الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترخيص حزب البعث...!؟

جهاد نصره

2011 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


الحق يقال: بدت السلطة الأمنية السورية التي غضَّت النظر عن لقاء بعض من عجائز النخبة السورية في فندق سمير أميس وسط العاصمة دمشق أكثر فطنةً وذكاء من السلطة السياسية التي اختارت اعضاء اللجنة المكلفة صياغة مسودة قانون الأحزاب ذلك، لأن السلطة الأمنية أرادت ضرب عصفورين بحجر واحد الأول: تأكيد مصداقية النظام..! والثاني: كشف السوية الفكرية والسلوكية الهزلية ومدى السذاجة السياسية عند بعض من هؤلاء العجائز الذين بات عليهم أن يراجعوا حساباتهم ليعرفوا كم تبقى لديهم من رصيد عند الجمهور الذي لن يأتمنهم على إدارة دسكرة في أعالي الجبال وخصوصاً ملايين الشباب الذين لم يخطروا على بالهم البتة..! أما عن الدولة الديمقراطية المدنية التي تحدثوا عنها من دون التطرق إلى الهوية التي يرتأونها لها كما فعل المؤتمرون في مدينة ـ أنطاليا ـ فليس هناك جديد بعد أن صار الجميع يتحدث عنها بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين والسلطة الحاكمة نفسها هذه السلطة التي كانت الرابح الوحيد من لقاء الفندق...!؟
أما فيما خص لجنة أساتذة الحقوق التي عهد إليها صياغة قانون الأحزاب السياسية فقد أخفقت في طرق المرمى وإذ صرح أعضاءها بأن اللجنة اطلعت على حزمة من القوانين المعمول بها في بلدان عديدة فإن أعضاء اللجنة لم يلحظوا أن تلك القوانين وضعت لتنظيم حياة سياسية قائمة بالفعل على غير ما كانت عليه الحال في سورية...!؟
مسودة القانون المعلنة تشترط عند التقدم بطلب الترخيص تقديم لائحة تتضمن / 2000 / عضو موزعين على نصف المحافظات على أن يكون نصيب كل محافظة / 100 / عضو وذلك لضمان انتشار القاعدة الحزبية وطنياً وهي مسألة منطقية غير أن أعضاء اللجنة استعاروا هذه البذرة ليزرعوها في بلد حكمته قوانين الطوارئ والأحكام العرفية طوال خمسين سنة..! وربما يعرف السادة أعضاء اللجنة أن هذه القوانين تحظر اجتماع خمسة مواطنين فما فوق الأمر الذي أشاع ثقافة الخوف والنكوص التي أنتجت بدورها ركوداً سياسياً مديداً وهو ما أتاح لأعضاء اللجنة الحديث عن افتقاد المجتمع السوري للثقافة السياسية ولمشاركة المواطنين في الحياة السياسية..! وحين تشترط اللجنة وجود مائة عضو في كل محافظة فإنها تكشف بالدليل القاطع على أنها هي أيضاً تفتقد للثقافة السياسية كما لبصيرة الإلمام والإحاطة بما حلَّ بالبلد خلال العقود الخمسة المنصرمة...!؟
وهكذا، فقد أعدت اللجنة مسودة قانون يتيح لحزب البعث القائد للدولة والمجتمع الحصول على ترخيص يشرِّع وجوده السياسي..! وربما يحاول قبل ذلك دفع أحزاب الجبهة التقدمية الحليفة باتجاه الاندماج لتأمين حصول بعضها على الترخيص..! أما الأحزاب المعارضة الموجودة منذ عشرات السنين فعليها الانتظار بضعة عقود ترتقي خلالها ثقافة الشعب السياسية كما تشتهي اللجنة فتتمكن بعدها من تأمين النصاب الذي يشترطه القانون المستحدث..!؟ أما المواطنين من غير دائرة الأحزاب الراغبين في تأسيس أحزاب جديدة فبإمكانهم الالتحاق بصفوف حزب الكلكة الذي لا ينتظر ترخيصاً من مخلوق على وجه الأرض...!؟ لقد كان الكثيرون ينتظرون من هذه اللجنة بعد حديثها عن غياب الثقافة السياسية والمشاركة الشعبية سلوك أقصر الطرق لإحياء ما مات أو تعويض ما فات..! ومما لا شك فيه أن أقصر الطرق الموصلة إلى تحقيق هدف إنعاش المجتمع السوري وعودة حيويته السياسية التي عرفها في الخمسينات يتمثل بقانون أحزاب لا يشترط أعداداً محددة مسبقاً.
قد تكون مسودة قانون الأحزاب المعلنة صالحة لمعظم بلدان العالم غير أنها لا تصلح أبداً لسورية في هذه الظروف...!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟