الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدافع السياسي والأخلاق

ميس اومازيغ

2011 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


لا يوجد مجتمع على البسيطة الا وهو يرنو الى حياة افظل مما هي عليه. فألأنسان تواق دائما الى اشباع رغباته الحياتية وفي ارقى ما ينتهي اليه تفكيره ,هذا الذي يعتبر وليد محيطه موضوعيا وذاتيا. لذا كان من البديهي ان تتعدد الأراء في اختيار الطرق المفظية الى تحقيق هذه الأمال والأماني. وكان بذلك من الضروري ان يحتد الصراع بين حاملي هذه الأراء ومحاولة كل منهم استقطاب اكبر عدد ممكن من المؤيدين, حتى يتمكن من تصريفها على ارض الواقع وانتظار نتائجها .من هنا يكون التدافع بين مختلف هذه ألأراء قد انطلق عمليا وعلى ارض الواقع .غير ان عملية التدافع هذه لا تتخذ لها ادوات موحدة الأستعمال بين حاملي هذه الأراء المتصارعة حتى وان كان التدافع منظما قانونيا, ذلكم انه غالبا ما يستعان بالمكر والخديعة. لذا قد يتسائل سائل لماذا المكر والخديعة لتمرير افكار واراء في الوقت الذي يستلزم الموقف انسانيا التمسك بالمنطق والموظوعية؟
للجواب يتعين الرجوع الى معنى الفعل لكونه لوحده كاف لأشفاء الغليل .فالتدافع المادي لا يختلف في شيء عن التدافع المعنوي الفكري الا في كون المادي عمل غير مشروع ,وسهل للأثبات بالمشاهدة العينية ,حيث يدخل في باب العنف المجرم والمعاقب عليه, الا فيما هو مرخص بقوانين خاصة كما هو الأمر في انواع من الرياضات البدنية. بينما يصعب ذلك بل وقد يستحيل احيانا كثيرة في التدافع الفكري.ليبقى بذلك المجال في هذا الشق واسعا وفسيحا يستغل وفق مدى الجرأة التي يتمتع بها الفاعل وقابليتة للدفاع عن نفسه متى ووجه بمخالفته للقوانين وكذا كم ووزن الكثلة التي يستند اليها ويستعين بها من انصار.
انه بالرجوع الى الواقع المعاش سيلاحظ وجود كثل متدافعة على الساحة السياسية وهي متميزة من حيث الوزن الكثلوي والأفكار موضوع التدافع, من فاعلة مؤثرة وضعيفة ما تزال في طورالبحث عن موضع قدم ,وكل هذه الهيآت المتدافعة لا تخلوا منها ولو واحدة الا وتلتجىء الى ألأستعانة بالمكر والخديعة في سلوكها المومأ اليه.
فهل المكر والخديعة ياترى ضروريان في التدافع السياسي ام اللجوء اليهما انما هو دليل وصولية وانتهازية الفاعل؟
فاذا نحن سلمنا بكونهما ضروريان في العملية السياسية كان من اللازم قبولهما في دائرة الأخلاق للمجتمع القابل لممارستهما وهذا مناف لما يتشبث به الأنسان حيثما وجد لأعتباره اياهما خارج الأخلاق الحسنة. وان نحن اعتبرناهما دليل وصولية وانتهازية الفاعل فكيف يمكن اثباتهما وبالتالي اقناع الغير بتوفرهما في سلوك الفاعل السياسي كوسيلة لدفع الجمع لينفظ من حوله؟
لميكيافيلي في كتابه الأمير مقولة مفادها ( الغاية تبرر الوسيل). وغالبية ساستنا تعتمد هذه المقولة وتعمل بها. أي انها تفعل كل وسائلها بما فيها المكر والخديعة من اجل تحقيق الغاية المرجوة .وكمثال لذلك ادعاء الكثلة الأسلاماوية ان (القرآن هو الحل ). لتبقي الموجه اليه الخطاب بين حيص وبيص متسائلا وكيف؟ هذا في حالة المخاطب المثقف الواعي اذ انه سيدخل في سجال معها وهي تعلم مسبقا كيف تخرج من كل مأزق ينشأ عن هذا السجال بالمكر والخديعة ايضا. سيما انها تعتمد استغلال الدهماء والمؤمنين ايمان العجائز وهم ألأكثرية وبالتالي فهم المعول عليهم ما دام ان هذه الكثل تتصيد نقط ظعف المجتمع ومجتمعاتنا تطغى عليها الأمية بفعل الكثلة الحاكمة, التي بدورها اعتمدتها وسيلة لبقائها,و وسيلة لليحلولة دون ظهورمنافس قوي مهدد لوجودها. ثم حالة المواجهة العنيفة التي تعتمدها الأنظمة المثار ضدها في اقطار الشمال الأفريقي والشرق الأوسط كما هو حال ليبيا, اليمن ’البحرين وسوريا على الخصوص.
باعتماد انظمة هذه الدول المكر والخديعة فيما تتخذه دواعي واسباب المواجهة العنيفة التي وصلت حد ازهاق ارواح افراد وجماعات من شعوبها. كزعمها محاربة عصابات مسلحة متطرفة مخربة, والتي هي في الحقيق لا وجود لها واقعيا. بل قد تغتال منشقين عن قواتها وترمي بالمسؤولية على عاتق المحتجين. لتتخذ الحادث مبررا لأستعمال العنف المجرد. فنجد الأنسان المؤمن بعدم اخلاقية السلوك المذكور يعمل جهده للتاكد من الأدعاء عن طريق لجن تقصي الحقائق. وتفاديا لما سوف تنتهي اليه هذه الأخيرة من نتائج, قد يلتجأ الفاعل السياسي المذكورايضا الى المكر والخديعة لمحو اثار الفعل تارة او اعداد ادوات اثبات ادعائه تارة اخرى انه المكر والخديعة اللصيقين بالممارسة السياسية حتى اضحت هذه الصفة بديهية ولدى كل اطراف اللعبة .ليس الأمر بالحديث بل هو قديم قدم السلوك السياسي وهذا لصيق بالأنسان باعتباره حيوانا سياسيا .كل ما في الأمر هو ان ألأنسان بما وصله من درجات التطور وما يملكه من وسائل ما كا نت متوفرة له سابقا ,اصبح شديد الحرص على اصطياد هذا السلوك الماكر المخادع وألأقاع بممارسه لتطبيق القانون في حقه. وهو العدو اللذوذ لكل فعل اجرامي .غير ان كل المحاولات المبذولة والمنتظر بذلها من قبل اخينا الأنسان في اطار اللعبة السياسية لن ينتهي بالقضاء على هذا السلوك المشين, مادامت اوجه المكر والخداع تتبدل وتتغير بالتغير الزمكاني, كما تتطور طرق مواجهته لتنتهي على الأقل الى الحد نسبيا من اللجوء اليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2011 / 7 / 1 - 02:49 )
أخي ميس الكاتب المحترم ،تحية لك . تحليل جيد ، نحن بحاجة الى قادة أخلاقيين قبل أن يكونوا سياسيين . مع الشكر لك


2 - رد الى العزيز سيمون
ميس اومازيغ ( 2011 / 7 / 1 - 11:23 )
صديقي ومعلمي العزيز سيمون تقبل تحياتي/ان موضوع مقالتي في اعتقادي ما يزال بابه مفتوحا وعلى مصراعية للمناقشة لكون الفعل السياسي هو اس تواجدنا كجماعات وكثير من ممارسي السياسة لا يعيرون الأخلاق اي اهتمام وبالتالي فانهم يستعينون بما يعتبر شرا لتغليب كفتهم ثم كما نعلم ان اي برنامج حزبي ايا ما كانت جدية واضعيه وحسن نيتهم فانه لن يرقى ابدا الى تحقيق ما يصبوا اليه المجتمع واسباب ذلك عديدة ما دام ان تصرفات الأنسان انما هي نسبية وهو غير معصوم من الخطأ.
دمت يا عزيزي سيمون

اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟