الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقليد حزب الدعوة للشاهرودي : هل هو رهان خاسر؟

شذى الجبوري

2011 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


استطاعت ايران وبنجاح ان تتدخل في الشأن العراقي على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومع ذلك فهذا التدخل لم يصل الى درجة تحقيق الطموح الايراني و ذلك بسبب وجود عقبات كثيرة تمنع تحقيق هذا الطموح المتمثل في اخضاع العراق الكامل وجعله بلدا تابعا الى ايران. ومن أهم هذه العقبات هي تناقص شعبية ايران في المجتمع العراقي ليس فقط لدى سنة العراق وانما ايضا لدى شيعته . فقط اثبت شيعة العراق عدم صحة ادعاءات بعض المتشدين من الطوائف الاخرى بأن شيعة العراق يتعاطفون من الفرس اكثر من تعاطفهم مع العرب الذين هم جزء منهم. فقط أكدت العشائرالعربية الشيعية في العراق معارضتها الشديدة للتدخل الايراني في العراق وحملت الحكومة العراقية مسؤولية هذا التدخل مرارا وتكرارا. والحقيقة ان هذه الطائفة خسرت من ابناءها في الدفاع عن تربة العراق خلال الحرب العراقية الايرانية اكثر من بقية الطوائف الاخرى وخصوصا لكونهم اكثر عددا من بقية الطوائف الاخرى .

اما الساسة الشيعة فقد اختلف مواقفهم اتجاه تدخلات ايران في الشأن العراقي بين معارض حقيقي و معارض مزيف مستجيب للضغط الشعبي. وحاولت الاحزاب العراقية التي تربطها علاقات قوية مع ايران وخاصة الاحزاب التي عارضت النظام السابق والتجأت الى ايران لتلقي الدعم المادي واللوجستي من هذا البلد الذي حارب العراق لمدة ثمان سنوات لم يستطع في النهاية ان يحقق نصرا عليه. فقد أستغلت بعض الاحزاب الشيعية ومنها حزب الدعوة الاسلامية بقيادة السيد نوري المالكي مشاعر العراقيين المناهضة للتدخل الايراني من اجل الحصول على مكاسب سياسية. ولكن يجب الا يخفى عن الجميع العلاقة الغير مستقرة بين حزب الدعوة وايران منذ السنوات الاولى في تاريخ نشأة هذا الحزب أي فترة لجوء اعضاءه في ايران. فلم ترحب ايران باعضاء حزب الدعوة الذين لم يقلدوا القائد الروحي للثورة الاسلامية في ايران السيد الخميني والذين لم يعترفوا بنظرية ولاية الفقيه وكانوا ينظر اليهم على انهم غير مرغوب فيهم مما دفع بعض اعضاء الحزب ومنهم السيد المالكي الى مغادرة ايران واللجوء الى دول اخرى مثل بريطانيا وسوريا .

أن تحليل العلاقة بين حزب الدعوة وايران بعد 2006 اي بعد استلام المالكي الحكم في العراق يسلط الضوء على تذبذب هذه العلاقة حسب قوة وشعبية حزب الدعوة في الشارع العراقي. فعندما نجح الحزب بقيادة المالكي في الحصول على أعلى الاصوات في الانتخابات البلدية في 2009 بسبب أعتماده على شعارات وطنية و الترويج لنجاحه النسبي في تحسين الامن ومحاربة المليشيات الشيعية والسنية على حد سواء واجتذاب المزيد من المؤيدين له لاستخدامه الخطابات المعارضة للتدخلات الخارجية في العراق ومنها للتدخل الايراني قاوم الحزب ضغوط ايران عليه ومنها الانضمام الى التحالف الشيعي المدعوم من ايران للدخول ككتلة واحدة في الانتخابات النيابية في 2010 لان الحزب كان في اوج قوته و كان يعول على شعبيته في الشارع العراقي . ولكن موقف حزب الدعوة من ايران بدأ يتغير بعد نجاح المالكي في تجديد ولاية ثانية وهيمنة حزبه على الحكومة العراقية الجديدة وبعد تناقص شعبية الحزب في الشارع العراقي بسبب اخفاقاته في تطوير البنى التحتية و فشله في تحسين الوضع الاقتصادي والامني وانتشار البطالة والفساد المالي والاداري وعدم قدرته على انجاز مشروع المصالحة الوطنية ومحاولته التفرد بالقرار. الشعب العراقي أخذ يعبر عن استياءه من أداء حكومة المالكي بصورة علنية ويجسد هذا الاستياء في تظاهرات واحتجاجات تجتاح جميع مدن العراق لانه اصبح يشعر انه ليس اقل جرأة من بقية الشعوب العربية التي تثور الان على الانظمة الفسادة والدكتاتورية واصبح يشعر انه جزء من هذا الربيع العربي الذي بدأ يقطف ثماره في سقوط هذه الانظمة الواحدة تلو الاخىر مثل احجار الدومينو. واصبحت الوعود والحلول الغير جذرية التي يطلقها المالكي غير قادرة على أمتصاص أستياء ونقمة المواطن العراقي ازاء اخفاقات حكومته.

ومن أبرز المفارقات هي اعلان حزب الدعوة تقليده للسيد محمود الشاهرودي ومعتبره مرجعه بعد رحيل مرجعه السابق السيد فضل الله. فالشاهرودي المقيم في ايران والمقرب من خامنئي والذي شغل ويشغل مناصب مهمة مرتبطة ارتباطا مباشرا بالمرشد الاعلى السيد خامنئي منها رئيس مجلس القضاء الايراني وعضو في مجلس الخبراء وتشخيص مصلحة النظام وهو معروف بالتزامه المتشدد بمنهج ولاية الفقيه وهو المنهج الذي كان يرفضه حزب الدعوة الاسلامية والذي كان أحد أهم الاسباب التي أدت الى حدوث انقسامات في داخل الحزب.أن تقليد الدعوة للشاهرودي يلفت الانتباه الى التسريبات بأن خامنئي قد بدأ بالترويج الى ترشيح الشاهرودي كخليفة للمرجع الاعلى للمسلمين الشيعى السيد السيستاني مستغلا حقيقة ان السيد السيستاني الذي تجاوز الثمانين لم يطرح لحد الان الاسم المرشح لخلافته. وأن صحت هذه التسريبات فممكن اعتبار هذه الخطوة محاولة من قبل ايران لفرض منهج ولايه الفقيه على المسلمين الشيعة في انحاء العالم بشكل عام وعلى حوزة النجف بشكل خاص خصوصا ان الاخيرة ترفض هذا المنهج وهي المنافس الوحيد لحوزة قم في ايران وقد استطاعت ان تستعيد مكانة الصدارة تحت مرجعية السيد السيستاني بعد غزو العراق في 2003 وهي أيضا خطوة تهتدف الى تحقيق طموح ايران في السعي الى الهيمنة الاقليمية. اخبار من النجف تؤكد ان الشاهرودي ينوي الرجوع الى هذه المدينة المقدسة لممارسه عمله كأحد مراجعها وانه بدأ فعلا بالتمهيد الى ذلك أذ قام بتوزيع الاموال على بعض طلبة الحوزة النجف. والمعروف ان الشاهرودي قد اثبت قدرته في التأثير على بعض القوى الشيعية في العراق كنجاح محاولته في توحيد التحالف الشيعي واقناع مقتدى الصدر بقبول ترشيح المالكي لرئاسة الوزارء بعد ان كان الصدر مصرا على عدم ترشيحه . والجدير بالذكر ان الشاهرودي هو الذي اسس جماعة العلماء المجاهدين والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق.

أن تقليد الدعوة للسيد الشاهرودي المقرب من ايران وعدم تقليده السيد السيستاني المعارض لمنهج ولاية الفقيه قد ينظر اليه على انه ليس فقط ردا على السيد السيستاني بسبب انتقاد الاخير لأداء حكومة المالكي و حالات الفساد المستشري فيها وانما ايضا على انها محاولة من حزب الدعوة للتقرب الى ايران بعد تناقص شعبيته في الشارع العراقي وخصوصا انه يتزامن مع انتشار اخبار عن وجود خلافات داخل الحزب وانه في وضع لا يحسد عليه. والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستنجح ايران في محاولتها المزعومة لفرض الشاهرودي كخليفة للسيد السيستاني كمرجع اعلى للمسلمين الشيعة بالرغم من معارضة معظم مراجع الشيعة في النجف ومعظم الشيعة في العراق والعالم لمنهج ولاية الفقية الذي يتبناه الشاهرودي وطبقه خميني ويطبقه الان خلفه خامنئي في ايران وخصوصا مع تصاعد الاستياء الشعبي ضد التدخلات الايرانية في العراق وتصاعد حدة الصراع العربي الفارسي؟ والسؤال الاهم هو: هل ان تقليد حزب الدعوة للشاهرودي سينقذ حزب الدعوة من الوقوع في الهاوية أم ان حزب الدعوة يراهن على حصان خاسر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سامي العلي ( 2011 / 7 / 23 - 21:25 )
اذا كان حزب الدعوه يقلد الشاهرودي فا البعثيين يقلدون عبد
ناصر وعلي عبد الله صالح واخرون يقلدون ملوك السعوديه فامن الذي يقلدالعراق كل الاحزاب ذات اجندات خارجيهوليس فقط حزب الدعوه


2 - من الغازي
سلمان ( 2012 / 1 / 20 - 17:06 )
ياسيده شذى قلب الحقائق ليس في صالحك وينفر القارئ من متابعة مقالاتك , تقولين -هذا البلد حارب العراق ثمان سنوات - رفقا بنا نحن القراء العراقيين ياسيده شذى كل الشعب العراقي يعلم بإن الغازي كان صدام حيث اعتذر للخميني عام 1990 وشرح فيها الاسباب لغزوه ايران . هنيئا لك العم سام لقد خططت ونجحت بتمزيق وحدة الشعب العراقي

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي