الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صمت فاضح ..!

تميم معمر

2011 / 7 / 1
حقوق الانسان


لا زلنا نرى ونشاهد مدى تلذذ النظام السوري في ممارسة هوايته في القمع والاستبداد ومختلف أنواع القتل البشعة بحق الشعب السوري الأعزل الذي خرج سلمياً يطالب باستعادة حقوقه التي هضمت وكرامته التي هدرت , هذا الشعب الذي خرج في البداية طالباً بالعدالة والحرية فقط وليس بإسقاط النظام .. إلا أن نرجسية هذا النظام الجاثم على صدور السوريين منذ أربعة عقود سرعان ما سفكت الدماء واقترفت أبشع الجرائم , في حين لم يعط النظام السوري لنفسه فرصة التوقف عند تلك المطالب البديهية والمشروعة لهذا الشعب الذي لفظ عمراً كاملاً من الخوف والقمع والفاشية , ولا يرغب إلا بالعيش فوق أرضه كإنسان ويعامل كإنسان . لكنه ليس غريباً أو جديداً علينا تاريخ هذا النظام المشهود له بامتياز - مع مرتبة الشرف - قدرته على الخداع , وإظهار غير ما يبطن , بخلاف النكسات والكوارث والإحباطات التي سبّبها منذ أكثر من أربعين سنة , بالرغم من كل سياساته التواطؤية ، ومن كل الجرائم والمجازر التي ارتكبها بحق شعبه وشعوب دول المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي .. إلا أنه لا زال يقدّم نفسه - ودون خجل - على أنه حامي حمى العرب ، وأنه النظام " الممانع " الذي سيحرّر أرض فلسطين .. ! في حين تُشجّعه على ذلك مواقف بعض الأحزاب والحركات التي عشقت التحليق في عالم الشعارات الفقاعية ، ولم تتعلّم من التاريخ أي عبرة من دروسه .. حتى إبان الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة , لم يخرج عن موقفه العام الباطني والتواطؤي , حيث رفع الشعارات الفارغة ، والجعجعة الإعلامية ، وإظهار نفسه بأنه النظام الممانع الداعم " للمقاومة " ، وذلك بالاشتراك مع حلفائه , حيث لاحظنا بوضوح وقوفه موقف المتفرج , ومكتفياً بستنفار قنواته الفضائية ووسائل إعلامه لممارسة ضرورات الجعجعة والخداع , في حين يؤكد دوماً التزامه بعملية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي .. كم لم يقم بأي تحرك وقائي على جبهة الجولان المحتل , ولا حتى الإدلاء بأي تصريح يحمل صبغة عسكرية من شأنه إحداث أي نوع من الإرباك للاحتلال الإسرائيلي الذي كان مستمراً في عملياته العسكرية في قطاع غزة . لقد بات الشعب السوري الشقيق يعيش في بلد مدمّراً أخلاقياً واقتصاديا ًوسياسياً وأمنياً وعسكرياً وتربوياً ثقافياً.. وبلداً مرهوناً لعصابة طائفية حاكمة ، تعيث فيه فساداً ونهباً وسلباً وبطشاً وقمعاً , كما لا زال مستمراً ومعتمداً على زرع الفتن والمشاكل وخلق التوترات في الدول المجاورة كي يصبح محور الاهتمام في المنطقة بالنسبة للدول الكبرى , وكي يصبح من أهم مفاتيح الحل واللعب في المنطقة !! وفي سياق هذا كله , لا نعرف كيف نبرر الصمت المخجل والفاضح لدول المنطقة , والعالم أجمع إزاء ما يجري للشعب السوري من مجازر في الليل والنهار , والذي لا يملك إلا الهتافات المطالبة برحيل النظام . في حين نجد مفارقة مؤلمة بين هذه الحالة والحالة الليبية التي ظهر فيها كثير من الفصحاء .. حيث رأينا الذي يشارك بالمال والسلاح لإسقاط جماهيرية القذافي , بينما لا زالوا يلزموا الصمت تجاه المواطنين المحتجين على قمع ووحشية النظام السوري ! رغم أن الحال في ليبيا واضح في حجم عتاد وسلاح الذين يقاتلون النظام الليبي , وصولاً إلى تدخل االنيتو بالطائرات والصواريخ , بمعنى أن القذافي يواجه كتل ومجاميع مسلحة ومدعومة بالغطاء الجوي , بينما الحال في سوريا معكوساً , حيث النظام السوري بمختلف أجهزته الأمنية , بما في ذلك الجيش , يقاتل ويقتل شعباً أعزلاً إلا من الهتاف والصراخ .. مفارقة تستحق التوقف ومحاولة فهم حقيقة ما يدور بسبب حالة الصمت الغريبة والمشبوهة قياساً بالثورات الأخرى .. حيث بات واضحاً وجود مأزق أخلاقي سياسي.. لكن الدم السوري الذي لا زال يراق فإنه حتماً سيحرج الكثير لا سيما للذين سوّغوا وشاركوا في التدخل لعسكري على ليبيا متسلحين " بالعذر الأخلاقي والإنساني " , في حين أن الفضائح الأخلاقية والسياسية في سوريا أكثر عرياً ووضوحاً . لا نتحدث هنا أو نقصد أن يحدث تدخلاً عسكرياً مماثلاً , بل محاولة لفهم هذا المنطق الأعوج الذي به برر الكل تدخلهم في ليبيا .. والذي يزيد غرابة في هذا السياق أيضاً حجم التصفيق والتهليل من المحسوبين على النظام السوري , مثل حزب الله وإيران وغيرهم من الذين التزموا الصمت تجاه التدخل العسكري ضد ليبيا , وتغنّوا بثوار ليبيا ومختلف الثورات الأخرى , والآن نراهم ما بين مؤيد ومتناقض في آرائهم إزاء عمليات القتل الوحشية التي ينفذها النظام السوري بحق المدنيين في سوريا , فحزب الله على لسان أمينه العام حسن نصر الله يؤيد الثورات التي قامت بشكل عام , وفي الوضع السوري , يؤيد الثورة من جهة , وفي نفس الوقت يمدح وبحرارة النظام السوري ! وفي إيران يندد وزير خارجيتها بمجرد التفكير أو بإمكانية أي تدخل عسكري تجاه جرائم النظام السوري , فأي عار هذا ؟ هذ بخلاف بعض الدول التي أكل الصمت فمها , ولم تنطق ولو بكلمة استنكار واحدة على الأقل فيما يخص حقوق الإنسان في سوريا بينما كان لها مشاركات علنية وعملية ضد بعض الأنظمة الأخرى !! فمبررات التدخل في أي مكان يكون إما بالحديث عنها بوضوح دون التصاق بالمبادئ الإنسانية , أو أن تكون هذه المبادئ هي هي في كل مكان , فما يجري في سوريا تجاوز الكثير وبمراحل خطايا القذافي وغيره .. ولعل ما نسمعه من مواقف تركية من وقت لآخر راجع فقط لقلق تركيا باعتبارها نقطة تماس مع سوريا ومخاوفها من أي أخطاء سورية غير مبررة بحق اللاجئين بما في ذلك احتمالية حدوث لجوء كردي مكثّف بسبب الأوضاع المحتقنة وهو الأمر الذي يؤدي ربما إلى تفجير الموقف على الحدود وداخل تركيا من قبل الأكراد بسبب الأوضاع الضعيفة والهشّة أصلا , وكذلك لاختلاف المواقف التركية في السنوات الأخيرة والتي اعتمدت سياسة التقرّب من الشرق الأوسط بدلاً من الغرب . لكن ذلك كله لا يلغي حقيقة ثابتة وهي أن الصمت العالمي إزاء ما يجري بحق الشعب السوري , لهو صامت فاضح بكل المقاييس إزاء حقوق الإنسان ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمين العام للأمم المتحدة: نحث الأطراف بقوة على التوصل لاتف


.. اعتقال مرشحة للرئاسة الأمريكية في احتجاجات داعمة لغزة




.. نشرة الرابعة | اتفاقيات سعودية أميركية -قريبا-.. وعمليات -سع


.. سيناريو إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو




.. سباق مع الزمن لتفادي المجاعة في قطاع غزة • فرانس 24