الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من عراق صدام الى عراق المالكي!

رزاق عبود

2011 / 7 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بصراحة ابن عبود

من عراق صدام الى عراق المالكي!

لقد عودنا صدام عندما كان حاكما اوحدا في العراق، ان يجير انجازات الغير لنفسه، ويتباهى بما لم يفعله. في نفس الوقت ينأى بنفسه عن كل الاخفاقات، والخروقات، والهزائم، ويلقي اللوم دائما على الاخرين. فبعد كل هزيمة عسكرية كان يعدم العشرات من كبار الضباط. وفي كل منعطف يفتعل مؤامرة خارجية، وعملاء في الداخل. تطير بعدها رؤوس، وتختفي شخصيات، واحيانا مدنا، وقرى باكملها. وهاهو صدامنا الجديد، وبعد المائة يوم، التي تعهد بها، ووعد الشعب، ان كل مشاكله ستحل. لم يلمس الشعب، أي تغيير، ولم يحصل أي تقدم، ولم يطرأ، أي تحسن، لا في الخدمات الاساسية، ولا الوضع الامني، ولا عمل الوزارات. ولانه الصيف، والكهرباء تنقطع باستمرار، والنفط غير موجود في بلد النفط، والعواصف الرملية تزداد في ارض السواد، والمواد الطبية تختفي، واكوام الزبالة تتحول الى تلال، حتى صارت بغداد ثامن اوسخ مدينة في العالم. الهوة بين الفقراء والاغنياء تتسع بشكل، لا سابق له، ولا مثيل.الشراكة الوطنية، التي تحدث عنها، وتباهى بها طويلا لم تحصل. المصالحة الوطنية، التي رفع لوائها لم تتم. العداوات، وعدم الثقة مستمرة، والاتهامات تتزايد بين شركاء السلطة. عمل مجلس الوزراء شبه معطل.البطالة تتسع، والجريمة تاخذ اشكالا متعددة، وبغطاء رسمي احيانا. التزوير صار المهنة الرئيسية لاغلب اعوان السلطة. الفساد، بكل اشكاله، ينتشر كالسرطان في جسد الدولة العراقية، تسرب التلاميذ من الدراسة، انحدار المستوي العلمي للمدارس، والجامعات، وهجرة الكفاءات الى الخارج. مع كل هذا الفيض من الاخفاقات، نجد المالكي يتحدث عن الترشيق. وكان غيره الذي ابتدع اكبر مجلس وزراء في العالم. 41 وزيرا يفضح عددهم طبيعة النظام الطائفي، المحاصصي للنظام الاسلامي في العراق. لقد وعد قبل الانتخابات، ان وزارته الجديدة ستكون وزارة عمل، وانجازات، ولم نر لحد الان غير تضخم في بيروقراطية الدولة. فحتى الدولة المحتلة ليس لها هذا العدد من الوزارات، والمستشارين. هذه غلطته لايقر بها لكنه يحاول ان يوهم الناس انه يحاول اصلاح امر نزل عليه من السماء. ثم جاءت خطبته الثانية. (صار مولعا بالخطابات، والمؤتمرات الصحفية ليثبت لنفسه، والعالم انه هو الوحيد الحاكم الفعلي في العراق). فالقى في خطبته الجديدة، غير الرشيقة، اللوم على مجلس النواب، متناسيا، انه يحتل فيه موقع الاغلبية حسب مارتب له جماعته القضاة. ممن فسروا الدستور حسب ما يريد. ترى لماذا لا ينتقد اغلبيته؟ لماذا ينتقد البرلمان كله؟ اهي محاولة للتهرب من المسؤولية، ام هي مقدمة للعودة الى نظام قرارات مجلس قيادة الثورة؟
ان الخطوات، والتصرفات، التي يتبعها صدام المالكي خطيرة جدا لانها نسخة عن خطوات، وتصرفات صدام التكريتي. يعتمد على مجموعة ضيقة من الضباط، والمستشارين، اغلبهم كانوا من بطانة صدام. في نفس الوقت الذي يتهم المطالبين بالاصلاح، والتغيير، ومكافحة الفساد، بانهم من اتباع صدام. لايحترم الاتفاقات، والعهود، التي يعقدها مع الاخرين، بل يتخذها وسيلة لكسب الوقت، وتصفية الخصوم بكل الاشكال، وتركيز السلطة بيده، وهذا ما فعله صدام حسين ايضا.

الان يريد تمديد بقاء القوات الامريكية في العراق لحمايته، وايجاد مبررات لتدخلات ايران، وليستقوي بها على خصومه. اسس مجالس عشائر، وسلح بعض العشائر، واشترى بعض شيوخها في خطوة سبقه اليها صدام، لاشغال الشعب العراقي في الفرقة، والنزاعات العشائرية، بعد خسارة مئات الالاف من الضحايا بسبب الصراع الطائفي الذي اججه تياره الاسلامي في جسد المجتمع العراقي. ان ملامح الديكتاتورية، والانقلاب على الدستور، والشرعية، والتهيئة للقفز فوق التجربة الديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة، وفصل السلطات، صارت واضحة، وتدعو للقلق، ووجب التصدي لها.

بات واضحا من خلال خطب، وتصرفات، وخطوات صدام المالكي معتمدا على دعم ضباط صدام له، لانه يعيد لهم السلطة عبر لعبهم الدور الاكبر، وان كان من وراء الكواليس، وهذا يرضي غرورهم في هذه المرحلة. ويخدم مخططه في التحول التدريج الى "القائد الضرورة"، ويتبع اسلوب عبدالناصر، الذي بقي على راس السلطة معتمدا على خلافات مريديه. فالتيار الصدري يخشى المواجهة العسكرية(الان) بعد ان ترك لوحده سابقا، وكانه يريد ان ينتقم من سكوت الاخرين وقتها. لكن التيار في الواقع يحاول مثل ضباط صدام زيادة نفوذه في سلطة الدولة حتى تحين ساعة اخذ الثار. والا كيف نفسر الموقف السلبي من المظاهرات الشعبية، وكثيرا ما ادعى الصدريون انهم يصطفون لجانب الشعب؟! المالكي يستفيد ايضا من حياد بعض رموز العراقية، الذين ظل المالكي يخطط لشقهم عن العراقية. اضافة لرموز من كتل اخرى. تركهم يتمتعون بالاضواء، والمناصب، والمنافع، والمكاسب، والامتيازات. ان المالكي يعمل بخبث، ودهاء عجيبان لا تفسير لهما، الا ان قوة خارجية لها امكانية الدولة، والدهاء السياسي لمتابعة خطه في الانقلاب التدريجي على الديمقراطية، وتحويلها الى حكومة ولاية الفقيه المالكي. خاصة، وان حزب الدعوة لازال يدعو الى اقامة دولة اسلامية. ولم يغير أي من الاحزاب الاسلامية برنامجه في فرض حكم الشريعة. لكنهم يتبعون حيل صدام حسين في الانقضاض التدريجي على التجربة الديمقراطية، بعد ان يضمنوا ان جميع مفاصل الدولة الاساسية باتت بايديهم. فينحي، اويقيل، او يحيل الى التقاعد، او يحيي قانون الاجتثاث في حق من يشكل خطرا عليه من ضباط، وكوادر صدام القدامى، او خصومه السياسيين. او من يعارض سياسته، ويطالب بالاصلاح، ومحاربة الفساد. ان قمع المتظاهرين المسالمين، واختطافهم، واطلاق النار عليهم، ومحاربة الصحافة، ومحاولة فرض الصوت الواحد، يشير، ويؤكد ما يخطط له المالكي، وحزبه، وعصابته، التي اغتصبت، وانفردت بالسلطة.

فمتى، متى تجتمع القوى الديمقراطية الحقيقية الداعية لاقامة دولة مدنية، عصرية، والاستمرار في التجربة الديمقراطية حتى ترسخها. دون التفكير بروح حزبية ضيقة؟! مستقبل العراق، ومستقبلهم كقوى ديمقراطية مرتبط بما ستؤول اليه مخططات المالكي للاتقلاب المتدرج، والانقضاض على السلطة كاملة، وفرض بديله الاسلامي الفاشي. مثلما فرض صدام حسين سلطة عائلته القمعية. متى تلتحق قوى الشعب الفاعلة كلها بربيع المنطقة، والاصطفاف وراء لافته نصب الحرية، قبل ان يجدوا انفسهم في المنافي من جديد؟! ويخطأ من يظن ان امريكا تعارض الديكتاتورية في العراق! ان ما يهمها، هو وضع "مستقر" يخفف من تكاليف احتلالها للعراق، وعدم التصادم مع ايران حاليا، والخروج من المأزق العراقي، بما يضمن مصالحها، وخططها في المنطقة. هذا ما يعرفه المالكي، وما تعهد به لهم، واقنعهم انه هو وحده من يستطيع تحقيق هذا السيناريو. عمالة مزدوجة لايران، والامريكان!

رزاق عبود
27/6/2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أثار مخاوف في إسرائيل.. حماس تعيد لملمة صفوفها العسكرية في م


.. ساعة الصفر اقتربت.. حرب لبنان الثالثة بين عقيدة الضاحية و سي




.. هل انتهى نتنياهو؟ | #التاسعة


.. مدرب منتخب البرتغال ينتقد اقتحام الجماهير لأرض الملعب لالتقا




.. قصف روسي يخلف قتلى ودمارا كبيرا بالبنية التحتية شمال شرقي أو