الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
النادل
زكرياء الفاضل
2011 / 7 / 2الادب والفن
النادل
في يوم ممطر، تلحفت سماؤه بخمار أسود معلنة حدادها على ربيع أجل موعده مع جبال الأطلس الشامخة بشموخ أسودها، غادر بيته في اتجاه لم تستوعبه أفكاره المكهربة.. سار بخطوات سريعة تراقص نغمات غيث انهال على الأرض بقبلات شغف العاشق لحبيبه بعد فراق.. كان حذاؤه يشق عباب الطوفان في اتجاه لم تحدده أفكاره البركانية..
- قهوة كالعادة؟
- حنظلا.. أريدها حنظلا..
- أعوذ ب..
- ليس هناك من شياطين غير البلطجية.. يبيعون مستقبل البلاد بدراهيم معدودة..
- للأسف..
قالها النادل بحزن عميق أيقظه من ثورة غضبه..
- أحزين أنت؟! لم أعهدك مهتم بالسياسة!
- ألست مواطنا؟ كيف لي العزوف عنها ومستقبل بلدي مهدد؟!
- لكنك ما تحدثت يوما فيها؟
- أفضل العمل على الحديث..
واصل النادل، في حديث مسترسل، أنه قاطع الاستفتاء ولم يذهب للتصويت على المشروع الجديد، ليس تضامنا مع حركة 20 فبراير أو أي جهة ثانية بل لأنه لم يجد في المشروع ما يوحي بتوجه نحو تغيير لصالح الوطن.. عرف منه أيضا أنه حامل لشهادة جامعية عليا واضطر للعمل كنادل بالمقهى لظروف عائلية صعبة. لكن رغم ذلك فهو يناضل بقلمه عبر الفيس بوك تحت اسم مستعار رفض الإفصاح عنه.
وضع القهوة أمامه على الطاولة وانصرف بخطوات رشيقة ملبيا نداء الزبائن.. كان يتنقل من طاولة لأخرى كالفراشة.. لم يكن يأبه لغلظة بعض الزبائن المتعجرفين والمحتقرين للفقراء ويرد عليهم بابتسامة وديعة عمقها حزن وحسرة على مستواهم المتدني لعلمه أن الأوطان لا يبنيها تجار الخردة أو السماسرة بل أهل العلم والفكر، لكن ذلك في تلك البقاع.. هناك.. أما عندنا.. فأصحاب الحقائب السمينة هم أهل البلاد، أما أصحاب الشهادات الجامعية والعلم فهم محتقرون ومنبوذون.. لأن المجتمع، تحت وطأة الفقر الممنهج، أصبح يقيم الفرد بحقيبته ورصيده البنكي لا بعلمه..
سأله: ما العمل؟ فأجابه النادل بأن االنضال المتواصل هو الحل، لأن المرء قد يخسر المعركة لسبب من الأسباب، لكن الأهم هوكسب الحرب.. وأضاف أن يوم الجمعة هذا ليس يوم الحسم كما يتوهم المخزن بل يوم منعطف انطلاقة جديدة في النضال ستستوعبها السلطة بعد فوات الأوان..
- أ..
- نعم.. احتمال كبير بأن يرفع سقف المطالب وبشكل غير عادي..
تابع حديثه عن المنعطف الجديد بثقة فيما يتفوه به حتى ظنه قائد تنظيم سري.. انتبه النادل إلى ما يروج في فكره من خلال نظراته..
- لا تذهب بعيدا في التفكير.. لست كذلك، لكني ابن هذا المجتمع وأعرف ما ينطوي عليه.. لكل صبر حدود..
غادر المقهى هادئا كهدوء السماء التي مسحت دمعها وابتسمت للدنيا بأشعة ذهبية أنارت طريق عودته إلى البيت وكله حماس وثقة في يوم الغد القريب.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مهند مصطفى: مشاهد يحيى السنوار متنقلا في تل السلطان تتناقض م
.. -وردة ترمب في يد بوتين-.. كاريكاتير حول -المفاوضات- بين الرئ
.. صحيفة كندية تنشر رسمة كاريكاتير تظهر ترمب وهو يؤدي القسم ويم
.. ساعة بقرب الحبيب - الحلقة 07 - نوال الزغبي
.. أسوياء مع مصطفى حسني - الأدب أولى أم الإتباع ؟..شوفوا أدب ا