الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنفصام الشخصيه

عمر دخان

2011 / 7 / 2
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


لست أقصد بالعنوان الانفصام المرضي الذين يصيب الكثيرين، و لكنه انفصام يصاب به البعض من أصحاب النفسيات المريضة، و التي تسعى طوال حياتها للهجرة إلى الدول الغربية، و في ذات الوقت تتمنى دمار تلك الدولة و انهزامها و اندحارها، و هو أمر عجزت عن فهمه على الرغم من أنني عصرت دماغا عصرا، و حاولت تناوله من عدة جوانب، و مع ذلك لم أجد له شرحا أو تفسيرا مقنعا لنفسي قبل غيري.
شباب يمضى حياته يسعى للهروب من وطن أذله و أهانه و مرغ كرامته، و يبذل الغالي و النفيس من أجل الهجرة إلى العالم الغربي، و في ذات الوقت، تراه يذم الدول الغربية و يتشفى في قتلاها و مآسيها و يتمنى أن يرى دمارها، و حتى عندما تتاح له الفرصة الذهبية و يهاجر، تراه يتحول فجأة إلى أقصى اليمين، ويصبح متطرفا دينيا بالمعنى الحقيقي، و أحيانا كثيره ينتهي به المطاف إرهابيا يتآمر على الدولة التي آمنته من خوف و أطعمته من جوع.
مثل هذه النماذج منتشرة للغاية، و ترى صاحبها يناقض نفسه مرارا و تكرارا دون أن يشعر بذلك، حيث أنه يتمنى مثلا دمار الحضارة الأمريكية التي قدمت للعالم الكثير، و يتشفى في رؤية قتلاها مدنيين كانوا أم عسكريين، و في ذات الوقت تراه يحرص كل أكتوبر من كل عام على تسجيل اسمه في سحب بطاقات الإقامة الدائمة، و تبريره لذلك أنه يريد أن يعيش في ذلك المكان المتحضر المتطور، بينما هو في نفس الوقت يتمنى دماره و زوال النعمة عن أهله!.
أذكر أنني قرأت في جريدة جزائرية مرة من المرات عن قصة شخص كان يعمل في الشرطة الجزائرية، و تم اختياره عشوائيا في قرعة بطاقات الإقامة الدائمة، و قام بعد ذلك بإتمام الإجراءات اللازمة لينتهي به المطاف في الولايات المتحدة، و بعد بضعة أسابيع بدأ هذا الشخص يتردد على مواقع إلكترونيه مشبوهة، و بدأ ينشر فيها كتابات له و قصائد تحض على الإرهاب و العداء للولايات المتحدة الأمريكية، متناسيا أنه لم يكمل حتى الحول في بلد أكرم مسكنه و أنقذه من أرضٍ يسعى معظم شبابها إلى الهرب منها بأي ثمن. المهم أنه لم تطل المدة ليتفاجأ ذات صباح بالأبطال الساهرين على حماية وطنهم على أبواب منزله، عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي أتوا ليذكروا هذا الشخص أنه ما هكذا يرد الجميل يا فلان، و لا أدري بقية القصة بالتحديد و لكنني أتمنى أن يكون تم إعادته لبلده، لأن مثل ذلك النموذج يعتبر خطرا على المجتمع الأمريكي، بالإضافة إلى كونه يشكل سمعة سيئة و عائقا لكل القادمين الجدد من بعده.
الحقيقة أنني أعتقد أنني أفهم جيدا ماذا حدث لهذا الشخص، و ماذا يحدث للكثير من العرب قبل و بعد هجرتهم، فهو يصل بلدا تعيش نظاما حياتيا مبنيا على العيش الهنيء و الاستمتاع بالحياة، بالإضافة إلى إجادة تقسيم الوقت بين المتعة و العمل، و إيلاء أهمية كبيره لعيش حياة سعيدة متوازنة خالية من الملل ( بالطبع هذا لا ينطبق على كافة أفراد المجتمعات الغربية، و لكنه ينتشر بين الأغلبية، و هو ما يفسر ارتفاع المستوى المعيشي في أرقام تلك الدول) و فن قضاء العطلات في الأماكن الجميلة الساحرة، بينما هذا الشخص القادم من مجتمع استبدادي متخلف، لم يبرمج نفسه على التأقلم مع مثل هذه الحياة، و هو على عكس عرب آخرين يستطيعون الاندماج في المجتمع لأنهم لا يقطعون المحيط بقلوب مليئة بالحقد على البلد الذي سيستضيفهم.
لذلك نجد النتيجة العكسية، فهذا الإنسان يصاب بعقدة و هو يرى مجتمعا مناقضا تماما لمجتمع الكآبة و ثقافة الحياة الأخرى الذي أتى منه، و تجعله تلك العقد يعتقد أنه ليس بإمكانه مسايرة هذا المجتمع، أو أن يصبح فردا منه يمارس حياة طبيعية، فيتحول إلى شخص مريض يريد دمار ذلك المجتمع لمجرد أنه لا يعيش الحياة الكئيبة التي يعيشها مجتمعه الأصلي، و ينتهى به الأمر مليئا بالحقد و الغيرة المرضية التي غالبا ما تنتهي به على أرض وطنه الأصلي من جديد أو في سجن لمتهمي الإرهاب، بالإضافة إلى تسببه في تشويه سمعة البلد التي قدم منها و تعطيل فرص آخرين قد يكونون أناسا راقيين و متفتحين و لديهم القدرة على الاندماج في المجتمع الجديد دون عقد.
كان هذا بالنسبة لأشخاص قد يكونون لا يحملون مشاعر عداء للولايات المتحدة، و لكن تعقدهم من المجتمع المتحضر يجعلهم يقومون بتصرفات مَرَضِيَةٍ حمقاء، أما النوع الثاني و هو النوع الذي يعادي الولايات المتحدة من وطنه الأم، و يساند أعدائها في أي مكان لمجرد أنهم أعدائها، فتراه يقف في صف طالبان و إيران و العميان و كل من وقف ضد الولايات المتحدة، و تراه يتشفى في مقتل المدنيين و العسكريين الأمريكان في كل مكان، و لا يترك فرصه لا ينتقد فيها الحضارة الأمريكية أو يحاول أن ينقص من شأنها، و ترى الفرحة تتطاير من عينيه كلما سمع خبر مقتل أمريكي في أي مكان حول العالم، كل هذا و مع ذلك تراه يبحث عن وسائل للهجرة إلى الولايات المتحدة، و يبذل قصارى جهده لإيجاد الوسيلة، أي وسيله للهجرة إلى الطرف الآخر.
كلا النموذجين السابقين يجب أن يبقى بعيدا عن الدول الغربية، فهي ليست بالمكان المناسب له، و غالبا ما سينتهي به الأمر وراء القضبان أو مطاردا في الوديان، و لن تنفعه حينها لا إيران و لا طالبان، و يجب أن يتوقف عن النفاق و الكذب على نفسه و يُبقى نفسه بعيدا على العالم المتحضر لأنه لا ينتمى إليه، و ليحفظ لنفسه ولو قطرة كرامه و يتخذ موقفا واحدا، فأنت إما أن تكون محايدا تماما، أو تكون في صف الولايات المتحدة أو ضدها و مساندا لأعدائها، أما الوقوف في المنطقة الرمادية و ممارسة النفاق بهذا الشكل فهو لن يحقق لك شيئا، و هو ليس من الرجولة بشيء! أنا شخصيا أساند و أحترم من يقف في صف الولايات المتحدة لقناعات شخصيه، و لكنني أحترم و لا أساند من يقف موقفا صريحا ضدها، أما المتلونون فهم الخطر الحقيقي على أنفسهم أولا قبل أن يكونوا على الولايات المتحدة، و لكم في قصة الشرطي ناكر الجميل خير مثال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة