الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دروس محاكمة بن علي

فالح الحمراني

2011 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



فتحت محاكمة الرئيس التونسي السابق زين العابدبن بن علي مسلسل مقاضاة رؤساء ومسؤولين في الانظمة المستبدة التي اطاحت بهم رياح " الربيع العربي". وحكم في التهمة الاولى على بن علي وعقيلته بالحبس لمدة 35 عاما وفرضت عليهما غرامة كبيرة ب 45 مليون يورو لتورطهم باختلاس اموال الدولة والاستحواذ على مجوهرات وحلي ذهبية بطرق غير شرعية،.وستنظر المحكمة لاحقا في تهم تجارة السلاح والمخدرات، والمحكمة العسكرية بقضايا اطلاق النار على المظاهرات السلمية. وبالمحصلة فان على الاغلب سيصدر حكما بالاعدام على بن علي. وعلى الارجح ان الحكم سيصدر بحقه غيابيا، لان الرئيس التونسي السابق يقيم في المملكة العربية السعودية.
وتكتسب هذه المحاكمة والمحاكمة الاكثر اهمية التي ستجري في اغسطس للرئيس المصري السابق مبارك ،اهمية رمزية سياسة واجتماعية بان الطغاة والديكتاتوريين ليسوا بعيدي المنال عن يد العدالة وحكم التاريخ العادل وان شرقا اوسطيا جديدا على طريقه للولاده. وبالخلاف عن بن علي،فان مبارك سيتقابل وجها لوجه مع القضاة، اذا لم تنشا له مشاكل صحية جدية ،لكونه لم يغادر مصر، ووجهت له تهم مشابهة لتهم بن علي كالإثراء على حساب الدولة وممارسة الفساد الحكومي والتحريض على إستخدام السلاح ضد المتظاهرين.
ومن دون شك فان هناك عدد كبير من كبار مسؤولي الانظمة المنهارة متورطين باعمال الفساد الحكومي ومن المحتمل حتى من بين الذين يسعون الان لامتلاك السلطة في القريب القادم. ان ممارسة المسؤولون الفساد الحكومي والاثراء غير المشروع، كانت قضية محرجة للنظام السابق. وغالبا ما تورط اؤلئك الذين صاغوا آلية ممارسة الفساد الحكومي في النظام السابق، بتوزيع ممتلكات الدولة. ان المهمة الاولى للقضاة في تونس ومصر تكمن في ان يظهروا للراي العام بان الملاحقات القانونية لا تُستعمل من قبل أية جهة كوسيلة لتصفية الحسابات السياسية مع الرؤساء السابقين،وفي هذا تكمن الاهمية المبدأية لمحكمة إبن علي ومبارك حيث ستجرى محاكمات مقبلة على شاكلتها.
وستكون هذه المحاكمات سابقة، لأن مصر وتونس حلفاء الغرب في المنطقة. وسمح للنخب الحاكمة في هاتين الدولتين، وعلى خلفية كونها من أصدقاء الغرب، تحويل الاموال المختلسة الى الدول المتطورة والحصول هناك على ضمانات بحماية الأسرار المصرفية والحصانة على الممتلكات.لذلك فقد حان الوقت لان يكتسب مبدأ فرض القصاص على منتهكي القانون، طابعا دوليا.
ان البلدان التي اعتاد الديكتاتوريون تحويل اموالهم لمصارفها، بدأت بتشديد القوانين الرامية لمكافحة الفساد وغسيل الاموال، وخاصة في يرطانيا وسويسرا وامريكا. ورغم ان تطبيق القوانين لم يكن بعد شاملا، الا انه جرى تجميد الودائع المالية حتى توضيح اصولها.
وضمن هذا السياق بدأت النيابة العامة الفرنسية بالتحقيق بتهم غسيل الامول الموجهة لابن علي ومبارك، علما بان التحقيقات في هذه القضايا عادة لن تُستكمل او تصل للمحاكم نظرا للالتباسات القانونية المحيطة بها.
وثمة مؤشرات على ان المجتمع الدولي سيتوجه نحو سياسة منح الديكتاتور ملجأ وليكن مؤقتا (غالبا ما يساعد على تخفيف حدة اخطار النزاعات الداخلية) وفي الوقت نفسه مصادرة ثروته واعادته للدولة المعنية.وسيكون هذا تحذير بليغ لكبار المسؤولين ورجال الامن الذين اعتادوا اخلاس بلدانهم عاقدين الرهان على العيش في الخارج هم وحفادهم، ببحبوحة ورفاهية.
اننا لا نعرف كيف ستتطور دول الشرق الاوسط بعد الثورات. وان محاكمة الحكام السابقين لا تضمن ان التحول سيجري بوتائر سلمية وديمقراطية.ولكن العمليات الحالية هي اارة الى العالم باسره عن ان السلطات الجديدة تعتزم وكأحد ادنى تحقيق العدالة في اطار القوانين المعمول بها في بدانها.
انها هذه ايضار دروسا لزعماء المنطقة والعالم الاخرين . والأهم من بينها ان عدم الفصل بين السلطة والملكية الخاصة والسلطة غير المحددة بفترة زمنية للحاكم ستكلف المجتمع غاليا، وكلما زادت فترة ولاية الحاكم كلما ضعفت رقابة المجتمع على سلطته، وخلقت دافعا لديه لوضع نفسه فوق القانون.إن التاريخ برهن على ان هذا الوضع لا يستطيع ان يكون مستقرا ولا أبديا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا