الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا لموازنة الانحياز للأغنياء.. لا لاستمرار السياسات القديمة

الحزب الاشتراكي المصري

2011 / 6 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



تصور البعض أن الاطاحة برأس النظام وبعض رموزه فقط تعني انتهاء الثورة، وأن هروب يوسف بطرس غالي، ممثل صندوق النقد الدولي، من مصر يعني أن الصندوق ليس له ممثلين آخرين. إلا إن الموازنة الجديدة، والتي اعتمدها المجلس الأعلى للقوات المسلحة في ظل غيبة مجلس الشعب وقدمها وزير مالية جديد هو الدكتور سمير رضوان، تؤكد عكس ذلك تماماً، إذ لم تختلف كثيراً عن موازنة العام الماضي والأعوام التي سبقته، كما تبنت نفس السياسات التي أغرقتنا في الديون، واستمرت في انحيازها للأغنياء وتحميل أعباء الأزمة للفقراء.

وتجدر الإشارة أولاً إلى أن الموازنة العامة للدولة هي الخطة المالية التي تقدمها الحكومة للشعب بالإيرادات التي تتوقع تحصيلها والمصروفات المتوقع انفاقها، وكيفية تغطية الفرق بين الايرادات والمصروفات (عجز الموازنة)، ومن ثم فهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحياتنا اليومية. والموازنة هي التي تحدد من أين تأتي الحكومة بايراداتها لمواجهة هذه المصرفات. فهل ستقوم كالعادة بالجباية من الفقراء ومحدودي الدخل والعمال والموظفين الذين تستقطع الضرائب مباشرة من دخولهم قبل أن يتسلموها، ام من رجال الأعمال والمشروعات التي تحقق أرباحا يتفنن الكثيرون منهم في وسائل التهرب من سداد ما هو مستحق عليهم من ضرائب. فالموازنة العامة هي التي تحدد المبالغ المخصصة لرصف الشوارع، وتغيير شبكات المياه المتهالكة، وتنقية مياه الشرب وتوفير المواصلات العامة، وتوفير أنابيب البوتاجاز والخبز والمساكن الملائمة. والموازنة العامة هي التي تحدد وضع التعليم وهل نستمر في طاحونة الدروس الخصوصية والتعليم الخاص أم لا، وهل سيظل المرضى يتسولون قرارت العلاج على نفقة الدولة أم ستوفر لهم الدولة علاجاً لائقاً وبجودة مناسبة. والموازنة العامة هي التي تحدد الأولويات: هل هي للتعليم والصحة والسكن أم للأمن والإنفاق على الجيش والشرطة، وهي التي تحدد دور كل من القطاعين العام والخاص في إنتاج وتوزيع السلع والخدمات.

وإذا كان من المهم أن نشارك في مناقشة الموازنة وتحديد أولوياتها من مستوى القرية والحي إلى مستوى الدولة فإن ذلك لا يحدث في ظل نظام المجالس المحلية الفاسد والذى يوجد إصرار على استمراره، ويظل العمال والفلاحون مستبعدين من المشاركة في تحديد أولويات الموازنة وانحيازها الاجتماعي.

والملاحظ أن الموازنة الجديدة التي قدمها الوزير سمير رضوان استخدمت نفس المصطلحات التي دأبت الوزارات السابقة على استخدامها، مثل "مراعاة البعد الاجتماعي" و"زيادة مخصصات التعليم والصحة" و"حماية محدودي الدخل". ولكن، هل تعكس أرقام الموازنة هذه الشعارات أم أنها تظل مجرد عبارات فارغة لا قيمة لها؟

بالرجوع إلى مشروع الموازنة الذى قدمته وزارة المالية عن العام المالي 2011/2012، يتبين ما يلي:

· رغم زيادة قيمة الأجور في الموازنة الجديدة إلى 116.5 مليار جنيه (وهي تخص موظفي الحكومة فقط ولا تشمل عمال القطاع الخاص الذين يشكلون 75 بالمئة من عمال مصر) فإن نسبة الأجور إلى إجمالي المصروفات قد انخفضت من 20 بالمئة في العام الماضي إلى 18 بالمئة في الموازنة الجديدة.

· استمر نفس خلل الأجور في الأعوام السابقة، بل انخفضت نسبة الأجور الأساسية إلى اجمالي الأجور من 20 بالمئة في العام الماضي إلى 18 بالمئة في الموازنة الجديدة، بينما ارتفعت نسبة الأجور المتغيرة من 80 بالمئة إلى 82 بالمئة، لتستمر نفس سياسات مبارك وغالي، سياسات الرأسمالية وصندوق النقد والبنك الدوليين.

· رفضت الحكومة رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه، تنفيذاً لحكم القضاء الإداري، واكتفت بتعديل أجور 1.9 مليون فقط من موظفي الحكومة، ورفضت وضع حد أقصى للأجور، ليستمر خلل هيكل الأجور، كما يستمر إهدار أموال طائلة على جيوش المستشارين في الوزارات المختلفة، والذين يتقاضون عشرات الملايين بلا عمل.

· انخفضت المزايا النقدية (العلاوة الاجتماعية أو العلاوة الاجتماعية الإضافية أو العلاوة الخاصة أو المنحة الشهرية) في الموازنة الجديدة عن موازنة العام الماضي المعدلة.

· رغم ارتفاع قيمة الدعم من 111.3 مليار جنيه في العام الماضي إلى 138.8 مليار جنيه في العام الحالي، فإن دعم السلع الغذائية الذى يغطي الخبز بالإضافة إلى سلع البطاقات التموينية من السكر والزيت والأرز والخبز، قد انخفض من 23.6 مليار جنيه إلى 18.9 مليار جنيه. وهذا هو انحياز حكومة الدكتور شرف!

· أما دعم الطاقة، والذى يشكل نحو 6 أضعاف دعم السلع الغذائية فيذهب بصفة أساسية إلى المشروعات كثيفة الاستخدام للطاقة وعلى رأسها الأسمنت وحديد التسليح التى تبيع منتجاتها فى السوق المحلية بأسعار احتكارية وبما يفوق الأسعار العالمية.

· لم يتغير دعم الكهرباء ونقل الركاب والتأمين الصحي والانتاج الصناعي وتنمية الصعيد، واقتصر التغيير على تخفيض دعم المصدرين بقيمة 1.5 مليار جنيه، وزيادة دعم المزارعين من 2.2 مليار إلى 2.5 مليار أي بزيادة 300 مليون فقط عن العام الماضي.

· تعكس الموازنة الجديدة استمرار الانحياز للرأسمالية وأصحاب المصانع والشركات والقرى السياحية على حساب العمال والفلاحين والموظفين، إذ يدفع الموظفون 14.3 مليار جنيه كضرائب على دخولهم، منها 2.5 مليار جنيه من ضريبة الدمغة وحدها، بينما يدفع أصحاب المهن غير التجارية (الأطباء والمحامون والمهندسون وغيرهم) 429 مليون جنيه، ويدفع أصحاب النشاط التجاري والصناعي 7.6 مليار جنيه فقط على نشاطهم أي نصف ما يدفعه موظفو الحكومة تقريباً!

· لم تتجاوز قيمة الضرائب العقارية في الموازنة الجديدة 93 مليون جنيه لكل القصور والشاليهات وملاعب الجولف، وبلغت قيمة الضرائب على كل الممتلكات من الأراضي والمباني 1.9 مليار جنيه، أي إن كل ما يُدفع من ضرائب على الثروة العقارية أقل من ضرائب الدمغة التي يسددها موظفو الحكومة فقط! وهكذا يستمر الأغنياء في التمتع بممتلكاتهم العقارية والشقق المغلقة بينما يموت سكان العشوائيات تحت الصخور أو يعيشون في عشش الصفيح!

· أما ضرائب المبيعات التي فرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي (الدائنين) فيتحمل الفقراء العبء الأكبر منها، وهي تشمل 16 مليار جنيه كضرائب على مبيعات السجائر، و45.6 مليون جنيه كضرائب على الشاي. فهل يختلف شرف عن نظيف؟ وهل يختلف سمير رضوان عن يوسف بطرس غالي؟

· يُلاحظ أن اجمالي الضرائب الجمركية المحصلة على كل الواردات تبلغ 16.8 مليار جنيه بينما تبلغ الضرائب على دخول موظفي الحكومة فقط 14.3 مليار جنيه. فأين العدل؟ وهل يمكن الادعاء بأن هذه موازنة تراعي البعد الاجتماعي وتراعي حرمة دماء شهداء الثورة؟

· ويُلاحظ أيضاً أن الزيادة الهزيلة في الإنفاق على التعليم من 47 مليار جنيه إلى 54 مليار جنيه لن تؤدي لتطوير التعليم، بالنظر إلى زيادة أعداد الطلاب ومعدلات التضخم، كما إن زيادة الإنفاق على الصحة من 20.3 مليار جنيه إلى 24.3 مليار جنيه لن تؤدي إلى إصلاح أحوال الأطباء أو توفير الأدوية والأجهزة الطبية اللازمة في المستشفيات العامة، ومن ثم تستمر معاناة ملايين الفقراء، بين العجز عن تحمل نفقات العلاج في العيادات والمستشفيات الخاصة وتدهور مستوى الخدمات في المستشفيات والمراكز الصحية العامة.

· وبالمثل، فإن زيادة الإنفاق على الإسكان والمرافق المجتمعية (مياه وكهرباء وصرف صحي وغاز طبيعي) من 12 مليار جنيه إلى 20.9 مليار جنيه لن تحل مشاكل العشوائيات والصرف الصحي والمياه. وكان من الواجب أن تعلن الحكومة قيمة التمويل اللازم لتطوير العشوائيات أو لتجديد شبكات المياه والكهرباء أو لتوفير مرافق الصرف الصحي.

· لجأت الحكومة إلى مواجهة العجز في الموازنة بإغراقنا بديون جديدة، وبعد أن وصلت الديون المحلية إلى 889 مليار جنيه، والديون الخارجية إلى 207.6 مليار جنيه (34.9 مليار دولار)، أي أن إجمالي الديون بلغ 1096.6 مليار جنيه، أصبح كل مواطن وكل مولود في مصر مديناً بمبلغ 13.6 ألف جنيه ولسنوات قادمة لا يعلمها الا الله.

إن الموازنة الجديدة لم تغير التوجهات الاقتصادية لمبارك وعصابة الفاسدين ولم تتوافق مع المتغيرات التي أعقبت ثورة 25 يناير، كما إنها لم تسمح بمشاركة أصحاب الثورة في تحديد توجهات الموازنة.

ولذلك، يرى "الحزب الاشتراكي المصري" أن الموازنة الجديدة تمثل استمراراً للانحياز لصالح أصحاب الثروة العقارية والمضاربين في البورصة الذين فرضوا إرادتهم على الحكومة ورفضوا وضع ضرائب على المضاربات أو ضرائب تصاعدية على الدخول، كما رفضوا ضريبة الثروة العقارية، بينما يكتوي العمال والفلاحون والموظفون وصغار الحرفيين والتجار بضرائب ورسوم تتزايد أعباؤها ولا تنعكس بتحسين الخدمات العامة في ظل تراجع دور الدولة وإطلاق يد القطاع الخاص بلا ضوابط.

كما يشدد "الحزب الاشتراكي المصري" على المخاطر الناجمة عن استمرار تشريعات نظام مبارك، ومنها قانون التأمينات الاجتماعية الجديد رقم 135 لسنة 2010 الذى حول التأمين الاجتماعي التكافلي إلى تأمين تجاري وقنن الاستيلاء على 430 مليار جنيه من مدخرات المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات؛ والقانون رقم 67 لسنة 2010 الخاص بمشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية، وغيرها من القوانين التي أتاحت المزيد من الاستغلال والنهب والفساد. ويرى الحزب أنه يتعين وقف العمل بهذه القوانين تمهيداً لإلغائها.

وفي الوقت نفسه، يؤكد "الحزب الاشتراكي المصري" أنه مستمر في حركته بين العمال والفلاحين والموظفين والحرفيين والصيادين وصغار التجار وسكان العشوائيات في بناء منظماتهم النقابية التي تدافع عن حقوقهم، كما إنه مستمر في حشد الجماهير في مليونيات متتالية من أجل استكمال مهام الثورة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

لقد كانت شعارات الخبز والعدالة الاجتماعية من الشعارات الأساسية للثورة بجانب الحرية، التي تشمل حرية تشكيل الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية بالإخطار ودون تدخل من أية جهة حكومية، وحرية التعبير سواء بالنشر أو بالإضراب والاعتصام والتظاهر السلمي. ويرى "الحزب الاشتراكي المصري" أن ترسيخ المشاركة الشعبية وتنظيم كل الفئات الكادحة هو السبيل الوحيد إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.

لا لموازنة الانحياز للأغنياء.. نعم لتنظيم الكادحين للدفاع عن حقوقهم.. ولنناضل معاً من أجل استكمال مطالب ثورتنا في الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية.



الحزب الاشتراكي المصري

28 يونيو 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر