الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألق دائم في الثلاثين من حزيران من كل عام ...!!

عامر الدلوي

2011 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


صباح أشرقت فيه الشمس على بلاد الرافدين وهي رازحة تحت أبشع إحتلال عرفته البشرية في تاريخها الممتد منذ بداية الخليقة والذي قادته عقول بريطانية عفنة توهمت بأنها ( شعب الله المختار ) وإنها الأعلى شأنا بين مخلوقات الله , وأنطلقت جيوشها آنذاك لتحتل معظم دول العالم وبطريقة خبيثة تمثلت في تجنيد أبناء المستعمرات التي تقع تحت سيطرتها لأحتلال مناطق جديدة من العالم , هذا الإحتلال الذي ابتدأ مع دخول طلائع قواتها المكونة في معظمها من مجندين هنود .. بعد إنجاز إحتلالها من قبل القوات البريطانية القادمة أبدا ً من البحر .. إلى ميناء الفاو في 1914 ومن هناك باشرت الوثوب التدريجي نحو البصرة والعمارة وبغداد التي أستكملت دخولها لها في العام 1916 .. وكان لبيان الجنرال ( مود ) الشهير .. لقد جئناكم محررين لا فاتحين .. وقع كبير في نفوس المتنورين من أهالي بغداد الذين عانوا ولقرون طويلة من ربقة الإحتلال العثماني قادهم للإبتهاج بالحرية القادمة من وراء البحار .

أستكمل البريطانيون بسط نفوذهم على كامل مساحة العراق في العام 1918 وبأستخدام أكثر الطرق وحشية في التقتيل والتهجير .. مظهرين بذلك حقيقة وجههم القبيح كدولة تقودها سياسة الاستعمار ويخنع مليكها وملكتها لمطالب اللوردات أصحاب الرساميل ( مقابل حصة من الأرباح يغدقون بها عليهم ) في البحث عن أسواق لتصريف منتوجات مصانعهم من الأقمشة التي أشتهرت في حينها مقابل جلب الشاي والتوابل من الشرق .. لذا كانت بلاد الهند على رأس قائمة الدول المرشحة للإحتلال آنذاك في خطوة أولى لأحتكار التجارة الدولية والسيطرة على أسواق أوربا .

إن إحتلال كهذا للعراق كانت له مبرراته لديهم من حيث كونه يمثل حلقة الوصل بين القارات عبر بلاد الأناضول .. لذلك نجدهم في أول سعي لهم يعملون على ربطه بشبكة مواصلات السكك الحديد الذاهبة إلى أوربا , كي يضمنوا نقل البضائع الواردة من مستعمراتهم في الهند وجنوب شرقي آسيا عموما ً عبر مينائي الفاو والبصرة إلى هناك .. هذا أولا ً, ومن حيث وجود مؤشرات على إمكانية العثور على مكامن هائلة للنفط فيه بعد أن قامت شركاتهم العاملة في السعودية والكويت بإستكشافات في الأراضي العائدة للبلدين والقريبة من الحدود العراقية .

وإحتلال بشع كهذا لم يشهد له التاريخ مثيلا ً حتى يوم التاسع من نيسان عام 2003 عندما قام الأرعن بوش بإصدار أوامره لغزو العراق وأنطلق من نفس منطلقات حاضنته بريطانيا العظمى في كونه جائنا بقواته عبر المحيطات محررا ً لا غازيا ً و لا فاتحا ً ... ولتخليصنا من نظام دموي فاشي جثم على صدورنا قرابة أربعة عقود .

في العام 1919 وبعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها ولم يلمس العراقيون أية بوادر .. مما جاء به بيان الجنرال مود من كلام معسول .. ظهرت آيات التململ والضيق من تصرفات الجنود الهنود والبريطانيون وخصوصا ً مع الأهالي والنساء في مجتمع ما زال آنذاك محافظا ً على تراثه وتقاليده المتمسكة بالعفة والشرف كنتيجة تراكمية لتربية دينية أمتدت منذ الفتح في عصر صدر الإسلام وحتى عصور الأمويين والعباسيين ثم بني عثمان .

ومن الرميثة كانت الشرارة الأولى التي أمتدت إثر مهاجمة حاميتها وتحرير الشيخ شعلان أبو الجون من الإعتقال في موقف تلاحمي رائع أسهمت في تجذيره وتثويره اللحمة القوية بين المراجع والعشائر والمثقفين لكل مناطق الجنوب والغربية وشرق العراق وشماله ..

إن الأمر الذي يسجل لقادة الثورة هو الوعي بحقيقة نضالهم ضد المحتل البريطاني والذي كان يتطلب المساعدة والمساندة من كل قوى التحرر الناهضة آنذاك .. ومن هذا المنطلق كانت رسالة قادة الثورة الموجهة إلى قائد ثورة أكتوبر الأشتراكية العظمى آنذاك ( فلاديمير إيليتش لينين ) على أثر نشر رسالته المعنونة إلى شعوب وكادحي الشرق .

إن كل محاولات البعض من الكتاب ستبقى وتكون فاشلة عندما تنحو إلى تجريد هذه الثورة العظمى من هذه الصفة .. يكتب البعض مع الأسف من منطلقات طائفية بغيضة ليحاول توصيف ثورة الثلاثين من حزيران عام 1920 الكبرى على ثورة طائفة معينة ويتناسى بكل صلافة وما يختزنه عقله المريض من الحقد الأعمى الذي تورثه تلك الطائفية المقيتة دور الطوائف والقوميات الأخرى في تلك الثورة نازعا ً عنها الصفة الأهم والأكبر .. صفة كونها ثورة وطنية عارمة تلاحمت فيها كل قطاعات الشعب متعالية على التفرقة الطائفية والعرقية , فكان في النجف البقال والطحان والعالم الديني والخياط وفي الديوانية والسماوة شيوخ العشائر والفلاحين وكذا الأمر في الغربية وفي شمال الوطن كان لأسماء الشيخ محمود الحفيد وإبراهيم خان صدى واسعا في قيادة التمرد ضد جيش الإحتلال البريطاني مثلما كان في الغربية أسم الشيخ ضاري .. قاتل لجمن .. يشكل مهابة بين الجنود الأنكليز .

إن ثورة عظيمة كهذه لا يمكن تجييرها إلا لصالح الشعب والوطن .. ثورة كبرى بحق لعبت فيها مرجعية النجف دورا ً كبيرا ً أيام كان المراجع فيها أشد حبا ً وإلتصاقا ً بالوطن والشعب .. ثورة عظيمة بحق أجبرت الأنكليز على تغيير طريقة تفكيرهم تجاه العراقيين أباة الضيم .. فكان قرارهم بتسليم الحكم لإدارة مدنية على الرغم من كونها كانت مستوردة وليست محلية .

إن هذه الثورة ستبقى علامة ناصعة في تاريخ نضالات شعبنا .. وستبقى مثلما أسست في السابق لقيام ثورة الرابع عشر من تموز وعبر سلسلة من معارك الكر والفر التي تمثلت في إسقاط معاهدة بورتسموث اللعينة وما تبعها من مؤامرات للحكومات العميلة التي نصبها الحتلال البريطاني , أساسا ً صلبا ً تستند عليه الجماهير العراقية في صراعها مع الإحتلال الأمريكي النتن وصنائعه ومخططاته لكل منطقتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يطالب عضو مجلس الحرب ب


.. عالم الزلزال الهولندي يثير الجدل بتصريحات جديدة عن بناء #أهر




.. واشنطن والرياض وتل أبيب.. أي فرص للصفقة الثلاثية؟


.. أكسيوس: إدارة بايدن تحمل السنوار مسؤولية توقف مفاوضات التهدئ




.. غانتس يضع خطة من 6 نقاط في غزة.. مهلة 20 يوما أو الاستقالة