الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يشفي من كل داء !

محمد المراكشي

2011 / 6 / 26
كتابات ساخرة


أتفكر الموقف و أجده متناسبا تماما مع موقف الحلايقي* الذي يحمل في يده قارورة صغيرة و يقسم بأغلظ الأيمان أنه دواء يداوي آلام الظهر و الزكام و يشفي من قشرة الرأس و يزيل النحس ! ويجعل الرجل فحلا حقيقيا بل إنه في زمن لاحق سيشفي نهائيا من الإيدز !
ترى الناس معجبين إلى حد الانبهار بهذا الدواء العجيب ،و لا يتجرأ اي منهم بتوجيه سؤال لذاك الحلايقي عن مكونات ذاك الدواء ،و هل وافقت عليه منظمة الصحة العالمية ! بينما يستمر هو في ما يشبه النشوة في الاستعلاء و إعلاء الصوت بأن دواءه العجيب لا يساوي إلا ثمنا قليلا أقل بكثير من أدوية الكذابين من أطباء و صيادلة ! و التجربة تكون حالا !
هو نفس الموقف الذي نواجهه هذه الأيام مع حلايقية* من نوع آخر..حلايقية سياسيين و نقابيين و جمعويين ! أو لنقل بدون كثير عناء حلايقية المخزن !
يجمعون الناس المبهورين ،و الذين لا يجدون مكانا لتزجية الوقت لقلة ما يفعل ليوزعوا عليهم كثيرا من أعاجيب الزمان المرتبطة بدستورهم المرتقب ! هكذا يبدو الدستور تماما مثل دواء الحلايقي ،يداوي من كل داء أصاب البلد ! فيه شفاء من الفقر لأن المواطنين أسياد بلادهم ،و فيه شفاء من قلة الحركة التي تجمد الدماء في الأرجل و تخلق الروماتيزم في العظام لأنه يضمن لنا أن نتحرك و نتنقل إلى اي مكان في البلاد دون حسيب أو رقيب ! و يشفي من الأمراض المزمنة التي تصيب الجيوب و الأجساد لأن الدولة من خلاله تضمن "تسهيل " الولوج للخدمات الطبية الرفيعة التي خرج الممرضون و الأطباء في شوارع الرباط فرحين بها يحتفلون و يهللون و يزغردون لروعتها ! و لأن السياسيين فرعوا رؤوسهم في الحلم و التفكير في شكل آخر للحكم و التسيير فإن الدستور أتى بمسكن أكثر نجاعة من الأسبيرين فأضاف كلمة صغيرة جميلة فاتنة نقلت بسرعة البرق المغرب إلى الـ"برلمانية" ! قليلون من يصدقون القدرة الخارقة لهذه الجرعة الصغيرة ،إنها قد تدوم أكثر من توقعك ! تحسب بالدقيقة لتصل إلى قرون ! (...)
بالنسبة للمتحلقين ،يبدو الأمر رائعا فهم يكتفون بما يقال و لا يقرؤون في غالبيتهم ! بل إنهم غير مستعدين لقراءة ورقة تعليمات الدواء ! و لا يجرؤون على المناقشة و يتوقعون أن يفضح الحلايقي الذي يشهر الدواء العجيب ذواتهم المخرومة ! فهو في نهاية الأمر مشعوذ قد يستعمل طلاسمه و جنه كي يعرف أسرارك و يفضحك امام الملإ ! لذلك من الأحسن أن ترى و تسمع و لا تنتقد ولو سرا فقد يسمعك !
لكن حلايقي الدواء بعد كثير البهتان المعطر بالأيمان الغليظة ، يقول لك بعد أن أقنعك أن هذا الدواء العجيب سيُِريك العجب العجاب ! و يدعو كل من دفع الثمن إلى فتح فمه ،فيضع لكل واحد حبة عجيبة من دوائه و يطلب من الجميع أن يبلعوا الحبة كلهم في وقت واحد بعد أن يعد إلى ثلاثة !
يجمع الحلايقي أدوات عمله و شعوذته ، و يودع الناس الذين بلعوا الدواء مؤكدا أنه سيخرج منهم العجب العجاب الليلة أو غدا على أبعد تقدير !
تصل إلى منزلك مسرعا و أنت تتوجع غير قادر على مسك أعصاب بطنك ! فيخرج منك العجب العجاب !
لقد صدق... خرج منه العجب !!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلايقي،وجمعه الحلايقية: من يتحلق الناس حوله ليحكي لهم حكايات أو يغني ... مثل الحكواتي عرفت به المدن العتيقة في المغرب و جامع الفنا خصوصا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر