الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع المنطقة و شبابنا و الطموح بنظام مستقل ! 2

مهند البراك

2011 / 6 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


و يصف مطّلعون و محللون بان شباب المطالبات السلمية و الإحتجاجات في الساحات العامة، لايعرفون اللغة الحزبية و السياسية و آلياتها المعروفة التي حققت نجاحات في عقود سابقة، او انها جديدة على معارفهم . . انهم يشددون في طروحاتهم و شعاراتهم الصريحة عن حق مفقود . . و على التعجيل بايجاد حلول لمشاكلهم المباشرة في الفقر و البطالة و الكف عن سرقات اموال الشعب، و مطالبات بتنفيذ الوعود التي طرحها متنفذو اليوم، و فازوا بها بمقاعدهم الحاكمة . . اثر التزايد غير المعقول في معاناتهم المتنوعة .
انهم الجيل الذي شهد سقوط (الدكتاتور الإسطورة) و محاكمته و زبانيته علناً، و شهد كيف هرب اتباعه المخيفون بملابسهم الداخلية بعد ان رموا اسلحتهم و نزعوا ملابسهم العسكرية . . الجيل الذي خُدع و جرى تضييعه، ثم عرف الحقيقة عارية عن ماهية شخصيات الإستبداد و ماهية نفسياتهم الضعيفة المريضة . .
انهم من تفتحت عيونهم على حياة الخوف و الحذر الدائم من الكلام و من عيون مخبري الدكتاتورية، و تخطوّها . . بعد ان عاشوا طفولتهم على حرمانات حروبها المجنونة و على حياة التقتير و العوز بسبب الحصار، و على المبالغ التعجيزية للوساطات و الرشاوي و على سوق ذويهم بالهراوات للحروب . . انهم من الأجيال التي هرب ذووها الى الجوار بحثا عن تكسّب و عمل مهما كان مذلاَ، لإعالة العائلة، او هربوا من واقع مرير، و عادوا يتحدثون و يروون ما شاهدوا و كيف تعيش بلاد الجوار العربي و الإسلامي بعيداً عن العنف و الحروب، و كيف تعمّر و تستفيد من ثروات بلادهم . .
هم ابناء اجيال تتعطّش للكلمة الصادقة و للمثل التي تدعو لها الكتب السماوية و الكتب الثورية السرية و عرفوا من تجارب و احاديث ذويهم و عقلائهم مهازل لعب الحكم و الكذب و النفاق و كيفية تسويقها، و فهموا دروس منافقة القوي . . حتى طفح الكيل بهم و صاروا يحذَرون من السقوط في حياة الرعب و الخوف التي عاشها آباؤهم و هم يتحدثون عن حقيقة فلان و كيف؟ و من صيّر فلان و علاّن قادة، و ماهي قصة النفط و احتكاراته و ماهي اموال العراق الفلكية . .
و هم الذين بعد ان عاشوا ضياع الفكر، و ضياع الوقوع في متاهات الروح اللانهائية . . سقطت الدكتاتورية بقرار و بحرب دولية و ليس بمطارق ابناء البلد، لتدخل البلاد دوّامة الإحتلال و التخريب و المتفجرات و الإرهاب بتشجيع كل دول الجوار . . حتى صار و كأن استقرار الحكم لا يقوم الاّ على اتفاقات الإحتكارات الدولية و الجيران، بلا مبالاة بما يعتمل و ما يتراكم في صدور الشعب و خاصة الشباب، بعد ان تقمّص البعض المقدس محاولاً اظهاره محاكاته ايّاه، و بانت حقيقته . .
و الآن و بعد ثماني سنوات و بعد ان حلّ التعب و الأرهاق بماكنات عسكرية اقليمية، شدّها اكثر ربيع المنطقة الى مكامنها . . بدأت استار دخان و غبار تتقشّع، و بانت حقيقة ان التنفيس عن الكوامن متزايد في الفيسبوك الذي صار يحمل الأفكار و يبث الجديد و يدعو و ينادي الى الإحتجاج الذي زاد تصاعده اثر تزايد انتشار ربيع المنطقة . . الربيع الذي اثبت ان قطع الإنترنت محلياً لايجدي، حيث حمل المحمول ـ الموبايل ـ سيل الفيسبوك مُحدثاً ثورة هائلة بتبادل المعلومات، فاقت بما لايقاس دور الترانزستور في زمانه (*) . .
في وقت يزداد فيه شعور الشباب الى الحاجة الى شئ منظّم يجمّع و يحشّد و يدعو لحقوقهم و آمالهم . . لنقل النبأ على طريق محاولة تحقيق المطلوب و للتوصل الى ما يحول دونه . . و يرى مراقبون و مجربون ان شعور الشباب بتلك الحاجة هو نتيجة ايجابية تخدم عموم المجتمع و ترتقي به، بالآليات السلمية الداعي اليها و ليس بالعنف و الإرهاب . . لأنه الوعي الشعبي الضروري لتثبيت و استقرار ديناميكية الحكم و استقلاله، انه الوعي بأهمية الأحزاب و برامجها لبرمجة و تنظيم مطالبات الشارع سلمياً، مشكّلة بذلك جبهة قويّة تواجه و تكافح الإرهاب بتثبيتها شرعية دور الشعب باطيافه، كما تدلل احداث و نتائج ربيع المنطقة المستمر . .
بعد ان غُسل الدماغ العام لأجيال الشباب و جرت خديعته بأن (لاحزب غير حزب البعث)، الذي لم يعبّر طيلة عقود حكم الدكتاتورية عن العمل السياسي، الاّ بكونه مهنة و ارتزاقاً و ان يكون رهن اشارة القائد الضرورة . . و هنا و بتقدير اوساط واسعة بدأ فهم الأوساط الشابة شباباً و شابات، و شعورها الواعي باهمية العمل السياسي و كيفية ارتباطه بقضية بناء الحكم، وفهم ان السياسة لاتعني النفاق و السرقات و الوظائف البراقة التي تؤمن اعلى السرقات . .
في وقت لم يعد فيه النكران و التبرير مجديين، فيما تتواصل الحقائق الصارخة و المريعة عبر تكنولوجيا المعلومات التي صارت تتناقل حتى احاديث مجالس اعدادٍ من كبار المسؤولين و تنقل صوراً و افلاماً عن اساليب تفكيرهم و منطقهم و ماهية شهاداتهم الأكاديمية . . التي صارت احاديث الناس في البيت و الشارع و في اماكن العمل . .
و فيما تشترك الأوساط التي وحّدتها المعاناة للمطالبات بالحقوق و تحديّ القمع سلمياً . . يهتز الأمن و تتجدد اعمال العنف و التفجيرات و يتواصل سقوط القتلى و الجرحى، في وقت يتولى فيه حقائب الدفاع و الداخلية و الأمن الوطني حزب واحد بشخص رئيسه . . الذي تتناقل وكالات الأنباء تصريحات نسبتها الى رئاسة الوزراء بانه سيسن قوانينا عوضا عن مجلس النواب، و يحذّر خبيرون بالشأن العراقي . . من ان الطريق المعروف لعودة مفاهيم (الحزب القائد) و (القائد الضرورة) . . يزداد تعبيداً مؤسفاً و وضوحاً . .
و يحذّرون من ان تواصل هيمنة فرد ـ مهما كانت شخصيته ـ على آمرية القوات المسلحة لسنوات ممتدة، و شروعه هو و ايغاله بازالة صلاحيات الهيئات المستقلة لمجلس النواب، و صلاحيات المجلس ذاتها . . يحذرون من انه قد لا يتحمل وجود، ليس نظام برلماني فدرالي يضم احزاب حكم و معارضة تتفق و تختلف وفق دستور فحسب ، و انما قد يصل به الأمر الى ان لايتحمل وجود احزاب اخرى في البلاد، حتى من التي تشارك و تؤيد العملية السياسية، لأنها تناقشه . . دع عنك مخاطر ذلك المدمّرة على حزبه ذاته، و ان اساليب الترضية للأحتواء ليست جديدة . . و تأريخ البلاد القريب شاهد بقوة على كل تلك المخاطر .
و بينما تغيّر مؤسسات عالمية اقتصادية و سياسية و فكرية خططها تجاه المنطقة لمحاولة استيعاب و تنفيذ مطالبات الشباب و حركاتهم التي تستقطب عقول و افئدة اوسع شباب المنطقة و تسحب البساط من تحت اقدام المنظمات الإرهابية، و تزيد من فرص الإستقرار و الإستثمار فيها . . و تزداد اهتمامات مؤسسات و معاهد البحوث العالمية بالمنطقة التي تسجّل اعلى معدّل لبطالة الشباب في العالم !! في منطقة يشكّل فيها الشباب الغالبية الكبرى من سكّانها . .
ترى اوساط واسعة في البلاد . . ان اقامة نظام حكم مستقل مستقر ديناميكياً، لايمكن ان يتم الاّ بان يزداد انبثاقاً من الشعب و يعمل من اجله ومن اجل شبابه . . لإنهاء الإحتلال المركّب و المتنوع، و للإستفادة من الإمكانات المتاحة للبلاد اولاً ،و للأطراف الدولية و الإقليمية المتصارعة كذلك على اساس المنافع المتبادلة . . التي لايمكن ان يحققها الاّ نظام يزداد استقلالاً بقراره الوطني، مبني على تعميق دمقرطة مؤسساته . . و ليس بالقفز عليها، باساليب و مفاهيم (الحزب القائد) الذي صار عبئاً مدمراً لجميع الأحزاب و للشعب . . (انتهى)

30 / 6 / 2011 ، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) لعب ظهور الترانزستور دوراً فاصلاً في تقرير مصير و نتائج الحرب العالمية الثانية التي سحقت الفاشية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في فرنسا : هل يمكن الحديث عن هزيمة للتج


.. فرنسا : من سيحكم وكيف ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. سائل غامض أخضر اللون ينتشر على أرضية مطار بأمريكا.. ما هو وم


.. فشل نظام الإنذار العسكري.. فضيحة تهز أركان الأمن الإسرائيلي




.. مقتل وإصابة العشرات من جراء قصف روسي على عدة مدن أوكرانية عل