الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خارج سياق مندّس

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2011 / 6 / 30
الادب والفن


البداية:

هذه هي المرة الثالثة التي أشاهد فيها "أجدب" يبكي على الدرج...

خجلي يمنعني من أن أجعله يحس بأني أراه يبكي، كما تعقد الدهشة و الحزن لساني برؤيته (ينشر) غسيل (السادة ) بما فيه (كلاسين) الكونتيسا جارتنا.
ربما ليس خجلاً، ربما هو خوف على مشاعره، أو هرب من غضبي الدفين.

قبل أن أنزل من (البسطية) بين الطابقين، ألمحه من خلال القضبان البنية لدرج العمارة و قد جلس واضعاً وجهه بين كفيه، و صوته المنتحب يهز الدرجات.. درجة، درجة.. حتى يصلّ إلى قلبي.. ليعنّف قلة حيلتي، و ألمي.

لم أكن لأعتقد بأن بكاء هذا (العسكري) سيؤثر بي مرة بعد مرة، أصعد إلى شقتي مجدداً، و صوته لا يزال يغرب في مخيلتي، أنتظر على الشرفة حتى أسمع "توفيق" ينادي:

- ( و لك "أجدب" ) اغسل لي السيارة.


و عندما تبدأ المياه بالأنسياب و التجمع في (برك) موحلة على الرصيف، و في الشارع.. أنساب أنا و أتسلل بكل جبن الدنيا، مشيحة بوجهي عن سيارة "أبو توفيق" و عن " أجدب".

اليوم انزلقت قدمي المسرعة في المياه..( أخخخ) أعتقد أن كاحلي قد التوى، ترك "أجدب" من يده ، و ركض نحوي :

- سلامتك خالتي " أم تالة".. ألف سلامة، كيف أساعدك؟

قبل أن أجيبه، و من العدم انطلقت يد " توفيق" بقوة لتصفع " أجدب " على وجهه:

- (حيوان)، لقد انزلقت من سائل التنظيف.. بسببك يا ( أجدب).

امتلأت عيناي بالدموع مع عيني "أجدب" .. ذهب ألم كاحلي أمام رجفان يديّ، و قدميّ.. كنت غاضبة .. غاضبة.. غاضبة ، و الظاهر أن الغضب معدٍ:

- أنت ( حيوان)، اسمي " عروة" و ليس " أجدب" .. صرخ و هو يركض مبتعداً.


ألم كاحلي، (برك) المياه، صوت "عروة" .. عروة .. عروة الذي عرفت اسمه فقط بعد أن( ثار).. جميعهم في مواجهة مع " توفيق" .. الذي يخدم علمه من غرفة نومه -بحكم "عرش" أبيه اللواء- ، و يطير في شوارع المدينة بسرعة (غير ملفتة )بالنسبة لسيارة (مرسيدس) حكوميّة.. لفّته الدهشة بسرعة (ملفتة )، و تلعثم و هو يقول لي:

- ابن ضيعتنا و بدنا نطوّل بالنا عليه،( باسوا ) الأيادي حتى قبل والدي أن يخدم "أجدب" (العسكريّة) عنده.

نهضت على قدمي، و قد زال الألم :
- هذه ليست أخلاق (ابن ضيعة) ..(ضيعتك) منك براء...
**********


المفصل:

ظهرت عناصر الأمن السوري في (فيديو البشمركا) الشهير على (اليوتيوب) و هم يدوسون " أحمد بياسة" و يركلون فكه و وجهه، لم يكن( الفيديو) بحاجة إلى توضيح و لا إلى تكذيب، كان بحاجة إلى نقله عبر مركبة فضائية إلى بلد آخر لنجتمع كلّنا كسوريين تحت سقف التنديد به، لكن بيتنا من دون سقف، و من وقتها و هو (عم يدلف) .

**********


خارج السياق:


حبيبي له رائحة دمشق و للرائحة ذاكرة، و لدمشق ذاكرة لا تمحى...

أغمضوا أعينكم و تخيلوا معي أننا لم نغترب.. مازلنا نستيقظ على رائحة قهوة أمنا، و نتمشى مع أبينا تحت سنديانة الضيعة.. فكروا أننا جميعاً كنا مع أخينا عندما استقبل وليّ عهده الأسمر، و مع أختنا في عمليتها الجراحيّة...

لنتخيّل أننا لم نغترب عن ينابيعك "سوريا" لأنك كنت مصانة و كنا بك مصانين .. لم نفر بكرامتنا و لقمتنا و عزة نفسنا من واقع ضحل شوه "حبيبتنا" و جعلنا نتدافع على أبواب سفارات بلاد القانون.
**********



ليست نهاية:

للاندساس أنواع كثيرة..منه من يقتات على الحرية، و يعيش بعضه على الحب، و لكنه بشتى أنواعه يتنفس الأمل...

أمل بغد لا ذل فيه و لا خوف.. لا خوف فيه و لا ذل.

سيذوب المندسون بين الشعب بعد أن احترفوا الاندساس، أمّا إذا اندست ( الدسائس) بين المندسين أنفسهم، فلن يظلّ هناك وطن.

الوطن أولاً،.. ثانيّاً، و عاشراً..ها أنا قد بلّغت.. فأشهدوا.

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رويدة سالم
رويدة سالم ( 2011 / 6 / 30 - 10:48 )
رحلة جميلة وممتعة خارج هذا السياق المندس
أسرتني دون أن أشعر بذلك
ولما وصلت الى النهاية بحثت عن المزيد
فاجئتني النهاية فالنهايات احيانا تكون اسرع مما نتوقع ونأمل

خالص محبتي سيدتي


2 - مشهد آخر من فيلم يا دكتورة
يوسف ابو شريف ( 2011 / 6 / 30 - 15:49 )
الشاب الذي يخدم العسكرية في فيلم الارهاب والكباب عند اللواء الحقير


والمرة الي فاتت كانت مريم فخر الدين في فيلم رسالة الى الله

هل هذه مبارزة بين الكاميرا والقلم ؟؟؟؟. توارد افكار ؟؟؟؟ ام سر....... ادبي...( اكملي النقاط اذا وجدت الاحرف الناقصة )ـ


3 - للحق صوت
عدي نزهة ( 2011 / 6 / 30 - 18:57 )
صوت للحق انت سيدتي لن تخرسه الابواق........اسلوب رائع و مشاهد انسانية تدخل القلب........تحياتي


4 - قولي ما تريدي ولا تبالي
عطا جفال ( 2011 / 7 / 2 - 00:40 )
مقال اروع من رائع سيدتي ولكن اريد ان قول لكي رائعة من روائع الشاعر المناضل الفلسطيني احمد مطر .ينطبق علي الحال و الاوضاع في أم الهلال الخصيب سوريا ليس في الناس امان
ليس للناس أمان

نصفهم يعمل شرطياً لدى الحاكم
.والنصف مُدان..... هذا الحال السوري اليوم للأسف الشديد ......ا


5 - د. لمى نصوصك الأدبية مميزة
عبد الوهاب المطلبي ( 2011 / 7 / 2 - 14:30 )
الى الاستاذة لمى محمد ارق التحايا اليك والى نصوصك الادبية العميقة المعاني وهي تستقرأ أو ضاع إنسانن العربي بلغة أدبية أخاذة...لله درك


6 - الى السيد يوسف أبو الشريف
آكو كركوكي ( 2011 / 7 / 3 - 13:31 )
الى السيد يوسف أبو الشريف...حتى لو سلمنا جدلنا إن هناك تشابه في -الصور الأدبية- الموصوفة في هذا النص مع مشاهد فلم معين...ولكن ماهو تفسيرك وتقييمك لهذا الوصف الدقيق وتلك العبارات العربية العذبة وذلك الأسلوب الأدبي الرائع في السرد والوصف ...أليس كل هذا لايستحق كلمة رائع منك!...أليس من يتمكن من كل هذا...هيّ بأديبة وأديبة متألقة أيضاً؟...برئي يستحق هذا أكثر من رائع...وفعلاً رائع دكتورة لُمى.


7 - وازيدك من الشعر بيت ايضا يا سيد كو كوكو
يوسف ابو شريف ( 2011 / 7 / 3 - 13:50 )
اولا اسمحلي ان استفسر عن اصل الاسم والذي هو اكثر شدا للانتباه من التعليق نفسه ذلك لانه ذكرني بصياح الديك ( كو كوكوكو)ـ ارجو ان يكون اسمك الحركي وان لم يكن كذلك فاسمحلي ان اقول لك بأنك في ورطة يا عزيزي
ارجو ان تكون واسع الصدر وتتقبل مزاحي

اما ما ذكرته عن جمال الصورة الادبية و(الصورة غير الادبية) ايضا فأنت محق تماما يكفي ان الدكتورة لمى هي الوحيدة التي تطرقت الى موضوع مفاده بان الجنود المساكين هم ضحية وليسوا جلادين كما نتصورهم نحن وانهم اول من يدفع فاتورة ظلم المستبدين ويدفعون اكثر من باقي طبقات الشعب , وان القهر الذي يعيشونه يجبرنا على التضامن معهم ضد جلادينا الذين يجوعونا يوما ويجوعوهم يومين ... ويضربوننا سوطا , ويضربونهم سوطين

هذه الفكرة تميزت بها الدكتورة لمى دونا عن باقي الكتاب الثائرين والمستثورين والمثقفين والمستثقفين


8 - تعقيب
يوسف ابو شريف ( 2011 / 7 / 3 - 14:40 )
في تعليقي رقم 7 اقصد ب(الصورة الغير ادبية)الصورة الفتوغرافية وانا سارعت الى الشرح حتى لا يسول لكم الشيطان بتفسير انا بريء منه


9 - الحديث في الادب بأدب
آكو كركوكي ( 2011 / 7 / 3 - 17:20 )


أبو الشريف يبدو أنك تثرثر كثيراً حول _الأدب_ولكنك تفتقدهُ فمن الذي أعطاك حق المزاح معي، هناك فرق بين المزاح والحوار المتمدن... آكو أسم كوردي وهو أسمي الحقيقي أفخر به جداً..حتى لو يسمع به أمثالك...وبماذا يذكرك أسماءٌ عربية أصيلة مثل كليب ومضر وجحش...أو حتى أبو الشريف؟ ولكني من أخاطب؟ فهذا هو (أدب البعث)...!


10 - اعتذار سيد اكو
يوسف ابو شريف ( 2011 / 7 / 3 - 18:04 )
وحتى لا نؤكد صحة اتهامك لنا بالثرثرة نترك الاعتذار بدون تعليق طويل ونعطيك الحق كل الحق في انتقادك


11 - تحياتي
د.لمى محمد ( 2011 / 7 / 4 - 02:51 )
الرائعة رويدة

مرورك يشرفني.. ألف تحية

الأستاذ عطا
فعلا و مع كونه عراقي المولد.. كان فلسطيني القضية.. تسلم يديك على هذه الأبيات عطا العزيز .. تحياتي

الأستاذ عدي
شكرا لمرورك.. تحياتي

الشاعر عبد الوهاب المطلبي
مرورك جميل ككلمات قصائدك.. تحياتي

الأستاذ العزيز آكو
رأيك يشرفني، و مرورك مشجع .. ذكرتني بأحبتي وراء البحار..تحياتي


تحيا سوريا لتضمنا جميعاً كأخوة في الإنسانية و في الحق.

لمى

اخر الافلام

.. الفنان عبدالله رشاد: الحياة أصبحت سهلة بالنسبة للفنانين الشب


.. الفنان عبدالله رشاد يتحدث لصباح العربية عن دور السعودية وهيئ




.. أسباب نجاح أغنية -كان ودي نلتقي-.. الفنان الدكتور عبدالله رش


.. جزء من أغنية -أستاذ عشق وفلسفة-.. للفنان الدكتور عبدالله رشا




.. الفنان عبدالله رشاد يبدع في صباح العربية بغناء -كأني مغرم بل