الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يصنع من...؟

فليحة حسن

2011 / 6 / 29
الادب والفن



حين كانت رغبة النشر في الصحف العراقية والعربية عندي لم تفتر بعد، فأصحو كل يوم باحثة عن صحيفة لم تدشنها كتاباتي كيما أراسلها ،
عثرت مرة على صحيفة عراقية تصدر في إحدى مدن الجنوب فأخذت عنوانها وأرسلت إليها قصيدة، بعد أيام قليلة أرسل لي مسؤول الصفحة الثقافية فيها رداً هذا نصه : (الشاعرة فليحة حسن ، لقد استلمت قصيدتك الرائعة وسأنشرها في العدد المقبل والحقيقة إن ما جعلني انشرها هو الاسم، شكراً جزيلاً أمنياتي بالتوفيق ) ،
وفعلاً تم النشر في العدد الموعود واستلمت نسخة من الصحيفة في البريد العادي، ولما أزل احتفظ بها الى الآن،
هذا الرد من لدن مسؤول الصفحة الثقافية لم يترك لي فسحة للفرح كونه وصف قصيدتي بالرائعة أو كونه عدني اسماً من الأسماء التي يعتد بالنشر لها ،بل على العكس من ذلك تركني في دوامة من التفكير ودارت في خلدي أسئلة عديدة منها إذا كانت الصحف الباقية تحذو حذو هذه الصحيفة المذكورة فلا تنشرالا للأسماء البارزة فقط، فمن ينشر لغير تلك الأسماء واعني الأسماء التي تستحق أن تقرا غير إنها مغيبة إعلامياً ؟
والى من يلتجئ في النشر الاسم الذي ابتدأ الكتابة تواً ؟
وكيف سيثبت ذلك الاسم حضوره دون وجود صحف تظهره الى المتلقي في الأقل ؟
ومَنْ يصنع مَنْ؟؛ الاسم يصنع القصيدة فتجد قارئها ، أم القصيدة هي التي تصنع اسم شاعرها ؟
ثم هذا الاسم الذي يعتد بالنشر له إلا يتردى في مستواه الإبداعي يوماً ما أو ربما ينتهي فليس من المعقول - إلا فيما ندر- أن يبقى الشاعر محافظاً على مستوى أدبي متميز واحد طوال مدة حياته الإبداعية ؟؛
ثم كم من أسماء رسختها ثقافة الإشاعة فقط فإذا ما اطلع عليها المتلقي الخاص أو المتلقي البسيط تفاجأ بخوائها وسذاجة كتاباتها ،
وعلى العكس من ذلك فإننا نحتفظ بالعديد من الأبيات الشعرية كخزين معرفي في ذاكرتنا دون أسماء ،
بل إننا قد نستخدمها كأمثلة أو مواعظ في مواقف نتعرض لها وتتطلب منا شاهداً شعرياً أو أكثر فنرددها ونحن نجهل أسماء قائليها،
الأمر الذي يجعلني أتمسك بقضية مفادها ان القصيدة هي التي ترسخ اسم شاعرها في الأذهان وهي التي تجعل سامعها دائم التساؤل عن اسم القائل وقد لا يهدأ هذا السامع حتى يتعرف عليه وان احتاج ذلك الأمر الى بحث وتقصي أحياناً ،
ومؤخراً قرأت خبراً يقول إن خوان رامون خيمينيث كان قد تبنى منذ سنوات عديدة خلت مشروع إصدار مجلة تسمى "مَجهولُ المُؤلّف".ينشر فيها نصوصاً تخلو من أسماء مؤلفيها ،
ويبدو ان هذا المشروع قائم على أهمية القصائد لا على أهمية الأسماء التي تكتبها أولاً ،ولا يسعى فيه الى صناعة أسماء ذات بريق زائف ثانياً ،
إذ ان الشاعر ببساطة دونما شعره يضحى أنساناً عادياً ويفقد تلك الهالة التي تجعله كائناً من طراز خاص، نعم وحدها القصائد الكبيرة تكسب شاعرها لمسة سحرية تضعه بمصاف الأنبياء والعارفين ،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس