الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دون الحاجة إلى -العربية- أو -الجزيرة-

محمد أبوعبيد

2011 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


اكتشف الخوارزمي, المسلم غير العربي, القسمة في الرياضيات, وبدلاً من تطبيق الاكتشاف في العلوم أخذ العرب "القسمة" وطبقوها جغرافياً و"ديموغرافياً" وفكرياً, فإن لم يقسّمْنا الآخر, قسّمنا بعضنا على أسس غير علمية, وبقينا ماهرين في القسمة والتقسيم. لعل العرب لم يشهدوا ثورة في إبداء الآراء كما يحصل اليوم, نظراً
لثورة الاتصالات التي نشهدها, وكسر الخوف من سيف ديموقليس المسلط على رقبة المواطن كي لا يبدي رأياً مخالفا "لقداسة" الحاكم. إلا أننا, كعادتنا, لا نحسن الاستمتاع بنعمة تمناها أسلافنا, فصرنا كمن يبتاع سيارة ولا يعرف قيادتها.

لا ريْب في أن حرية الرأي من سمات المجتمع الحر, لكنها ستكون في أناقة لو مورست بشكلها اللبق. مشكلة إبداء الرأي لا تتعلق فقط بانعدام الحجة أو الدليل في أحايين كثيرة, فيصبح الرأي مساً بشخص الآخر و شتائم له, إنما أيضاً, بتقسيمات تتبرأ منها الرياضيات واللوغاريتمات. إنها مشكلة من صلب سلوك سائد في أوساط العرب وهو أن يرث المرء رأياً أو فكرة عن أمه وأبيه, أو عشيرته التي تأويه, كمن يرث عقاراً أو مالاً, ومن لم يرث, لن ينجو من اتهامات الآخرين بأن رأيه قد وُلد من رحم انتمائه لقبيلته أو بلده, أو انتمائه لمكان العمل.

في لجة الأحداث التي يشهدها العرب صقعاً بعد صقع, أو صقعاً مع صقع, يدلي الكثير, إن ليس الكل, بآرائهم حول ما يحدث, خصوصاً حول الثورات ضد الأنظمة الديكتاتورية, وليس الموظفون في وسائل الإعلام في حل من ذلك, لكن ليس خلال العمل, إذ تقتضي المهنية عدم تبني موقف, إنما نقل أحداث جارية وترك تحليلها إلى أهل الشأن. ومثل الناس جميعاً, يدلي الإعلامي برأيه, فيُواجَه رأيه, أحياناً, بأنه مرتبط بالمكان الذي يعمل فيه, وكأنه في نظر البعض غير قادر على تشكيل رأيه الخاص, وما هو إلا مجرد وارث أو ناهل من مكان عمله.

بمقدور أي شخص أن يشكل رأياً في أحداث أي منطقة عربية, أو غيرها, إنْ كان يتابع عن كثب, وإنّ وسيلة الإعلام التي يعمل فيها, أو تنقل له الخبر, ليست بالضرورة دودة القز التي تنسج له رأيه, خصوصاً إذا تعلق الرأي بنظام ديكتاتوري. فالصرعة السائدة اليوم هي أنه إذا تحدث إعلامي عن نظام ديكتاتوري, خارج العمل, بما لا يرضي مؤيديه, اتهمه المؤيدون الذين يعتقدون أن حريتهم هي في انعدامها, بأن رأيه على هذا النحو نظراً لعمله في الجزيرة أو في العربية أو بي بي سي عربية ... ألخ, أي كأن العاملين في وسائل الإعلام الإخبارية عاجزون عن معرفة حقيقة الديكتاتوريات, ولولا عملهم في أماكنهم لما عرفوها, وتلك بلية شرها يُضْحك.

الديكتاتوريات العربية موجودة قبل ظهور الجزيرة والعربية وبي بي سي عربية وفرانس 24 وغيرها, وحقيقة الديكتاتوريات تُعرف سواء بوجود تلك القنوات أو انعدامها, وإنْ كان وجودها يسهم إلى حد كبير بكشف فظائع تلك الأنظمة, ويترك ردات الفعل عليها للمتلقي . تلك القنوات ليست ديانات يعتنق العامل فيها إحداها, فهي أماكن عمل لا تفرض رأياً مثلما تقرر منهجاً, وإنّ المرء يقول عن الطاغية طاغية سواء كان هذا المرء موظفاُ في قناة إخبارية أو حارس مبنى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس