض الواقع


4 - رد الى: انور المصري
علاء عوض ( 2011 / 6 / 26 - 19:40 )
تكونت جبهة القوى الاشتراكية من خمسة منظمات يسارية مصرية وهى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى وحزب العمال الديمقراطى والحزب الاشتراكى المصرى والحزب الشيوعى المصرى ومنظمة الاشتراكيين الثوريين، وقد أصدرت الجبهةبيانها الأول الذى جاء فعلا بشكل محتصر ولم يحمل برنامجا سياسيا مشتركا بقدر ما قدم رؤية للتنسيق والعمل الجماهيرى المشترك، وفى المظاهرة التالية لاعلان الجبهة بميدان التحرير، كانت هناك منصة واحدة لكل القوى اليسارية المشاركة فى الجبهة. والواقع أن هناك العديد من آفاق العمل المشترك التى أتصور أنها يجب أن تكون من المهام الرئيسية لهذه الجبهة، كما أن هذه المهام لابد أن تتجاوز فى تطورها حدود العمل الجبهوى الى آفاق البناء التنظيمى والحزبى المشترك. الجبهة هى شكل تنظيمى يعبر عن اتفاق حد أدنى بين أحزاب قائمة بالفعل وكاملة البناء التنظيمى والسياسى وهذا بالطبع لا يعبر عن حالة التنظيمات اليسارية الناشئة فى مصر، ان وحدة اليسار المصرى القائمة على دعائم أصيلة من الرؤية السياسيةالمشتركة والاتفاق على المهمات الثورية الملحة هو الخيار الوحيد للخروج من المأزق


5 - الدستور
دانا جلال ( 2011 / 6 / 26 - 17:51 )
نشكر حوارنا المتمدن والعزيز الاستاذ حميد كشكولي ، موجهين سؤالنا للمناضل علاء عوض ( ثورات الشباب أهي ضمن مجال وفضاء الثورة المستمرة وان معركة ( الدستور اولا) تمثل المرحلة الثانية ام انها تراجعت بعد سقوط النظام.؟.. شعار( الشعب يريد اسقاط النظام) كان شعارا مركزيا -مُوَحدا ً- و-مُوحِداً- فهل يرفع شباب الثورة في تونس ومصر ولاحقا بقية الثورات شعار يكمل الثورة ويبعدها عن خطر تحولها الى رهينة بيد الاسلام السياسي.


6 - رد الى: دانا جلال
علاء عوض ( 2011 / 6 / 26 - 20:52 )
اسمحى لى أولا أن أتحفظ على تعبير ثورة الشباب، فالشباب هم وقود الثورات بحكم زخم الحماس لديهم والتطلع الى مستقبل أفضل، ولكن لا يمكن أن نضع الشباب كله فى سلة واحدة دون الأخذ فى الاعتبار انتماءاتهم الطبقية وبالتالى مصالحهم الاجتماعية فى الصراع الثورى. لقد بدأت العملية الثورية فى مصر بدعوة للاحتجاجات الجماهيرية تبنتها مجموعات شبابية تشكلت عبر الانترنت خلال السنوات القليلة الماضية، وهذه المجموعات فى عمومها تنتمى الى الطبقة الوسطى المدينية التى تعانى من ارتفاع نسبة البطالة والتهديد المستمر بالانتقال الى صفوف الفقراء والتهميش السياسى وغيرها من المشكلات الاجتماعية، وجاءت الدعوة فى بداياتها ذات محتوى ديمقراطى ضد ممارسات الشرطة فى التعذيب وفى مواجهة أشكال الاستبداد السياسى والبوليسى، وفى الثامن والعشرين من يناير تغير الموقف بانضمام جماهير فقراء المدن والمهمشين الى الثورة ولعبوا دورا محوريا فى التصدى لجهاز الأمن القمعى وكان ذلك أحد أهم أسباب الانتصار التاريخى الذى حققه الثوار على ذراع النظام الحاكم الأمنى، وبعد ذلك بأيام شهدت عملية الثورة انضمام الطبقة العاملة فى اضرابات شبه منظمة (عمال النقل العام و السويس للأسمدة والمحلة والشركة المصرية للاتصالات وغيرها) مما سارع بحسم خلع رأس النظام، أى أن الثورة بدأتها قطاعات من الطبقة المتوسطة وانضم الى صفوفها بسرعة الطبقات الشعبية المدينية والمهمشين والطبقة العاملة كما انضمت اليها أيضا عناصر من البرجوازية التى عانت من التهميش السياسى فى عهد مبارك، هذا هو التركيب الاجتماعى لانطلاق العملية الثورية فى مصر، والذى سرعان ما تغيرت بنيته بعد الاطاحة بمبارك لتقف جماهير العمال والطبقات الشعبية المضطهدة فى مواجهة البرجوازية بحكومتها ومجلسها العسكرى.
لا يمكن فهم شعار الدستور أولا باعتباره جزء من الموجة الثانية للثورة المصرية الا اذا تم طرحه فى اطار رؤية ديمقراطية ذات جوهر اجتماعى، ليس من المهم متى يكتب الدستور ولكن الأهم من سيكتبه، هل سيكتبه المضطهدون والفقراء أصحاب المصلحة فى الثورة أم سيكتبه البرجوازيون الذين لا يبحثون الا عن مقاعد البرلمان والحكومة لتأكيد سيطرتهم الاقتصادية. ان الموجة الثانية للثورة هى حالة الصراع القائمة بالفعل الآن بين الفقراء، وفى القلب منهم العمال والفلاحين، وبين البرجوازية وحكومتها ومجلسها العسكرى. وبالنسبة لشعار اسقاط النظام فانه كان ولايزال الشعار المركزى للثورة، ان النظام لم يسقط ولكن ما سقط هو رأسه وبعض من رموزه، ان سقوط النظام يعنى سقوط جميع أركانه وأدواته السياسية والاجتماعية والأمنية والاعلامية، وهذا لم يحدث بعد، واذا كان التوحد حول هذا الشعار قد انتهى، فان هذا هو التطور الطبيعى لعملية الثورة حيث تنتقل قوى اجتماعية وسياسية من مواقع الثورة الى صفوف الثورة المضادة بعد انجاز مهمات محددة، اتساقا مع مصالحها فى تطور الصراع، وهذا هو الحال فى مصر بعد الاطاحة بمبارك، فقد انتقلت جماعات الاسلام السياسى الى صفوف الثورة المضادة وتحالفت مع المجلس العسكرى فى مواجهة جماهير العمال والمضطهدين فى نضالهم ضد الاستغلال والقهر الاجتماعى وفى مواجهة المطالبات الديمقراطية، كان انضمت صفوف من الليبراليين الى الثورة المضادة بوقوفها ضد الاضرابات العمالية. المشكلة ليست فى شعار اسقاط النظام ولكنها فى قراءة دلالاته السياسية والاجتماعية من مختلف أطراف الصراع، اذا كانت تيارات الاسلام السياسى ترى أن هذا الشعار قد تحقق بعد الاطاحة بمبارك الذى مارس ضدها قمعا أمنيا وتهميشا سياسيا، فان العمال والفلاحين يعلمون أن النظام لم يسقط بعد طالما استمرت حالة الافقار والاستغلال وطالما استمرت معدلات البطالة شديدة الارتفاع وطالما استمر هذا الهيكل المختل للأجور وهذه السياسات الجائرة للعمالة المؤقتة فى الدولة. ان شعار اسقاط النظام لا يحمل مخاطر صعود الاسلام السياسى ولكن هذا الصعود المزعوم هو تعبير عن الصراع فى موازين قوته الراهنة، ولا يمكن قراءة مستقبله بمعزل عن عجز هذا التيار والطبقة التى يعبر عنها عن تقديم برنامج سياسى واقتصادى يحمل امكانيات تحقيق الاستقرار


7 - لثورة البورجوازية
فؤاد النمري ( 2011 / 6 / 26 - 18:07 )
إنجاز الثورة البورجوازية هو رؤية لينينية وليست ستالينية.عد إلى الشروط التي اشترطها لينين على الحزب الشيوعي في البلدان المحيطية لتتأكد من ذلك
على العموم انتهى كل هذا في المناخ الدولي الحالي
الحديث عن الصراع الطبقي في الانتفاضة المصرية والانتفاضات الأخرى المماثلة لا يمت إليها بصلة
أرجو من السيد علاء الإنتباه إلى صعوبة تبيّن الموقف الماركسي في المناخ الدولي الحالي والحيدة عن الموقف الصحيح لا يخدم إلا أعداء البروليتاريا


8 - رد الى: فؤاد النمري
علاء عوض ( 2011 / 6 / 26 - 21:17 )
مع احترامى الكامل لرأيكم أرى أننا لسنا بصدد مناقشة الستالينية فى مواجهة اللينينية لأننى أتفق معك تماما فى حقيقة أن الواقع قد تجاوز هذا الطرح، ولا أتصور أننا بصدد مناقشة الأمر بشكل عقائدى، ولكن دعنى أتحفظ على مقولة أن الصراع الطبقى لا يمت للثورة المصرية بصلة، ان هذه الثورة لم تأت من فراغ ولكنها كانت استمرارا لموحة من النضالات العمالية والديمقراطية شهدتها مصر عبر الخمس سنوات الأخيرة، لم يكن اضرابات عمال المحلة والعاملين بالضرائب العقارية وعمال الحديد والصلب وغيرها من الاضرابات بعيدة عن سياق الصراع الطبقى ولا منفصلة عن مقدمات الثورة. وبالرغم من الطابع الديمقراطى التى كان واضحا فى شعارات الثورة فى يومها الأول فانها قد حملت أيضا شعارات العدالة الاجتماعية، وكان لانضمام العمال والمهمشين الى الجماهير الثائرة بشكل فعال ومؤثر الدلالة الأعظم على المحتوى الاجتماعى للثورة، واذا نظرنا الى السيرورة الثورية، فكيف لنا أن نقرأ الآن المواجهات بين الاضرابات العمالية الآخذة فى الاتساع فى جميع أنحاء الوطن وبين المجلس العسكرى الذى يتصدى لهذه الاضرابات بشرطته العسكرية ومراسيمه التشريعية التى تجرم هذه الاضرابات وتعاقبها بالحبس والغرامات المالية الباهظة، وكيف لنا أن نقرأ مشروع الموازنة العامة للدولة الذى يصر على الانحياز الى المستثمرين البرجوازيين ويتراجع عن تحميلهم أية أعباء مهما كانت قليلة فى مواجهة عدم تحقيق حد أدنى آدمى للأجور وعدم دعم الخدمات العامة بالشكل الذى يحقق تطويرا جوهريا فى بنيتها، ان لم تكن هذه المشاهدات جزءا من الصراع الطبقى فماذا تكون اذن؟ ان الموقف الصحيح الذى تتحدثون عنه هو أن هذا الصراع الطبقى هو جوهر العملية الثورية الراهنة وأن التحول الديمقراطى بمعناه الجذرى لا يمكنه أن يتحقق بمعزل عن حقائق هذا الصراع. تقبل تحياتى


9 - ستاذي العزيز علاء عوض
محمد الرديني ( 2011 / 6 / 26 - 22:02 )
رغم الجهل والفقر والتشرد الا اني اعتقد ان الشعب المصري يمتاو عن الشعوب العربية الاخرى في معرفة ماذا يريد
لست عنصريا في هذا القول فانا لست مصريا ولكني ادرك تماما ان هذا الشعب له الفضل الكبير في توعية النائمين من ناس شعبنا في الشرق الاوسط
لا اريد ان ابخس دور البوزيدي التونسي الذي حرق نفسه واشتعلت الثورة في بلاده ولكني اؤكد على انتفاضة العشرين في ميدان التحرير كانت هي الاقوى في هز اركان قادة الكراسي
كل الخوف الان من تخل سافر من الجماعة اياها ليخطفوا ثمار هذه الانتفاضة
لنا امل في المجلس العسكري الذي يسعى الان الى رص صفوف المصريين بعيدا عن التنابز بالوطنية
ولا ادري هل توافقني بالرأي ام ..؟
تحياتي


10 - رد الى: محمد الرديني
علاء عوض ( 2011 / 6 / 27 - 15:24 )
أشكرك فى البداية على تقديرك للشعب المصرى وان كنت أختلف معك فى تمييزه عن باقى الشعوب العربية، ربما كان لمصر دورا اقليميا هاما بفعل طاقاتها البشرية وتاريخها الطويل واسهامها الحضارى فى المنطقة عبر فترة طويلة، ولكن لا يمكننا أبدا تجاهل دور الشعب التونسى وثورته فى الاسهام فى انطلاق العملية الثورية فى المنطقة العربية، واذا كانت الشروط الموضوعية للثورة ناضجة فلا يمكننا تجاهل دور الثورة التونسية حين نجحت فى الاطاحة بالدكتاتور بن على فى تصدير الأمل لشعوب المنطقة بنجاح ثوراتهم. ولا يمكننا أبدا تجاهل الجماهير الليبية التى تواجه حربا مسلحة شديدة الضراوة ولا الجماهير اليمنية التى مازالت صامدة أمام القمع المستمر والمتزايد للنظام الحاكم، وكذلك جماهير سوريا الباسلة. والواقع أن السيرورة الثورية فى المنطقة العربية لايمكن قراءتها بشكل يحاول تجزئتها، ولكنها تجربة تحمل العديد من المشتركات التى تجعلها تواجه تحديات متشابهة الى حد كبير.
أما بخصوص أملك فى المجلس العسكرى فاننى أختلف معك جذريا، ان هذا المجلس هو القائد الفعلى للثورة المضادة فى مصر، وقد تمكن من استلام السلطة لضمان بقاء السيطرة السياسية والاقتصادية للبرجوازية التى يمثلها، لقد وقف هذا المجلس فى وجه نضالات العمال بالقمع تارة وبالتشريعات الجائرة تارة أخرى ووقف فى وجه الديمقراطية والمطالبات الجماهيرية لملاحقة ومحاكمة الفاسدين والمفسدين ومرر العديد من القرارات والقوانين المعادية للثورة. الرهان الحقيقى لا يكون على المجلس العسكرى أو حلفائه من الاسلام السياسى ولكنه يجب أن يكون على القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة فى الثورة والتغيير الجذرى، على العمال والفلاحين والمهمشين وسائر المضطهدين، وهؤلاء مازالوا يشكلون قوى الثورة الحقيقية. تقبل تحياتى


11 - الصراع الطبقي
فؤاد النمري ( 2011 / 6 / 27 - 09:39 )
حكومة مبارك عصابة ولا تمثل طبقة اجتماعية. كل الطبقات انتفضت ضد حكم العصابة ومشاركة العمال في الانتفاضة تعني أنهم انتفضوا ضد حكم العصابة
يمكن القول أن البورجوازية الدينامية الكبيرة هي أول المستفيدين من الانتفاضة. ألم يشارك نجيب ساويرس بنشاط في الانتفاضة وهو كبير الماليين؟
أعود إلى القول بأن أي خطأ صغير في تبيّن الموقف الماركسي الصحيح سيكون خطأ قاتلاً
مع خالص التحية


12 - رد الى: فؤاد النمري
علاء عوض ( 2011 / 6 / 27 - 15:43 )
الرفيق العزيز، أتفق معك أن حكومة مبارك عصابة، ولكنها عصابة تعبر عن طبقة من اللصوص والفاسدين، هذه البرجوازية التى بدأت عملية انتاج النسخة الأحدث منها فى سبعينيات القرن الماضى راكمت ثرواتها عبر عمليات لصوصية وفساد واسعة حتى صار الفساد مكونا عضويا فى بنيتها وليس مجرد انحرافا أخلاقيا، لقد عبر نظام مبارك – أو عصابته – عن هذه الطبقة سياسيا ومارس العديد من السياسات التى استهدفت تفكيك الهياكل الانتاجية فى المجتمع وتجريف ثرواته لصالح حفنة من السماسرة واللصوص، وكانت هذه السياسات بالطبع فى مواجهة جماهير العمال والفلاحين والفقراء الذين تم تسريحهم وازداد جيش العاطلين تضخما والذين ازدادوا فقرا وتدهورت الخدمات العامة فى المجتمع. لقد كان الصراع قائما بين برجوازية اللصوص التى يقودها مبارك وعصابته وبين الفقراء والمضطهدين من أبناء الشعب، وقد كانت انتفاضات العمال ضد مبارك هى بالقطع ضد هذه الطبقة وهؤلاء اللصوص.
وبالطبع لا ينكر أحد مشاركة بعض شرائح البرجوازية فى الثورة فى موجتها الأولى التى استهدفت الاطاحة بمبارك بعد أن عانت من التهميش فى عهده وباتت مصالحها غير مستقرة فى ظل سيطرته السياسية، ولكن لأننا جميعا نعلم أن الثورة عملية ديناميكية تقف فى مواجهتها عملية أخرى تتسم بالديناميكية أيضا هى الثورة المضادة، كان من الطبيعى أن تتغير المواقع بعد انجاز هذه المهمة (الاطاحة بمبارك) وتنتقل هذه الشرائح البرجوازية الى صفوف الثورة المضادة، وهذا ما حدث بالفعل حيث بدأت هذه العناصر البرجوازية فى مهاجمة الاضرابات والاحتجاجات العمالية بشدة ووقفت فى صفوف المؤيدين للتشريعات الجائرة التى تجرمها، كما تصدت للمطالبات الشعبية بمحاكمة الفساد واعتبرت أن هذه المطالب سوف تؤدى الى هروب المستثمرين والخراب الاقتصادى من وجهة نظرهم. لقد توقفت الثورة عند هؤلاء عند انجاز مهمة الاطاحة بمبارك، وهم يحاولون بشدة تفريغ الثورة من جوهرها الاجتماعى ويطالبون الجماهير بالكف عن الاحتجاج وترك المهمات الساسية فى صياغة البنى والتشريعات الحاكمة لهم، ان الثورة عندهم تنتهى بتحقق مصالحهم، والديمقراطية فى نظرهم تنتهى بالحصول على مقاعد البرلمان والحكم. هذا هو الفرق بين رؤيتهم ورؤية الفقراء والمضطهدين للديمقراطية وللثورة


13 - الجهل والفقر والمرض
خالد الطحان ( 2011 / 6 / 28 - 09:01 )
ثلاثه مجتمعين فى الشعب المصرى
قادرين على القضاء على امه باكملها استطاع الدكتاتور ان يزرعها فيها اختلطت بالخوف ورواها بماء الرشوة والمحسوبيه جعلت الشعب اعمى لا يرى الا ما يريده
حتى بعد ما مشى الشعب ما زال يحسس ولا يرى تعود على ان يقاد
جنوده مازالوا موحودين فى كل مكان ينخب مثل السوس فى العظم
من اصغر موظف يربى على ايده وشرب من مائه واكل من لحم اخوانه ويقولون نحن على طريق الديمقراطيه لن نكون الا تم قطع دابر اصغر مرتشى قبل اكبر واحد
حد يفهمهم الناس اللى بيقولوا انهم بيصلجوا انتوا مش شايقين اصلا انتوا لسه بتحسسوا
حسبى الله ونعم الوكيل


14 - رد الى: خالد الطحان
علاء عوض ( 2011 / 6 / 28 - 11:21 )
أتفق معك فى الكثير، فالفساد فى عهد مبارك لم يكن انحرافا سلوكيا بقدر ما كان جزءا أساسيا فى التكوين السياسى والاقتصادى للدولة، وقد استطاع مبارك ونظامه خلق ورعاية مؤسسة كاملة للفساد فى جميع أركان الدولة، ووصل الأمر الى خلق حماية تشريعية لأنماط الادارة الفاسدة، وتواكب مع هذه البنية الدعوة لنشر ما سمى بسياسة التصالح مع الفساد، مما كان يسمح لصغار الموظفين بممارسة بعض أشكال الفساد الادارى فى مقابل منح الشرعية لكبار اللصوص لممارسة فسادهم المستفحل. ملاحقة ومحاسبة واستئصال الفساد هى أحد المهمات الأساسية للثورة، وهى موجهة ضد هؤلاء اللصوص من رجال الأعمال ورجال الحكم والسياسة الذين نهبوا أقوات الشعب وثرواته، ورفض سياسة المصالحة مع الفساد سيتحقق باستئصال هذه الرؤوس وبتحقيق التوزيع العادل للثروة الذى يكفل للجميع الحق فى الحياة الانسانية. ان النضال من أجل أجر عادل مرتبط بحركة الأسعار وبخدمات صحية وتعليمية متطورة وبالحق فى السكن المناسب هو أيضا من سبل القضاء على هذه السياسة


15 - على قوى اليسار وكل من يقدس الانسان
مهدي المولى المولى ( 2011 / 6 / 29 - 21:39 )
على قوى اليسار والديمقراطية وكل من يقدس الانسان والحياة ويؤمن بالعلم والعمل ان يتوجدوا جميعا في جبهة واحدة وفق برنامج واضح لمواجهة اعداء الحرية والانسان والحياة فلهم من القدرة والامكانية ان يدمروا العقل وبخمدوا النور اذا بقي اليسار واهل العقل مشتتين متفرقين


16 - دور المراة في الثورة المصرية
احلام احمد ( 2011 / 6 / 30 - 05:50 )
الاستاذ علاء العوض
تحية طيبة
شكرا جزيلا لحوارك المفتوح مع قراء و قارئات الحوار المتمدن
الجميع يشهد دور المراة في الثورة المصرية و مشاركتها الفعالة في الاطاحة بنظام مبارك
كيف تقيم دور المراة بعد الثورة ومشاركتها السياسية في رسم مستقبل مصر السياسي

كل الاحترام والتقدير
احلام


17 - رد الى: احلام احمد
علاء عوض ( 2011 / 6 / 30 - 21:27 )
بالتأكيد لعبت المرأة دورا بالغ الأهمية فى الثورة المصرية وفى النضالات الاجتماعية والسياسية التى سبقتها، ويأتى هذا الدور فى سياق أن المرأة هى أحد المكونات العضوية للنسيج المجتمعى ولا يمكن اعتبارها مكونا منقصلا عنه أو على هامشه لأن هذا الفهم سيجعلنا نكرس فكرة التمييز ضد المرأة التى يتسم بها المجتمع الرأسمالى، هذا المجتمع القائم أساسا على فكرة نهب عمل المنتجين واضطهاد العمال والفقراء من الطبقات الشعبية يمارس أيضا اضطهادا ضد المرأة ويسلبها حقوقها الاجتماعية والسياسية والمدنية، وبالتالى فان النضال من أجل تحرر المرأة من كل أشكال العبودية والاضطهاد هو جزء من نضال أكثر شمولا ضد السيطرة الاقتصادية والسياسية والثقافية للبرجوازية. ان الحديث عن النضال العمالى فى مصر لا يمكن ان يتجاهل فاطمة رمضان وتاريخ الحركة الفلاحية لن ينسى شاهندة مقلد والنضالات الديمقراطية ضد الاستبداد البوليسى والتعذيب تقف فى صدارتها شخصيات نسائية مثل عايدة سيف الدولة، ولكن لا يمكن الحديث عن هؤلاء بوصفهن نساء بل هن مناضلات منخرطات فى حركة نضالية مجتمعية.
ان المشاركة السياسية للمرأة هى حق أصيل لها، ولكن هذا الحق لن ينتزع الا فى سياق نضال طويل ضد قوانين المجتمع الرأسمالى وأطره الحاكمة التى تضطهد المرأة، ان هذا الحق لا يمكن تصوره على الأرض بمعزل عن تحقق الديمقراطية بمعناها الجذرى على المستوى السياسى والاجتماعى. ليس غريبا أن نجد المرأة مهمشة فى المنظمات الاسلامية التى تتبنى طرحا لاديمقراطيا ازاء قضايا المرأة، وأيضا فى العديد من الأحزاب البرجوازية التى تمارس التمييز ضد المرأة، ولكن على الأحزاب والتنظيمات اليسارية والديمقراطية أن تتيح للمرأة القدر الأوسع من المشاركة السياسية والنضالية. لا أتصور أن المنظمات أو الأحزاب النسائية تشكل طرحا متقدما فى هذا الأمر، بل على العكس تماما، هذا الاستقطاب يكرس من واقع التمييز ويعترف بانسلاخ المرأة عن قضايا المجتمع، ويتعامل مع المرأة من خلال منظور نوعى بيولوجى دون أى اعتبار للانتماءات الطبقية لقطاعات النساء المختلفة وارتباط مصالحها أو تعارضها مع السيرورة الثورية


18 - تحالفكم مع الاخوان
نادر جميلي ( 2011 / 6 / 30 - 06:44 )
رفيقنا الكبير
الاشتراكيون الثورين يتحالفون مع اسوء الاحزاب وهم الاخوان المسلمين
كبف تفسر ذلك؟


19 - رد الى: نادر جميلي
علاء عوض ( 2011 / 6 / 30 - 22:14 )
تبنى تنظيم الاشتراكيين الثوريين خلال الفترة السابقة لثورة 25 يناير سياسة التحالف مع الاخوان المسلمين فيما أسماه بمعارك النضال ضد النظام من أجل الديمقراطية مثل المطالبة بالغاء قانون الطوارئ أو استقلال القضاء، والواقع أن هذه السياسة كانت تتجاهل حقيقة واضحة وهى أن هذه الجماعة لا تتبنى طرحا سياسيا ديمقراطيا، وأن الديمقراطية تنتهى عندها بتحقيق القدر الأكبر من المكاسب السياسية التى تتيح لها التواجد القانونى على الساحة السياسية والفكاك من ضغوط القمع التى واجهها بها نظام مبارك. وكان موقف الجماعة ازاء ثورة 25 يناير يعكس بوضوح رؤيتها المساومة ازاء النضال من أجل الديمقراطية، فالجماعة رفضت أن تدخل مواجهة مباشرة مع النظام فقررت الامتناع عن المشاركة فى مظاهرات 25 يناير، ومع تصاعد الاحتجاجات والتهديد بالعزلة عن الحركة الجماهيرية قررت الجماعة المشاركة يوم 28 يناير، وفى الكواليس كان المنهج الانتهازى المساوم يظهر فى قبول الحوار مع عمر سليمان والهرولة تجاه اعتراف النظام بهم ومنحهم الشرعية القانونية، هذا المنهج المساوم لم يكن غريبا على تاريخ الاخوان، فقد مارسوه مع الملك فاروق وعبد الناصر والسادات. ان عجز الاشتراكيين الثوريين عن قراءة هذا المنهج والتحليل الطبقى الدقيق لهذه الجماعة باعتبارها أحد التعبيرات السياسية عن البرجوازية بتيعيتها ورجعيتها قد دفعهم الى الدخول مع هذه الجماعة فى معاركهم الديمقراطية. وأعتقد أنه من الخطأ الجسيم التعامل مع هذه الجماعة باعتبارها تنظيما شعبويا يعبر عن البرجوازية الضغيرة المحبطة من تدهور الأوصاع الاقتصادية، فهذا التحليل يعتمد على طبيعة العضوية والخطاب الدينى والأخلاقى للجماعة، ولكنه يتجاهل دورها السياسى فى دعم سياسات الليبرالية الاقتصادية بقوة وبالوقوف فى وجه الحقوق الاجتماعية للفلاحين والعمال، ولقد بدا هذا الدور بوضوح بعد ثورة 25 يناير حين اختارت الجماعة التحالف مع المجلس العسكرى ودعمت من تشريعات تجريم الاضرابات والاعتصامات وهاجمت بشدة الاحتجاجات العمالية والشعبية ومارست ومازالت تمارس دعاية سياسية لوأد الحركة الجماهيرية لصالح صناديق الاقتراع. ان الدور الرجعى والمعادى للثورة الذى تقوم به هذه الجماعة يكشف بوضوح انحيازاتها الاجتماعية الى جانب صفوف البرجوازية والثورة المضادة. الأمر الآخر هو الرهان الذى تلعب عليه بعض الاتجاهات اليسارية – وربما كان منها الاشتراكيين الثوريين – حول دور الانشقاقات المحتملة داخل صفوف الجماعة وما يمكن أن يتبع ذلك من تجذر مواقف بعض من عضوياتها خصوصا بين قطاعات الشباب، والحقيقة أن أعتبر هذا الرهان خاسرا منذ بدايته، وان التمايز بين تيارات الاسلام السياسى على المستوى التاريخى لم يسفر عن طرح سياسي أو اقتصادي مختلف بقدر ما قدم نوعا من تقسيم العمل بين هذه التيارات على المستوى السياسى تراوح بين العمل الدعائى والخدمى الى العنف المسلح، وبعد الثورة وقفت تيارات الاسلام السياسى فى نفس الموقع من قضايا النضال رغم ما بينها من تناقضات، ان الحديث عن تيار اسلامى اصلاحى من الممكن أن يحمل توجها ديمقراطيا لا يعدو أكثر من وهم سيكون ثمن تبنيه فادحا. اننى أدعو الاشتراكيين الثوريين الآن الى الاعلان عن موقفهم من هذه القضية بشكل واضح ولا يحتمل اللبس


20 - اشعاع ثورة الشباب
حمدي فريد ( 2011 / 6 / 30 - 12:12 )
بعد التحية
هل تحسون أن اشعاعات الثورة العربية الراهنة قد وصلت الى اوربا؟ إنني ارى تأثيرها واضحا في اسبانيا بعد أن كانت الانتفاضات والاحتجاجات العمالية في أوربا وخاصة جنوب أوربا هي التي تؤثر على الشرق الأوسط رغم التعتيم الشديد و التشويه التي تقوم به البرجوازية الغربية وأتباعها في الشرق لأهداف تلك الحركات؟؟؟؟


21 - رد الى: حمدي فريد
علاء عوض ( 2011 / 6 / 30 - 22:37 )
اعتادت الرأسمالية العالمية عبر تاريخها على تصدير أزماتها الى الجنوب، منذ زمن المستعمرات - وربما قبل ذلك - حتى الآن، ورغم هذا فمازال هذا النظام المأزوم بنيويا يعانى من أزمات حادة متكررة تهدد وجوده، وفى جميع الأحوال تقوم الأنظمة الرأسمالية باجراءات تحمل الطبقة العاملة والفقراء عبء الأزمة بينما تقدم الدعم الكامل للبرجوازيين، وقد أدى هذا الى ازدياد حدة التناقض الطبقى فى تلك المجتمعات مما يسهم فى نضج الشروط الموضوعية للثورة، وأتصور أن ما تشهده أوروبا هذه الأيام من احتجاجات عمالية وشعبية فى اليونان وأسبانيا يمضى فى هذا السياق. ومن الجدير بالذكر هنا أن الامبريالية التى طالما صدرت أزماتها الى الدول المتخلفة والفقيرة تشهد اليوم خطر الثورة عليها والتى تلعب المنطقة العربية دورا فى تصديرها اليهم. بالقطع الشرط الموضوعى للثورة وأزمة الرأسمالية العالمية يلعب الدور الأكبر فى نشأة الاحتجاجات ولكن هذا لا ينفى دور الاشعاع الثقافى والحضارى لمنجزات الثورة فى مصر وتونس وقدرة الشعب فى كلا البلدين على زلزلة أركان أنظمة دكتاتورية عتيقة فى الهام الحركة الجماهيرية والعمالية فى هذه البلدان. لقد رأينا صورا لميدان التحرير والأعلام المصرية ترفع فى الميادين الأسبانية تقديرا لهذه الثورة واستلهاما لمساراتها.
ان هذه الحالة التى تشهدها أوروبا وأثر الثورة المصرية والتونسية عليها تؤكد أن مصالح المضطهدين فى جميع أنحاء العالم تتشابه وأن العدو الطبقى واحد وأن الأزمات الاقتصادية يتحمل عبئها العمال والفقراء فى كل بقاع الأرض. ان هذا هو الجوهر الأممى للثورة الاجتماعية


22 - المثقفون يعادون الثورة الراهنة
حسين شمس ( 2011 / 6 / 30 - 12:56 )
برأيكم لماذا يقف اغلب المثقفين العرب ضد الثورة الراهنة، بينما كانوا في الطليعة ( حتى لو كان كذبا ونفاقا) في أي تحرك كاذب ضد اسرائيل و أمريكا والغرب؟ لقد شهدنا احتفالات العرب من المحيط الى الخليج برمية حذاء الزيدي بوجه بوش ، بينما لا نسمع ولا نرى جزء يسيرا من ذاك الحماس للثورة على الدكتاتوريات و الطغيان العربي ؟


23 - رد الى: حسين شمس
علاء عوض ( 2011 / 6 / 30 - 23:09 )
كثيرا ما اعتادت نظم عربية دكتاتورية على استخدام شعارات التصدى للامبريالية الأمريكية والكيان الصهيونى لتثبيت أركان حكمها المعادى للديمقراطية وللجماهير، وبالطبع كان هناك العديد من الأبواق السياسية والاعلامية لهذه النظم التى تروج لهذه الشعارات بهدف خلق رأى عام داعم لهذه الدكتاتوريات. والواقع أن هذه الشعارات كانت دائما جوفاء وتفتقد المحتوى الحقيقى للعداء للامبريالية، لقد مارس بشار الأسد ومن قبله والده هذه الديماجوجيا المعادية للصهيونية فى الوقت الذى لم يطلق فيه النظام السورى رصاصة واحدة ضد اسرائيل منذ 1973 فى الوقت الذى كان ولايزال يوجه رصاصاته لصدور شعبه، كما لعب القذافى نفس الدور على مدى عقود. ان العداء للامبريالية والصهيونية لا يمكن أن يكون جذريا وأصيلا على أرضية الدكتاتورية والاستبداد والقهر السياسى والاجتماعى، وان هذه الأنظمة التى تدعى تبنيها مواقفا وطنية هى فى واقع الأمر تلعب فى الكواليس دورا عميلا وتابعا للامبريالية، ولقد فضح انطلاق موجة الثورات العربية هذه الأنظمة ووضعها بشكل واضح لا يقبل الشك فى مواجهة ارادة شعوبهم فى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولقد حاول العديد من هذه الأنظمة وتحديدا النظامين السورى والليبى تصوير هذه الثورات باعتبارها مؤامرات امبريالية وصهيونية ضد توجهاتهم الوطنية فى محاولة لاكتساب تأييد شعبى يحمى تواجدهم فى مقاعد السلطة، ولكن تطور السيرورة الثورية فى المنطقة كانت لديه القدرة على فضح هذه الادعاءات وكشف زيفها. ان النضال الحقيقى والمواجهة الجذرية للامبريالية لن تقودها سوى الجماهير الشعبية صاحبة المصلحة الحقيقية فى الخروج من دائرة التبعية الاقتصادية والسياسية الى آفاق الاستقلال والتنمية، ومن هنا فان الرهان الأكبر سيكون على تطور السيرورة الثورية العربية وانتصارها على الأنظمة البرجوازية الرجعية والعميلة


24 - انقلاب سكري وليس ( ثورة )
عبد الرحمان بن ملجم ( 2011 / 6 / 30 - 19:25 )
الاستاذ علاء عوض تحية طيبة : الا تعتبر ان ما حصل في مصر ليس بثورة بل انقلاب عسكري للمجلس العسكري ابعد مبارك الذي اضحى غير مرغوب فيه امريكيا وشعبيا ، وان المجلس العسكري وباتفاق مع البانتاغون رفض اطلاق االرصاص على المتظاهرين حتى يتم الالتفاف امريكيا على مشروع ( ثورة ) مهدورة .
وللتدليل على هذا لا شيئ حتى الان تغير في مصر ،بل لقد تضاعفت الاجارءات الادارية واصبحت هراوة الجيش تشترك مع هراوة الامن في تفريق المتظاهرين وحجب الانتقادات التي توجه الى المجلس العسكري .فاين هي ( الثورة ) واين هي ( انجازاتها ) حيث زاد حال المواطن المصري سوءا اكثر من عهد المستبد مبارك .


25 - رد الى: عبد الرحمان بن ملجم
علاء عوض ( 2011 / 6 / 30 - 23:56 )
لاأتفق معك فى توصيف ما تم فى الحادى عشر من فبراير على أنه انقلاب عسكرى، فالمجلس العسكرى لم يخطط لاستلام السلطة ولم يختار موعد استلامها، ربما كانت هناك بعض التناقضات بين المؤسسة العسكرية وقيادات النظام البائد فيما يتعلق بملف التوريث وملف تضخم دور جهاز الشرطة على حساب الجيش، وربما كان لهذه التناقضات دورا فى الصراع بين الجيش وبين رجالات التوريث فى الحزب الوطنى فى فترة ما قبل الثورة، ولكن ما حدث على الأرض كان أكثر عمقا من هذا بكثير، لقد انطلقت عملية ثورية واسعة الانتشار وغير مسبوقة شاركت فيها طبقات وقطاعات اجتماعية عديدة، لقد نجح هذا الشعب فى أن يخرج 20% من عدد سكانه فى احتجاجات هادرة فى الشوارع، ولكن الطابع العفوى لهذه الثورة وغياب القيادة القادرة على تنظيم هذا الشلال الثائر قد أدى الى تمرير استلام السلطة للمجلس العسكرى كخيار وحيد لاستمرار السيطرة الاقتصادية والسياسية للبرجوازية بعد أن صدر هذا المجلس رسالة جماهيرية تدعى تضامنه مع الثورة، لقد صدقته الجماهير لأنها لاتملك البديل ولأنها كانت مضطرة الى قبوله كبديل انتقالى للخروج من الأزمة، لم يكن انقلابا على النظام بقدر ما كان انقلابا لحماية النظام بعد التضحية برأسه الذى فقد صلاجيته.
الجيش لم يطلق الرصاص على الجماهير، هذا حقيقى ولكن هذا لم يكن لدعم الانقلاب وفقا لتعليمات البنتاجون ولكن ذلك كان الخيار الوحيد المطروح أمامه للخروج من المأزق السياسى لصالح قياداته ولصالح البرجوازية. ان الجيش المصرى يعتمد فى تركيبه على أبناء الشعب الذين يؤدون التجنيد الاجبارى والذين ينتمون فى غالبيتهم الى الطبقات الفقيرة والوسطى، وان صدور أوامر لهذه العناصر باطلاق الرصاص على الشعب تحمل مخاطر الانقسام داخل المؤسسة العسكرية وانضمام قطاعات منها الى الثوار، وقد كانت هناك مؤشرات فى ميدان التحرير لهذا الاتجاه أشهرها وقوف النقيب ماجد بولس (أسد التحرير) الى جانب الثوار والدفاع عنهم بسلاحه فى معركة الجمل فى الثانى من فبراير بالمخالفة لأوامر قياداته، وكذلك انضمام الرائد أحمد شومان الى اعتصام التحرير بعد أن سلم سلاحه. لم يكن هينا محاصرة هذه التداعيات أو تحمل مخاطرها. الأمر الآخر أن تعداد قوات الجيش يقدر بحوالى ثلث تعداد الشرطة التى منيت بهزيمة قاسية أمام شجاعة وبسالة الثوار فى الشوارع، ولم يكن من السهل استقراء نتيجة معركة محتملة بين الجيش والشعب. لقد اضطر الجيش الى تجنب المواجهة المسلحة مع الجماهير لتجنب تداعيات انقسامه ولحماية مواقع قياداته والامتيازات الطائلة التى يحصلون عليها.
لماذا لم يشهد الواقع المصرى تغييرات جذرية على المستوى السياسى والاجتماعى؟ هذا السؤال مشروع بالقطع، والاجابة عليه أن العملية الثورية قد بدأت ومازالت مستمرة، ان الانتصار الرئيسى الذى حققته الجماهير هو القضاء على الذراع الأمنى للبرجوازية وانهاء فرص الحلول القمعية فى مواجهة الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية، وفى المقابل فان الحركة الجماهيرية وفى القلب منها العمال والفلاحين والطبقات الشعبية فى الأحياء الفقيرة تشهد اتساعا أفقيا يمثل عنصرا ضاغطا على عملية صنع القرار، بينما تعجز البرجوازية ممثلة فى المجلس العسكرى والحكومة عن تقديم حلول سياسية واجتماعية للأزمات المجتمعية الحادة، غير أن الأمر أيضا يشهد ضعفا شديدا فى درجة تنظيم الحركة الجماهيرية مما حال دون انتقال السلطة اليها ومما مازال يقف عائقا أمام تأطير هذه الحركة فى سياق وعى ثورى ومشروع سياسى بديل. هذه هى الحالة الراهنة فى مصر، هى حالة عملية ثورية مستمرة يحاول فيها كل أطراف الصراع الدفاع عن تواجده ومصالحه، وان التغييرات الجذرية التى تتساءل عنها لن تتحقق الا بتعظيم القدرة التنظيمية للحركة الجماهيرية وتطور وعيها نحو مشروع ثورى حقيقى


26 - اي ثورة نريد
خلدون ( 2011 / 6 / 30 - 22:46 )
نحن بحاجة الى ثورات فكرية لا الى ثورات انتقامية فمن نثور عليهم الآن كانو يوما ما ثوار على من قبلهم وستبقى ثوراتنا مسلسل بدون فائدة اذا بقينا جامدين في افكارنا دون الاستفادة من علوم غيرنا الانسانية والطبيعية وافكارهم حول معنى المواطنة والعلاقة بين فئات المجتمع وتطوير شخصية الفرد لا تشكيلها حسبما نريد فعندما نبدا بالتفكير ان كل ذرة تراب في الوطن هي ملك للجميع والحرص عليها هو واجب الجميع وعندما نقول ان ليس كل ما يمليه علي شخص ما باسم الدين هو البضبط ما يريده الله فعندها نقول قد بأت الثورات العربية


27 - دور المثقفين المخزي
حسين شمس ( 2011 / 7 / 1 - 09:48 )
رفيقي العزيز علاء عوض شكرا لهذه الأجوبة الشافية الرائعة لتساؤلات المعلقين ولكنني تساءلت عن موقفكم في المثقفين العرب الذين كانوا جزء من النظام العربي الرسمي ويعيشون مرتاحين في كنفه العفن. كلهم يدورون في دائرة واحدة ، ولبعضهم موقف صريح في معاداة الثورة واعتبارها مؤامرة امريكية صهيونية مثل موقف الشاعر العراقي _( المنشق) سعدي ويسف والى مواقف متلاعبة راقصة لبعضهم الاخر قلبا مع الأنظمة الدكتاتورية ولا يريدون أي تغيير للوضع العربي المريح لهم ..
والمشكلة أن اغلب المثقفين العرب محسوبون على اليسار والشيوعية الا تتفق معي أن مفهوم الشيوعية كان مغلوطا منذ وصولها للعرب ؟


28 - رد الى: حسين شمس
علاء عوض ( 2011 / 7 / 1 - 20:39 )
الرفيق العزيز، بالقطع يمارس بعض المثقفين العرب دورا انتهازيا للترويج لمصالح الأنظمة الدكتاتورية الرجعية تحت غطاء شعارات وطنية زائفة، واننى لا أعرف شيئا عن الشاعر العراقى الذى ذكرته ولا أستطيع أن أحكم على مواقفه التى أجهلها. عموما المسألة ليست مسألة أشخاص بعينها ولكنها رؤية لموقف بعض المثقفين الذين يستترون تحت شعارات وطنية أو يسارية تقدمية، والانتهازية السياسية هى ظاهرة متواجدة على مستوى العالم وليست ظاهرة عربية بالقطع، وأتصور أن مهمة الثوريين هى فضح هؤلاء الانتهازيين وكشف زيف دعاواهم


29 - مستقبل العرب
سالم الفضلي ( 2011 / 7 / 1 - 09:51 )
تحية رفاقية
كيف ترون مستقبل العرب بعد الثورة ؟ و أية تغيرات سوف تجري على الفكر القومي العربي والعلاقات العربية ؟ ومستقبل العلاقات العربية الاسرائيلية؟


30 - رد الى: سالم الفضلي
علاء عوض ( 2011 / 7 / 1 - 21:12 )
الرفيق العزيز، بالقطع قراءة المستقبل العربى بعد الثورة أمر بالغ الصعوبة، لأن هناك العديد من التطورات فى السيرورة الثورية فى المنطقة العربية لا يمكن استقراءها والتنبؤ بمستقبلها، وعلى أى حال فان المستقبل السياسى للمنطقة العربية تلعب الجماهير العربية دورا هاما فى تحديده هذه الفترة، لقد جاء انطلاق السيرورة الثورية فى المنطقة وانتشارها بهذا الشكل المتسع من الغرب الى الشرق ليؤكد على أن الاضطهاد الاجتماعى والسياسى الذى تعانى منه الشعوب العربية تحت وطأة الدكتاتوريات البرجوازية الرجعية الحاكمة هو هم مشترك. ان التأثير المتبادل لحركة الثورة فى مختلف البلدان العربية وانتقالها بهذا الشكل يؤكد على أن الشروط الموضوعية للثورة ودرجة تطور الصراع تتشابه الى حد كبير فى المنطقة العربية، وبالتأكيد فان تطور هذه السيرورة الثورية سيهدد مصالح الامبرياليات الأمريكية والأوروبية والكيان الصهيونى فى المنطقة والتى اعتمدت على ترسيخ أنظمة عميلة تعبر عن برجوازيات تابعة وتمارس استبدادا بوليسيا فمعيا ضد شعوبها. لم يكن اذن غريبا أن تمارس الامبريالية والصهيونية كل أشكال التدخل المتاحة لديها لاجهاض هذه السيرورة الثورية بدءا من المناورة السياسية وانتهاء بالتدخل العسكرى المسلح، هكذا نرى الدور الأمريكى والفرنسى وحلف الناتو والكيان الصهيونى فى المنطقة فى اللحظة الحالية. ان انتصار الثورة فى المنطقة العربية يعنى بالأساس الاطاحة بهذه البرجوازيات العميلة التابعة لصالح المنتجين والكادحين وانطلاق المنطقة العربية نحو تنمية اقتصادية حقيقية وتوزيع عادل للثروة وبناء أنظمة حاكمة تقوم على أسس الديمقراطية الجذرية بجوهرها السياسى والاجتماعى، هذا الانطلاق الذى سيؤدى بالقطع الى التحرر الكامل من وطأة التبعية والاستغلال الذى تمارسه الامبريالية ضد الشعوب العربية. لم يعد هناك خيار آخر، ان التحرر الجوهرى من سيطرة الامبريالية لن يتحقق الا على أنقاض هذه الأنظمة البرجوازية الحاكمة.


31 - الثورة المصرية مستمرة
غياث نعيسة ( 2011 / 7 / 1 - 17:49 )
رفيقي العزيز علاء
تعرف انني لن اجادلك كثيرا لاننا ننتمي الى ذلك التيار الثوري في الماركسية الذي يدعو للانخراط الدائم في نضالات الجماهير لكي تحقق الاخيرة ديمقراطيتها القائمة على حكم الغالبية العظمى من الناس في خدمة مصالح الغالبية العظمى من الناس
لقد تضمنت اجاباتك تحليل جميل و دقيق لدينامية الثورة المصرية و للشرائح الاجتماعية الفاعلة فيها كما تضمنت تحديدا لتناقضاتها و كون ان ما شهدناه من اسقاط مبارك و-عصابته- لم يكن سوى الفصل الاول من فصول الثورة المصرية العظيمة. كما انني احيي لديك روح النقد التي تخللته اجاباتك لبعض مواقف اليسار المصري التي من الضروري اعادة النظر فيها و خاصة تقييم الموقف من الاخوان بعد تحالفهم مع المجلس العسكري
يبقى لي سؤال اتمنى ان تجيبني عليه و هو الى اي درجة تعبر حقا الاشكال التحالفية المعلنة لبناء ائتلافات يسارية مثل حزب العمال او التحالف الشعبي عن خلافات حقيقية تبرر تمايزاتها التنظيمية ؟ و اليس الاجدى في هذه المرحلة من الثورة ايجاد قواسم عمل مشتركة بين هذه الائتلافات و ابعاد اي شبح للعصبوية لانها قاتلة لنفوذ اليسار الجماهيري؟
لانني اظن ان بناء اوشع اشكال التحالفات اليسارية على اسس واضحة تسمح بنشاط اهم و اكثر تاثيرا في النضالات الجماهيرية و في دينامية الثورة نفسها؟
فمارأيك؟
مع تحياتي الرفاقية
غياث نعيسة


32 - رد الى: غياث نعيسة
علاء عوض ( 2011 / 7 / 1 - 21:32 )
الرفيق العزيز غياث، أشكرك على تعليقك القيم، والحقيقة ان اجابة سؤالك أمر ليس بالهين لأن المراقب للموقف السياسى المصرى الراهن لا يستطيع أن يكتشف تمايزا سياسيا واضحا بين كل التنظيمات اليسارية الناشئة، ولكن الملمح الأكثر وضوحا هو حالة الارتباك فى عملية تنظيم اليسار الجارية، كما قلت سابقا هناك معضلات الانقطاع التنظيمى عبر مايقرب من عقدين وتعظيم دور العمل الفردى خلال هذه الفترة وانطلاق العملية الثورية بشكل فاجأ الجميع، كل هذه المعضلات أدت الى صعوبات فى بلورة رؤية سياسية وتنظيمية واضحة تستطيع أن تجمع اليسار المصرى حولها وينخرط من خلالها فى نضال جماهيرى حقيقى وفعال. ان وحدة اليسار المصرى الآن ضرورة تاريخية ملحة ولكنها أيضا عملية تواجه تحديات عديدة على مستوى العامل الذاتى لليسار وأمراضه التاريخية مثل العصبوية والحلقية. هناك اتفاق عام على ضرورة هذه المهمة وعلى درجة الحاحها، ولكن الطريق لا يبدو مفروشا بالورود. واننى أتصور أن تطور الحركة الجماهيرية بالشكل الواسع والذى بدأ يتصاعد هذه الأيام، وقدرة الجماهير بوعيها العفوى على تجميع صفوفها بنضالات واسعة سبقت فى توجهاتها كل القوى السياسية بما فيها بعض القوى اليسارية، هذا التطور من الممكن أن يلعب دورا فى دفع اليسار المصرى الى أهمية وضرورة بناء وحدته السياسية والتنظيمية على أرضية صلبة من الانخراط فى نضالات جماهيرية على الأرض ومن الاتفاق على توجهات ثورية بعيدة عن المنهج الاصلاحى. أتصور أن المستقبل ربما يحمل الكثير من التوقعات ازاء هذه المسألة. تقبل عميق تحياتى الرفاقية

اخر الافلام

.. الرئيس الأمريكي يهدد بإيقاف إمداد إسرائيل بالأسلحة إذا اجتاح


.. طائرة شحن من طراز بوينغ تهبط بدون عجلات أمامية في اسطنبول




.. سيفا الأمير عبد القادر المسروقان يعرقلان المصالحة بين الجزائ


.. صحيفة إسرائيلية: تل أبيب تشعر بالإحباط الشديد إزاء وقف واشطن




.. مظاهرة مرتقبة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي بمدينة ما