الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تكتشف عبقريتك؟؟ الجزء الثانى - عيادة التمدن 9

اواصر يوسف خالد

2011 / 6 / 30
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


تتشكل الحياة من الافكار التي تتجسد في الاراء والمواقف والعمل، و يتألف التاريخ ايضا من الافكار التي تجسدت في وقائع، كلنا بحاجة الى تدفق مستمر من الافكار التى تلهمنا وتعطينا طرق جديدة لصنع تاريخنا المقبل وتحدياتنا المستقبلية، وتٌعلمنا عن أنفسنا وعالمنا الشيء الكثير، تروي لنا ما هو المحتمل، وتشجعنا على ان ننتج افضل ما عندنا. انت تحتاج لذكائك مثل حاجتك لعضلاتك، هذه الافكار هى غذاء عقلك فى يومك وتشكل اطار حياتك فى الغد.
في علم السياسة اذا ما اردت ان تعرف كيف سيتغير حال بلد ما في المستقبل، ابحث في كيفية اصغاء البلد الى تاريخه الماضي واستلهامه من تجاربه في صناعة مستقبله، اذا اكتشفت بان تاريخه يحتوي على القليل من المعانى والقيم التي تجسد التسامح والسلام والكثير من العنف والاضطهاد والتفرقة والتقسيم الى مجاميع وطبقات، تحقّر بعضها بعضا، ولا تستطيع تلك البلد من ان تفرز طاقات ذكية وخلاقة او افراد لهم وعي وقدرة عالية على القيادة، اومجتمع يتوق نحو التغيير للافضل، ومتهيّء لتقبل التغيير الايجابي، فانك قد تكون مصيبا في الحكم بان مستقبل هذا البلد يحتوى اقل معنى وانسانية واكثر عنفا وتركيزا على الاستبداد والظلم.
الحالة الفكرية هى ليست راسخة وثابتة لاتضعف. لذلك من السهولة نسيانها اذا لم نشحنها من لحين لاخر. فكّر متى احسست اخر مرة بحاجة الى ان تقرا كتاب وانتبهت الى اهمية قراءة الكتب فى حياتك؟ اذا لم تفعل ذلك فانك تستطيع ان تعيش بدون ان تطوّر هام في فكرك، واذا قصّرت فى ذلك لن تموت بالتاكيد، ولكنك تفقد حيوية العمل العقلى الملئ بالروح والاحساس الذى يمتد الى الجسد والمشاعر والحيوية الروحانية.؟
كل شى فى حياتنا يبدأ بفكرة. والسبب فى تقصير الناس في تطوير افكارهم ومهاراتهم، ان كثير منهم يربط قراءة الكتب والتطوير الثقافي الذاتي بالتعلّم في المدرسة الذي يكثر فيه الجانب الجاف والقسري، او بالعمل الشاق، والكثير ليس لديهم الرغبة فى استخدام الفراغ لتطوير انفسهم من خلال القراءة او الاشتراك في دورات تدريبية وورش وامسيات ثقافية لانهم يعتبرونها ايضا نوع اخر من العمل. ان واحدة من اكبر المآسي فى المجتمعات الشرق اوسطية هى طرق التدريس التي لا تعطى الحب والرغبة فى التعلّم. ولذا فان النظرة الى العلم والتعلم كانّه واسطة للحصول وتحقيق اهداف عملية مثل العمل والمال وبناء بيت والزواج وشراء السيارات الحديثة والعقارات.... ان التعلم والتعليم هو مثل اي شيء حي، اذا اهمل وكرس الى اهداف واغراض ضيقة، يتحول الى نوع اخر من القسر والعنف الذى يعرقلك عن الوصول الى هدفك الحقيقى.
تقيّم المجتمعات الحديثة على انها متقدمىة فكريا عن قبل، وهذا بدون شك صحيح، ولكن مستوى المعرفة ما زالت الى حد كبير متخصصة. الحاجة الى التخصص اصبح ملحة اكثر واكثر لان متطلبات العمل فرضت ذلك، والنتيجة ان العامل او الموظف يرجع متعبا بعد العمل ، وتراه يطيل الجلوس امام التلفزيون لساعات دون القيام باي نشاط تحفيزي لدماغه. عندما ناخذ هذه الاعتبارات يسهل علينا فهم لماذا يصعب الابداع والتطور الذاتي. لكي تحفز هذه الحاجة تستطيع ان تقرأ اى كتاب او مجلّة لها علاقة فى اهتمامك ورغباتك الخاصة. مثلا عن الفن او الطبخ او الموسيقى او التراث او المسرح او الفلسفة...ـ.
هناك حقيقة تقول ان العبقرية تتطلب السعى الى تطور نفسك من خلال الغوص فى كتب الحكمة والكتب المهتمّة بالجانب الفلسفي والفكري والديني والروحاني والتاريخي، والسعي للتعرف على تطوير الافكار والثقافات والحضارات، وهنا يجب التركيز على ان ذلك ليست دعوة لتبنّي اي من تلك الافكار بقدر ما هي دعوة الى اثراء الجدل الداخلي لتنشيط الحراك الفكري الذي يجعل من الفرد عارفا ماذا يعمل ولماذا. الاطلاع على الافكار والاراء المتضاربة هو ما ينبغي لكل انسان ان يفعله، لانه من خلال ذلك فقط يستطيع الاهتداء الى الخيط الذي يوصله الى منبع الحكمة والحق في ذاته هو. يجب الابتعاد ان الحكم على اي كتاب قبل الاطلاع عليه، لانه يساهم بطريقته في شحذ الذكاء وفى منافسة الافكار وتصادمها وجها لوجه مع سؤال عميق وحقيقى حول العالم والقدر والخلق والناس والمستقبل فى الحياة، هنالك مثل يقول ان قراءة كتاب واحد جيد لثلاث مرات افضل من قراءة ثلاثة كتب جيدة لمرّة واحدة، لذلك فالاندماج بمادة بعض الكتب والتقرب منها بتكرارها مرات عديدة يكون له فائدة اضافية في صياغة مفاهيمك وقيمك وافكارك في الوجود، كما لايخفى فائدة الانتقال بالافكار والاراء الجديدة المفيدة من اوراق الكتاب وصفحاته الى جعلها مادة ممتعة تقضي بها الوقت المفيد مع اصدقاءك والمرقبين منك وتبلورها ايضا في قيمك التي تحدد كذلك اراءك وتصرفاتك
يحتاج الجسم الى الرياضة والحركة والتوازن فى الغذاء، وعقولنا لها نفس الحاجة ولكن بطريقتها الخاصة، لذلك علينا التفكير دائما بنوع الرياضة والتغذية التي نطور بها ذكاءنا. ان اختيارك للاطباق الفكرية الثرية بالجدل والتمحيص والثقافة والفلسفة، يؤثر في حياتك باتجاه الافكار الممتازة والكبيرة. واذا جعلت من الاعلام الموجه والثقافة ذات البعد الواحد نبع معلوماتك الوحيد، وتستسلم للاخرين في تقديمهم الطبق الذي يلائم مصالحهم الخاصة، فقد تبرز عندك بدرجة او باخرى اشكالية التعرّف والتناغم مع ذاتك التي قد يصل محورها الى التساؤل حول هويتك وانسجامك الذاتي
الكتب الجيدة تغير حياتك نحو الافضل وتساهم في ابراز عبقريتك الخاصة، لذلك داوم على اقتناءها، واحرص على ان تكون اهمية المكتبة فى بيتك لا تقل عن اهمية ملء مطبخك بافخر الاثاث واطيب الماكولات. اختر الكتب التى تساعدك فى تحقيق اهدافك الخاصة وانتاج وتقديم افضل ما لديك, اجعل القراءة اليومية ممارسة تعرف بها حياتك. علّم اطفالك على قراءة الكتب واهدى لصديقك كتاب قريب من رغباته، تعلّم ان تحكي ما قرأته واطرح الاسئلة المتضاربة المتنوعة مع اصدقائك ليكون لقاء ودى تشحن فيه وتغذى ذكائك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القراءة..متعة الحياة
آية عمران برجاوي ( 2011 / 6 / 30 - 12:08 )
خير جَليس في الزمان كتاب..
ومن منا ينكر أهمية قراءة الكتب في حياتنا,فالشخص الذي لا يقرأ كتاب واحد في السنة فهو لم يعش هذه السنة أبدا ولن يعيش السنين الأخرى إذا لم يقرأ
فبالنسبة لي أرى أن القراءة هي متعة الحياة والتي يمكنني من خلالها أن أواكب العصر وأثبت وجودي كأنسانة مثقفة و واعية وأدرك ما حولي..

وبانتظار مواضيعك الأخرى الثمينة..
تحياتي لكِ..


2 - وما بشان الأمراض النفسية والعصبية لحكام العرب
Ibo Kurdi ( 2011 / 6 / 30 - 15:37 )
سيدتي
لي مطلب متواضع وهو ان تتناولي بالبحث في الدروس القادمة نفسيات حكام وملوك ورؤساء وشيوخ الشرق عامة والعرب خاصة . فكل واحد منهم يعاني من مرض نفسي مستعصي وبذلك تكوني قد قدمت خدمة اكبر لنا للقراء وللرؤساء انفسهم على السواء
فائدة للشعب ليتعرف على نفسياتهم كي يتدبر تجنب شراكهم وفخاههم وفي نفس الوقت ايجاد الطرق السليمة الصحيحة للتعامل معهم على مبدأ كلم الناس على قدر عقولهم
وفائدة لهم وهم يرون صورهم البشعة وعقدهم النفسية في مرآة بلا رتوش ولا استعداد مسبق وليدركوا انما هم وجوههم مسودة فلماذا يلقون اللوم على المرآة؟


3 - توفير جهودنا والتسلح بالتعليم والتثقيف
اواصر يوسف خالد ( 2011 / 6 / 30 - 17:31 )
السيد العزيز ابو كردي
شكرا لك على مداخلتك اللذيذة، اود بالتاكيد خدمة القرّاء جميعا في تقديم دروس للرؤساء والملوك العرب لو استطعت ولو عرفت ان في ذلك مايفيد، ولكن وياللاسف فليس لديّ ادنى امل بان ذلك سوف يساعد ايّا منهم على التخلص من عقده او ادرانه، اذ ان اول شروط العلاج النفسي هو اعتراف المريض بعلتّه وحاجته الى المساعدة، حيث ان احسن الاخصائيين النفسيين في العالم لا يستطيع ان يساعد احدا لا يريد مساعدة نفسه، وانتم اعرف منّي بمقدار غرور هؤلاء وتماديهم في غيّهم وغرورهم ومصادرتهم لحقوق وانسانية الشعوب، لذا فعلينا ان نوفر جهودنا في شرح نفسياتهم او طرح حلول لم ولن يفكروا فيها، والتحرك بدلا منها في التفكير بكيفية التخلص منهم وباحسن الطرق، واراك هنا ترجعني الى موضوعنا الاصلي في التثقّف والتعلّم ومتابعة الابداع على جميع اصعدته واستغلال كل الفرص في وصول الغد الافضل كما قال قال الشاعر
:
من رام وصل الشمس حاك خيوطهاسببا الى اماله وتعلّقا
فهذا هو الضمان الوحيد بزوالهم واستبدالهم بما هو افضل


4 - القراءة هى متعة الحياة
اواصر يوسف خالد ( 2011 / 6 / 30 - 17:38 )
الى آية عمران برجاوى
شكرا على مداخلتك الجميلة في أن القراءة هي متعة الحياة والتي يمكنني من خلالها أن أواكب العصر وأثبت وجودي كأنسانة مثقفة و واعية وأدرك ما حولي. واتمنى ان تتابعى مقالاتى القادمة
تحياتى


5 - الى اواصر خالد تعقيب على abo kurdi
مكارم ابراهيم ( 2011 / 7 / 1 - 08:55 )
الصديقة العزيزة اواصر
تحية طيبة وشكرا لك على المجهود الكبير في كتابة هذه الملاحظات العلمية القيمة لماعدة الافراد في تخطي نقاط الخلل في شخصياتهم لتسهيل امورهم اليومية وعلاقاتهم مع الاخرين المحيطين به سواء في الاسرة او في العمل او في الشارع
ولكن اريد تصحيح تعقيب لك على الاخ ابو كردي تعليق 2 اعتقد ان الاخ ابو كردي هو طلب ان تكون لك مقالة تحليلية في دراسة شخصية الحكام العرب الديكتاتوريين يعني تحليل نفسي لسلوكياتهم
وفي الواقع هناك كاتب من غواتيمالا مغويل كتبت عنه في مقالتي من الادب الماركسي 1 يعنوان السيد الرئيس هي وصف تشريحي لنفسية وشخصية الرئيس الديكتاتور
وقد ابدع فيها بشكل كبير
المهم اردت فقط التوضيح وهي فكرة بالمناسبة رائعة جدا ارجوا ان تحققيقها عزيزتي اواصر من خلال علم النفس التحليلي
تقبلي مني كل الاحترام والتقدير
مكارم


6 - تخصيص قدراتى
اواصر يوسف خالد ( 2011 / 7 / 2 - 14:27 )
عزيزتي مكارم
شكرا لك على كلماتك المشجعة
اسفة جدا على عدم نيتي تخصيص وقت او مجهود لتحليل شخصيات ومشاكل ملوك ورؤساء وامراء عرب او غيرهم، اذ انه ومن ناحية علمية نفسية فان التحليل النفسي لكل شخصية يتطلب دراسة متخصصة ومتفردة لتلك الشخصية حتى تكون النتيجة منصفة، ومن ناحية اخرى فللدكتاتوريين سمات وخصائص مشتركة كتب عنها الكثير من الادباء، وربما ابرزهم الروائي عبدالرحمن منيف والروائي العالمي غابرييل غارسيا ماركيز. بالنسبة لى فانا افضل ان اخصص وقتي وجهودي لخدمة المواطن الفرد من طفل او امراة او رجل في كيفية الاستمتاع بما لديه من قدرات ومواهب وموارد لصنع قيمة ومعنى لحياته تجعله يحس بطعم السعادة ايمنا وكيفما كان


مع كل احترامي وتقديري


7 - لغة الحوار واغناء الروح بالسلام
نها العلي ( 2011 / 7 / 3 - 08:47 )
عزيزتي السيدة اواصر الشكر على كلماتك التي تحترف شحذ الهمم .
اتفق في الراي مع احد السادة المعلقين ان هذا الكلام وكلامك في طروحات سابقة للاسف وبناء على تجربة شخصية غير قابلة للتعميم هو قابل للفهم من فئة قليلة في المجتمع ليس فقط العربي بل الغربي ايضا بسبب ركوب موجة عصر السرعة وتنامي مشاعر التنافس الشريف او غير الشريف والسعي لزيادة المكاسب الشخصية عداك عن تبني شعار انا ومن بعدي الطوفان .
والمحزن اكثر اتهام الاخرين لهذه الفئة اما بالحذلقة او المرض النفسي لان نهج هذه الفئة من نشر للسلام ولغة الحوار واغناء الروح بالسلام لايتوافق مع متطلبات واهواء البعض الذي لا يتوانى عن ممارسة اي وسيلة للوصول الى مطامعه الخاصة.
لكن هذا لا يبرر باي شكل من الاشكال استسلام هذه النخبة الروحانية الفكرية وخضوعها بل يجب السير قدما في مسيرة تطوير الروح والفكر ونشر السلام فلابد ان تثمر جهودها في الاجيال القادمة.
اشكر لك صبرك وتصميمك على نشر بذور السلام واللاعنف في جميع ما قراته لك. لك مني كل الاحترام


8 - شكر
اواصر يوسف خالد ( 2011 / 7 / 3 - 20:25 )
الى نهى العلى
شكرا على تاكيدك باننا يجب السير قدما فى مسيرة تطوير الروح والفكر ونشر السلام فلا بد ان تثمر جهودها فى الاجيال القادمة. اما بالنسبة من يٌقيم هذه الجهود والمساعى اولا انا اقيمها واثمنها واحصل على هذا التقيم من كلمة شكر عند مساعدة صديق او اتصال امراءة من السعودية او من سورية وتطلب المشورة او اقامة محاضرة للعوائل العربية والجميع يرغب فى الحوار وطرح مشاكلهم والانصات الى المشورة .تمتلكنى الفرحة او احصل على ثمار عملى عندما التقى بأمرأة صدفة وتقول بان كلماتى لها تاثير كبير فى تغير معاملتها مع اطفالها وكثيرا من هذه الامور تجعلنى اشعر براحة عميقة تدل على التوافق فيما اؤمن به وما اعمله
تحياتى.

اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة