الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عادت حليمة..وعاد سيزيف !

محمد المراكشي

2011 / 7 / 3
كتابات ساخرة


من بيت الجود و الكرم خرجت قصة حليمة.تلك السيدة التي شاركت السيد حاتم الطائي أبو الكرم في تاريخ العرب قديمهم و حديثهم بيته و عطاءه اللامحدود. إنما و إن كان حاتم الطائي (حاتمي)في كرمه و جوده إلا أن زوجته حليمة كانت قليلة النفاذ إلى عالمه ! كانت تنشف ريقه كلما أقلت من السمن في أكل الضيوف الذين لا ينقطعون ! قد نظن أن خصاما حادا قد نشب بينهما في بيت النار و الكانون،أو انه رماها بيمين الطلاق و لو أنه لمن يتم تقنينه بالطريقة التي تستوطن عقولنا المريضة ! أبدا لم يفعل ذلك ،بل اسبغها بحيلة رائعة أخرجتها من عقدة البخل إلى فساحة الجود !
أقنعها أن المرأة التي تزيد في سمن الأكل يطول عمرها بمقدار إغذاقها الطعام به ،فانطلت الحيلة كما يقال على حليمة ،أو انها فهمت دون كثير جدل ما يريده مول الدار !
الناس في حاجة ماسة لسمن الطعام كي تلذ الحياة ، و حياتنا السياسية منذ زمن لم نتذوق فيها طعم الحقيقة ،و مذاق الكرم ،و حلاوة الديمقراطية الحقيقية ! كم وددنا أن نشتم نسائم استفتاء بلادنا على دستورها الجديد بدون مرارة النسب الفلكية التي ظننا في الانتقالات الديمقراطية السابقة(!) أنها انتهت و ذهبت بلا رجعة ! ظننا أن روح الاستفتاءات و الاستشارات و الانتخابات السابقة التي تفوح منها روائح المخزن العتيق و أتباعه المهرولين وراء حلاوة استفرادية بالغنيمة السياسية قد أخذت طريقها إلى النهاية أو حتى إلى الجحيم ! اعتقدنا رغم إيماننا العميق بأن لاشيء تغير أن المغرب يتطور أو لنقل يتغير. كنا نعتقد انه فعلا يتغير !
توهمنا بصدق أن المخزن لن يعود إلى تجييش المئات من المناصرين الذين لا يفهمون شيئا،الحاملين بغباء لشعارات تكاد أن تدفع البلاد إلى ما يشبه الفتنة ! توهمنا باقتناع أن أصحاب السوابق السياسية لن يجرؤوا على ركوب قطار الانتقال الآخر القادم على حصانه ! لكننا للأسف اصطدمنا بواقع آخر ،مما جعلنا نتأكد اخيرا من اللاجدوى !
لاجدوى من ممارسة السياسة في هذا البلد إذ لا شيء يتغير وفق قوانين التغيير المعروفة منذ الأزل في بلادات الناس ! لاجدوى من توهم أن عذابات سيزيف المغربي ستنتهي بإيصال الصخرة المتدحرجة إلى قمة الديمقراطية ! لاجدوى من توهم أن كثيرا من الناس سيتجاوزون فكرة الشروع في مايشبه القتل من أجل عطايا انتهت عند إغلاق راحة اليد عليها ! لا جدوى كذلك من توهم أن المسؤولية يتحملها المخزن فقط ، فهؤلاء الاخرون الذين يحشرون حناجرهم وخناجرهم في أمور دون بذل مجهود لفهمها مسؤولون كذلك ! في الأخير لاجدوى من اعتبارهم أولياء صالحين..
حين فقدت حليمة ابنها ، فجعت فيه و ألمت كثيرا لفراقه فتمنت أن تموت و تلحقه ! فألهمتها عبقريتها أن تقل في سمن الطعام كي يقصر عمرها ! فعادت إلى البخل..عادت إلى عادتها القديمة !
ترى كم مرة يمكن أن نعود للتاريخ كي نفهم أن بلادنا تعيد تاريخها ذاته ،و تجاربها ذاتها ،وعاداتها نفسها و كأنها حليمة تلك ! وكم مرة نتساءل في ذواتنا عن الزمن الذي ستنتهي فيه عذابات سيزيف الذي طحنته صخرة الرغبة في الوصول ليعود إلى سفح البداية من جديد !
هل يمكنني أن أنتقل إلى حليمة اخرى تداولتها "اغنية" شعبية مغربية و أستعير منها قولها شيفورك* آحليمة داو*لو لاكريما* !! لأقول: سيزيفك آحليمة داو لو الحليمة* !

ـــــــــــــــــــــــــــــ
شيفورك:سائقك
داو لو :أخذوا له
لاكريما :رخصة سياقة التاكسي
الحليمة : تصغير للحلم.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي