الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هدأة الروح

حاتم جعفر

2011 / 6 / 27
الادب والفن



ظن البعض والظن هنا ليس بمعنى الاثم بل لنذهب الى ما يدل على الشك أو الاعتقاد, ولنكن كذلك ولنسقط هذه الاستعارة على الرسول الكريم محمد وما حمله من رسالة وتبليغ لنقول ان الرجل لم يكن اميا وان امته لم تكن كذلك. هذا الرأي ربما لم يروج له كثيرا في المصادر الراصدة لتلك الحقبة فحسب بل أتى كذلك على الضد مما هو شائع حين عدو محمدا وامته اميان. النتيجة التي توصل اليها البعض في رأيهم هذا, يأتي متسقا تماما ومستوى التطور الحضاري الذي بلغته الامة في تلك المرحلة الغابرة من الزمن, أو ربما اعتمدوا في تفسيرهم على تصريف لغوي مختلف حين اعادوا مفردة الامية الى جذر آخر لتنسب الى الامة أي القوم, بدلا من ان تلحق بالجاهل أو الأمي. ولنسلم امرنا لكلا التفسيرين ولنبني عليهما الافتراض التالي: بأنها رسالة وعي وقدرة لامة مهيئة ومستعدة ايضا لاستقبال واستيعاب ما أتى به محمد.
هذا الرأي له رصيدا قويا من المقبولية وبني كذلك على اساس من المنطق, فهناك الكثير من الكتابات ذهبت الى ذات الوجهة, فاذا ماعدنا الى مدونات وكتابات الاديب المصري المعروف وعميده طه حسين, طيب الثرى فكان له رأي جدير بالوقوف عنده, ينسجم مع ما فات ذكره ويستنتج منه ويفيد الى ان امة استطاعت ان تكتب وتورث للذين من بعدهم, ذلك الشعر والذي سمي بكتب التأريخ مجازا بالجاهلي, لهو بحق ينم عن تطور امة, ولم يكن بالامكان ان يأتي بكل ذلك الدفق الشعري ان لم يكن وليد مرحلة وبيئة مؤهلتان اصلا لذلك المنجز العظيم, حتى ان رأيه هذا اراد البعض ان يسقطه على رسالة الاسلام والشك بما جاء به الرسول العربي محمد, وما حواه كتاب الاسلام من افكار متحركة وشاملة دفعت الكثير من منتقديه الى الشك في مصدر تلك الرسالة والى الشك كذلك في وقوف رجل أمي خلفها, وهذا ما لانروم الخوض فيه آلان ولا أظنه مستقبلا.
وبناءا على ما تقدم فأن أمة أو قوما بهذه المنعة وهذا الرصيد المحكم البناء في لغته, ليس من السهل اختراقها أو حتى مجاراة بناءها. لذا كان لا بد للقادم الجديد الذي سيؤدي دورا مهما في رفد اللغة العربية وتقاسم مصيرها وقوتها, في ان يتمتع بملكات لغوية, قادرة على النفاذ ونيل الرضا والحضور, تؤهله على تجاوز العتبة الحرجة لتجعله مقبولا من ذلك الوسط , خاصة وانه ( الوسط المتلقي ) يتمتع بمراس صعب وحنكة لغوية, وهذا ما تحقق فعلا في آخر السفر فكان التلاقح واضحا بين جزالة الشعر وحكمته وبين دلالات القرآن الكريم وسحر البيان الذي أتى به, ليعضد بعضهما بعضا وليمضيا كذلك في بناء لغة محكمة, قادرة على التفاعل مع اخواتها, كذلك استيعاب الجديد وهضمه ولتشغل مكانا عليا بين لغات العالم استطاعت على التفاعل والبقاء والتطور رغم مرور اكثر من الفي عام على نطق اول حروفها وكلماتها.
واذا ما استثنينا المحاولات التي قام بها العراقي الراحل هادي العلوي من اعتماد الحرف الساكن في نهاياة الكلمة, في مسعى منه غايته التخفيف من ذلك الثقل الذي حمًله اللغويون القدامى للعربية وكي يجري استخدامها على اوسع قاعدة من متحدثيها , فقد جرت ربما بحسن نية او بسوءها وهذا ما لا اميل اليه كثيرا, قبل بضعة عقود من الزمن محاولات عديدة من قبل البعض تقوم على تبني فكرة احلال اللهجة المحكية كبديل لغوي عن العربية الفصحى بدعاوي شتى, غير انها اصطدمت بالكثير من الحواجز والعوائق مما اضطر دعاتها الى التخلي عن تلك الفكرة, او ان تلك الدعوات تلاشت لعدم وجود آذان صاغية لها بل قوبلت بالرفض القاطع لأنطوائها على انعكاسات ونتائج سلبية ربما تدخل في اضعاف مكانة اللغة العربية وكذلك تحجيم دورها الانساني والحضاري في رفد الشعوب الاخرى بما اكتنزته من معارف وعلوم كانت قد كتبت بلغة الضاد.
ولأنها (العربية) لغة تفكير وتعبير وتواصل وقادرة كذلك على الاشتقاق والتطور, فقد دخلتها شعوب وقبائل وتحولت الى مفخرة لمثقفيها, فحتى الامس القريب ولا زال, يباهي بها الفرس والاتراك وغيرهم من ابناء أسيا الوسطى, بل ان كثيرا من نحوي اللغة العربية وفطاحلها تعود اصولهم الى هذه الشعوب, ولعلهم في اجادتهم للغة العربية لم يروا فيها مدخلا لفهم الاسلام وحسب بل هي لغة حَوت من الجمال وبديع بلاغته ما دفعهم الى الذود عنها في محافل ارادت لها الانقراض او التضييق عليها في أضعف الاحوال. غير ان كل ذلك لايعفي مختصي اللغة العربية ومجامعها في بعض العواصم العربية من النظر الى ما يحيط بها بجدية اكبر لجعلها أكثر مطاوعة وانسجاما مع العصر ومقتضياته واجتناب التشدد في شروطها مخافة انكسارها, فهناك رهط من اللغويين لا زال متمسكا بثوابتها كما أستقرت عليه أول مرة, يحاذرون التغيير والتطوير بذريعة انفراط عقدها. ومع تقدير حرصهم الشديد على لغتهم الاً انه ينبغي النظر اليها (اللغة العربية) باعتبارها علما كسائر العلوم, قابل للتغيير ويراعي لغة العصر وفي ذات الوقت الدفع بذوي الاختصاص نحو العمل على تبسيط اللغة العربية لتصبح في متناول الجميع دون المساس بثوابتها.

حاتم جعفر -السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب