الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدليات متناثرة (لحظة العبور)

زهير مبارك

2011 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



1
رغم انني عبارة عن ماكنة تتلقى الضربات الموجهة لتنفيذها الا أن ذلك لم يمنعني للحظة من محاولة الولوج للخروج من الكهف، بل يمكن أن يكون العكس هو السائد، بمعنى المحفز لخط الاطروحة في هذه العجالة، وهي التي ترى أن حالة الانهيار لم تتوقف بعد رغم ما يقال، وما يتبلور على الشاشات بقدر اكبر بكثير مما هو على أرض الواقع على أية حال ليس هذا مجال الحديث هنا في هذا الجدل الذي لم تتكشف بعد اتجاهاته في ظل الاختطاف من القوى المهيمنة، وفي ظل غياب اطار فكري متفجر عما هو قائم حالياً، ولهذا اذا تم التوصيف بدون رتوش لا يوجد جديد بشكل جذري على الارض .
2
لكي نخرج من الكهف ونتلمس الخيوط الاولى لشمس العبور لابد من توفر المنهج والفكر المؤسس (انطلاق العقل) لأن الفكر بوصفه وجوداً متمثلاً فارضاً حالة واقعية بعيدة عن كل ما هو ميتافيزقي وهو ما يفرض حالة من رفض المسلمات وولادة الجدل المحفز للعقل والمنتج منه لا المسير له هنا ينولد فكر قادر على الابداع، ومبرر ذلك كما يرى البعض يعود الى الجدل بحد ذاته هو دراسة للفكر من زاوية الذات التي تشارك في الوجود فليس هناك ذات وموضوع أو أنا ووجوده وإنما هناك ذات في قلب موضوع وأنا في داخل العالم وجميع المشكلات الميتافيزيقية قد نتجت من هذا الفرض الكاذب وهو أن المعرفة إنما تقع خارج الوجود ثم تنطبق عليه بدلاً من أن تكون في داخل الوجود أو وجهاً له.
نحن بحاجة الى تعلم تقديم الاسئلة وطرحها تساؤلات تتعلق بالبنية التفصيلية للوعي وهو ما يؤسس لميلاد الفكر قبل ميلاد النص مع علمنا أن هذا الامر غائباً مغيباً والسائد غالباً أسئلة ساذجة لا ترقى للحد الادنى للنهوض، ولهذا هناك في الافق مسلمات لا تتجاوز الكهف ولن تتجاوزه ما دام العقل مغيباً مع استنفار قدراته في التساؤلات التي تفرض ذاتها وتنطلق بنا لتجاوز التكلس والاجترار بعلاته لا بايجابياته التي يحبذها نيتشه.
لا يمكن للتصور البسيط السابق أن ينوجد فعليا ويستعد للانطلاق بدون توفر المنهج ولنقل الابداع المنهجي ان من ينطلق بفكر حر جديد هو بالضرورة بحاجة الى منهج حر جديد تتوفر فيه الادوات المتشكلة ضمن ضرورات هذا الفكر وحراك العقل، ولكن ضمن الاطار العام له لا بد أن تتوفر فيه قدرته على الاستنباط والجدل الذي يقدم الطروحات على علاتها ليقدمها ويصوغها بما يؤدي لميلاد صحي غير مشوه أو مركب بصورة عمياء كما هو الحال عربياً اليوم وأنا لا اقصد هنا نقد المنهج التركيبي تحديداً لأننا عندها نقع فريسة المفاضلة بينه وبين غيره ولو كان الأمر بهذه السذاجة لتم الأخذ باتجاه دون اخر وتوفر لدينا فكر حر، ولكن فعليا لم يتم ذلك ولن يتم ضمن هذا التصور الذي أقل ما يوصف بالركاكة . وعليه يمكن الأخذ بملامح من المناهج المتعددة وأبرز ما لدى بعضها الاهتمام بفك اشكاليات التناقضات لمحاولة الوصول الى حالة من الفصل ما بين التناقض والتضاد بمعنى امكانية التعايش ما بين الاختلاف ضمن دوائر تتقاطع ولا تتنافر بالضرورة لأنه لا يمكن أن يسود اتجاه على حساب الاخر الا في حالة واحدة هي الاقصاء وهو داء هذه الامة لا دوائها.
3
نوجز فنقول الفكر الغائب لأمة هو غياب لوجودها حتى لو توهم البعض بأنها تتحرك فلم يحن الوقت بعد لنرى حداً فاصلاً بين القديم والجديد ولا جديد في الافق ما لم تتوفر الارادة لانطلاق العقل في سماء لا يعرف سقوفاً ولا سياجاً، وهو ما يمهد لميلاد (الفكر المؤسس) هذا الأمر يتطلب طرح التساؤلات المؤلمة حسب وجهة نظر البعض لأن الغالب يميل للمسلمات وغيرها محرمات ولا بد من قمعه واقصاءة ما لم يكن من التابعين. ان امة ما دامت تفكر ضمن هذا الطرح لا يمكن ان تنتج ولا يمكن أن تنطلق لأن المتطلب الاساس غير متوفر وهو حدية التساؤلات وعمقها وعدم وقوفها امام جدران صماء بل طرح يولد طروحات وجدل يخلق فكره.
4
قد تكون الحالة العربية اليوم أفضل خلاصة لما سبق فعندما نجد انطلاقة فيها لمسة ابداعية لأول وهلة ثم نشعر بانتكاسة يجب ان نسأل انفسنا لماذا؟ عندما نرى كيف هضم الغرب العرب وتم احتوائهم لابد من القول كيف تم ويتم هذا؟ هل الغرب لهذه الدرجة معني باقتلاع الاستبداد وأين كان قبل ذلك الوقت؟ أين كان عندما قدم فلسطين هدية على حساب اهلها ومن ساعده في ذلك اوليس المستبدين انفسهم الذين يدعونهم الان للرحيل .
ان حالة الاحتواء الغربي للتحركات العربية وتوظيفها بما يتناسب ومصالحهم المتجذرة هو أكبر دليل على القصور العقلي لنا نحن العرب وهو أكبر دليل على حالة التكلس واذا بقي الاتجاه كما هو عليه الان فإننا سنبدأ بعد حين من حيث تم البدء هذا اذا تمت ازالة المستبدين جميعهم فعلاً، وهو امر يحتاج الى كثير من النقاش (الجدل) في ظل الواقع الحالي فهم (المستبدين) كالفيروسات يتأقلمون وقد استوعبوا الصدمة. وهذا يدل على ان الادوات كانت منذ البداية محدودة والافق ضيق لما بعد محاولة النهوض ولا أقول النهوض لأنه لم يأت بعد.
5
قد يبدو غير مترابط بين ما يحدث وبين ما يقدم من طرح للخروج من (موت العقل العربي السريري) ولا اعني مطلقاً الحل للواقع السائد بل المهاد الاولي للعبور ويتمثل ذلك في وجوب أن يتم ادخال الفلسفة الى المدارس والجامعات وخصوصاً المدارس لأنها الاساس للتعلم منذ الصغر العصف الذهني وانبثاق الاسئلة وعدم التسليم بكل شيء الا بعد التمحيص والتدقيق والجدل في كل شيء وهو ما لا نراه حتى الان، فمنذ الصغر دائما يجب توفر الطاعة والولاء والتبعية والخوف من كل شيء هذا ما نتعلمه في مدارسنا نقمعهم في صغرهم ويقمعون عندما يكبرون من لم يخضع بارادته فانه يجب أن يروض والا فإنه سوف يقمع بصورة مقيته اقرب الى النبذ الافلاطوني في محكمته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف