الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايتى مع الكلاب

فاروق عطية

2011 / 7 / 2
سيرة ذاتية



الكلب حيوان أليف شديد الوفاء ومحب لصاحبة لدرجة التضحية بنفسه فى سبيل حمايتة, وهو مستأنس منذ قديم الأزل, فقد عرف القدماء المصريين الكلاب منذ 7000 عام ( 4000 ـ 4500 ق م), وقدسوها لصفة الوفاء ضمن الأرباب ( أنوبيس ) وحنطوها بعد موتها. وقد اعتبره العرب حيوانا نجسا ينقض الوضوء عند التلامس, ويحض الإسلام على عدم استخدامه إلا لدواعى الحراسة والرعى, ولهذا السبب نجد فى بلادنا عندما نسب شخصا ننعته بإبن الكلب, أما فى الغرب فله مكانة عظيمة كمكانة الأبناء فى الأسرة وقد تفوق. ويوجد من الكلاب المصرية أنواع وفصائل, وتستخدم للصيد وللحراسة والرعى, ومن أهمها:
ـ الكلب الفرعونى وهو ذو لون أحمر نحاسى ويمكن أن يكون طرف الذيل والصدر أبيض, ويحمر لونها عندما تنفعل أى أن أنفها وأذنيها تتغير من اللون العادى إلى اللون الوردى الداكن, وهو يشتهر بحاستى البصر والشم, ويتحرك فى الصيد بسرعة ورشاقة, وهو متوسط الحجم وجسمه عضلى, منتصب الأذنين تعبيرا عن قوة اليقظة والانتباه, يتراوح عمره بين 11 ـ 14عام.
ـ كلب البسنجى ومعظم الكلاب البلدية المصرية تنتمى لهذا النوع مع بعض التعديلات, وله أسماء عديدة منها الكلب الأفريقى بوش والكلب الأفريقى باركليز وكلب الكونغو وكلب زاند. له قدرة عالية فى تسلق الأسوار والأشجار. قليل الحجم, يتراوح طوله بين 40 ـ 43 سم وارتفاعه بين 10 ـ 11 سم. متعدد الألوان اسود وبنى وأحمر وقد يكون ذو عدة ألوان وبالطبع يوجد اللون الأبيض على أطرافه وصدره, يستخدم فى الحراسة والصيد والرعى, عمره بين 9 ـ 13عام.
ـ الكلب السلوقى وهو كلب الصيد المفضل لهواة الصيد وتعقب الجرابيع وابن آوى والثعالب, من ألوانه البنى والبيج والأبيض والأسود
ـ الكلب الأرمنت وهذه الفصيلة مصرية الأصل توجد فى صعيد مصر, وهناك اعتقاد خاطئ بأن هذه الكلاب أتت مع الحملة الفرنسية إلى مصر ولكن الحقيقة هى أن الفرنسيين أخذوها معهم إلى فرنسا بعد الحملة وهو ينتمى الى كلب الصحراء فى صعيد مصر وتحديدا فى ارمنت ( محافظة قنا ) وهو كلب نادر جدا فى شكلة وشراستة وقد يصل الى شراسة البيت بول والروت فايلر لكن للاسف تكاد هذه السلالة أن تنقرض من مصر, وهو شرس جدا ومحب لىصاحبة فقط وقليل النباح, وليتنا نحافظ عليه لأنه كنز مصرى يكاد أن يفقد.
ولى ذكريات لا تنسى مع الكلاب منذ فترات الصبا والشباب وأيضا عندما مال العمر للخريف, ومنها:
ـ فى الصبا أذكر أننى كنت أستذكر دروسى مع أحد الأصدقاء فى بيته البعيد عن منزلى وعند انتهاء الاستذكار حوالى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل غادرت منزل صديقى الذى نصحنى ألا أسلك الشارع القريب من المدافن حتى لا تهاجمنى العفاريت ونصحنى باتخاذ الطريق الشرقى. ولكننى فى عناد قلت لنفسى يا واد خليك فى طريق المدافن لأنه الأقرب ولأننى أيضا تواق لمشاهدة أحد العفاريت التى أسمع عنها القصص والحكايات ولم أرها فى حياتى. وسرت فى هذا الطريق وكان معظمه مظلم وكان وجيب قلبى يرتفع كصوت وابور الطحين من الخوف, وفى منتصف الطريق خرج لى كلب متوحش وهاجمنى فأطلقت لقدمى العنان والكلب فى أثرى وحين أحسست بأنفاسه تلسع ساقى وأنه فى سبيل نهشها إندرت إليه وبكل قوة طوحت ساقى والحذاء فى فكيه حتى أننى أحسست أن أسنانه قد تحطمت من عزم الضربة فولى الأدبار عائدا وهو يزوم ويعوى فى ألم, وحين وصلت منزلى متقطع الأنفاس ألقيت بجسدى على الفراش وأنا اكاد أن أموت من الخوف والإجهاد وقررت ألا أستذكر دروسى خارج منزلى ومن يريد الاستذكار معى فليحضر عندى.
ـ ومرة أخرى كنا نتنزه صديقين وأنا كعادتنا صيفاعلى طريق وابور النور وهو طريق خارج البلد على ضفة الترعة السوهاجية وينتهى بوابور النور ثم بحدائق الفاكهة. وكان فى أخر الطريق قبل الوصول لوابور النور فيلآ جميلة محاطة بسور حديدى يملكها أحد أثرياء البلد وبداخل السور كلب أرمنتى شرس للحراسة, وكنا لا نخشاه لأن باب الفيلا دائما مغلق. فى هذا اليوم شاء القدر أن ينسى صاحب الفيلا غلق باب فيلته ولم أدرى بنفسى إلا أننى أسير بمفردى وصديقى قد تركانى ووليا الأدبار عائدين من حيث أتينا حين شاهدا الكلب منطلقا إلينا. نظرت فرأيت الصديقين قد ابتعدا كثيرا والكلب قريب منى, وبدون تفكير ركنت ظهرى لشجرة فنظر الكلب نحوى بازدراء ولم يعرنى التفاتا وانطلق خلف صديقىّ فحمدت الله أن الكلب لم يعقرنى وسلكت طريقا جانبيا لشارع مواز وعدت لأجد صديقىّ كادا يموتان من كثرة العدو خوفا من الكلب الذى انطلق صاحبه خلفه لإعادته قبل أن يفترسهما. عاتبت صديقى الذين لم ينبهانى للخطر وفرا بمفرديهما بكل نذالة, وأحمد الله أن من صفات هذا الكلب أنه ينطلق خلف من يعدو أمامه.
ـ وفى خريف العمر هنا فى كندا تعودت أن أخرج لرياضة المشى فى البارك المجاور للبناية التى أسكن فيها بين العصر والمغرب فى فصل الصيف حيث يكون الجو ملائما. لاحظت سيدة فائقة الجمال فى الستينات من عمرها تخرج للتريض أيضا فى نفس التوقيت تقريبا وبصحبتها كلبيها من نوع الرويال كانيش الجميل والضخم الجثة, وكنا حين نلتقى أحييها بابتسامة فترد على بأحسن منها. ومع الأيام أحسسنا بالألفة وتجاذبنا أطراف الحديث وكان مجمل حديثنا عن الكلاب وهو الحديث المفضل لديها فهى عاشقة للكلاب وتلقب كلبيها بالأولاد. سألتها ذات يوم أيهما تفضل كلبيها أم أولادها, فأجابتنى دون تردد: كلبىّ بالطبع فإبنتى دانا رغم حبى لها والتفانى فى تربيتها مجرد أن وصل سنها الثامنة عشر تركتنى وعاشت مع صديقها ولا تتصل بى قط لتطمئن على إلا إذا كانت فى حاجة, أما كلبىّ فهما معى دوما لا يفارقانى ويحبانى بدون غرض. وعرفتنى بكلبيها أحدهما كبير السن جدا وأسمه مادجا (10 سنوات) والآخر صغير فى عنفوان شبابه وإسمه بنجى (3 سنوات), البيطرى أخبرها أن مادجا فى خريف عمره ومن الأحسن لها أن تتخلص منه بالموت الرحيم حقنا, ولكنها رفضت ذلك وتتكلف فى الحفاظ على صحته الكثير ربما ثلاث أرباع دخلها لشراء الأدوية والفيتمينات والغذاء المناسب لعمره. أصبحنا صديقين حميمين نتلاقى للتريض ونتحادث تليفونيا. وذات يوم دعتنى لزيارتها فى منزلها لتناول العشاء. ذهبت ومعى زجاجة من الشمبانيا الفاخرة, وجدت عندها كلب ثالث قدمته لى قائلة: هذا كوبسى كلب إبنتى دانا أحضرته إلى لأرعاه حتى تعود من رحلتها فى هايتى. وكُوبسى هذا من نوع الكوكر الإنجليزى ذو الثلاث ألوان الأسود والأزرق والذهبى, وهو ناعم الفروة وعيونه حمراء وهو كلب شديد الاتصاق بصاحبه, عاطفى وشديد الغيرة لدرجة صارخة. التصق كوبسى بى لحمايته من صديقيه اللدودين بنجى ومادجا. أعدّت العشاء لكلابها أولا كل فى وعائه, وبعد أن اطمأنت أن كلابها قد تناولوا عشائهم بصحة وعافية أحضرت طعامنا ولاحظت أنها تهتم كثير بالإتكيت وآداب الطعام. أكلنا وشربنا حتى انتشينا, وحين فرغت الشمبانيا أتت بقنينة من الفودكا القوية فشربنا حتى ثملنا, ورقصنا على نغمات الموسيقى حتى هدنا التعب فتوجهنا لغرفة النوم. وحين حاولت إلقاء جسدى على الفراش لاحظت أن الكلاب الثلاثة يحتلونه تماما فاعترضت وقلت لها دعى الأولاد ينامون فى غرفة أخرى فقالت باسمة: لقد تعودوا أن يناموا معى فاعترضت على ذلك فطلبت من أولادها مغادرة الفراش ليناموا على الأرض حول السرير. وحين استلقت بجانبى وتلاقت أنفاسنا واشتعلت الرغبة بنا, وحين هممت بها وهمت بى فوجئت بكوبسى يقفز على ظهرى مزمجرا يكاد أن يفترسنى فصرخت من الرعب, فنهرته بشدة وأبعدته عنى وساقته للغرفة المجاورة, ولكننى فقدت الرغبة تماما ونمت مرعوبا حتى الصباح. وقبل أن تستيقظ من نومها انتضيت ملابسى وكتبت لها كلمات قليلة على ورقة تركتها بجانب الفراش وغادرت: سيدتى كنت قد انتويت الارتباط بك ما بقى من العمر لأننى قد أحببتك بصدق ولكنك عاشقة للكلاب أكثر من عشقك للبشر.. وداعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صاحب الصفات الحميدة
محمد البدري ( 2011 / 7 / 2 - 21:45 )
أشكرك يا استاذ فاروق علي هذه الهدية. فما اجمل الكلب وما اصدقه ووفائه واخلاصه وامانته، قلت يوما لاحد السلفيين واصفا الكلاب بانها ملائكة. هاج الرجل وعنفني علي ذلك التشبيه. فالعرب افسدوا عقله بما قالوه عن الكلب فما اجهل العرب. فوصفهم له بالنجاسة هو هروب منهم من وصف حقائق الكلب لسبب بسيط ووظيفي يقوم به الكلب ولم يكن علي هوي اصحاب الفكر الاسلامي الذي انتشر بانتشار الاسلام. فمن حمل الاسلام كوريث له واخذ عبئ نشره هم ذاتهم من اعتمدوا الاغارة والغزو، لهذا اصبح الكلب الذي كان صديقا لزعيمهم وقت رعايته للغنم كراعي الي جرس انذار لمن سيتم الهجوم عليهم ونهب ثرواتهم لو ان المسلمين خرجوا في غزوة علي قبيلة لها كلاب تحرس تخومها. فلم يعد الكلب مفيدا لهم بعد ان تحولوا الي غزاه بل اصبح خطرا لو انه حذر مبكرا اهله للخطر القادم. فلم يجد اهل الغزو سوي النجاسة ليلصقوها به وتناسوا كل القيم الشريفة التي يتحلي بها. شئ غريب اليس كذلك. تحياتي وشكرا مرة اخري


2 - خطورة تربية الكلاب منزليا
مها معروف ( 2011 / 7 / 5 - 21:29 )
يعلمنا الإسلام أن الكلب حيوان نجس ولا يجب تربيته فى المنازل ويمكن استخدامه فى الحراسة خارج المنزل أو للرعى. . وتواجد الكلب فى المنزل له أخطار على الصحة العامة فقد ينقل بعض الأمراض ويسبب الحساسية لبعض الناس ومن هنا كانت حكمة الإسلام فى عدم الاحتفاظ بالكلاب داخل المنازل. عموما مقالك رائع خاصة حكاياتك مع الكلاب خصوصا الأخيرة مع السيدة التى تعشق الكلاب أكثر من البشر ههههه


3 - الرد على تعليق السيدة مها معروف
فاروق عطية ( 2011 / 7 / 5 - 22:12 )
لقد أخطأ الإسلام فى اعتبار الكلب حيوان نجس فالكلب حيوان جميل مسالم ودود محب لصاحبه ووفى له ويستميت فى الدفاع عنه, ولهذا فنحن فى بلادنا اعتبرنا الكلب من منطلق الثقافة الإسلامية حيوان محتقر نسب بعضنا بعضا بأننا أولاد كلب, مع أن الغربيين بثقافة حب الكلاب يسعدهم أن ينسب أيهم للكلب. ويفضل مالكى الكلاب كلابهم أحيانا عن أولادهم لأن الأولاد يعقون والديهم عند الوصول لسن البلوغ أما الكلاب فتظل وفية لصاحبها مازالت حية. أما بخصول الحساسية ونقل الأمراض فهذا لا وجود له فى حالة الاعتناء الصحى بالكلب والحفاظ على نظافته وعلاجه إذا مرض. وشكرا على إعجابك بالمقال بدون ههههه.

اخر الافلام

.. حسن نصر الله يلتقي وفدا من حماس لبحث أوضاع غزة ومحادثات وقف


.. الإيرانيون يصوتون لحسم السباق الرئاسي بين جليلي وبزكشيان | #




.. وفد قيادي من حماس يستعرض خلال لقاء الأمين العام لحزب الله ال


.. مغاربة يجسدون مشاهد تمثيلية تحاكي معاناة الجوع في غزة




.. فوق السلطة 396 - سارة نتنياهو تقرأ الفنجان