الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما زلت أتذكر

عدنان الاسمر

2011 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ما زلت أتذكر

بعد منتصف ليلة 2/7/1976 حملت مغفورا برفقة صديقي أبو زياد محمود جبر صبح إلى سجن السلط وبعد عددة أيام نقلنا بسيارة شرطة عسكرية إلى بلدة الصوالحة قضاء دير علا لقضاء عاما من النفي والإقامة الجبرية، وهناك تعرفنا على معالم جديدة للحياة وأبرزها ثبات تشكيلة الجسد الآدمي أمام عوامل الإذابة والحفر فالطقس نهارا حارا جدا يخلق عند المرء إحساس بالذوبان وفي الليل أيضا حار جدا يضيف إحساسا جديدا بالاختناق والذباب نهارا يغلف بوقاحة كل الأشياء لمنع الإنسان من تناول الطعام أو الشراب ، والبعوض ليلا يغرف بنهم وقسوة من جلد الجسد لإبقاء النائم يقظ والماء ممزوج بخليط من بقايا الجيف ولا وجود للكهرباء وهذا يعني عدم وجود مروحة تحرك هواء اللهيب الحارق، ولا ثلاجة تبرد الماء المغلي ، ولا غسالة تخفف عنا معاناة غسل الملابس المتخشبة من جفاف العرق، وأينما تحركنا وتجولنا نلمس الفقر والبؤس وضنك حياة سكان المناطق الغورية فالحياة في الغور يمكن اعتبارها عقوبة أو غضب في ظل تردي الأحوال المعيشية وسوء الخدمات الحكومية ولكن كنا يوميا نضع عيوننا وأجسادنا في نفق فضائي غربا نحو فلسطين ففي الصباح نوجه الإبصار إجباريا لتفقد سفوح الجبال المواجهة لشروق الشمس وعصرا نجلس تحت شجر السدر ووجوهنا غربا نتابع حركة سيارات المحتلين ذهابا وإيابا غربي النهر وليلا نراقب إنارة المستوطنات وحجم الضوء وانتشاره واضوية السيارات المتحركة فالانتباه غربا كان احد أشكال الهروب من وقت وظروف النفي بل كنا نستنشق الهواء بعمق وخاصة عصرا لان كمية الرياح وسرعتها تشير أنها قادمة من فلسطين سيدة الكون
أما اليوم وبعد مرور خمسة وثلاثون عاما على تلك الواقعة وبالرغم من تذكر معاناة القوى الوطنية خلال مرحلة الأحكام العرفية إلا إنني اشعر بسعادة كبيرة لانجازات الأمة بثوراتها الراهنة وحركتها نحو التغيير وما زالت الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان مسائل ملحة وأتمنى بكل صدق لشعبنا الفلسطيني أن تتحقق طموحاته في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ولشعبنا العراقي العظيم أن يتمكن من تحرير العراق من الاحتلال الأمريكي وان يحافظ على وحدة الأرض والشعب العراقي وأتمنى أن يظل لبنان حاضرة العرب في الثقافة والفكر والفنون والديمقراطية ودعائي المخلص أن يرحل عن هذه الأمة كل الحكام الطغاة أعداء الديمقراطية أبطال سفك دماء شعوبهم وكلي أمل لهذا الوطن الأردني أن يشهد تحولات حقيقية نحو الإصلاح الذي يحمي الوحدة الوطنية ويتيح الفرص لتحقيق آمال وطموحات شعبنا .

عدنان الأسمر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي