الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الفلسطيني بين الانتهازية السياسية والشفافية الوطنية:

خالد عبد القادر احمد

2011 / 6 / 27
القضية الفلسطينية


لا يجب ان يستغرب البعض اصرارنا على مقولة القومية الفلسطينية. طالما انها تعرف استقلالية الواقع الفلسطيني تاريخيا وراهنا, كما لا يجب رفضها والاصرار على اخطائنا الثقافية لان مقولة القومية الفلسطينية _كما يرى البعض خطئا_ تتعارض مع تعاليم الاخوة الدينية, او لتعارضها مع جنوحنا الاقليمي للولاء و الانتماء العرقي العروبي, وهوعلى كل حال انتماء وولاء تناغم مع مرحلة تاريخية سابقة, تجاوزها مسار التطور الحضاري.
في الوقت الراهن يوجه شعبنا الفلسطيني سهام نقده للقيادة الفلسطينية, وهو محق بهذا الصدد, غير انه غير محق في توجيه الاتهام لها بالخيانة واللاوطنية, وهي تهم باطلة,
فالنقد يجب توجيهه الى خلل مركب تعاني منه هذه القيادة _ وهنا لا اعني بالقيادة الشخوص الحالية, بل بشخوص كامل مسار التاريخ السياسي, ما بعد وعد بلفور _ بما فيها الرمز وغير الرمز_, وقد ترك هذا الخلل اثاره المدمرة على الشعب الفلسطيني وكانت اخطارها اكبر من الاخطار التي كان يمكن ان تلحقها بنا خيانة بعض شخوص هذه القيادة _ ان وجدت الخيانة_.
الخلل الرئيسي الذي عانت منه هذه القيادة هو مرشدها الثقاف الايديولوجي. والذي انتهى الى الغاء وجود خصوصية واستقلالية للقضية. واصر على اعتبارها مجالا من مجالات الصراع _ العربي_ مع الكيان الصهيوني والاستعمار العالمي, الامر الذي الغى الشخصية السياسية المستقلة للقضية والشعب الفلسطيني في الراي العام العالمي والشرعية الدولية, وعوضا عن ان يكون لنا حركتنا الخاصة في الصراع باتت الحركة الاقليمية المتناقضة قيدا علينا, وصورة ذلك لا تزال حتى الان تقيدنا.
اما المجال الاخر فهو خلو منهجية القيادة الفلسطينية السياسية من شفافية المصارحة والمكاشفة, في علاقتها بالشعب الفلسطيني, واصرارها على عدم الاعتراف بالخطأ, والاصرار على اخفاء محاولتها اصلاح اخطائها, بمنهجية الترقيع السياسي, وهو جوهر منهجيتها الراهنة في التعامل مع التسوية والمفاوضات كما هو منهجيتها في التعامل مع مقولة المقاومة,
فلم يكن منظرا مفرحا, كشف الجزيرة لخبايا مسار التفاوض الفلسطيني الصهيوني, وهو الكشف الذي افقد اقلام السلطة الفلسطينية والناطقين باسمها هدوء اعصابهم, وجعل منظرهم الاعلامي يستثير الشفقة, غير انه يقلل الثقة بهم, ولم يكن منظرا مفرحا اكثر تشفي رموز مقولة المقاومة بهذا الكشف, ومحاولة توظيفه في الصراع الفصائلي عوضا عن رؤية مسئوليتهم ايضا عنه.
ان تسليمنا المنهجي لمبدئية ثقافية سلبية, بقلل من قددرتنا على قراءة الواقع بصورة سليمة تنحو الى استكشاف مستقبل الصراع, وهذا بالضبط جوهر خلل منهجية القيادة الفلسطينية, فليس شرطا بل هو عادة جارية ان لا يستجيب واقع حركة الصراع وتفاعلاتها مع الطموحات والاماني التي تعنيها ثقافتنا الخاصة, ولا يضمن عدم تكرار حدوث هذا وتكرار حدوث الاحباط الذي يلي نتائجه سوى ان نقيده بمبدئية ثقافية ايجابية قائمة على المعرفة العلمية الدقيقة بموضوعية واقعنا وصراعنا وبتعريفنا لذاتنا وثوابتنا,
اليوم تجبرنا القيادة الفلسطينية على التزام محاولتها اصلاح ما افسده_ الدهر/ اخطائها_ , والذي اجتمعت اخطاره علينا في صورة اتفاقيات اوسلو, وهذا هو جوهر سلوكها ومنهجيتها التفاوضية منذ توقيع هذه الاتفاقيات, فهذا هو جوهر الخلاف التفاوضي مع الطرف الصهيوني وعلى القيادة الفلسطينية ان تمتلك مستوى من شفافية القيادة يدفعها الى شجاعة تحديد الخطأ ولاعتراف بمسئوليتها عنه. ولا اطالب هنا بمنهجية ثقافية مثالية بل اطالب بتمثيل سياسي فعلي من قبلها للمصالح القومية الفلسطينية, ولكن اولا امام شعبها ومن ثم تاليا امام الاطراف الاخرى المعادية والصديقة.
ان اصرار القيادة على منهجية اللاعنف, والتمسك بالمفاوضات, وابقاء خيارات النضال الفلسطيني محصورة في حيز عدم استثارة غضب الموقف الاقليمي والدولي, وفي ظل ذلك الاصرار على اعادة هيكلة بنية الفاعلية الفلسطينية بما يتناغم مع شروط هذه المظلة وما نفرضه في منهجية القيادة من رقابة على الذات الفلسطينية, انما يعني محاولة اصلاح اخطاء اتفاقيات اوسلو مع عدم الاستعداد للتخلي عنها, فهي منهاجية سلبية تعكس احساسا شخصيا بالذنب اكثر من كونها ايجابية سياسية يحتاج فعلا المجتمع الفلسطيني لوجودها عند قيادته السياسية, في مقابل ما انطوت عليه اتفاقيات اوسلو من عدم التعريف بالذات الفلسطينية وتبيان حقوقها وثوابتها كقومية مستقلة لها حق تقرير المصير والاستقلال والسيادة الكاملين في دولة خاصة بها, ولا داعي هنا لذكر حجم الدولة.
ان في العودة لقراءة اتفاقيات اوسلو نجد انها قامت على تعريف الطرف الفلسطيني باعتباره جزءا من الشخصية السياسية الاقليمية العربية, لا ثوابت قومية خاصة بها, بل سيجري تحديد ثوابت الحقوق الفلسطينية عبر التفاوض مع العدو الصهيوني المتفوق في خلل ميزان القوى, وفي هذه المجالات كان خطأ المفاوض الفلسطيني, الذي فرضه عليه خلل مبدئيته الثقافية العرقية العروبية. وهو خطأ لا يتحمل فريق التفاوض الراهن وحده المسئولية عنه بل يعم تحمل المسئولية كل من وافق على هذه الاتفاقيات ومن رفضها ايضا, من الموجودين فوق التراب وتحته في ذلك الوقت, فالطرفين تحددت مواقفهما تبعا لنفس خلل المبدئية الثقافية, وهوخلل تعريف الذات تعريفا عرقيا عربيا.
ان صيغة اتفاقيات اوسلو هي صيغة الاعتراف الفلسطيني بهزيمة حزيران, وهي صيغة الموافقة على مشاركة الموقف الرسمي الاقليمي في دفع ضريبة هذه الهزيمة, علما ان جميع الاطراف الاقليمية الرسمية حددت ثمن هزيمتها في قبول قرار 242 وبعضها بادر الى توثيق ذلك ومنهجته في توقيع اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة, وتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني على اساسها,
اليوم هناك اصرار عالمي على الزام الانظمة الرسمية الاقليمية والزام الطرف الفلسطيني بالقرار 242 واتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة واتفاقيات اوسلو, لذلك نجد اصرارا من الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها على حصر تعريف الفلسطينيين كشعب لا كقومية, والاصرار على ان فلسطين الجغرافية هي محل نزاع بين شعبين, وان حقوق الطرف الفلسطيني بها وعليها يجب ان تتحدد من خلال المفاوضات المباشرة وتبعا للقناعة الصهيونية, والحق يقال ان هذا هو ما انطوت عليه فعلا اتفاقيات اوسلو, وللجميع العود لقراءة نصها الرسمي.
لكن ما سبق يذكر نصف الحقيقة فقط, فالنصف الاخر هو ان اتفاقيات اوسلو غير ملزمة للطرف الفلسطيني على اي مستوى, فهي اتفاقيات لبدء عملية تفاوضية فحسب, يمكن للطرف الفلسطيني اذا اراد واختار المجازفة ببعض المردود الذ عاد عليه منها ان يرفض الاستمرار في الالتزام بها, وهنا يمكن تحليل كل المحرمات التي حددتها القيادة الفلسطيني بدءا من حل السلطة وصولا الى العودة لممارسة الكفاح المسلح, غير ان كل بضاعة بثمنها.
ان الفلسطيني لا يمكن له الاستمرار في وضع تكون فيه احد رجليه في قبر التفاوض والاخرى في تجارة المقاومة, وهو الحال الفلسطيني المستمر منذ اتفاقيات اوسلو, والذي بات المجتمع الفلسطيني الان يواجه ضرورة حسم خياراته كوضع مستحيل عليه الاستمرار فيه, ومن الواضح ان موعد استحقاقات ايلول ستعيد طرح هذه الخيارات بقوة علما ان القيادة الفلسطينية ومنهجيتها تستبعد منه خيار الكفاح المسلح, فماذا سيختار الشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الكندية تعتدي بالضرب على متضامني غزة


.. طفلة فلسطينية تتلقى العلاج وحيدة بعد فقدان معظم أفراد أسرتها




.. بايدن يصر على خوض السباق الانتخابي رغم الأصوات التي تطالبه ب


.. -سأهزم دونالد ترامب مجددا في 2020-.. زلة لسان جديدة لبايدن |




.. في أول مقابلة بعد المناظرة.. بايدن: -واجهتني ليلة سيئة-