الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كشف حساب حكومة عصام شرف

اسلام احمد

2011 / 6 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الواقع أن حكومة عصام شرف تولت المهمة في ظل ظروف غامضة اذ جاءت عقب مطالبات شعبية ضاغطة من جانب القوى السياسية وشباب الثورة بوجه أخص بإقالة رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق لأنه تابع للرئيس المخلوع , ما دفع الأخير للتقدم باستقالته الى المجلس العسكري الذى قبلها ومن ثم تم تعيين الدكتور عصام شرف خلفا له في 3 مارس 2011 بعد أن حمله المتظاهرون في ميدان التحرير على الأعناق في مشهد درامي! , والحقيقة أنني فوجئت آنذاك بالقرار وساءلت نفسي باحثا عن المعيار الذى تم اختيار عصام شرف على أساسه , هل هو الكفاءة أم ماذا؟! , وبقليل من الذكاء بدا أنه تم اختياره على أساس شعبيته بالدرجة الأولى وقبوله لدى الجماهير كونه شارك في ثورة 25 يناير ولم يتورط كغيره في الانبطاح أمام النظام القديم! , وقد أشفقت وغيري على الدكتور عصام شرف اذ فضلا عن طبيعة شخصيته الطيبة , ولا أقول الضعيفة , فانه جاء في ظل ظروف صعبة للغاية حاملا تركة ثقيلة خلفها مبارك! تتمثل في دولة منهارة واقتصاد منهار ناهيك عن الانفلات الأمني

واثر مجئ عصام شرف فقد قام بعمل تعديل وزاري محدود شمل بعض الوزراء المكروهة لدى الشعب مثل أحمد أبو الغيط وزير الخارجية السابق وممدوح مرعي وزير العدل السابق وغيرهما , بينما تم الإبقاء على آخرين ممن تم تعيينهم من جانب مبارك في حكومة أحمد شفيق علما بأن بعضهم ليس فقط محسوب على النظام القديم وانما كان عضوا بلجنة السياسات مثل الدكتور سمير رضوان وزير المالية , كذلك سيد مشعل وزير الإنتاج الحربي صاحب قضية تزوير الانتخابات الشهيرة حين كان مرشحا نفسه أمام مصطفى بكري! , ولئن كان مفهوما ومقبولا مجئ عصام شرف فمن غير المفهوم ولا المقبول الإبقاء على هؤلاء دون سبب واضح! , والمحصلة في النهاية حكومة تضم وزراء من اتجاهات مختلفة لا يجمعهم برنامج محدد! , وفي ظل تلك التشكيلة الوزارية العجيبة فقد تنوعت أسماء الحكومة بشكل غريب فمن غير المعروف على وجه الدقة هل هي حكومة انتقالية؟! , أم مجرد حكومة تسيير أعمال؟! , أم أنها حكومة الثورة كما يحلو للبعض تسميتها؟! , والحاصل أنني لم اسعد بمجئ حكومة عصام شرف اذ كنت أتمنى أن يتم تشكيل حكومة انتقالية تكنوقراط كما طالبنا تضم كفاءات من ذوي التخصص يتمتعون بالحس السياسي وهو ما تفتقده حكومة عصام شرف بشدة!

والآن بعد مرور مائة يوم على حكومة شرف فقد بدا لنا تقديم كشف حساب كالذي قدمه عصام شرف منذ يومين لنرى ما الذى أنجزته الحكومة طيلة تلك المدة؟! , إذا سلمنا بأن الأمن والاقتصاد هما محور عمل الحكومة وقمة أولوياتها فانه يتعين تقييم الحكومة من هذين الجانبين , بالنسبة للأمن فمازالت حالة الانفلات الأمني مستمرة , وانتشار الجريمة والبلطجة واضح للعيان! , ويرجع ذلك في اعتقادي الى عدم عودة الشرطة بالكامل الى الشارع المصري! فضلا عن ضعف الحكومة ممثلة في رئيس وزرائها ووزير الداخلية منصور عيسوي الذى جاء خلفا لمحمود وجدي! , غير أن ثمة رأي اخر يمثل نظرية المؤامرة يري الأمور بمنظار مختلف فقد أخبرني صديق يعمل ضابط شرطة أن القوات المسلحة لو أرادت إحكام سيطرتها على البلاد واستعادة الأمن لفعلت , إلا أن استمرار حالة الانفلات الأمني متعمد وكذلك عدم نزول الشرطة بالكامل وذلك لأغراض سياسية!

ورغم حالة الانفلات الأمني فقد أصرت الحكومة بغرابة على مواصلة الدوري المصري العام! ما أدى الى حدوث أعمال عنف متكررة , أولا في مباراة بين نادي الزمالك والترجي التونسي حين تم الاعتداء على لاعبي النادي الشقيق وذلك بدلا من تكريمهم تقديرا لهم على قيامهم بالهام الشعوب العربية الثورة من أجل الحرية والكرامة! ما مثل فضيحة كبرى لمصر!, ثم تكرر الأمر نفسه بين جماهير النادي الأهلي وجماهير النادي المصري ببورسعيد , وأخيرا وليس آخرا الأحداث المؤسف التي شهدها استاد الاتحاد السكندري عقب هزيمته أمام فريق وادي دجلة بالإسكندرية , وليس لدي من تفسير لذلك الإصرار الغريب على مواصلة الدوري رغم حالة الانفلات الأمني سوى أن القائمين على إدارة البلاد يسيرون على نفس نهج النظام السابق في الهاء الناس بكرة القدم عن قضاياهم المصيرية!

ولأن أي ثورة لابد أن يصحبها ثورة مضادة بالضرورة من جانب فلول النظام القديم فقد كان متوقعا حدوث أعمال عنف بغية إجهاض الثورة , ولأن ملف الفتنة الطائفية هو أخطر ما يمكن أن يعلب عليه النظام السابق فقد شهدت البلاد أحداث طائفية مؤسفة , عقب قيام الثورة , بدا منها رائحة الثورة المضادة! , بيد أن تعامل الحكومة في معالجة الفتنة الطائفية كان سيئا للغاية اذ بعد حادث اعتداء السلفيين على كنيسة صول بأطفيح قام المجلس العسكري بارسال الشيخ محمد حسان لإطفاء الأزمة ومن ثم تم حل المشكلة بشكل عرفي وبالتالي لم يتم محاسبة الجناة! , ما أدى الى تكرار أحداث العنف الطائفي مرة أخرى بشكل أكثر بشاعة تمثل في أحداث كنيسة العذراء بإمبابة! , وازعم أن لو قامت الحكومة بالضرب بيد من حديد على مرتكبي حادث كنسية أطفيح منذ البداية لما تكررت الأزمة , بشكل عام فان الحكومة تعاملت بشكل سلبي تماما مع ملف الأمن , وتهاونت بشكل واضح مع البلطجية والمجرمين , ما أدى الى تفاقم الوضع الأمني وبالتالي ضياع هيبة الدولة المصرية!

أما عن الاقتصاد فقد اتخذت الحكومة قرارات اتسمت بالتخبط والارتباك , بدت في فرض ضرائب جديدة على الأرباح الرأسمالية، وإنشاء شريحة ضريبية جديدة بنسبة ٥% لمن تزيد أرقام أعمالهم على ١٠ ملايين جنيه سنويا للأفراد والشركات , ما أدى الى خسارة البورصة الأسهم تخسر ٧.٥ مليار جنيه كرد فعل على الضريبة الجديدة , ما دفع محمد عبد السلام رئيس البورصة المصرية لمهاجمة الحكومة قائلا : "أنا محبط لأن القرارات اتخذت دون وجود تمثيل لهيئة الرقابة المالية والبورصة , أنا فوجئت به من وسائل الإعلام" , كما تعرضت الحكومة لاتهامات من جانب هيئة الاستثمار لأن الضريبة الجديدة من شأنها هروب المستثمرين الأجانب خارج مصر في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى جذب الاستثمارات الأجنبية! , وعلى اثر تلك الاتهامات ونتيجة الخسائر التى تعرضت لها البورصة المصرية فقد تراجعت الحكومة عن قرار تطبيق الضريبة الجديدة المقرر فرضها على الأرباح والأسهم بدعوى أن إعلان الوزير الدكتور سمير رضوان عن القرارات الأخيرة جاء دون دراسات مستفيضة يشارك بها جميع الأطراف المعنية بالتطبيق!

ومن ناحية أخرى فقد قررت الحكومة زيادة الحد الأدنى للأجور الى 700 جنيه بدلا من 1200 جنيه وذلك في الوقت الذى يصل فيه مرتبات بعض الوزراء ومستشاريهم الى مليون جنيه شهريا حسب ما وصلني من مصادر موثوق منها!, ما مثل صدمة كبرى لقطاعات عريضة من المصريين اذ فضلا عن كونه مبلغ زهيد جدا لا يكفي لحياة آدمية ويتعارض بشكل أساسي مع مبدأ العدالة الاجتماعية فان الحكومة بذلك قد خالفت القانون وضربت به عرض الحائط اذ صدر حكم للمحكمة الإدارية العليا يلزم الحكومة بأن يكون الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه! ما يعني أن الحكومة الحالية لا تحترم أحكام القضاء تماما مثل النظام السابق! , علما بأن زيادة الحد الأدنى للأجور الى 1200 جنيه كان أحد المطالب الأساسية لثورة 25 يناير

وقد رأى كثير من خبراء الاقتصاد مثل الدكتور احمد السيد النجار أن الحكومة الحالية اهتمت بالقضايا السياسية على حساب الشق الاقتصادي معتبرين أن المجال الاقتصادي يسير بنفس سياسات النظام السابق! متمثلا في عدم العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل والاحتكار ورفع الدولة يدها عن حماية السوق مما أدى الى زيادة الأسعار!

هذا فضلا عن التباطؤ في محاكمة رموز النظام السابق , ولا أقول التواطؤ! , وعدم تطهير البلاد من الفساد المستشري بها , والحاصل أن حكومة عصام شرف أثبتت فشلا حتى الآن ولم ترتق الى المستوى المتوقع منها كما تبين أنها منفذة للسياسات وليست صانعة لها بينما يقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة فعليا بادارة وحكم البلاد! , بمعنى آخر أنها مجرد حكومة تصريف أعمال أي بمثابة عسكري شطرنج بلا رؤية استراتيجية أو برنامج واضح لإدارة المرحلة الانتقالية , فضلا عن أن العقلية القائمة عليها لا تختلف كثيرا عن عقلية النظام القديم وقد بدا هذا واضحا في كثير من القرارات وفي مقدمتها حركة المحافظين , إضافة إلى قانون منع التظاهر والاعتصام الذي يتناقض كلية مع روح الثورة والذي اتخذ بشكل منفرد دون مشورة أحد! , أخشى ان استمر الوضع على ما هو عليه أن يطالب البعض في ميدان التحرير بإقالة عصام شرف مثلما طالبنا من قبل بإقالة احمد شفيق , ولئن حدث ذلك فستكون حقا مفارقة مدهشة أن يكون الميدان الذى أتى بالحكومة هو نفسه الذي أسقطها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحكومة الفاسدة
محمود ( 2011 / 11 / 8 - 08:23 )
مفيش حد هيتعدل في مصر ماسك اي منصب

اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟