الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعوب الثائرة ... وبداية التاريخ

قاسم محمد يوسف

2011 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


"لم يعد من قادة تاريخيين يفكرون عنا ولا دول مهيمنة ولا نهاية للتاريخ، بحيث أصبح العالم بقبضتنا عبر الـ"فيسبوك"، فقد خرج مواطن عربي متواضع مهمش بإرادة لا تتزعزع خرج ليقول أريد كرامتي، أريد حياة مختلفة لا حزب قائداً فيها ولا سلطان معصوم" تواترت إلى مسامعي هذه "الزبدة" من الكلمات التي أطلقها وليد جنبلاط بالأمس القريب فوجدت في ثناياها تاريخاً طويلاً ضجّ عبر العقود الماضية بصراع عالمي بين اليمين واليسار, هو الصراع عينه الذي أسماه "فرنسين فوكوياما" (أحد كبار الموظفين في الخارجية الأمريكية) "نهاية التاريخ" معلناً في حينه السقوط النهائي للإشتراكية والإنتصار النهائي لليبرالية الإقتصادية والسياسية.

في رحلة البحث عن "القادة التاريخيين" و "الدول المهيمنة" تطفو إلى الواجهة حقائق تاريخية جعلت "فوكوياما" يتحدث عن نهاية التاريخ ونهاية الصراع عبر إزالة التناقضات ما يرتب شعوراً متزايداً بالضجر! (على حد تعبيره), فالمعسكر الإشتراكي بكافة أطيافه وأحزابه أُعطي الفرصة الكاملة وعلى مدى عقود من الزمن لتحقيق الإنجازات التي من شأنها أن تنهض بالبلاد والشعوب عبر دورها القائد في الدولة والمجتمع للإرتقاء بالحياة نحو غدٍ أفضل يتعزز في ربوعه الدور الإقتصادي والسياسي المتحرر ما يؤدي بطبيعة الحال إلى إثبات الفكرة المركزية لقيامها وديمومتها, إلا أن ذلك لم يحدث, فبعد أربعة عقود وما يزيد من الحكم المطلق خرجت الشعوب مطالبةً بإسقاطها نظراً لفشلها المريع, المصير عينه لاقاه (وسيلقاه حتماً) المعسكر الشيوعي بكافة مندرجاته المنقحة وغير المنقحة, فالحُكم الشمولي الذي دام لعقود طويلة عبر أنظمة قمع حديدية سرعان ما سقط (وسيسقط) عند أقدام الشعوب التواقة للكرامة والحرية والحياة.

المفارقة في كلام جنبلاط هو ما إستجد مؤخراً على الساحة العربية, ففكرة "نهاية التاريخ" التي تحدث عنها "فوكوياما" سقطت منذ زمن بعيد ولكنها كُفنت في ثياب "محمد بوعزيزي" لتشيع لاحقاً في "ميدان التحرير" وينثر رمادها على المنطقة برمتها من المحيط إلى الخيلج مروراً بإيران وصولاً إلى بكين, هذا السقوط لم يكن نتيجة لصراع اليمين واليسار أو حتمية الإنتصار لليبرالية على الإشتراكية بل تجسدت بإرادة لا تتزعزع لمواطن عربي متواضع مهمش خرج ليقول أريد كرامتي، أريد حياة مختلفة لا حزب قائداً فيها ولا سلطان معصوم, فدول الإعتدال العربي لم تكن قائمة على فكرة ليبرالية مستقاة من الغرب بل كانت دولاً ملحقة وتابعة تُنفذ أجندات خارجية تعطيها شرعية مزيفة للقمع والقتل والإبادة, وكذلك هي الحال مع الدول الممانعة, فهذه الدول لم تحمل يوماً مشروعاً جدياً للمقاومة والدفاع عن المستضعفين في الأرض ولم تسلك مساراً إشتراكياً يحمي حملة "القدوم والمنجل" بل كانت واجهة مزيفة تعتمد خطاباً ملتوياً يرتكز بشكل كبير على تضليل العامة عبر كافة الوسائل المتاحة بهدف البقاء إلى "الأزل" في ظل أنظمة قمعية تسلطية سقط أترابها منذ عقود خلت, وهنا المفارقة ففي كِلى الحالتين غاب الصراع التقليدي بين المشاريع المُعلبة للدول المهيمنة وحضرت فكرة المواطنة بكافة أبعادها فأصبح الإنسان العربي مُلهماً وقائداً وثائراً في ركب كرامته وحريته ليردد ولأول مرة في تاريخه: الشعب يريد.

هذا المواطن العربي المطعون في كرامته قرر أخيراً إسقاط النظام, نجح في بعض الدول ووضع البلاد على سكة الخلاص بعد مخاض عسير لولادة قيسرية سقط دونها الألاف بين قتيل وجريح, وما يزال بعضها الأخر جاثماً على صدر الأنظمة البائدة يهز عروشها بقبضاته هزاً عنيفاً وعميقاً لامس حد الترنح والسقوط, فالجميع إعترف بأن المتحرك العربي إتخذ طابع الإنفجار السياسي والإجتماعي إلا أن البعض منهم ظن لبرهة أن هذه الأزمة, على حدتها, مجرد طارئ عابر ستخرج منه هذه الأنظمة أكثر صلابة وجاذبية, وهنا لا بد من القول لهذا البعض, لا حاجة في إضاعة الوقت بالتفتيش عن جثث اللبيرالين أو الإشتراكيين أو الشيوعين ...إلخ لأن لا مستقبل في هذه المنطقة بعد اليوم إلا للشعوب الحرة الكريمة, تلك الشعوب التي سارت على رقابها عنوة أقدام العالم بأسره وسرت على أجسادها مدرعات جيوشها وإستقرت في صدورها رصاصاتٌ دفعت أثمانها بعرق الجبين المضّرج بالدماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام